بوتين يصعّد ضد الغرب: يستخدم أنظمته المالية سلاحاً

تقدم روسي في ماريوبول المحاصرة وأوضاع كارثية في خاركيف

بوتين يرأس اجتماعاً عبر تقنية الفيديو في مقر إقامته خارج موسكو أمس (أ.ف.ب)
بوتين يرأس اجتماعاً عبر تقنية الفيديو في مقر إقامته خارج موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتين يصعّد ضد الغرب: يستخدم أنظمته المالية سلاحاً

بوتين يرأس اجتماعاً عبر تقنية الفيديو في مقر إقامته خارج موسكو أمس (أ.ف.ب)
بوتين يرأس اجتماعاً عبر تقنية الفيديو في مقر إقامته خارج موسكو أمس (أ.ف.ب)

سار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطوة جديدة نحو تضييق شروط إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا. وأعلن، أمس (الخميس)، أنّه وقّع مرسوماً بشأن «إجراءات الدفاع بالروبل للدول غير الصديقة»، ملوّحاً بإنهاء العقود المبرمة للأطراف التي تمتنع عن الالتزام بشروطه.
تزامن ذلك مع تصعيد ضد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقال بوتين إن واشنطن تستخدم سيناريو الحربين العالميتين عبر السعي لتحقيق مكاسب من عدم الاستقرار العالمي. في حين أعلنت الخارجية الروسية عن تبني رزمة عقوبات واسعة ضد مسؤولين أوروبيين.
وقال بوتين في خطاب خُصّص لمعالجة تداعيات العقوبات الأجنبية على قطاعات روسية، إنه وقّع مرسوماً بشأن إجراء جديد لدفع ثمن الغاز الروسي من جانب «الدول غير الصديقة». وأوضح: «نحن نقدم لهذه البلدان مخططاً واضحاً وشفافاً. لشراء الغاز الطبيعي الروسي، يجب عليهم فتح حسابات بالروبل في البنوك الروسية. ومن هذه الحسابات، سيتم الدفع مقابل الغاز الذي يتم توفيره بدءا من الغد (اليوم)». وأضاف أن موسكو سوف تعدّ «رفض هذه القواعد تقصيراً، وستوقف العقود القائمة».
وفي تبرير لخطوته، زاد بوتين أن «قرارات تجميد الأصول الروسية في الخارج أظهرت أن الدول الغربية تستخدم أنظمتها المالية كسلاح». وأضاف: «زوّدنا المستهلكين الأوروبيين بمواردنا، وهنا نحن نتحدث عن الغاز. لقد حصلوا على الموارد ودفعوا لنا باليورو، ثم قاموا بتجميد أموالنا».
ووفقاً للمرسوم الرئاسي، فإن قرار بوتين يتعلق بصادرات المواد الخام من شركة «غازبروم» عبر شبكة الأنابيب التي تنقل الإمدادات إلى أوروبا. ما يعني أن بوتين لم يذهب خطوة أوسع تردد الحديث بشأنها في موسكو خلال اليومين الماضيين، من خلال ظهور دعوات لفرض الدفع بالروبل على مستوردي النفط الروسي أيضاً. وكان لافتاً أن المرسوم حدد «غازبروم بنك» كمصرف معتمد لفتح حسابات بالروبل لمشتري الغاز من البلدان الأوروبية، علماً بأن هذا المصرف كانت قد فُرضت عليه عقوبات أوروبية في وقت سابق.
وكان بوتين قد أعلن في 18 مارس (آذار) أن مدفوعات إمدادات الغاز للدول التي فرضت عقوبات على روسيا ستحوَّل إلى الروبل ابتداءً من بداية أبريل (نيسان). وأشار إلى أن موسكو لن تُدخل تعديلات على الأسعار التي نصّت عليها العقود المبرمة.
وشكّلت الخطوة رداً من جانب موسكو على القيود واسعة النطاق التي فرضها الأوروبيون على روسيا، بعد بدء العمليات العسكرية في أوكرانيا، وبينها تجميد نحو 300 مليار دولار من الذهب واحتياطيات النقد الأجنبي في الغرب.
وكان الكرملين قد لوح قبل أيام باحتمال قطع إمدادات الغاز عن الدول الأوروبية التي ترفض تسديد التزاماتها بالروبل. ورأى خبراء روس، أمس، أن بوتين يمكن أن «يذهب نحو النهاية في هذا الموضوع بهدف إحداث هزة في أوروبا وتوسيع شرخ بين الأوروبيين والأميركيين، فضلاً عن إحداث ثغرة مهمة في العقوبات المفروضة على القطاع المصرفي الروسي».
إلى ذلك، قال بوتين إن الولايات المتحدة تحاول الاستفادة من عدم الاستقرار العالمي كما فعلت في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وأكد خلال اجتماع حكومي أن «الولايات المتحدة ستحاول حل مشكلاتها على حساب الآخرين من خلال خلق موجات جديدة من العجز العالمي»، مضيفاً أن «الدول الغربية تحاول إلقاء اللوم على روسيا في أخطائها». وأشار إلى أن العقوبات المفروضة على روسيا هي ثمن «لحقّ روسيا في الحرية والاستقلال والحفاظ على مصالحا وقيمها».
بالتزامن مع ذلك، أعلنت موسكو فرض قيود على كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، رداً على العقوبات أحادية الجانب التي اتخذها التكتل في الأسابيع الأخيرة بحق شخصيات وكيانات في روسيا. وشددت الخارجية الروسية في بيان على أن «سياسة العقوبات التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي بحق روسيا تجاوزت كل الحدود»، مشيرةً إلى أن بروكسل فرضت قيوداً أحادية الجانب «بشكل جماعي وتعسفي» على شركات ومواطنين روس.
وحمّل البيان الاتحاد الأوروبي المسؤولية عن «تجاهل جميع المعايير القانونية الدولية» من خلال نشر البيانات الشخصية للمدرجين على قوائمه السوداء، مشيراً إلى أن بروكسل تحاول إلقاء اللوم على موسكو في «الأزمة الهيكلية في مجال الأمن الأوروبي».
وشددت الوزارة على أن تصرفات الاتحاد الأوروبي تمثل «جزءاً من نهج الغرب الجماعي الرامي إلى ردع روسيا وإخضاع تطورها لخدمة استئناف هيمنته المطلقة في العالم ومنع بلدنا من ضمان أمنه وحماية مصالحه القومية ورفض حقه في تحديد أجندة مستقلة وبنّاءة على الصعيد الدولي».
وأوضحت الوزارة أن هذه القيود تشمل «كبار قادة الاتحاد الأوروبي»، بمن فيهم عدد من المسؤولين في المفوضية وقادة الهياكل العسكرية للاتحاد، وأغلبية نواب البرلمان الأوروبي الذين «يروجون للسياسات المعادية لروسيا».
ولفت البيان إلى أن «القائمة السوداء» الروسية تضم أيضاً أسماء مسؤولين كبار، منهم ممثلون عن حكومات وبرلمانات عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وشخصيات عامة وموظفين في وسائل الإعلام «يتحملون المسؤولية الشخصية عن تقديم العقوبات غير القانونية ضد روسيا وتأجيج المشاعر المعادية لروسيا وانتهاك حقوق وحريات المواطنين الناطقين باللغة الروسية».
ميدانياً، كان ملاحَظاً أمس إعلان وزارة الدفاع الروسية عن تدهور كارثي للوضع في مدينتي ماريوبول وخاركيف. وفي الحالين، حمّلت الوزارة مَن وصفتهم «بـالنازيين» المسؤولية عن حصار المدنيين وتدهور أوضاعهم المعيشية.
ومع إعلان العسكريين الروس عن إحراز تقدم جديد في وسط مدينة ماريوبول المحاصرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، قالت الوزارة إن «نداءات الاستغاثة من سكان المناطق التي يحاصرها النازيون الأوكرانيون في ماريوبول تَرِد يومياً إلى مقر التنسيق المشترك بين الإدارات في روسيا عبر الخط الساخن للاستجابة الإنسانية في أوكرانيا».
وفي خاركيف، قالت المصادر العسكرية الروسية إن «السكان المحليين، خوفاً من استفزازات المتطرفين، يضطرون إلى اللجوء إلى الأقبية. إضافةً إلى أنه بات الكثير من المنازل من دون تدفئة أو كهرباء وغيرها من ضروريات الحياة». وزادت الوزارة أن «الرجال لا يغادرون منازلهم خوفاً من اقتياد النازيين لهم قسراً إلى المعارك».
وأضافت أن «الكثير من المنازل لا يصل إليها التيار الكهربائي والغاز والتدفئة، فيما تتقاعس إدارة المدينة عن أعمال الترميم».


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
TT

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)

أظهر موقع «داون ديتيكتور» الإلكتروني لتتبع الأعطال أن منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» المملوكتين لشركة «ميتا» متعطلتان لدى آلاف من المستخدمين في الولايات المتحدة، اليوم (الأربعاء).

وأبلغ أكثر من 27 ألف شخص عن وجود أعطال في منصة «فيسبوك»، وما يزيد على 28 ألفاً عن وجود أعطال في «إنستغرام»، وبدأ العطل في نحو الساعة 12:50 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة.

وذكر موقع «داون ديتيكتور» أن «واتساب»، تطبيق التراسل المملوك لـ«ميتا»، توقف عن العمل أيضاً لدى أكثر من ألف مستخدم. وتستند أرقام «داون ديتيكتور» إلى بلاغات مقدمة من مستخدمين.

وربما يتفاوت العدد الفعلي للمستخدمين المتأثرين بالأعطال. وقالت «ميتا» إنها على علم بالمشكلة التقنية التي تؤثر في قدرة المستخدمين على الوصول إلى تطبيقاتها. وذكرت في منشور على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»: «نعمل على إعادة الأمور إلى طبيعتها بأسرع ما يمكن ونعتذر عن أي إزعاج».

وكتب بعض مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» على منصة «إكس» منشورات تفيد بمواجهتهم عطلاً يعرض لهم رسالة «حدث خطأ ما»، وأن «ميتا» تعمل على إصلاح العطل. وأدّت مشكلة تقنية في وقت سابق من العام الحالي إلى عطل أثّر في مئات الألوف من مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» عالمياً. وواجهت المنصتان عطلاً آخر في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنهما عادتا إلى العمل إلى حدّ كبير في غضون ساعة.