تساؤلات بشأن تأثير «البودكاست» على الإعلام التقليدي

إيميلي مايتليس وجون سوبل
إيميلي مايتليس وجون سوبل
TT

تساؤلات بشأن تأثير «البودكاست» على الإعلام التقليدي

إيميلي مايتليس وجون سوبل
إيميلي مايتليس وجون سوبل

أثار إعلان الإعلاميين البريطانيين البارزين إيميلي مايتليس وجون سوبل، رحيلهما عن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، تساؤلات في الأوساط الإعلامية البريطانية، خاصة أن خبر الرحيل جاء مصحوباً بالإعلان عن عزم مايتليس وسوبل تقديم «بودكاست» مشترك وبرامج راديو على «إل بي سي». وهو أمر اعتبره مراقبون «علامة جديدة على زيادة أهمية صناعة البودكاست، وتأثيرها على الإعلام التقليدي». في حين لاحظ متخصصون وصحافيون زيادة انتشار «البودكاست» في أنحاء العالم وفي المنطقة العربية، وربطوا إقبال المعلنين على «البودكاست» وتأثيره على المستهلك، وخصوصية مخاطبة الجمهور، وإمكانية معرفة حجم من وصلتهم الرسالة الإعلانية المباشرة.
إيميلي مايتليس، مقدمة البرامج التلفزيونية اللامعة، قالت في تغريده عبر حسابها الشخصي على «تويتر» إنها ومحرر شؤون أميركا الشمالية في «بي بي سي» جون سوبل «قررا إطلاق بودكاست جديد مع شركة غلوبال العالمية ينتجه دينو سوفوس. ووصفت الخطوة بأنها «فرصة عظيمة لفعل ما تحب». ولكن في الوقت نفسه أعربت عن «الحزن لترك البي بي سي بعد فترة عمل استمرت 20 سنة، والامتنان للفرص التي حصلت عليها إبان العمل في البي بي سي»، بينما غرد سوبل قائلاً: «فرص كهذه لا تأتي كثيراً؛ لكنني حزين على ترك البي بي سي التي عملت فيها طويلاً».
وفق تقرير لصحيفة «الفاينانشيال تايمز» البريطانية بشأن رحيل مايتليس وسوبل عن الـ«بي بي سي» فإن «هيئة الإذاعة البريطانية خسرت اثنين من نجومها لصالح شركة غلوبال التجارية، التي أسسها رائد الأعمال آشلي تابور كينغ عام 2007. وهذا مؤشر على حجم المنافسة التي تواجهها الـ(بي بي سي) في الحفاظ على المواهب في ظل تقليص الميزانيات».
من ناحية ثانية، أثار إعلان مايتليس وسوبل مناقشات متعددة في بريطانيا. قالت كاتي رزال، محررة الشؤون الثقافية في الـ«بي بي سي»، في تعليقها على الخبر إن «هناك الكثير من الأمور التي يمكن قراءتها من هذا الإعلان، إذ ثمة ادعاء بأنه يعد مثالاً آخراً على عجز الـ(بي بي سي) عن الاحتفاظ بمواهبها الإعلامية بانضمام مايتليس وسوبل إلى قائمة الراحلين قبلهما مثل أندرو نيل وأندرو مار؛ لكن هذه الأخبار تشير أيضاً إلى مدى تنافسية السوق والعروض المغرية التي تقدم على الطاولة». وأضافت أن «الخبر يدل على أهمية البودكاست مع إقدام شركات تجارية كبيرة مثل غلوبال على ضخ استثمارات ضخمة في صناعة البودكاست».
أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، لفت في لقاء مع «الشرق الأوسط» إلى «زيادة انتشار البودكاست أخيراً في جميع أنحاء العالم وحتى في المنطقة العربية». وربط هذا التطور بـ«سهولة الاستماع للبودكاست في أي مكان أثناء التحرك والتنقل، من دون أي إعاقة للمستهلك عن أداء مهامه اليومية... هذا أهم أسباب انتشار البودكاست عالمياً، إضافة إلى تنوع المواضيع التي يتناولها لتناسب الأذواق والأعمار كافة».
أما الصحافي المصري إيهاب الزلاقي، رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة «المصري اليوم» الخاصة، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «من بين كل أشكال العمل الإعلامي المختلفة، لا يوجد شكل حدث له تصاعد كماً وكيفاً على المستوى العالمي أكثر من البودكاست، الذي يمزج بين إمكانيات الإذاعة التقليدية، مع سهولة وشخصنة الوصول، حيث يصل للمستهلك بشكل مباشر طالما اشترك في مجموعة معينة». وأضاف أن «ميزة البودكاست الأساسية تكمن في إمكانية الاستماع إليه في أي مكان، أثناء التنقل في وسائل المواصلات، أو أثناء ممارسة الرياضة اليومية، أو متابعة الأنشطة اليومية من دون تعطيل للمستهلك».
الزلاقي يشير إلى أن «شكل وطريقة الاستهلاك، من الأسباب الرئيسية لازدهار هذا القالب الإعلامي... ومن بين كل أنواع وأشكال الإعلام المقدمة حالياً، التقليدي أو الجديد، فإن البودكاست حقق قفزات هائلة في جذب الإعلانات، فبات يستقطب استثمارات إعلانية مختلفة الأشكال، سواء كانت فواصل إعلانية أو نصاً يقرأه مقدم البودكاست نفسه... أما السبب في إقبال المعلنين على البودكاست فهو تأثيره على المستهلك، وخصوصية مخاطبة الجمهور، وإمكانية معرفة حجم من وصلتهم الرسالة الإعلانية المباشرة».
حقاً، يشهد «البودكاست» زيادة متسارعة في جميع أنحاء العالم. ووفقاً لتقرير نشره موقع «ستاتيستا» مطلع فبراير (شباط) الحالي، فإن «عدد مستمعي البودكاست في بريطانيا تجاوز 19.1 مليون مستمع خلال عام 2021. ومن المتوقع أن يرتفع إلى 28 مليون بحلول عام 2026». ويشير تقرير الموقع إلى أنه في «الولايات المتحدة الأميركية وصل عدد مستمعي البودكاست خلال عام 2021 إلى 120 مليون مستمع، مع توقع وصوله إلى 160 مليوناً عام 2023 بزيادة تصل إلى 20 مليون مستمع سنوياً».
كذلك أفادت دراسة نشرها موقع «آي إيه بي» البحثي المتخصص في الولايات المتحدة الأميركية، منتصف العام الماضي، أن «حجم عائدات الإعلانات في صناعة البودكاست زاد بنسبة 19 في المائة عام 2020. ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة الاستثمارات الإعلانية فيها العام المقبل 2023 الملياري دولار». وذكر إيريك جون، نائب مدير مركز الإعلام في «آي إيه بي»، إن «صناعة البودكاست ستشهد قفزات خلال العامين المقبلين، فحتى خلال فترة العمل من المنزل نتيجة جائحة (كوفيد – 19) ظل البودكاست وسيطاً مفضلاً للجمهور، استفاد منه المعلنون».
وفي سياق موازٍ، أشار موقع «إيه ماركتير» في دراسة أجراها على 18 دولة ونشرها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى أن «عدد مستمعي البودكاست وصل عام 2021 إلى نحو 384 مليون مستمع، ومتوقع أن يصل إلى 424 مليون مستمع العام الحالي، ويتجاوز الـ500 مليون مستمع عام 2024». وتؤكد الدراسة «ازدياد شعبية البودكاست في جميع أنحاء العالم».
عودة إلى العالم العربي، يقول أنس بنضريف إن «مساحة الحرية التي يوفرها البودكاست في مناقشة القضايا المتعددة، تجعله وسيطاً مقبولاً ومطلوباً على المستوى العربي، فهو يستطيع خلق علاقة حميمة مع المستمع ويشعره بأنه موجه له، مما يقربه أكثر للجمهور»، موضحاً أن «مستوى انتشار البودكاست عربياً يختلف من منطقة لأخرى، فبينما يشهد ازدهاراً وانتشاراً في دول الخليج، يقل هذا الانتشار في منطقة شمال أفريقيا».
من جانبه، يؤكد إيهاب الزلاقي أن «المنطقة العربية ما زالت في مرحلة استكشاف البودكاست كغيره من أشكال الإعلام الجديدة، وهناك حالة اهتمام حقيقية ومتزايدة بصناعته في المنطقة العربية لأسباب متعددة من بينها: أنه يقدم مواضيع متنوعة من تاريخ واقتصاد وترفيه، ويتطرق إلى قضايا حساسة قد لا يتطرق لها الإعلام التقليدي». ثم يشير إلى «ظهور شركات عربية في الأردن ومصر ولبنان متخصصة في إنتاج البودكاست مما يؤكد تزايد الاهتمام بهذه الصناعة، وإن لم يكن ذلك بحجم صعودها في الغرب».
أيضاً على المستوى المؤسسي تحاول وسائل الإعلام التقليدية استكشاف هذه الصناعة الجديدة. وهنا يروي الزلاقي تجربة «المصري اليوم» مع إنتاج «البودكاست»، قائلاً إنها «قدمت حلقات بودكاست خلال شهر رمضان الماضي في إطار استكشافها لهذا الشكل المزدهر من الإعلام؛ لكن التجربة لم يحدث لها التراكم الكافي ولم تتحول للشكل المؤسسي». ويستطرد أن «هناك نقطة مهمة يجب الانتباه لها في هذا السياق، وفي سياق الإعلام الجديد بشكل عام... فالعالم الآن يتجه لفكرة منتج المحتوى الفردي، وليس المؤسسات التي تحتكر النشر، حيث يستطيع أي شخص قادر على إنتاج محتوى أن ينشره، ويحصل على عائدات مالية منه دون الحاجة لمؤسسة كبرى يحمل اسمها». ثم ذكر أن «الفرد أسرع من المؤسسة في تنفيذ وملاحقة التطورات الجديدة، فالمؤسسات تحتاج إلى وضع خطط وضخ ميزانيات وبحث إمكانية الاستمرار، وفي النهاية قد تستمر التجربة أو لا».


مقالات ذات صلة

وفاة «أيقونة التعليق العربي» ميمي الشربيني

رياضة عربية المعلق التلفزيوني الشهير ميمي الشربيني (وسائل إعلام مصرية)

وفاة «أيقونة التعليق العربي» ميمي الشربيني

نعى النادي الأهلي أكثر الأندية المصرية تتويجاً بالألقاب في كرة القدم وفاة لاعبه السابق والمعلق التلفزيوني الشهير ميمي الشربيني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية الصحافية الإيطالية سيسيليا سالا متفاعلة عند وصولها إلى منزلها في روما بعد إطلاق سراحها من الاحتجاز بإيران يوم 8 يناير 2025 (رويترز)

صحافية إيطالية كانت معتقلة بإيران تشيد بدور ماسك في إطلاق سراحها

قالت صحافية إيطالية، كانت محتجزة في إيران، إن اتصال صديقها بإيلون ماسك ربما كان عاملاً «جوهرياً» في إطلاق سراحها.

«الشرق الأوسط» (روما)
خاص مدير القنوات في «MBC» علي جابر يروي لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل عودته من المرض والغيبوبة (علي جابر)

خاص علي جابر «العائد من الموت» يروي ما رأى على «الضفة الأخرى»

جراحة فاشلة في العنق، ساقٌ مكسورة، نزيف في الأمعاء، ذبحات قلبيّة متتالية، ودخول في الغيبوبة... هكذا أمضى علي جابر عام 2024 ليختمه إنساناً جديداً عائداً من الموت

كريستين حبيب (بيروت)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

الإعلام الأميركي يستعد لـ«الجولة» الثانية من «النزال» مع ترمب

سيتوجّب على الإعلام الأميركي التعامل مجدّداً مع رئيس خارج عن المألوف ومثير للانقسام ساهم في توسيع جمهور الوسائل الإخبارية... وفي تنامي التهديدات لحرّية الإعلام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية عام 2024 (أرشيفية)

360 صحافياً مسجونون في العالم... والصين وإسرائيل في صدارة القائمة السوداء

أعلنت لجنة حماية الصحافيين، الخميس، أنّ عدد الصحافيين السجناء في العالم بلغ 361 في نهاية 2024، حيث احتلّت إسرائيل المرتبة الثانية في سجن الصحافيين، بعد الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

سليمان: نوّعنا شراكاتنا دولياً للحد من التضليل والتزييف الإعلامي

من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)
من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)
TT

سليمان: نوّعنا شراكاتنا دولياً للحد من التضليل والتزييف الإعلامي

من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)
من مشاهد المعاناة في السودان (رويترز)

أعلن المهندس عبد الرحيم سليمان، مدير عام اتحاد إذاعات الدول العربية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤتمر الرابع للإعلام العربي» سيُعقد في العاصمة العراقية، بغداد، خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل، وستعنى فعالياته بقضايا الساعة، وبينها ملفات التنمية، والبيئة، وموضوعية وسائل الإعلام في تغطية العدوان على الشعبين الفلسطيني واللبناني، والمنطقة العربية.

سليمان نوّه بدعم هيئة الإعلام العراقية ورئيسها الوزير كريم حمادي لمشروع تنظيم المؤتمر المقبل في العراق، وسط تعقيدات الأوضاع الطبيعية والبيئية في العراق والمنطقة، خلال العقود الماضية لأسباب عدة، من بينها إلقاء مئات آلاف الأطنان من القنابل على مناطق عمرانية وسكنية وزراعية. وأوضح المهندس سليمان أنها المرة الأولى التي تستضيف فيها الجمهورية العراقية مؤتمراً إعلامياً عربياً دولياً بهذا الحجم، بدعم من مؤسسات جامعة الدول العربية، ومن مسؤولي هيئة الإعلام العراقية والقائمين عليها وخبرائها.

الإعلام... والعدوان على فلسطين ولبنان

المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية كشف من ناحية ثانية، في كلامه لـ«الشرق الأوسط»، عن أن هذا المؤتمر العربي الكبير سينظَّم بالشراكة مع «شبكة الإعلام العراقي» بعد أسابيع قليلة من تنظيم الاتحاد مؤتمرات إعلامية وسياسية عربية كبيرة في تونس حول الحاجة إلى تطوير دعم «الإعلام المهني» لقضايا الشعبين الفلسطيني واللبناني، وللسلام في المنطقة، إلى جانب مواكبة التحديات الأمنية والجيو-استراتيجية الخطيرة التي تواجه كثيراً من الدول والشعوب العربية، وبينها الحرب المدمّرة الطويلة في السودان. وأوضح أن هذه الحرب تسببت حتى الآن في سقوط نحو 150 ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى، وتشريد ملايين المواطنين وتهجيرهم.

المهندس عبد الرحيم سليمان (الشرق الأوسط)

حرب منسية

وأردف سليمان أن «انشغال الإعلام، سواء العربي أو الدولي، نسبياً بالحرب العدوانية على كل من فلسطين ولبنان همَّش إعلامياً ملفات خطيرة أخرى، من بينها معضلات التلوث، والبيئة، والتنمية، وحروب ونزاعات مسلحة خطيرة في المنطقة، بينها الحرب في السودان».

وتابع قائلاً: «الإعلام الدولي لا يواكب بالقدر الكافي محنة الشعب السوداني» حتى عدّ كثيرون الحرب المدمِّرة الحالية ضده «الحرب المنسية رغم الصبغة الجيو-استراتيجية المهمة جداً لهذا البلد العربي والأفريقي والإسلامي الكبير، الذي يتميّز بثروات بشرية ومادية هائلة، لكنه يعاني منذ عقود من التدخل الأجنبي، ومن أجندات محلية وإقليمية ودولية غير بريئة».

وعلى صعيد موازٍ، نفى سليمان أن تكون الأمانة العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية «أهملت التحديات الأمنية الخطيرة جداً التي تواجه المنطقة؛ بسبب انحياز الإعلام الغربي إلى الروايات الإسرائيلية للتطورات في فلسطين ولبنان والمنطقة». وأفاد بأن مقر الاتحاد استضاف أخيراً في تونس تظاهرات إعلامية وعلمية، قدَّم خلالها مهنيون وخبراء دراسات وتقارير علمية حول قضايا التحرّر الوطني العربية، وعلى رأسها قضايا إنهاء الاحتلال في فلسطين ولبنان، والتعريف بتوظيف أطراف غربية الإعلام الغربي والدولي لتشويه صورة العرب والمسلمين والأفارقة، ومطالبهم المشروعة في التحرّر الوطني والتنمية والتقدم، والشراكة مع كبار الفاعلين دولياً بما في ذلك في قطاعات حوكمة الإدارة والاقتصاد والبحث العلمي والتكنولوجيا والبيئة والمحيط.

العراق استعاد مجده

من جانب آخر، ورداً على سؤالنا عن خلفيات قرار عقد «المؤتمر الرابع للإعلام العربي» في بغداد في هذه الظروف تحديداً؟ وهل لم تكن هناك تخوّفات من الاضطرابات التي تشهدها المنطقة؟ أوضح سليمان أن الأمانة العامة لاتحاد إذاعات الدول العربية «تتطلع إلى مؤتمر عربي ناجح ينظَّم الربيع المقبل في بغداد»، مضيفاً أن بغداد «عاصمة الحضارة والعروبة التي استردّت مجدها وألقها، واستحقت استضافة المؤتمر المقبل بعد نجاح مئات الخبراء خلال المؤتمرات الثلاثة الماضية في تونس في تقديم دراسات وتوصيات ومقررات مهنية نوعية بمشاركة خبراء من العالم أجمع». ومن ثم، أثنى على التطور الكبير الذي سُجِّل في قطاع الإعلام في العراق، وأورد أن «القفزات الإعلامية التي يشهدها العراق مكَّنته من حصد الجوائز الأوفر في المهرجانات والمسابقات الإذاعية والتلفزيونية التي ننظمها سنوياً».

استقلالية مالية

أيضاً، نوه المدير العام بانعقاد «الجمعية العامة» للاتحاد يومَي 15 و16 يناير (كانون الثاني) الحالي في المنطقة السياحية بالحمّامات، (60 كيلومتراً جنوب العاصمة تونس). وكان قد حضر هذه الفعالية إعلاميون ومسؤولون رسميون، ومشرفون على مراكز الأبحاث وتدريب الصحافيين وعن جامعات الأخبار والاتصال، ووسائل إعلام عربية ودولية، بجانب الاتحادات الإذاعية والتلفزيونية العربية والإسلامية والأوروبية والآسيوية والصينية والأفريقية، كما كان حاضراً الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية المكلف الإعلام، السفير المغربي أحمد رشيد الخطابي.

وقد انتظم على هامش هذا المؤتمر الإعلامي الكبير موكب رسمي تمَّ خلاله التوقيع على اتفاقية شراكة بين اتحاد إذاعات الدول العربية ومنظمة التحالف الإعلامي لدول أميركا اللاتينية.

وفي هذا الصدد، ثمَّن المهندس عبد الرحيم سليمان كون اتحاد إذاعات الدول العربية «نجح، بفضل شراكاته الدولية في القارات الخمس، والخدمات الاتصالية والتغطيات التلفزية والإذاعية عبر الأقمار الاصطناعية، في تلبية طلبات غالبية الدول ووسائل الإعلام العربية، وفي البلدان الشريكة للاتحاد في أوروبا وآسيا وأميركا، ما أسهم في مضاعفة موارده المالية». وذكر أن هذا «أسهم في الحد من تقديم إعلام عربي بديل عن مضامين إخبارية مكتوبة ومصوّرة عُرفت بالتزييف والتضليل».

وهنا يشار إلى أن الاتحاد هو المنظمة العربية الوحيدة التي تغطي، بفضل استثماراتها، حاجياتها المالية كلها، ولا تحتاج إلى دعم مالي من الدول العربية ومن مؤسسات الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

الإعلام في مواجهة التزييف والتضليل

وعلى صعيد متّصل، عدّ جامعيون من كليات الإعلام التونسية والعربية والغربية شاركوا في الجلسات العلمية للمؤتمر أن من بين أولويات المرحلة المقبلة بعد تطورات في المشرق العربي «التصدي إعلامياً بأساليب مهنية» لما وصفه عدد من الخبراء العرب والأجانب بأنه «استفحال ظاهرة التزييف والتضليل» في نشر الأخبار والتقارير المصورة والتوثيقية عن النزاعات والحروب، وبينها الحرب في أوكرانيا، وفي فلسطين ولبنان خلال الفترة الماضية، وفي بلدان عربية وأفريقية وإسلامية عدة تفاقمت فيها معاناة الشعوب وملايين الفارين من القتال، من بينها السودان واليمن وسوريا وليبيا.

ولقد نُظّم على هامش هذا الحدث كذلك، ملتقى حواري حول «مستقبل الإذاعة والتلفزيون في عهد التقارب الرقمي والبث متعدد المنصات»، بمشاركة خبراء من فلسطين، والمملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والصين، وفرنسا، وإسبانيا.