إقبال سينمائي كبير يقوده «كان» حالياً

فيلم الافتتاح «أنيت» يقسم النقاد

المخرج ليوس كاراكس بين بطلي فيلمه «أنيت» ماريون كوتيار وآدم درايفر خلال الافتتاح (أ.ب)
المخرج ليوس كاراكس بين بطلي فيلمه «أنيت» ماريون كوتيار وآدم درايفر خلال الافتتاح (أ.ب)
TT

إقبال سينمائي كبير يقوده «كان» حالياً

المخرج ليوس كاراكس بين بطلي فيلمه «أنيت» ماريون كوتيار وآدم درايفر خلال الافتتاح (أ.ب)
المخرج ليوس كاراكس بين بطلي فيلمه «أنيت» ماريون كوتيار وآدم درايفر خلال الافتتاح (أ.ب)

هو عالم غريب بلا ريب ويزداد غرابة كل يوم. آخر مستجداته هو الصراع بين السينما والكورونا الذي تجسّده حالة إقبال كبيرة على صالات السينما في تحدٍ تلقائي واضح للوباء الشرس الذي ينبع من ذاته ولا يبدو أنّ أحداً يستطيع السيطرة على معقله.
الدورة 74 من مهرجان «كان» هي جزء كبير من هذا الصراع. كان يجب أن يُقام مهما كانت المخاطر، وأقيم بالفعل. كان عليه أن يقود سفينة العودة إلى الطبيعي والمعتاد وفعل ذلك.
لكن، ليس وحده هو عنوان تلك العودة إلى السينما. صالات فرنسا التي تزيد على 3000 دار عرض سجّلت أعلى رقم إيرادات منذ تفشّى وباء كورونا، وذلك في الأيام الممتدة ما بين الأربعاء 30 يونيو (حزيران) ويوم الأحد الرابع من يوليو (تموز). حسب مجلة «ذا هوليوود ريبورتر» الموثوقة، سجلت صالات السينما مبيع 3 ملايين و500 ألف تذكرة وهو رقم مواز لما كانت الحال عليه في العام 2019.
في بريطانيا، ساهم الجزء الجديد من «سريع وغاضب» (الذي يحمل عنواناً منفصلاً هو F9) في دفع الإيرادات إلى أعلى مستوى لها منذ أشهر بعيدة. في أسبوعين سجل الفيلم 15 مليون دولار. هذا رغم شروط المسؤولين في الحكومة البريطانية التي حدّت من قدرة صالات السينما على الاستيعاب.
وبينما سجلت إسبانيا مبيع 612 ألف تذكرة توازي قرابة 5 ملايين دولار نقداً، تعرف ألمانيا عودة حميدة خاصّة بها، باعت خلالها (في غضون الأربعة أيام الأولى من هذا الشهر) 830 ألف تذكرة. «إف 9» ليس معروضاً هناك بعد، لذا فالمستفيد الأول هو «غودزيللا ضد كونغ».

فحص مخفّف
طبعاً، الأمور لا تسير بلا تخطيط وتصميم. ومهرجان «كان» في دورته غير العادية هذه الأيام، اندفع لتنفيذ خطّة كبيرة تحتوي على خطط عمل كثيرة.
يعرف مثلاً أهميّة أن يبرهن على أنّ عودته ليست مجرد استكمال للدورات السابقة (كان آخرها دورة 2020 المُلغاة)، بل بداية جديدة فاصلة. الكثير من الرهان على الطاولة. النجاح هو الاختيار الوحيد على كثرة المشاكل التي تكفي لإضاعة الجهود وكل الفرص.
إحدى هذه المشاكل هو كيف يتعامل المهرجان مع الوباء المنتشر. للغاية حجز مع مسؤولي مدينة «كان» عيادة للتلقيح وللفحوصات.
كل من يريد مشاهدة الأفلام عليه أن يكون مُلقّحاً. إن لم يكن، فعليه أن يجري اختبار PCR مخفف كل يومين أو PCR كامل كل ثلاثة أيام.
لكن اتصالاً على الـ«فيسبوك» مع أحد زملاء المهنة كشف أنّ الأمور (ربما في اليوم الأول على الأقل) لا تسير حسب المأمول. شكا الزميل من أنّه ما يزال - بعد 6 ساعات من إجراء الفحص - بانتظار النتيجة التي كان من المفترض إرسالها إليه في غضون ساعة أو أقل: «خسرت فيلمين وإذا لم تصلني النتيجة بعد قليل سأخسر فيلماً ثالثاً».
الفحص المخفف (أو السريع كما يطلقون عليه)، يكلّف 50 يورو في كل مرّة ويجريه المرء كل يومين ما يعني أنّه سيصرف نحو 300 يورو خلال الإحدى عشر يوماً وبضع ساعات كل يومين لإجراء الفحص.
كثيرون قرروا عدم الحضور هذا العام للسبب نفسه. في الأساس اعتمد المهرجان آلية استقبال كتلك التي اعتمدتها الحكومة الفرنسية وهي تصنيف دول العالم تبعاً لأقسام كل منها لمجموعة من تلك الدول. القادمون من أوروبا هم الآن النسبة الأكبر من الحاضرين. أولئك المنتمين إلى دول الولايات المتحدة وأميركا اللاتينية والعديد من الدول الآسيوية وبريطانيا، عليهم اتخاذ مسارات مختلفة للوصول (ثم للعودة).
إذا لم يكن السينمائي أو الصحافي استخدم الجرعة الأولى من التلقيح على الأقل فالحجر مطلوب إثر وصوله. بعض البلدان (كبريطانيا مثلاً) ستفرض حظرها على العائدين من فرنسا.

موسم الجوائز
بخلاف ما سبق، هذه دورة مليئة بالأفلام، والمهرجان في سعيه للبقاء على القمّة بين كل مهرجانات العالم، حريص على تأكيد ذلك سواء برفع عدد الأفلام المتسابقة (22 فيلماً هذا العام، بينما شهدت أعوام سابقة تراجعها إلى 18 أو 19 فيلماً) وتوفير العديد من الأفلام خارج المسابقة في نطاق عروض مفتوحة أو خاصّة وتظاهرات عدّة.
الأهم هو أنّ هذا الحِراك القائم ليس في وارد أن ينتهي بانتهاء الدورة ذاتها ورجوع كل من حضر إلى بيته وعمله. فمن خلال إقامة هذه الدورة النشطة في هذا الشهر، عوض الموعد التقليدي في مايو (أيار)، يضع «كان» نفسه قائداً لمجموعة المهرجانات المتتابعة. للإيضاح هنا، وجود المهرجان الفرنسي في الشهر الخامس أبعده عن المهرجانات الكبيرة من حوله. كان على بعد قرابة ثلاثة أشهر من برلين وعلى بعد شهرين من لوكارنو وثلاثة أشهر من فنيسيا. الآن هو في الشهر السابع عند انطلاق النصف الثاني من مهرجانات العالم. النصف الذي يبلور ما يُعرف بـ«موسم الجوائز».
وجوده بعيداً عن الزحام، خدمه على نحو أقل، عندما ننظر إلى عدد أفلامه التي استطاعت التوجه إلى الأوسكار الأميركي بعد عرضها في «كان» في السنوات الأخيرة. غالبية الأفلام الأجنبية الفائزة بالأوسكار خلال السنوات السبع الماضية من عروض مهرجان فنيسيا الأقرب، زمنياً إلى موعد الأوسكار المُقام في وسط موسم الجوائز ما أتاح لأفلامه الانتقال بسلاسة من المهرجان (الذي يقام في أواخر الشهر السابع والأسبوع الأول من الشهر الثامن) إلى العروض الاحتفائية السنوية في الولايات المتحدة التي يتوّجها الأوسكار.
وجود «كان» في موقعه الجديد (يؤكد مسؤوليه أنّه وجود استثنائي وأنّه سيعود إلى موقعه السابق) يجعله لاعباً أكبر من المعتاد في موسم الجوائز. لا عجب أنّه اختار فيلماً فرنسياً ناطقاً بالإنجليزية ومن بطولة الأميركي آدم درايفر والفرنسية ماريون كوتيار للافتتاح.

«أنيت»
الفيلم هو «أنيت» للمخرج الفرنسي ليوس كاراكس الذي يطمح، كما «كان» لإيصال الفيلم إلى رواج احتفائي أوسع بعد نهاية المهرجان. هذا بالطبع مع رغبته الطبيعية في استحواذ واحدة من جوائز المهرجان الكبرى.
الفيلم هو ممارسة في الغريب والجانح من الأحداث وشخصياتها كما درجت عادة المخرج في بعض أفلامه السابقة (آخرها ما يزال «هولي موتورز»، 2012)، يدور الفيلم الجديد حول «ستاند أب كوميدي» (درايفر) الذي يبذل الكثير في سبيل النجاح، لكنّه ينظر إلى صديقته آن (كوتيار) نظرة حسد كون لديها شعبية أكبر بكثير من شعبيّته. هو يُضحك الناس وهي تُبكيهم بغنائها المؤثر، والفيلم غنائي في قسم كبير منه.
لا يبدو أنّ الفيلم حظي بالتقدير ذاته الذي حظي به فيلمه السابق قبل عشر سنوات. ردّات فعل النقاد الفرنسيين كانت متفاوتة. ردات فعل الأميركيين كانت جامعة على انتقاد ما رأوه «ضحلاً» و«مسطّحاً» و«أحداث غير مقنعة».
كاراكاس زبون قديم لمهرجان «كان»، إذ سبق له وأن عرض فيه خمس مرات من عام 1984، عبر «صبي يقابل فتاة» (خارج المسابقة)، من ثمّ «المنزل» (1997 - خارج المسابقة)، فـ«بولا إكس» (المسابقة - 1999)، و«طوكيو» (قسم «نظرة ما» سنة 2008) وبعدها «موتورات مقدّسة» (2012).
مثل أفلامه هناك من يقدّره عالياً بلا أسقف، وهناك من لا يرى فيه جهوده، إلّا المتغرب عن التقليد والبعيد عن السينما الجيدة فعلياً. ما هي هذه السينما؟ هذا سؤال يطول شرحه وله أكثر من جواب.


مقالات ذات صلة

«نورة»... من «كان» إلى صالات السينما بالرياض

يوميات الشرق انطلاق عرض فيلم «نورة» في صالات السينما بالرياض (تصوير: تركي العقيلي)

«نورة»... من «كان» إلى صالات السينما بالرياض

وسط مشاركة كبيرة من نجوم العمل ونخبة الفنانين والنقاد والمهتمين، شهدت صالات السينما في الرياض، الأربعاء، العرض الافتتاحي الخاص للفيلم السعودي «نورة».

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «نورة» حقق إنجازاً غير مسبوق للسينما السعودية (مهرجان البحر الأحمر)

عرض فيلم «نورة» بصالات السينما السعودية والعالمية 20 يونيو

أعلنت «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» عرض فيلم «نورة» في صالات السينما السعودية والعالمية بتاريخ 20 يونيو المقبل، بعد نجاحه اللافت خلال مهرجان «كان» السينمائي.

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما المخرج الأميركي شون بيكر الحاصل على السعفة الذهبية في مهرجان «كان» السينمائي عن «أنورا» (إ.ب.أ)

فيلم «أنورا» للأميركي شون بيكر يفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان «كان»

حصل المخرج الأميركي شون بيكر البالغ (53 عاماً)، السبت، على السعفة الذهبية في مهرجان «كان» السينمائي عن «أنورا»، وهو فيلم إثارة في نيويورك.

«الشرق الأوسط» (كان)
سينما «أنواع اللطف» (مهرجان كان)

«الشرق الأوسط» في مهرجان كان (7): ساعات قبل ختام دورة «كان» الحافلة

في الساعة السابعة مساء بتوقيت فرنسا، يوم السبت، يبدأ حفل توزيع جوائز الدورة الـ77 من مهرجان «كان»، الذي انطلق في 14 مايو (أيار) الحالي.

محمد رُضا (كان)
سينما «هورايزن: ملحمة أميركية» (وورنر).

شاشة الناقد: أفلام عن الحروب والسلطة

HORIZON‪:‬ AN AMERICAN SAGA ★★★☆ إخراج: كيڤن كوستنر | وسترن | الولايات المتحدة | 2024 لجون فورد وهنري هاثاوي وجورج مارشال، فيلم وسترن مشترك حققوه سنة 1962 من…


«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.