«درون» تعزز شبكات الاتصالات الهاتفية الخلوية

علماء «كاوست» يكشفون عن نهج جديد لتحسين عملها

«درون» تعزز شبكات الاتصالات الهاتفية الخلوية
TT

«درون» تعزز شبكات الاتصالات الهاتفية الخلوية

«درون» تعزز شبكات الاتصالات الهاتفية الخلوية

جرت نمذجة استخدام الطائرات دون طيار (درون) المتصلة أرضياً بكابل (TUAVs) بوصفها أداة جديدة فعالة لتحسين شبكات الهاتف الخلوي وشبكات الإنترنت. وعند استخدام هذه الطائرات متعددة المحركات المروحية كمحطات طيران أرضية متصلة بالكابلات، فإنها تبشِّر بزيادة نطاق التغطية، وزيادة كفاءة الشبكات الحضرية، والوصول إلى المناطق الريفية النائية التي تشتد الحاجة إليها.

مركز اتصالات طائر
هذه التقنية كانت أحد مجالات اهتمام البروفسور محمد سليم العويني، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية المتميز، الذي كتب ورقتين بحثيتين بخصوص هذا الموضوع مع عالِمي الرياضيات الدكتور مصطفى كشك والدكتور أحمد بدر بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست). ويقول بروفسور العويني: «كان هدفنا إظهار أن الطائرات دون طيار المتصلة أرضياً بكابل تُقدِّم حلاً جذاباً للغاية باعتبارها حلقة وصل بين المحطات الأرضية الثابتة والطائرات دون طيار التي تُحلِّق بحرية». وأضاف «نأمل أن يُشكِّل بحثنا النظري حافزاً للآخرين لتطوير الفكرة إلى أقصى إمكاناتها».
وتجدر الإشارة إلى أن التاريخ الحديث للطائرات دون طيار يعود إلى عام 2000 واقتصرت حينذاك على الاستخدامات العسكرية فقط. أما بداية ظهور تلك الطائرات للأغراض التجارية فيعود إلى عام 2006، وذلك عندما تم استخدامها في عمليات الإغاثة من الكوارث، والمراقبة الحدودية، ومكافحة حرائق الغابات، ومكافحة الآفات في المزارع وغيرها.
في عام 2017، وبعد أن ضرب إعصار «ماريا» بورتوريكو وتسبب في دمار كامل لشبكات الكهرباء في تلك الجزيرة، أظهرت شركة الاتصالات الأمريكية «إيه تي آند تي» AT&T كيف يمكن نشر الطائرات دون طيار المُزودة بأجهزة إرسال واستقبال خلوية بسرعة لتحلّ محل المحطات الأرضية غير الصالحة للعمل واستعادة التغطية الخلوية.
ومنذ ذلك الحين، عكف علماء الرياضيات على إجراء العمليات الحسابية للكشف عن المواضع المُثلى للخلايا الموضوعة على أجنحة الطائرات دون طيار وتعرف اختصارا باسم (COWs). ومثَّلت إضافة كابل للطاقة والبيانات تطوراً واضحاً في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، أجرت شركة ناشئة أميركية تسمى «سبوكي أكشن» تجارب على هذه الطائرات لربط المناطق النائية في أفريقيا.

تغطية هاتفية موسعة
ويمكن القول إن الطائرات دون طيار المتَّصلة أرضياً لم تَنَل الاهتمام البحثي النظري بخصوص أفضل السُبل لوضعها وموقعها الذي نالته نظيراتها التي تحظى بحرية التحليق بشكل مكثف حتى الآن. وفي هذا السياق، اتَّبع باحثو كاوست نهجين؛ الأول استخدام تحسين البحث الشامل عن طريق حساب الأرقام لكل عنصر في مجموعة من المواقع المحتملة، إذ يتوافق كل منها مع قيمة ما لاحتمالية التغطية الشبكية. والثاني اشتقاق صيغ مغلقة الشكل لحل دون المستوى الأمثل، وهو حل أمكن التوصل إليه على نحو أسرع، ولكنه أقلّ دقة. ومن المحتمل أن تستخدم النمذجة المستقبلية كلا النهجين معاً؛ إذ يقلل النهج الثاني إلى حد كبير من حجم المجموعة محلّ بحث النهج الأول.
يمكن للطائرات دون طيار المتصلة أرضياً بكابل والمتاحة في الأسواق اليوم، أن تظلّ مُحلِّقة في الهواء لمدة شهر أو أكثر، وهي مدة أطول بكثير من المدة التي تقضيها نظيراتها التي تحظى بحرية التحليق، والتي لا بدّ أن تهبط إلى الأرض لإعادة الشحن كل ساعة أو نحو ذلك. وحال توافر خط ألياف بصرية يعمل جنباً إلى جنب مع وصلة الطاقة، كما يمكن لها أيضاً «نقل» بياناتها إلى الشبكة الأساسية بكفاءة أكبر بكثير. أما عيبها فيتمثل في الحركة المُقيَّدة، رغم أن طول الكابلات التي تربط الطائرات المتاحة حالياً قد يصل إلى 150 متراً.
يقول الدكتور كشك إن إحدى النتائج المثيرة للاهتمام التي وجدوها أن الطائرات دون طيار المتصلة أرضياً بكابلات أطول تتفوق في الأداء على نظيراتها التي تحظى بحرية التحليق في كل سيناريو تقريباً. وأضاف «معدات الغد المزودة بشبكات الجيل الخامس أثقل وزناً وتستهلك طاقة أكبر من شبكات الجيل الرابع المستخدمة اليوم، لذا فستصبح ميزتها أكثر وضوحاً بعد حين».

تكامل شبكي
وفي نهاية المطاف، يتصوَّر باحثو «كاوست» الثلاثة أن تكون الطائرات دون طيار المتصلة أرضياً مُكمِّلة للمحطات الأرضية الثابتة في الشبكات الحضرية عالية الكثافة.
وعند ربط الطائرات دون طيار المتصلة أرضياً بالمباني الشاهقة، ستفرِّغ بياناتها خلال ساعات الذروة وتُغيِّر مواقعها على مدار الساعة، لتغطية توزيع حركة المرور المتغيرة طوال اليوم. وفي المناطق الريفية منخفضة الكثافة، تعتبر الطائرات دون طيار المتّصلة أرضياً عالية التحليق بديلاً أكثر قابلية للتطبيق عن الأبراج الشاهقة باهظة الثمن والمطلوبة لتوفير تغطية شبكية للمناطق الشاسعة ولكن ذات الكثافة السكانية المنخفضة.
وعلى الرغم من اقتصار البحث الذي نفَّذه باحثو «كاوست» على النظر في الموقع الأمثل لطائرة واحدة فقط من الطائرات دون طيار المتصلة أرضياً، فإنهم يطوِّرون الآن نماذج أكثر تعقيداً، تضم محطتي طيران أرضيتين أو أكثر. ويأمل الباحثون في انضمام علماء رياضيات آخرين إليهم في سعيهم لتحسين استخدام الطائرات دون طيار المتصلة أرضياً.


مقالات ذات صلة

كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «رابط إلى ويندوز» يوفر تكاملاً بين «آندرويد» و«ويندوز» مع إشعارات ومكالمات ورسائل وونقل ملفات بسهولة لتجربة متكاملة بين الأجهزة (مايكروسوفت)

مع وقف «سامسونغ» دعمه... ما هو بديل تطبيق «DeX» لتكامل الهواتف مع الحواسيب؟

التطبيق الذي قدَّمته «مايكروسوفت» منذ فترة طويلة يوفر للمستخدمين تجربة سلسة تجعل الهاتف والحاسوب يعملان كجهاز واحد.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا لأول مرة تكشف «يوتيوب» عن «المواضيع الرائجة» التي جذبت اهتمام المشاهدين خلال العام (يوتيوب)

ما المواضيع الرائجة وصنّاع المحتوى والأغاني المفضلة حسب «يوتيوب» في 2024؟

شرحت «يوتيوب» لـ«الشرق الأوسط» سبب إطلاق فئة «المواضيع الرائجة» لأول مرة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «واتساب» يقرر إنهاء دعم الأجهزة التي تعمل بإصدارات أقدم من «iOS 15.1» اعتباراً من مايو 2025 بهدف تحسين الأداء وتقديم ميزات تعتمد على تقنيات حديثة (أ.ف.ب)

«واتساب» يُودّع بعض الأجهزة القديمة

أعلنت شركة «واتساب» قرارها إيقاف دعم الإصدارات القديمة من نظام التشغيل «آي أو إس» (iOS).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
عالم الاعمال اختتام فعالية «بلاك هات 24» الأكبر والأكثر حضوراً بالعالم

اختتام فعالية «بلاك هات 24» الأكبر والأكثر حضوراً بالعالم

فعالية «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2024» اختتمت أعمالها في العاصمة السعودية الرياض.


أشبه بـ«حمام بخار»... نظرية جديدة تفسّر كيفية نشوء الماء على كوكبنا

صورة لكوكب الأرض (رويترز)
صورة لكوكب الأرض (رويترز)
TT

أشبه بـ«حمام بخار»... نظرية جديدة تفسّر كيفية نشوء الماء على كوكبنا

صورة لكوكب الأرض (رويترز)
صورة لكوكب الأرض (رويترز)

رجّحت نظرية جديدة أن يكون الماء أصبح متوافراً على كوكب الأرض بفعل ما يشبه حمام بخار، بعد وقت قصير من تكوين النظام الشمسي، وفق دراسة حديثة نشرت نتائجها مجلة «أسترونومي أند أستروفيزيكس».

ووفقاً للنظرية السائدة، نشأ الماء على كوكب الأرض بشكل رئيسي عبر كويكبات ومذنّبات جاءت من خارج النظام الشمسي في أول مائة مليون سنة.

وشبّه المعدّ الرئيسي للدراسة، عالم الفيزياء الفلكية كانتان كرال، تساقط الأجرام ذلك بـ«لعبة بلياردو الجاذبية»، مرجّحاً من جهته حصول عملية «أكثر طبيعية إلى حدّ ما، وأسهل قليلاً».

وبالتالي، هي أقل عشوائية، والأهم أنها تنطبق على كواكب صخرية أخرى في النظام الشمسي، مثل المريخ أو عطارد، من المعروف أنها تحتوي على الماء، تماماً كالقمر.

وبدأ كل شيء من حزام الكويكبات، وهو عبارة عن حلقة من الأجرام السماوية الصغيرة، تقع بين المريخ والمشتري، كانت أكبر بكثير في مرحلة تكوين النظام الشمسي قبل 4,6 مليار سنة.

وقال الباحث في مختبر «ليزيا» LESIA، التابع لمرصد «باريس مودون بي إس إل»: «نعلم أن الكويكبات كانت جليدية في الأساس».

وهذا الجليد «لا يُرى كثيراً» اليوم، إلاّ على سيريس، أضخم الكويكبات، لكنّ آثاره تُرصد على الكويكبات الأخرى نظراً إلى وجود معادن مائية عليها، كتلك التي اكتُشِفَت في عيّنات من الكويكب ريوغو والتي أحضرتها بعثة يابانية.

كوكب الأرض كما يظهر من سطح القمر (ناسا - أ.ب)

وتتمثل فكرة فريق مختبر «ليزيا» مع عالم فلكي من معهد فيزياء الكرة الأرضية في باريس، في أن الأرض استمدّت بالفعل الماء من الكويكبات، لكنّ هذه الكويكبات لم تُحضرها إليها مباشرة.

في هذا السيناريو، كانت الشمس قد تشكلت للتوّ، مما أدى إلى تسخين حزام الكويكبات، وبلغ هذا التسخين ذروته قبل نحو 25 مليون سنة. وأدى هذا التسخين «إلى تسامي جليد الماء»، أي إلى تحوّله من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازيّة، ومن ثم إلى تشكيل «قرص من بخار الماء على مستوى حزام الكويكبات»، على ما شرح كانتان كرال.

وتمدّدَ هذا القرص إلى كامل النظام الشمسي وبلغ كوكب الأرض الذي راح يلتقط هذه المادة تدريجياً كلما بردت. وبمجرد التقاط هذه المادة تحت تأثير الجاذبية وتراكمها على الكوكب، أصبح «بخار الماء هذا يعيش حياته كماء»، وتحوّل إلى الشكل السائل.

وهذا النموذج الذي أعدّه كانتان كرال وزملاؤه، يعمل بشكل جيد مع حزام كويكبات ضخم، كما كان حزام النظام الشمسي في رأي هؤلاء العلماء، ويتسم بالفاعلية نفسها إذا كان الحزام أرقّ، ولكن على مدى زمني أطول.

وتُطرح مثل هذه الفرضية للمرة الأولى، لكنّها «لا تأتي من العدم»، بحسب عالِم الفيزياء الفلكية، بل يعود الفضل بقدر كبير في استنتاجها إلى ملاحظات التلسكوب الراديوي «ألما» المخصص لرصد سحب الغاز والغبار في الكون.

وقال كرال: «أصبحنا نعرف منذ 10 سنوات أن ثمة أقراص غاز كربون وأكسجين في أحزمة الكويكبات والكواكب الصغيرة في النُظم الكائنة خارج المجموعة الشمسية».

قبل ذلك، لم يكن يُرى سوى الغبار، في حين يُرصَد راهناً وجود غاز أو جليد مائي في حزام الكويكبات «إتش دي 69830»، وهو نظام شمسي يضم ثلاثة كواكب على الأقل.

ويسأل كرال كيف يمكن إذن «اختبار النظرية بدقة؟». والجواب أن ذلك ممكن من خلال البحث عن نُظم أحدث قليلاً «لا تزال تحتوي على قرص غاز الماء الخاص بها».

وحصل فريق «ليزيا» على وقت مراقبة باستخدام «ألما» لنُظم «غير عادية ومثيرة للاهتمام إلى حد ما»، ينتظر العلماء نتائجها.