جبايات وقيود حوثية على البضائع من مناطق الشرعية

موظف يقدم خدماته لأحد زبائن متجر صرافة في صنعاء (أ.ف.ب)
موظف يقدم خدماته لأحد زبائن متجر صرافة في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

جبايات وقيود حوثية على البضائع من مناطق الشرعية

موظف يقدم خدماته لأحد زبائن متجر صرافة في صنعاء (أ.ف.ب)
موظف يقدم خدماته لأحد زبائن متجر صرافة في صنعاء (أ.ف.ب)

بعد أن فشلت خطة الميليشيات الحوثية في إغلاق الطريق الرئيسية التي تربط ميناء عدن بمناطق سيطرتها، أقرت أخيراً فرض سلسلة من الجبايات والقيود على البضائع الواصلة إلى تلك المناطق، سعياً إلى إرغام المستوردين على تحويل بضائعهم إلى ميناء الحديدة، الخاضع لها، بغرض حصولها على المزيد من الموارد لتمويل حربها على اليمنيين.
ووفق ما ذكره عاملون في قطاع النقل وآخرون في الغرف التجارية والصناعية اليمنية، فإن ميليشيات الحوثي ضاعفت من القيود والجبايات التي تفرضها على البضائع القادمة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، ما تسبب بارتفاع أسعارها بشكل كبير، خصوصاً بعد إغلاقها الطريق الرئيسي الذي يربط ميناء عدن بالمناطق الخاضعة لسيطرتها عبر محافظتي الضالع وإب، ومن ثم إغلاقها الطريق الفرعي الآخر الذي يمر عبر منطقة يافع في محافظة لحج إلى محافظة البيضاء، وهو ما ضاعف من تكاليف النقل، وجعل الشاحنات تسلك طريقاً التفافياً يمر عبر ثلاث محافظات.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن ناقلات البضائع تغادر عدن عبر الطريق الساحلي لمحافظة لحج وصولاً إلى أطراف محافظة تعز، ثم تدخل أطراف محافظة الحديدة، قبل أن تصل بداية محافظة إب الخاضعة لسيطرة الميليشيات، وأن المسافة التي كانت تقطع خلال بضعة أيام تحتاج حالياً ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع للوصول إلى صنعاء، إلى جانب الجبايات الإضافية التي تفرضها ميليشيات الحوثي تحت مسميات الضرائب والجمارك وتحسين المدن وغيرها.
ويقول أحد المستوردين، طالباً عدم ذكر اسمه، إنه ونتيجة للأوضاع التي تعيشها البلاد فإن المصانع والشركات المصدرة أوقفت التسهيلات التي كانت تعطى للمستوردين اليمنيين، إذ كانوا يدفعون مقدماً نصف القيمة المقررة للسلع وبعد البيع يقومون بدفع بقية المبلغ، لكنهم اليوم ملزمون بدفع القيمة كاملة بشكل مسبق. ومع إجراءات التفتيش والرقابة التي فرضتها الأمم المتحدة على السفن لمنع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين واستمرار الحرب، فإن كل ذلك أدى إلى ارتفاع تكاليف الشحن ورسوم التأمين.
وحسب ما قاله المستورد، فإنه عند دخول البضائع عبر الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية يقوم التجار بدفع الرسوم الجمركية القانونية، لكن وعند وصول البضائع المنفذ الجمركي الذي استحدثته الميليشيات في منطقة سقم في مديرية العدين بمحافظة إب يُلزم التجار بدفع رسوم جمركية جديدة تساوي ضعف المبلغ الذي تم دفعه في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
ويضيف: «ما إن تصل البضائع مدخل محافظة ذمار حتى يتم إيقاف شاحنات النقل مرة ثانية في المنفذ الجمركي المستحدث هناك رغم أن لدى سائقيها إيصالاً رسمياً بدفع الرسوم الجمركية للمرة الثانية، حيث يطالب عناصر الميليشيات بمطابقة الحمولة مع البيانات الجمركية، إذا لم يدفع لهم مقابل مالي للسماح بالمرور».
ويقول قيادي في الغرف التجارية لـ«الشرق الأوسط» إن الناقلات ما إن تصل مدخل العاصمة صنعاء حتى يتم إيقافها في الحاجز الأمني الواقع في منطقة قاع القيضي، ولا يسمح لها بالمرور إلا بعد دفع مبلغ 120 ألف ريال (حوالي 200 دولار) تحت مسمى رسوم تحسين العاصمة، وقبل ذلك هناك أكثر من 20 نقطة تفتيش منتشرة على طول الطريق من عدن وحتى صنعاء. وفي كل نقطة يلزم سائق الناقلة بدفع مبلغ يتراوح بين 10 و20 ألف ريال (الدولار حوالي 600 ريال).
ولا تنتهي العوائق والجبايات بوصول البضائع مدخل العاصمة، لكن الميليشيات - بحسب المصدر - تأمر الناقلات بالدخول إلى مكتب الجمارك هناك للفحص والمطابقة، وبعدها يتم إلزام التجار بتحريز البضائع في المخازن، ويمنع عليهم التوزيع على تجار التجزئة إلى حين حضور ممثلين عن هيئة المواصفات والمقاييس، مع أن كل البضائع الواصلة إلى الموانئ لا يسمح بدخولها إلا بعد التأكد من مطابقتها للمواصفات ومنح التاجر شهادة رسمية بذلك.
ووفق ما يقوله عضو مجلس الغرفة التجارية في صنعاء، فإن مندوبي هيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة التابعة لميليشيات الحوثي بعد أن يقوموا بتحريز البضاعة وعدها بالكامل، يعودون لفحصها في وقت لاحق قد يستغرق في بعض الأحيان ثلاثة أشهر، رغم متابعة مندوبي التجار للهيئة للإسراع في فحص البضائع، خصوصاً تلك التي تتأثر بالحرارة. وعند حضورهم يلزمون التاجر بدفع مبلغ 50 ألف ريال تحت مسمى «أتعاب شخصية» إلى جانب قيامهم بأخذ كمية من البضائع تحت مبرر فحصها، ثم يقومون بمصادرتها، قبل أن يعطوا الموافقة على توزيع الشحنات على أسواق التجزئة.
وكنتيجة طبيعية لإغلاق الطريق الرئيسي بين عدن وصنعاء، وبسبب القيود والتأخير، ارتفعت أسعار النقل بشكل كبير جداً، فالناقلة التي كانت تستأجر بنصف مليون ريال أصبح إيجارها مليوني ريال على الأقل، إلى جانب الجبايات المتعددة والرشاوى التي تدفع، وهو ما ضاعف من أسعار السلع وزاد من الأعباء على المستهلكين في بلد 80‎ في المائة من سكانه يعيشون على المساعدات.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.