إغلاق 22 مسجداً في فرنسا خلال 18 شهراً «بلا أدلة معلنة»

كريم داود، رئيس جمعية مسجد ألون يحمل صورة للمسجد المغلق (رويترز)
كريم داود، رئيس جمعية مسجد ألون يحمل صورة للمسجد المغلق (رويترز)
TT

إغلاق 22 مسجداً في فرنسا خلال 18 شهراً «بلا أدلة معلنة»

كريم داود، رئيس جمعية مسجد ألون يحمل صورة للمسجد المغلق (رويترز)
كريم داود، رئيس جمعية مسجد ألون يحمل صورة للمسجد المغلق (رويترز)

لمدة ثلاث سنوات، كان كريم داود يدير المسجد في بلدة ألون الصغيرة في شمال غربي فرنسا، كما تولى تدريب فرق كرة قدم للأطفال وعمل لأكثر من عقدين في خدمات الشباب بالمجلس المحلي، كما جاء في تقرير خاص نشرته وكالة (رويترز) أمس.
كان داود من الذين زاروا كنيسة كاثوليكية قريبة للتعبير عن تضامنهم، في أعقاب هجوم مميت على كنيسة في جنوب فرنسا عام 2020.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، منح مكتب وزارة الداخلية المحلي الرجل البالغ من العمر 46 عاماً وساماً تقديراً لفترة خدمته الطويلة كموظف حكومي. وبعد أيام، أغلق مكتب وزارة الداخلية المحلي المسجد لستة أشهر، قائلاً إنه يروج «لممارسة متطرفة للإسلام» و«ينمي شعوراً بالكراهية تجاه فرنسا»، وفقاً لأمر الإغلاق.
لكن ممثلي المسجد، الذين نفوا هذه المزاعم، يقولون إن الحكومة قدمت أدلة غير كافية حول أسباب هذا القرار.
ويعد هذا المسجد واحداً من عدد متزايد من المساجد التي أغلقها المسؤولون باستخدام مجموعة من السلطات، التي يقول نشطاء حقوقيون ومنظمات دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومسلمون، إنها تمنح المسؤولين تفويضاً مطلقاً لإغلاق أماكن العبادة دون تدقيق مناسب وبإجراءات مبهمة لا تعطي فرصة إلى إبطال القضية.
وقالت فيونوالا ني أولين، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحماية حقوق الإنسان في أثناء مكافحة الإرهاب، عن الإجراءات القانونية المستخدمة في مثل هذه الحالات والتي يمكن أن تشمل أدلة بدون تحديد مصدرها «إنه أمر عبثي. التلاعب بالأدلة السرية أمر مثير للقلق في حد ذاته، لكنه ينتهك أيضاً أحكام المعاهدات الدولية» المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة والمساواة أمام القانون. ورفض قصر الإليزيه التعليق على هذه القصة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن وزارة الداخلية أن الحكومة عززت من قدرة السلطات على منع ومكافحة الإرهاب على مدى السنوات الخمس الماضية، وأن جميع الإجراءات القانونية التي تم تبنيها «تمت في إطار الاحترام الكامل لسيادة القانون». وامتنع مكتب وزارة الداخلية المحلي عن التعليق.
وشدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تولى السلطة قبل خمس سنوات مستنداً إلى برنامج وسطي، موقفه من القانون والنظام، وهي قضية شائكة في بلد شهد سلسلة من الهجمات المتطرفة المميتة في السنوات الأخيرة. ويترشح ماكرون لإعادة انتخابه هذا الأسبوع في انتخابات يواجه فيها منافسة شديدة من اليمين.
وطبق الرئيس البالغ من العمر 44 عاماً مجموعة من القوانين والإجراءات التي تهدف، كما يقول، إلى التصدي للتطرف العنيف والمتطرفين الإسلاميين الذين يتحدون القيم العلمانية لفرنسا. لكن منتقدين يقولون إن ماكرون منح سلطات ضخمة لقوات الأمن وقضى على الحماية الديمقراطية، ما جعل المسلمين عرضة للانتهاكات.
ويشعر كثيرون من المسلمين الآن بأن فرنسا، وهي موطن لواحدة من أكبر الجاليات المسلمة في أوروبا، أصبحت مكاناً أكثر عدائية. وتُظهر بيانات وزارة الداخلية زيادة حادة في التمييز ضد المسلمين وغيرها من التصرفات في عام 2021، حتى في الوقت الذي شهدت فيه الأديان الأخرى انخفاضاً. ووصفت حكومة ماكرون إغلاق مسجد ألون بأنه مثال رئيسي على حملتها ضد المتشددين.
وأغلقت السلطات الفرنسية 22 مسجداً خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، وفقاً لوزارة الداخلية، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة على المجموع الكلي خلال السنوات الثلاث الماضية. وكشفت وزارة الداخلية أن السلطات حققت في نحو 90 من أصل 2500 مكان عبادة للمسلمين في فرنسا، للاشتباه في نشر آيديولوجية «انفصالية» تقول الحكومة إنها تتحدى العلمانية الفرنسية. وفيما يتعلق بمسجد ألون، قالت وزارة الداخلية إن السلطات قدمت أدلة مفصلة للمحكمة لدعم المزاعم، وإن محامي المسجد أتيحت لهم الفرصة للطعن في الأمر، لكنهم فشلوا في النهاية.
وقال مكتب المدعي العام لـ«رويترز» إن هناك تحقيقاً قضائياً يجري حالياً بشأن ما إذا كان قادة أو أعضاء في جمعية مسجد ألون «يدعون إلى الإرهاب ويحرضون على الإرهاب» من دون تسمية أفراد. وقال مكتب المدعي العام إنه لم يتم توجيه أي اتهامات.
ويقول داود، الذي كان رئيساً لجمعية المسجد، إنه لا علاقة له بالتطرف العنيف، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. واعتبر أن إغلاق المسجد «بالنسبة لي هذا ظلم. إنها خيبة أمل كبيرة فيما يتعلق باندماجنا» في المدينة.
ونقلت «رويترز» عن نبيلة عثمان، المحامية التي تمثل قادة المسجد، قولها إن وزارة الداخلية لم تقدم أدلة كافية لإثبات الاتهامات الخطيرة التي وجهتها في إطار قضيتها لإغلاق المسجد، مضيفة أن قضية الحكومة استندت إلى مزاعم كاذبة وأن التحقيق لم يكن شاملاً. وقالت: «لم يفشل المحامون، بل فشلت العدالة».
وأيدت أعلى محكمة إدارية في فرنسا في نوفمبر (تشرين الثاني) قرار إغلاق المسجد. وفي يناير (كانون الثاني)، أعلنت الحكومة حل جمعية المساجد، وما زالت المحكمة نفسها تنظر استئناف قادة المسجد.
وبموجب الإجراءات الإدارية، مثل تلك المستخدمة في حالة مسجد ألون، فإن الإغلاق مؤقت. لكن بعض المساجد لا تفتح أبوابها مجدداً، بحسب نشطاء حقوقيين ووزارة الداخلية. ولم تحدد الوزارة عدد المساجد التي أعيد فتحها من بين 22 مسجداً.
ويخوض ماكرون الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية يوم الأحد المقبل، ومن المقرر إجراء جولة الإعادة في 24 (أبريل (نيسان) إذا لم يفز أحد بأغلبية بسيطة. وماكرون حالياً هو المرشح الأوفر حظاً في استطلاعات الرأي، لكن السباق قد يكون متقارباً.«مذكرة بيضاء»في أكتوبر 2017 بعد خمسة أشهر من تولي ماكرون الرئاسة، أقر البرلمان الفرنسي قانوناً جديداً لمكافحة الإرهاب، عزز سلطات الشرطة في المراقبة وسهل إغلاق المساجد التي يشتبه في أنها تدعو إلى الكراهية، مع رقابة قضائية محدودة. وحل هذا القانون محل حالة الطوارئ التي كانت مفروضة في أواخر عام 2015 بعد أن قتل متشددون 130 شخصاً في هجمات منسقة في أنحاء باريس.
وقال ماكرون حينها إن «الإرهاب الجهادي» ما زال يمثل أكبر تهديد أمني لفرنسا.
وبموجب قانون 2017، تتمتع وزارة الداخلية بصلاحية إغلاق أماكن العبادة لمدة تصل إلى ستة أشهر، إذا كانت هناك شكوك في أنها تستخدم للترويج لخطاب الكراهية أو التحريض على العنف أو إثارة أعمال عنف متطرف أو تبرير أعمال إرهابية. ويمكن للمواقع الدينية الطعن في قرارات الإغلاق أمام المحاكم الإدارية الفرنسية، التي تفصل في النزاعات بين المواطنين والهيئات العامة. وفي المعتاد لا تتطلب القضايا المنظورة أمام المحاكم الإدارية استدعاء شهود. وفي ألون الواقعة في ضواحي لومان، كان المسجد طيلة العقد الماضي قائماً في مبنى حديث منخفض الارتفاع. وبحسب داود، اعتاد نحو 250 شخصاً الصلاة فيه.
وفي 11 أكتوبر 2021، أبلغ مكتب وزارة الداخلية المحلي القادة بخطط إغلاق المسجد، وهو ما حدث بعد أسبوعين. وسلط وزير الداخلية جيرالد دارمانان الضوء على تحرك الحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال في تغريدة على تويتر في 26 أكتوبر: «الخطب التي أُلقيت في هذا المسجد شرعت على الأخص استخدام الجهاد المسلح مع غرس الشعور بالكراهية تجاه فرنسا».
وسعى قادة المساجد للطعن على هذه الخطوة. وتم وضع قضية الحكومة الفرنسية في وثيقة من 20 صفحة تسمى «مذكرة بيضاء»، ويُظهر طابع زمني على الوثيقة أنها قدمت إلى المحكمة الإدارية في نانت في الأمسية التي سبقت جلسة 29 أكتوبر.
والمذكرة البيضاء هي وثيقة من إعداد أجهزة المخابرات الفرنسية، واستخدمت كأساس لإغلاق مسجد ألون. ولا تحدد الوثيقة، التي ليست متاحة للجمهور ولكن «رويترز» اطلعت عليها، متى تم جمعها وعن طريق من أو من أين جاءت المعلومات، كما هو الحال مع المذكرات البيضاء في المعتاد.
وتزعم المذكرة أن أربعة أشخاص مرتبطين بالمسجد، ومن بينهم داود وقائد آخر للمسجد، أعربوا عن تعاطفهم بين سبتمبر (أيلول) 2020 وأبريل 2021 مع هجومين مختلفين لمتطرفين في فرنسا. كما تضم المذكرة البيضاء خمسة كتب عُثر عليها في المسجد وتمت الإشارة إليها باعتبارها «متطرفة». ووفقاً لداود ريفي، الذي يقوم بتدريس الدراسات الإسلامية في معهد ليل للدراسات السياسية، فإن أربعة من هذه الكتب متوفرة على نطاق واسع في المكتبات المتخصصة وعلى الإنترنت. والكتاب الآخر هو «رياض الصالحين»، وهو كتاب من القرن الثالث عشر موجود بالمكتبة الوطنية الفرنسية. كما زعمت الحكومة في المذكرة البيضاء أن الدعاة أخبروا المصلين بأن فرنسا بلد فاسد سيعاقبه الله، وأنهم يمجدون الجهاد المسلح، وأن بعض المصلين سُمعوا وهم يدعون إلى العنف، من دون تحديد من سمع المصلين يقولون ذلك.
وقال داود إن قضية الحكومة تسيء تفسير مصطلح «الجهاد»، الذي يمكن أن يعني القتال المسلح لكنه كثيراً ما يستخدم للإشارة إلى الجهاد الأكبر، وهو ما يعني النضال السلمي من أجل تحسين الذات. وقدم داود شكوى إلى مكتب المدعي العام في ديسمبر (كانون الأول) زاعماً أن أياً كان من قدم المعلومات إلى السلطات فهو مذنب بالافتراء، لاتهامه زوراً بالترويج للإسلام المتطرف والجهاد المسلح. ونفى داود في الشكوى التي اطلعت عليها «رويترز» أي صلة له بالإرهاب.
وقال القس غريغوار كادور، الذي خدم لأربع سنوات في الكنيسة الكاثوليكية التي تبعد عشر دقائق سيراً على الأقدام من المسجد، إنه لا يستطيع تقبل المزاعم الموجهة إلى قادة المسجد الذين يعرفهم.
وقال القس، الذي انتقل إلى أبرشية أخرى العام الماضي «هذه الاتهامات مفاجئة جداً بالنسبة لي». وتحدثت «رويترز» إلى أكثر من 12 من مرتادي المسجد وسكان محليين آخرين قالوا إن قادة وأئمة المسجد عبروا على ما يبدو عن آراء متسامحة، وإنهم لم يسمعوهم يستخدمون خطاب كراهية.طعن المحكمةفي جلسة المحكمة في 29 أكتوبر، قالت نبيلة عثمان، وهي المحامية التي تمثل قادة المسجد، إن المزاعم لا أساس لها وإن الإغلاق ينتهك حقوقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، وفقاً لحكم القاضي المؤرخ في اليوم نفسه. أضافت المحامية عثمان أن الجلسة استمرت أقل من ساعة ولم يتم استدعاء شهود ولم يتم تقديم أدلة إضافية بخلاف المذكرة البيضاء.
ورفض القاضي الطعن على أساس أن المذكرة البيضاء تبرر الإغلاق، بحسب الحكم. ولا تحدد الوثيقة هوية القاضي.
وبعد ذلك رفع قادة المسجد القضية إلى مجلس الدولة، وهو أعلى محكمة إدارية في فرنسا. وخلال جلسة عقدت في 26 نوفمبر واستغرقت أقل من ساعتين، قالت الممثلة القانونية لوزارة الداخلية باسكال ليجليز إن المذكرة البيضاء تمثل «كلمة الدولة» ولذلك فهي دليل كاف. ولم يتم استدعاء شهود.
وقال ويليام بوردون، وهو محامٍ آخر يمثل قادة المسجد، في الجلسة: «نحن في حالة من الضعف التام. لأن المذكرات البيضاء تحتوي أحياناً على تزييف حقيقي للحقيقة، وهو ما لا يمكننا الطعن عليه». واستشهد بقضية عام 2016 قرر فيها مجلس الدولة أن المذكرة البيضاء لا تشكل دليلاً كافياً.
ورفضت المحكمة استئناف المسجد على أساس أن المذكرة البيضاء قدمت أدلة كافية على قرار السلطات، وأن الإغلاق لا يتعدى على الحريات الدينية، بحسب الحكم. وامتنع المتحدث باسم مجلس الدولة عن التعليق.
وأصبح مسجد ألون خالياً الآن، ونُشرت نسخة من أمر الإغلاق على أبوابه.
وقالت مريم جاسنييه (63 عاماً) إنها كانت تشارك النساء الأخريات الصلاة والوجبات كل يوم جمعة في المسجد الذي يبعد ثلاث دقائق سيراً على الأقدام من شقتها. والآن بعد أن تم إغلاقه، قالت إنها وصديقاتها حُرمن من مركز اجتماعي.
وقالت نجية زروال إن ابنتيها اللتين تبلغان من العمر 14 و12 عاماً أخذتا دروساً في اللغة العربية مرتين في الأسبوع في المسجد، لكن هذه الدروس توقفت الآن. أضافت: «إذا كان هناك أشخاص يدعون إلى أفكار جهادية، فيجب التعامل معهم. لكن لا يجب معاقبة الصغار».
وتنتهي صلاحية أمر الإغلاق في 25 أبريل. وفي الوقت الحالي، يحاول بعض المسلمين في ألون تشكيل جمعية جديدة لكن داود يقول إنه لن يتدخل.
وتم تجميد الأصول الشخصية لداود منذ أكتوبر بأمر إداري صادر عن الحكومة، بناءً على نفس أسباب إغلاق المسجد. وما زال داود يشغل الوظيفة نفسها في خدمات الشباب بالمدينة، لكن ليس لديه وصول مباشر إلى حسابه المصرفي. وأوضح أن فواتير المنزل يتم دفعها تلقائياً من حسابه، أما بالنسبة لجميع النفقات الأخرى، فإن عليه الحصول على بدل شهري قدره 500 يورو نقداً.
وقال: «كل شيء يتم لإذلالنا».


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».