بدء دفع المساعدات للأسر اللبنانية الفقيرة

ضمن برنامج «أمان» الذي يموله البنك الدولي

ميقاتي معلناً بدء صرف المساعدات (الوكالة الوطنية)
ميقاتي معلناً بدء صرف المساعدات (الوكالة الوطنية)
TT

بدء دفع المساعدات للأسر اللبنانية الفقيرة

ميقاتي معلناً بدء صرف المساعدات (الوكالة الوطنية)
ميقاتي معلناً بدء صرف المساعدات (الوكالة الوطنية)

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بدء دفع المساعدات النقدية ضمن البرنامج الطارئ لشبكة الأمان الاجتماعية «أمان» الممول من البنك الدولي، الذي أكد أنه سيوفر هذه المساعدة للأسر اللبنانية التي تعيش في فقر مدقع، وتعاني من ضغوط أزمة اقتصادية ومالية حادة، كاشفاً أنه يجري التعاقد مع جهة خارجية مستقلة لمراقبة تنفيذ البرنامج.
جاء ذلك في لقاء صحافي في مقر رئاسة الحكومة بمشاركة وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار، ومدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه، وحضور نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وعدد من الوزراء والمديرين العامين.
وقال ميقاتي: «بعد طول انتظار نجتمع اليوم لإعلان بدء تنفيذ الخطوات التنفيذية للبرنامج الطارئ لشبكة الأمان الاجتماعية (أمان)، لمساعدة العائلات الأكثر حاجة في لبنان. وهذه الخطوة باتت أكثر من ملحة في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا، وتشكل دعما معينا يأخذ في الاعتبار الإمكانيات المادية المتوافرة وأولوية التوجه إلى الأسر الأكثر حاجة».
وأكد أن «طموحنا وعملنا الحكومي يتركز على تحقيق برنامج للتعافي الاقتصادي ينهض لبنان من الأزمة الخانقة التي يمر بها ويرزح تحتها اللبنانيون ويعيد تحريك الدورة الاقتصادية، وبالتالي يعزز قدرة اللبنانيين على النهوض من جديد». وأوضح الحجار من جانبه، أن عدد المسجلين في المنصة بلغ 580 ألف أسرة لبنانية، وتابعنا فرز العائلات إلكترونيا، بدأت الزيارات المنزلية في شهر فبراير (شباط) لـ200 ألف أسرة من التي تستوفي الشروط، على أن يتم اختيار 150 ألف أسرة منها للاستفادة من مساعدة مالية شهرية لسنة بالدولار الأميركي. ويتابع برنامج الأغذية العالمي تنظيم عملية الزيارات المنزلية من خلال شركات خاصة لضمان تغطية سريعة وواسعة تشمل كل الأراضي اللبنانية، وهو مستمر بالعمل بوتيرة سريعة ليحقق الغاية تصاعديا.
وقال: «الدفع سيتم على مراحل. كل أسبوع مجموعة جديدة من الأسر سيصلها SMS أو رسالة قصيرة باسم رب أو ربة الأسرة الثلاثي على الرقم الأساسي الذي تسجلوا من خلاله على المنصة، سيتم ضمن الرسالة تحديد المبلغ الذي تستفيد منه الأسرة شهريا مع مفعول رجعي منذ بداية العام 2022، ويستطيع المستفيد التوجه إلى مراكز تحويل الأموال، ويبرز المستندات الخاصة التي تعرف عنهم، أي الهوية والرسالة التي وصلتهم، ويحصلون على المبلغ كاملا وبالدولار، موضحاً أن قيمة المساعدة الشهرية هي عبارة عن 25 دولاراً كمبلغ ثابت للأسرة الواحدة و20 دولارا عن كل فرد، 6 أفراد كحد أقصى. كما أنه سيتم اختيار 87 ألف طالب من الأسر المستفيدة المسجلين في المدارس الرسمية والمهنية للاستفادة من مساعدة مدرسية لسنة واحدة، والتنسيق جار مع معالي وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي بالنسبة لهذا الموضوع، وسوف نعلن لاحقا تاريخ بدء الدفع للطلاب».
وقال كومار جاه من جانبه، إن «ما توصل إليه هذا البرنامج، هو نتاج جهود حكومية متعددة الأطراف، فالوضع اللبناني مؤلم والأزمة تصنف من بين أسوأ ثلاث أزمات في عالمنا، فنصف الشعب اللبناني أصبح تحت خط الفقر، والتضخم وصل إلى مستويات مقلقة تؤثر على الفقراء والتضخم الغذائي زاد نحو 400 في المائة وأصبح من أكبر النفقات التي تتكبدها الأسرة، وأن الأزمات الحالية المندلعة في العالم من شأنها أن تفاقم الأزمات لدى اللبنانيين».
وأضاف «هذا البرنامج يتضمن تقديم المساعدة النقدية للعائلات الأكثر فقرا والمساعدات لنحو 87 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 13 و18عاما في المدارس. وهذا المشروع يهدف إلى بناء نظام شبكة أمان اجتماعية وطنية، ومن ضمن شبكة الدعم هذه تم تطوير سجل وطني اجتماعي يسمح للبنان بأن يواجه الصدمات المستقبلية».
وأثنى على «دور التفتيش المركزي من خلال منصة (impact) التي وضعها للمشروع»، ورأى أنها «تشكل مرحلة استثنائية في عمل القطاع العام من أجل إرساء البيانات المفتوحة والشفافة ومبادئ الحوكمة الجديدة»، واعتبر أن «مراقبة الطرف الثالث للمشروع تعتبر شرطا أساسيا لإطلاق الأموال من البنك الدولي»، وشدد على «التزام البنك الدولي على الإشراف الوثيق على تنفيذ هذا البرنامج، وضمان اعتماد معايير صارمة للشفافية، ويتم إلا تعيين طرف ثالث مستقل للإشراف على التنفيذ والتسجيل وضمان الأهلية والتحويلات النقدية ودقة الأموال». ووجه كومار جاه 3 رسائل أساسية إلى المسؤولين في لبنان، اعتبر فيها أن «ثمة حاجة للتوصل إلى إطلاق خطة تعاف اقتصادي، وعلى الحكومة أن تعتمد خطة إصلاح للقطاع الكهربائي بشكل فوري، وأن تنفيذ هذه البرامج يجب أن يبدأ من دون تأخير. فبعد إطلاق برامج كهذه يمكنكم الحصول على الدعم من المجتمع الدولي».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.