كشفت مجلة فارايتي «Variety» أنّ أعضاء فريق الروبوتات الذي يضم فتيات فقط من أفغانستان، اللاتي فررن من البلاد، في أعقاب استيلاء «طالبان» على السلطة، هنّ موضوع فيلم وثائقي جديد يصور صعود المجموعة لتصبح بطلات قوميات.
استوحى «الحالمات الأفغانيات»، من إخراج ديفيد غرينوالد وإنتاج بيث مورفي، القصة من أحداث حقيقية لمجموعة ضمت ست فتيات هربن من حكم الجماعة المتشددة، غير أن القائمين على العمل قرروا تعليق التصوير، لضمان أمن الشابات وعائلاتهن بعد الفرار من كابل.
تشير بعض المصادر المتنوعة إلى أن خمساً من الفتيات وعائلاتهن موجودون حالياً في المكسيك، وواحدة بقيت في العاصمة القطرية الدوحة.
في تصريح لمجلة «فارايتي»، قالت إحدى الفتيات الستّ خلال محاولتهن الفرار من أفغانستان: «في الطريق من هرات إلى كابل، كنا مذعورين للغاية. ففي كل ساعة، كان أعضاء (طالبان) يدخلون السيارة ليفحصوها من الداخل. كنت متخفية خلف البرقع في السيارة حتى لا يتعرفوا عليّ. وكان والدي يشعر بقلق كبير على حياتنا التي كانت في خطر».
طوال هذه المحنة، تجاوز فريق «الحالمون الأفغان» المبدع أدوارهن كمجرد شهود يوثقن رحلة لا تُصدَّق، ليكشفن عن دور أكبر؛ إذ قالت مورفي (موجودة في أفغانستان) إنّها عندما أُطيح بنظام «طالبان» في عام 2001 لم تبارح مكانها طيلة أربعة أيام، عكفت خلالها على العمل جنباً إلى جنب مع القوات الأميركية الخاصة لإعداد كمية ضخمة من «الوثائق»، لإجلاء 54 فرداً من عائلات الفريق المكوَّن من ستّ فتيات. هؤلاء الأفراد هم الآن بأمان، وسيسافرون في النهاية إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك.
استطردت مورفي في حديثها لمجلة «فارايتي»، قائلة «إنّها الحياة والموت في كل ثانية، وكانت لحظات ارتفاع المعنويات وانخفاضها لا تُصدَّق»، مشيرة إلى أنّ جهودها تركز الآن على ثلاث عائلات متبقية، مضيفة أنّ نقل الناس إلى مطار كابل كان أصعب مرحلة في المهمة. استطردت: «أحياناً نقول: لقد نجحنا... نجحنا! سيفتحون بوابة المطار، ثم نسمع أن (طالبان) ستفتش الحافلات. لقد كان ذعراً حقيقياً».
يعد فريق الروبوتات الأول من نوعه في أفغانستان، حيث عانت النساء من حكم «طالبان» من عام 1996 إلى عام 2001، حيث كنّ عملياً قيد الإقامة الجبرية، ومُنعن من العمل أو الحصول على قدر من التعليم. يقع مقر مجموعة الفتيات في هرات، ثالث أكبر مدينة في البلاد، وتتألف من نحو 25 فتاة تتراوح أعمارهن بين 12 و18 عاماً. ويُطلق على أعضاء الفريق الأصليين، وبعضهن تخرج الآن، اسم «الحالمات الأفغانيات»، وهنّ محور الفيلم.
يقول غرينوالد: «من المهم أن ندرك أنّهنّ نشأن في عالم لم يُسمح فيه للفتيات بركوب الدراجة. لم يُسمح لهن بالابتسام في الأماكن العامة. لكنهنّ سافرن وتمكنّ من رؤية عالم مختلف، وحققنّ الكثير من التقدم في إدراك ما تعنيه الحرية حقاً. لذا، فإنّ الفكرة الكاملة لدخول (طالبان)، وعودة عقارب الساعة إلى الوراء، بالنسبة لهنّ صعبة علينا جميعاً».
أسّست رويا محبوب رائدة الأعمال التكنولوجية الأفغانية هذا الفريق بعد أن طلب منها فريق «فيرست غلوبال» في عام 2016 تشكيل فريق من الفتيات الأفغانيات، واجه حينها مهمة صعبة تمثلت في الحصول على تأشيرات للمشاركة في المسابقات الدولية (خاصة إلى الولايات المتحدة)، لكنّه نجح منذ ذلك الحين بكسب المؤيدين وألهم المجتمعات العلمية في جميع أنحاء العالم وأقنع كثيرات بمهاراتهن ومثابرتهن.
تنبه غرينوالد، المخرج الذي أخرج فيلمى «The Last Race»، و«The Blech Effect»، إلى الفريق النسائي الأفغاني خلال مشاركته في برنامج تضمن أسئلة وإجابات عن أحد أفلامه، حين روى أحد الحضور تجربته المريرة لمساعدة الفريق الأفغاني على الهروب من كابل إلى كاليفورنيا، بعد رحلة عِشن خلالها مخاوف أمنية كبيرة للقدوم إلى الولايات المتحدة.
تابع غرينوالد قائلاً: «لم أكن أعرف الكثير عن الروبوتات، ولم تتضمن تجربتي أشياء ذات نطاق دولي». لكنّه عمل سريعاً على التعاون مع ميرفي التي كانت تُنتج حينها عملاً فنياً بعنوان «ماذا يحمل لنا الغد؟»، الذي يركز على حق النساء والفتيات في التعليم.
بدأ الاثنان التصوير والتسجيل خلال خريف وشتاء 2019، عندما كانت محادثات السلام جارية بين «طالبان» والولايات المتحدة. يقول غرينوالد: «كانت الفتيات وعائلاتهن يشاهدن الأخبار وينتبهن لما يجري. أود أن أقول: من هذا المكان بدأت تتراكم المخاوف».
كان الفريق قلقاً بشأن الانتقال إلى ورشة العمل الخاصة بهنّ خارج هرات. وتُضيف مورفي: «لقد شعرن بأنّه يتعين عليهنّ إخفاء أنفسهن. كُنّ قلقات مما يمكن أن يحدث على الطريق. وكان هناك دائماً الخوف من ذلك المجهول». وأضافت: «هناك شعور لا يُصدّق عندما تكون على الأرض في أفغانستان، بأنّ كل شيء يسير على ما يرام إلى أن تأتي اللحظة التي لا يكون فيها شيء على ما يرام حقاً. لديك دائماً شعور بأنّ أي شيء قد يحدث خطأ في أي لحظة. وهذا هو نوع الضغط الذي كانت الفتيات يعشنه كل يوم».
تلاحظ مورفي أنّ «معظم لحظات الحياة في أفغانستان تحدث خلف الجدران، لذلك كنا حريصين جداً على عدم لفت الانتباه عند التصوير، خاصة حول منازلهن».
تم التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة و«طالبان»، في فبراير (شباط) 2020، يقضي بأن تسحب الولايات المتحدة وحلفاؤها في «ناتو» جميع القوات في غضون 14 شهراً، شريطة التزام المنظمة بوعدها بوقف الهجمات.
أضاف غرينوالد: «عندما فكرت في الكيفية التي سينتهي بها الفيلم، غالباً ما كان ذلك هو التوقيع على معاهدة السلام، وكانت الفتيات يقمن بإنشاء مدارس لتعليم أخريات ما تعلمنه، ليكون ذلك بداية لعهد جديد في أفغانستان. بيد أنّه من المؤكد أنّ الأمور لم تحدث بهذه الطريقة». ليس بمقدور المرء إلا أن يتكهن بما قد تخبئه الآن مجموعة رائعة من الشابات، في طريقهن إلى أن يصبحن عالمات ومهندسات في أفغانستان.
يقول غرينوالد: «لقد بدا من المستحيل في البداية التفكير بوجود فريق روبوتات مكوَّن من فتيات فقط. لكنهنّ بالفعل تمكنّ من النجاح ومناصرة قضايا الفتيات والنساء. كنّ مستعدات ليصبحن الجيل التالي من المهندسات وعالمات الكومبيوتر لحل المشكلات في البلاد، وما زلن على استعداد للقيام بذلك. ولكن لسوء الحظ، على الأقل في الوقت الحالي، لن يحدث ذلك داخل أفغانستان».
- خدمات «تريبيون ميديا»
«الحالمات الأفغانيات»... فيلم يوثق رحلة هاربات من «طالبان»
«الحالمات الأفغانيات»... فيلم يوثق رحلة هاربات من «طالبان»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة