«رمضان زمان»... مسرحية من بيروت إلى المدن العربية

تجتمع عائلتا أبو ريما وأبو صبحي لتناول طعام السحور (أ.ف.ب)
تجتمع عائلتا أبو ريما وأبو صبحي لتناول طعام السحور (أ.ف.ب)
TT

«رمضان زمان»... مسرحية من بيروت إلى المدن العربية

تجتمع عائلتا أبو ريما وأبو صبحي لتناول طعام السحور (أ.ف.ب)
تجتمع عائلتا أبو ريما وأبو صبحي لتناول طعام السحور (أ.ف.ب)

في عدد من الدول العربية، تُعرّف مسرحية غنائية كوميدية انطلقت عروضها في بيروت مساء الأربعاء بالتقاليد الرمضانية، وتسترجع بكثير من الحنين الفرح الذي كان يطبع شهر الصوم في العاصمة اللبنانية الغارقة في أزمة اقتصادية ومعيشية حادة، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ببعض من شراب العرقسوس البارد، وبالطبل والدف والـ«أهلاً وسهلاً» والأشعار وأهازيج الفرح، يُستقبل كل من يدخل «مسرح المدينة» لحضور المسرحية التي تحمل عنوان «لو يرجع رمضان زمان».
ويصف مخرج المسرحية الفلسطيني المقيم في لبنان عوض عوض لوكالة الصحافة الفرنسية عمله بأنه «نوستالجيا رمضانية». ويقول: «نقدم عملاً مسلياً ندفع من خلاله الجمهور إلى أن يتذكر أموراً جميلة».
ويشدد عوض في المسرح الذي تزينت جدران مدخله بالسجاد وعلقت حبال من قصاصات أقمشة ملونة وانتشرت في باحاته منصات لبيع الحلويات والفول والكعك والعباءات وأشغال يدوية، على أن «رمضان جميل باجتماع العائلة والأصدقاء»، لكنه يلاحظ أن «اللمة لم تعد نفسها ولا البراءة هي نفسها».
ويضيف المخرج البالغ 28 عاماً: «نحن نجتمع على المسرح مع الجمهور. كأنه إفطار صغير أو سحور كبير لنغني معه ونفرحه»، في ظل أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث أدت إلى تراجع قياسي في قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، وانهيار القدرة الشرائية لمعظم المواطنين، وزيادة معدلات الفقر، وزادت شدة وطأتها تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.
وتستعيد المسرحية طقوس الماضي الرمضانية والأغنيات المرتبطة بها من خلال تجربة أبو صبحي (سامي حمدان) وأبو ريما (طارق تميم)، وهما مسحّراتيان اعتزلا المهنة المتمثلة في إيقاظ الصائمين بالضرب على الطبلة قبل موعد الإمساك، لكي يتناولوا طعام السحور.


                                    المسرحية تستعيد طقوس الماضي الرمضانية (أ.ف.ب)

وينضم إليهما مسحّراتي معاصر يهمّ هو الآخر بالاعتزال بعدما تبدّلت معالم المهنة، إذ ولّى «زمن التسحير» وحلّ محلّه «زمن التصحير» على ما يقول أبو ريما في المسرحية. ووسط ديكور على شكل خيمة رمضانية واسعة تنطلق حبكة المسرحية حيث تجتمع عائلتا أبو ريما وأبو صبحي لتناول طعام السحور، لكن الحفيدة مصرة على سماع صوت المسحر. ويتنقل الممثلون على الخشبة وبين الجمهور بلباس النوم لإضفاء حميمية وبساطة على أجواء العمل.
ويصف عوض مسرحيته بـ«التوليفة»، وتتضمن نحو 20 أغنية موزعة بين القدود الحلبية والرمضانيات المصرية والتونسية وأغنيات الإعلانات التي كانت تتخلل المسلسلات الرمضانية وطبعتها على مدى أعوام.
وتسترجع المسرحية العادات الرمضانية في حارات دمشق وبيروت وسيدي بوسعيد التونسية والمدن الفلسطينية. ويضم العمل ممثلين شباباً من سوريا وتونس وفلسطين ولبنان وموسيقيين موجودين على الخشبة. ويوضح عوض أن «كل ممثل يوجه تحية إلى رمضان الذي يعيشه في بلاده ضمن قصة واحدة». ولا تغيب رقصة الدراويش التي تقدم في باحة المسرح قبل مغادرة الجمهور.
ويشرح المخرج الشاب الذي أدار مهرجان «مشكال» المسرحي على مدى سبع دورات أن «ملامح المشهد الرمضاني تختلف من بلد إلى آخر، لكنّ التقاليد هي نفسها في الإجمال في العالم العربي، إذ تلتقي على لم شمل العائلة في الصوم». يضيف: «ركزنا على الناحية الاجتماعية والإنسانية لهذا الشهر ولم نغص في الدين».


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.