الرياض وأثينا تضعان اللمسات الأخيرة لاتفاقية تشجيع الاستثمارات وحمايتها

نائب وزير الخارجية اليوناني لـ«الشرق الأوسط»: نستهدف شراكة سعودية توسع الوصول لأسواق منطقة الاتحاد الأوروبي

كونستانتينوس فرانجوجيانيس نائب وزير الخارجية اليوناني للاستثمار والتجارة الخارجية خلال زيارته السعودية (الشرق الأوسط)
كونستانتينوس فرانجوجيانيس نائب وزير الخارجية اليوناني للاستثمار والتجارة الخارجية خلال زيارته السعودية (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وأثينا تضعان اللمسات الأخيرة لاتفاقية تشجيع الاستثمارات وحمايتها

كونستانتينوس فرانجوجيانيس نائب وزير الخارجية اليوناني للاستثمار والتجارة الخارجية خلال زيارته السعودية (الشرق الأوسط)
كونستانتينوس فرانجوجيانيس نائب وزير الخارجية اليوناني للاستثمار والتجارة الخارجية خلال زيارته السعودية (الشرق الأوسط)

بينما تنطلق فعاليات منتدى الاستثمار السعودي اليوناني بالرياض اليوم (الأحد)، كشف كونستانتينوس فرانجوجيانيس، نائب وزير الخارجية اليوناني للاستثمار والتجارة الخارجية، أن الرياض وأثينا تعملان حالياً على وضع اللمسات الأخيرة، على اتفاقية بشأن التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، لتسهيل تدفقات الاستثمار بين البلدين تعزيزاً للمنفعة المتبادلة، داعياً الشركات السعودية للمشاركة في المناقصات الدولية المستقبلية، لاستكشاف واستغلال الهيدروكربونات، كقطاع يحظى بالأولوية في بلاده.
وشدد فرانجوجيانيس في حواره مع «الشرق الأوسط»، أن المملكة تعدّ شريكاً إقليمياً وعالمياً رئيسياً لبلاده في ظل إمكانات هائلة للتعاون بمختلف المجالات، مشيراً إلى أن كلا البلدين ملتزمان بشدة بالسلام والاستقرار والأمن والتنمية في الجوار الأكبر.
ولفت إلى أن أثينا حريصة لشراكة استراتيجية شاملة مع المملكة، حيث إن بلاده أدانت بشكل متكرر الهجمات ضد المملكة، موضحاً أن زيارته للرياض تأتي لهدفين، الأول نقل رسالة للجانب السعودي، مفادها أن اليونان تشكل وجهة استثمارية مثالية لعدة أسباب، أحدها أن اليونان توفر الوصول إلى جميع الأسواق في الاتحاد الأوروبي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط الأوسع والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث أنشأت الحكومة اليونانية الإطار التشريعي الضروري لجذب الاستثمارات الأجنبية الاستراتيجية من خلال التصويت في الآونة الأخيرة على مجموعة من الحوافز المربحة.
والهدف الثاني، وفق فرانجوجيانيس، تعزيز وجود أكثر نشاطاً لمجتمع الأعمال اليوناني في المملكة، باعتبار أنه اقتصاد ديناميكي للغاية وسريع التطور، ولذلك سيتم إطلاق مجلس الأعمال المشترك بين اتحاد الشركات اليوناني ومجلس الغرف السعودية خلال الزيارة، لأنه سيشجع بشكل كبير على التآزر بين مجتمعات الأعمال المعنية على حدّ تعبيره.

العلاقات الثنائية
على صعيد العلاقات الثنائية، أوضح فرانجوجيانيس، أن البلدين طورتا في السنوات الأخيرة روحاً تعاونية رائعة جعلت العلاقة تقف حالياً في مستوى ممتاز، في ظل الزيارات المتتالية لرئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس ووزير الخارجية نيكوس ديندياس إلى الرياض، تلتها زيارات مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى إلى أثينا، وآخرها زيارة وزير الاستثمار السعودي، المهندس خالد الفالح في سبتمبر (أيلول) الماضي.

مجالات التعاون
على صعيد الطاقة، يرى فرانجوجيانيس، أن بلاده يمكن أن تصبح بسهولة مركزاً لنقل الطاقة من الخليج إلى أوروبا، فضلاً عن جسر بين العالم العربي والقارة الأوروبية، مبيناً أن خطة التعافي والمرونة الوطنية اليونانية، تسمح باستثمارات كبيرة في مجالات الابتكار ولطاقة الخضراء، متوقعاً أن تتجاوز 44 مليار يورو بحلول عام 2030.
بينما على صعيد قطاع الطاقة الهيدروجينية، يضيف فرانجوجيانيس، أن هناك العديد من الفرص للتعاون المتبادل حيث ستكون طاقة الهيدروجين جزءاً مهماً من مزيج الطاقة في بلاده ومفتاحاً لإزالة الكربون من الاقتصاد اليوناني، متطلعاً لزيادة التعاون القائم بين «هيلينيك بتروليوم» و«أرامكو السعودية» من خلال شركة أسبروفوس، كشركة تابعة لشركة «هيلينك بتروليوم»، في مجال خدمات هندسة الهيدروكربونات.
ولفت إلى أن الشركات اليونانية بمجالات البناء والاستشارات واللوجيستيات والتصميم والهندسة وإدارة المشاريع ومواد البناء، مهتمة بأن تكون جزءاً من رؤية المملكة 2030. في ظل توفر فرص الاستثمار للسعوديين في بلاده بمجالات البنية التحتية والسياحة والطاقة ومصادر الطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والصحة والخدمات اللوجيستية.
ووفق فرانجوجيانيس، فإن الصادرات اليونانية إلى المملكة بلغت 6.138 مليار يورو في عام 2021. بينما بلغت الواردات من المملكة 7 مليارات يورو، حيث يبلغ العجز التجاري اليوناني من عجز تجاري 95 مليون يورو، تسعى أثينا لتداركه مستقبلاً، منوهاً بأن الاستثمارات الأجنبية المباشرة السعودية في بلاده منخفضة للغاية، مشيراً إلى أنه خلال السنوات الأربع الماضية، تم استثمار 8 ملايين يورو فقط من رأس المال السعودي في اليونان، مشددا على حرصه لرؤية المزيد من الاستثمارات السعودية في بلاده كهدف يوناني رئيسي.

الأزمة الأوكرانية
وشدد فرانجوجيانيس، على عدم التسامح مع الإجراءات الروسية ضد أوكرانيا، ليس لأنها تنتهك القانون الدولي فحسب، بل لأنها تضر بالأمن والاستقرار والسلام الأوروبي والدولي، مبيناً أن الوضع الحالي في أوكرانيا يمثل التحدي الأكبر لسيادة القانون الدولي في القرن الحادي والعشرين، مقرّاً بوجود 150 ألف من الأقلية اليونانية حول ماريوبول في أوكرانيا، مبيناً أن أثينا تنفذ عمليات لمساعدة المواطنين اليونانيين الراغبين في مغادرة أوكرانيا بأمان.
ووفق فرانجوجيانيس، يتعين على المجتمع الدولي أن يبذل قصارى جهده لوقف هذه الحرب المروعة التي تخلق بالفعل أزمة إنسانية متفاقمة، مشدداً على ضرورة التحرك على مستوى الاتحاد الأوروبي، بشكل عاجل نحو الاستفادة من إمدادات الغاز الجديدة وزيادة كفاءة الطاقة، حتى تبتعد أوروبا من الاعتماد على الغاز الطبيعي الروسي.
وأضاف فرانجوجيانيس، أن نتائج الأزمة الروسية الأوكرانية متعددة، من بينها تأثر الاقتصاد والتجارة من خلال قنوات مختلفة، إذ لم تؤدِ الأزمة إلى تعطيل الصادرات فحسب، بل ستؤثر أيضاً على الإنتاج، حيث إن كلاً من روسيا وأوكرانيا مورّدان لسلع مختلفة إلى اليونان وأوروبا والعديد من البلدان الأخرى.
وتابع: «في عام 2021، بلغت الصادرات اليونانية إلى روسيا 206.6 مليون يورو وأوكرانيا بقيمة 338.7 مليون على التوالي، رغم تأثر الصادرات إلى روسيا بشكل كبير بالحظر المفروض على بعض منتجات الاتحاد الأوروبي المعمول بها بالفعل. كما ستتأثر قطاعات الخدمات مثل السياحة والنقل. أي تقييم شامل على المستوى الوطني أو مستوى الاتحاد الأوروبي سابق لأوانه في الوقت الحالي، حيث لا يزال الوضع مستمراً».
وزاد: «من الواضح أن الاضطراب الاقتصادي العام الناتج عن ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأخرى واختلال سلاسل القيمة سيؤثر على سلوك المستهلك ويؤدي بالتالي إلى التضخم. نحن نهدف إلى التخفيف من الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة بالعمل بالتنسيق مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي وعلى المستوى الوطني».

الممرات المائية
وعلى صعيد مخاطر القرصنة والاختطاف في بعض الممرات المائية مثل البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي، قال فرانجوجيانيس: «تعتبر الممرات المائية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) من بين أهم الممرات المائية في العالم. إنها تسهل تدفق كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي من المنطقة، بينما تعمل أيضاً على سد أسواق الشرق والغرب».
وبوصف تلك الممرات بوابة لأكبر مصدري الطاقة في العالم وفق فرانجوجيانيس، فإن الخليج العربي وخليج عدن والبحر الأحمر تعد ممرات مائية مهمة للتجارة الدولية، وبالتالي فإن تنقلها الحر دون عوائق أمر بالغ الأهمية، مشيراً إلى أن التوترات السياسية وعدم الاستقرار الإقليمي في بعض الأحيان أدت إلى تعريض التجارة وإمدادات الطاقة للخطر مع ما يترتب على ذلك من عواقب اقتصادية عالمية محتملة.
ووفق فرانجوجيانيس، فإن اليونان إلى جانب بلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والبرتغال، جزء من مهمة مراقبة بحرية بقيادة أوروبا في مضيق هرمز، يطلق عليه «الوعي البحري الأوروبي في مضيق هرمز» ومقره بالإمارات، وتتمثل مهمتها في توفير الوعي المعزز بالحالة البحرية والمراقبة في الخليج وبحر العرب، بما يتوافق مع القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وبفضل الجهود الدولية القوية، يشير فرانجوجيانيس، إلى أن القرصنة البحرية وهجمات السطو المسلح وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1994. حيث ساهمت العمليات البحرية التي أطلقها الشركاء الدوليون، مثل عملية الاتحاد الأوروبي بشكل كبير في كل من الانخفاض الحاد للحوادث المبلغ عنها وسلامة الأطقم والتجارة البحرية.


مقالات ذات صلة

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

التراخيص الاستثمارية في السعودية ترتفع 73.7%

حققت التراخيص الاستثمارية المصدرة في الربع الثالث من العام الحالي ارتفاعاً بنسبة 73.7 في المائة، لتصل إلى 3.810 تراخيص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس هيئة الأركان العامة وقائد القوات البحرية الملكية السعودية مع باتريس بيرا خلال الملتقى البحري السعودي الدولي 2024 (الشرق الأوسط)

«مجموعة نافال» تتعاون مع الشركات السعودية لتوطين صناعة السفن البحرية

أكد نائب رئيس المبيعات في الشرق الأوسط والمدير الإقليمي لـ«مجموعة نافال» في السعودية باتريس بيرا، أن شركته تنتهج استراتيجية لتطوير القدرات الوطنية في المملكة.

بندر مسلم (الظهران)
الاقتصاد جانب من الاجتماع الاستراتيجي لـ«موانئ» (واس)

«موانئ» السعودية تلتقي كبرى شركات سفن التغذية لتعزيز الربط العالمي

اجتمعت الهيئة السعودية العامة للموانئ (موانئ) مع كبرى شركات سفن التغذية العالمية، بهدف تعزيز الربط العالمي، وزيادة التنافسية على المستويين الإقليمي والدولي.

«الشرق الأوسط» (دبي)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)
شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)
شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن، نيويورك، الولايات المتحدة (رويترز)

رفعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، اليوم، تصنيف السعودية إلى «Aa3» من«A1»، مشيرة إلى جهود المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

وتستثمر المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم، مليارات الدولارات لتحقيق خطتها «رؤية 2030»، التي تركز على تقليل اعتمادها على النفط وإنفاق المزيد على البنية التحتية لتعزيز قطاعات مثل السياحة والرياضة والصناعات التحويلية.

وتعمل السعودية أيضاً على جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية لضمان بقاء خططها الطموحة على المسار الصحيح.

وفي الشهر الماضي، سعى وزير الاستثمار السعودي إلى طمأنة المستثمرين في مؤتمر بالرياض بأن السعودية تظل مركزاً مزدهراً للاستثمار على الرغم من عام اتسم بالصراع الإقليمي.

وقالت موديز في بيان: «التقدم المستمر من شأنه، بمرور الوقت، أن يقلل بشكل أكبر من انكشاف المملكة العربية السعودية على تطورات سوق النفط والتحول الكربوني على المدى الطويل».

كما عدلت الوكالة نظرتها المستقبلية للبلاد من إيجابية إلى مستقرة، مشيرة إلى حالة الضبابية بشأن الظروف الاقتصادية العالمية وتطورات سوق النفط.

وفي سبتمبر (أيلول)، عدلت وكالة «ستاندرد اند بورز» نظرتها المستقبلية للسعودية من مستقرة إلى إيجابية، وذلك على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية.