هكذا نجح نتنياهو في قلب نتائج الانتخابات لصالحه

اعتمد سياسة التخويف من العرب.. وأقنع الناخبين بوجود مؤامرة ضد حزبه

هكذا نجح نتنياهو في قلب نتائج الانتخابات لصالحه
TT

هكذا نجح نتنياهو في قلب نتائج الانتخابات لصالحه

هكذا نجح نتنياهو في قلب نتائج الانتخابات لصالحه

رغم أن جل استطلاعات الرأي كانت تجمع على أن إسحاق هرتسوغ سيفوز بالانتخابات الإسرائيلية، إلا أن ما حدث جاء مخالفا للتوقعات، حيث فاز نتنياهو بفارق كبير عن منافسه، وهو ما يطرح علامة استفهام كبيرة حول كيفية تحقيق هذا الفوز.
ويرى عدد من المحللين أن مراجعة خطابات نتنياهو خلال المعركة ومقاربتها بنتائج الانتخابات تدل على أنه اتبع خطة محنكة وغير متوقعة أبدا في الأيام الأخيرة من المعركة. فقد أدرك نتنياهو أن احتمال حصوله على أصوات من وسط الخريطة الحزبية أو جمهور اليسار، أو الناخبين العرب، بات شبه مستحيل، وأن الملجأ الوحيد الذي يستطيع فيه كسب مزيد من الأصوات هو جمهور الأحزاب اليمينية المتحالفة معه. ومن هذا المنطلق أعلن بشكل مفاجئ أن هناك فرصة لينتصر اليسار على اليمين ويسقط حكومته، ويشكل حكومة يسارية تعتمد على أصوات العرب، وزيادة في التخويف أعلن عن وجود مؤامرة ممولة بعشرات ملايين الدولارات لإسقاطه، ثم أرسل الرسائل إلى عشرات ألوف الناخبين يحثهم على التصويت «لأن هناك حملة دولية لتشجيع الناخبين العرب على التصويت لخدمة الهدف المتمثل في إسقاط حكم اليمين».
وحسب بعض المراقبين يتضح أن سياسة التخويف التي انتهجها نتنياهو نجحت إلى حد كبير، خصوصا في يوم الانتخابات نفسه، حيث دعا نتنياهو إلى مؤتمر صحافي عاجل، ليعلن فيه عن «نجاح المؤامرة»، ضد حزبه، وهو المؤتمر الذي سارع حزب «ميرتس» اليساري إلى تقديم شكوى ضده لدى رئيس لجنة الانتخابات المركزية، القاضي العربي سليم جبران. وبالمقابل سارع رئيس «المعسكر الصهيوني» المنافس إسحاق هرتسوغ إلى الدعوة لمؤتمر صحافي مضاد. وقد أصدر جبران أمرا يمنع إذاعة وقائع المؤتمرين الصحافيين باعتبارهما «دعاية انتخابية ممنوعة في يوم الانتخابات». ورد نتنياهو في حينه بانتقاد القاضي جبران باسمه، ملمحا إلى أنه يقوم بتمييز ضد شخصه، وقال بهذا الخصوص إن «كل التصريحات التي يطلقها سياسيو المعارضة وقادة القائمة المشتركة (العرب) لم تزعج لجنة الانتخابات المركزية، فأصدر قرارا ضدي وحدي»، وبذلك لمح إلى أن القاضي العربي ينضم هو الآخر إلى مؤامرة إسقاطه. ثم راح يقول بعد ذلك إن نشطاء «القائمة المشتركة» يتدفقون على الصناديق لرفع نسبة التصويت بين العرب إلى أعلى مستوى لها منذ قيام الدولة.
وكانت النتيجة، حسب عدد من المراقبين، أن آلاف المستوطنين تطوعوا لتجنيد الناخبين اليهود لرفع نسبة التصويت، وبفضل ذلك تبين أن الليكود حصل على غالبية الأصوات في المستوطنات اليهودية، وكذلك في البلدات القريبة من الحدود مع لبنان وقطاع غزة، وغيرها من مناطق الريف، حيث تتركز جماهير أحزاب اليمين. وفي النهاية حطم نتنياهو أحزاب اليمين المتحالفة معه، حيث هبط حزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة أفيغدور ليبرمان من 13 إلى 5 مقاعد، وهبط حزب المستوطنين «البيت اليهودي» من 12 إلى 8 مقاعد، كما تراجع حزب شاس من 11 إلى 7 مقاعد، والشيء نفسه بالنسبة لحزب «ياحد» 11. وهكذا انقلبت نتائج الاستطلاعات، وحصل نتنياهو على 30 مقعدا، واللافت أن حلفاء نتنياهو بلعوا الطعم وتقبلوا الضربة باستسلام تام، فهم لا يستطيعون الاعتراض ولا الاحتجاج ولا الشكوى. فهو اليوم القائد القوي، واليمين المتطرف يخشى الصدام معه حتى لا يهرب إلى حكومة تكتل وطني مع معسكر هرتسوغ. ورفاقه في الحزب، الذين يعتبرون تصرفه «لئيما» و«نكرانا للجميل»، لا يجرؤون على الاعتراض حتى لا يعاقبهم لدى توزيع الحقائب الوزارية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».