«حزب الله» مستمر في التزام الصمت تجاه المبادرة الفرنسية

TT

«حزب الله» مستمر في التزام الصمت تجاه المبادرة الفرنسية

بعد مرور خمسة أيام على مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون والبيان الفرنسي السعودي المشترك، لا يزال «حزب الله» يلتزم الصمت، ما استدعى تفسيرات عدة لهذا «اللاموقف» لا سيما مع استمرار تعطيل جلسات الحكومة نتيجة تمسك الحزب وحركة أمل بموقفهما الداعي إلى «كف يد» المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
ولم يصدر حتى الآن موقف رسمي واضح من المبادرة الفرنسية باستثناء موقف الوزير السابق محمد فنيش أول من أمس الذي رفض ما وصفه بالمقايضة بين الدعم الاقتصادي وسلاح «حزب الله».
ومع تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون على العمل على استئناف جلسات مجلس الوزراء قالت مصادر في «التيار الوطني الحر» مقربة من الرئاسة لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يحصل تواصل بين عون والحزب للبحث في هذه المبادرة، لافتة إلى أن عون بحث مطولاً أول من أمس مع السفيرة الفرنسية في هذا الموضوع ومذكرة بتأكيد رئيس الجمهورية الالتزام بتطبيق القرارات الدولية. مع العلم بأن السفيرة آن غرييو قالت للرئيس عون، بحسب بيان للرئاسة إن على لبنان أن يقوم من جانبه بما عليه وأن يثبت صدقيته في التزامه الإصلاحات لا سيما منها الإصلاحات البنيوية التي تحتاج إلى أدوات عمل جدية، لمواجهة هذه الأزمة العميقة.
وفيما تتجه الأنظار لما قد يصدر رسمياً عن «حزب الله»، تبقى الآمال معلقة على أن تمر المرحلة بأقل خسائر ممكنة وعلى الأقل إعادة استئناف عمل الحكومة والسماح للسلطة السياسية بالقيام بما هو مطلوب منها وإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية كما يؤكد النائب في «الحزب التقدمي الاشتراكي» بلال عبد الله. ويقول عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: نأمل من الحزب تغليب المصلحة الوطنية لتسهيل تنفيذ المبادرة الفرنسية وإعادة الدفء للعلاقات اللبنانية - السعودية في ظل الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي الذي يعاني منه اللبنانيون، مؤكداً: «المطلوب اليوم الخطاب الهادئ والتخفيف من التشنّج والسيطرة على الحدود المفتوحة أمام التهريب»، مع تأكيده أن المشكلة الأساس مع «حزب الله» هي في تدخله في الحروب الإقليمية التي تنعكس سلباً على لبنان واللبنانيين.
ويتوقف المحلل السياسي قاسم قصير المقرب من «حزب الله»، عند كلام فنيش قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «فنيش حدد وجهة نظر الحزب برفض المقايضة بين الدعم الاقتصادي والتخلي عن سلاح المقاومة». وعن كيفية تعامل الحزب مع المبادرة في المرحلة المقبلة يقول قصير: «أعتقد أنه سيتجاهل الموضوع حالياً أو يطلق مواقف مبدئية»، من دون أن يستبعد أن يعتمد الحزب في هذه المرحلة سياسة تخفيف اللهجة حيال السعودية ودول الخليج.
وكان البيان السعودي - الفرنسي قد شدد على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، لا سيما الالتزام باتفاق الطائف، وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود، وأكدا على ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات، كما كان تشديد على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، وتأكيد على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.