«متغيّر جيني» يوفر حماية من أعراض «كوفيد ـ 19» الشديدة

باحثون أكدوا أن وجوده لا يلغي الحاجة للقاح

لافتة تحث على توسيع حملات التلقيح ضد كورونا في محطة قطار بلندن (رويترز)
لافتة تحث على توسيع حملات التلقيح ضد كورونا في محطة قطار بلندن (رويترز)
TT

«متغيّر جيني» يوفر حماية من أعراض «كوفيد ـ 19» الشديدة

لافتة تحث على توسيع حملات التلقيح ضد كورونا في محطة قطار بلندن (رويترز)
لافتة تحث على توسيع حملات التلقيح ضد كورونا في محطة قطار بلندن (رويترز)

يرتبط تغير جيني شائع بانخفاض خطر الإصابة بعدوى «كوفيد - 19» الشديدة، مما يسلط الضوء على هدف محتمل للعقاقير في العلاج المبكر. ووجد فريق بقيادة «إمبريال كوليدج» لندن أن «الأشخاص الذين لديهم تغير جيني شائع لبروتين واحد، كانوا أقل عرضة للدخول إلى المستشفى بسبب (كوفيد - 19) الحاد».
والتغير الجيني المقصود يرتبط ببروتين (TMPRSS2)، وهو بروتين موجود في الخلايا البشرية في الرئتين والقولون والمعدة والعديد من الأنسجة الأخرى. ويلعب هذا البروتين دوراً مهماً في الإصابة بعدوى كورونا المستجد، لأنه ضروري لتنشيط البروتين الشائك للفيروس (بروتين سبايك)، مما يسهل الدخول إلى الخلية.
ويوجد في البشر العديد من المتغيرات الطبيعية لهذا البروتين، وافترض فريق دولي كبير متعدد التخصصات، بقيادة إمبريال كوليدج لندن، أن نوعاً شائعاً من البروتين، يسمى (rs12329760)، قد يؤثر على شدة عدوى «كوفيد - 19». وهذا المتغير، الذي يغير واحداً فقط من مئات الأحماض الأمينية في بروتين (TMPRSS2) يوجد في ربع السكان تقريباً. وحلل الفريق إحصائياً العلاقة بين متغير (TMPRSS2) وشدة مرض «كوفيد - 19» في ألفين و244 مريضاً مصاباً بأعراض خطيرة المرض، وقد تم تجنيدهم من 208 وحدات رعاية مركزة في المملكة المتحدة بين مارس (آذار) ويوليو (تموز) عام 2020.
وأظهر هذا التحليل، الذي نشر في العدد الأخير من دورية «كرنت ريسيرش إن ترانسليشن ميدسين» أن الأفراد الذين لديهم بروتين متغير (rs12329760) كانوا أقل عرضة بشكل كبير للدخول إلى المستشفى أو الوفاة من «كوفيد - 19»، بغض النظر عن وجود عوامل خطر أخرى، مثل الشيخوخة والجنس، وتم تأكيد هذه النتيجة في مجموعات بيانات «كوفيد - 19» الكبيرة الأخرى.
وتقول أليسيا ديفيد من قسم علوم الحياة، الباحثة المشاركة بالدراسة في تقرير نشره الخميس الموقع الإلكتروني لجامعة «إمبريال كوليدج» لندن: «تسلط دراستنا الضوء على أن نسبة كبيرة من السكان كانت أقل عرضة للإصابة بـ(كوفيد - 19) الشديد بسبب تغيير حمض أميني واحد في بروتين (TMPRSS2)، وقد تساعد هذه النتائج في شرح سبب عدم ظهور أعراض حادة على بعض الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد. ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن التطعيم لا يزال الطريقة الأكثر موثوقية لحمايتنا من (كوفيد - 19) الشديد».
وأجرى الباحثون أيضاً دراسات تجريبية على الخلايا البشرية التي أكدت أن متغير (rs12329760) يقلل من قدرة البروتين (TMPRSS2) على تنشيط بروتين الأشواك الفيروسي (بروتين سبايك)، وهي خطوة أساسية في دخول الخلية الفيروسية، وقد يفسر هذا سبب كون الأفراد الذين لديهم هذا البديل أقل عرضة للإصابة بعدوى «كوفيد - 19» الشديدة.
وتقول ويندي باركلي من قسم الأمراض المعدية، التي استضافت الدراسات المختبرية: «لقد علمنا أن البروتين (TMPRSS2) يلعب دوراً رئيسياً في تكاثر الفيروس في المختبر، ولكن هذه الدراسات الجينية واسعة النطاق توضح لنا حقاً كيف يترجم ذلك إلى تأثير يؤثر على نتيجة العدوى في العالم الحقيقي». وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن الأدوية التي تثبط نشاط هذا البروتين قد يكون لها دور في العلاج المبكر للعدوى من متغيرات الفيروس التي تستخدم البروتين في مسار العدوى.
وأحد المرشحين الواعدين هو «كاموستات ميسيلات»، وهو دواء تمت الموافقة عليه بالفعل لعلاج التهاب البنكرياس المزمن، وأظهرت الدراسات الحديثة قدرة هذا الدواء على منع دخول فيروس كورونا المستجد إلى خلايا الرئة. كما يمهد البحث لمزيد من الدراسات للتحقيق في مستويات بروتين (TMPRSS2) في مختلف الفئات العمرية. وتشير الأبحاث السابقة إلى أن التعبير عن البروتين في الرئتين البشرية قد يكون مرتبطاً بالعمر، مما قد يساهم في تقدم العمر كعامل خطر رئيسي لـ«كوفيد - 19». ووجدت دراسات حديثة جداً أن متغير «أوميكرون» لا يحتاج إلى بروتين (TMPRSS2) لدخول الخلايا المضيفة، وهذا قد يفسر انخفاض شدة المرض المرتبطة بعدوى «أوميكرون».
ومن ناحية أخرى، فإن المتغير السابق «دلتا»، الذي لا يزال ينتشر في بعض أجزاء العالم، يعتمد بشكل كبير على البروتين المضيف، وقد تستخدم متغيرات الفيروس المستقبلية أيضاً البروتين لدخول الخلية. ويقول مايكل ستيرنبرغ، الأستاذ بـ«إمبريال كوليدج» لندن: «هذا يعني أن المتغير الجيني (rs12329760) من البروتين (TMPRSS2) سيوفر حماية متزايدة ضد بعض متغيرات الفيروس دون غيرها، وأن مضادات الفيروسات التي تستهدف البروتين المضيف قد تعمل فقط مع العدوى بالمتغيرات التي تعتمد على هذا البروتين». ويضيف: «ورغم أن وجود المتغير يوفر حماية، فمن المهم أن بعض الأشخاص الذين لديهم هذا المتغير لا يزالون مرضى بدرجة كافية لدخول المستشفى، وأن الطريقة الأكثر أماناً وموثوقية للحماية هي التطعيم».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».