هل ينجح رابع المبعوثين إلى اليمن في إحراز ما عجز عنه أسلافه؟

المبعوث الأممي المنتهية ولايته مارتن غريفيث في مطار صنعاء في مايو الماضي (رويترز)
المبعوث الأممي المنتهية ولايته مارتن غريفيث في مطار صنعاء في مايو الماضي (رويترز)
TT

هل ينجح رابع المبعوثين إلى اليمن في إحراز ما عجز عنه أسلافه؟

المبعوث الأممي المنتهية ولايته مارتن غريفيث في مطار صنعاء في مايو الماضي (رويترز)
المبعوث الأممي المنتهية ولايته مارتن غريفيث في مطار صنعاء في مايو الماضي (رويترز)

طوى المبعوث الأممي الثالث إلى اليمن مارتن غريفيث ثلاث سنوات قبل أن يغادر إلى منصبه الجديد، من دون أن تؤدي مساعيه إلى تحقيق أي اختراق فعلي في جدار الأزمة اليمنية، فما الذي يمكن أن يحققه خلفه المبعوث الرابع الذي تميل الكفة في تعيينه رسمياً لمصلحة الدبلوماسي الأوروبي هانس غردنبيرغ، خصوصاً في إقناع الميليشيات الحوثية بالتوقف عن خيار الحرب والذهاب إلى تسوية تنهي انقلاب الجماعة وتعيد اليمن إلى مسار العملية الانتقالية.
وفي حين لا يعول الشارع السياسي في اليمن كثيراً على الدور الأممي برمته، يرى العديد من المراقبين أن الجماعة الحوثية التي أفشلت جهود المبعوث الأول المغربي جمال بنعمر وجهود خلفه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ وأخيراً البريطاني مارتن غريفيث لن تتورع عن إفشال مساعي أي مبعوث آخر بغض النظر عن جنسيته أو خبرته أو عن طبيعة الدعم الدولي الذي سيحظى به.
كما يرى الكثير من السياسيين اليمنيين أن الجماعة الانقلابية ليست في وارد التخلي عما حققته بانقلابها عسكرياً، خصوصاً أنها ضيعت الكثير من الفرص لإحلال السلام، كما حدث مع المبعوث إسماعيل ولد الشيخ الذي كان قاب قوسين أو أدنى من إبرام اتفاق شامل لحل الأزمة اليمنية عقب جولة ماراثونية من المفاوضات التي كانت استضافتها الكويت، وكما حدث أخيراً مع المقترح المقدم من غريفيث على رغم أنه حظي بإسناد غربي وأميركي غير مسبوق.
ومع تضاؤل فرص المساعي الأممية المستقبلية، يذهب الكثير من المؤيدين للحكومة الشرعية في اليمن، إلى أن الحل يكمن في دحر الميليشيات الحوثية عسكرياً، لأن ذلك من وجهة نظرهم هو فقط ما سيرغم الجماعة على السلام والقبول بدور سياسي ضمن مكونات المجتمع اليمني بعيداً عن الاستقواء بالسلاح أو الخضوع لأجندة إيران التوسعية في المنطقة.
وسواء استأنف المبعوث المقبل مساعيه من حيث انتهى غريفيث أم اختط طريقة جديدة للتعاطي مع مراوغات الميليشيات الحوثية، يعتقد المراقبون أن جهوده في النهاية ستصل إلى النقطة التي وصل إليها المبعوثون السابقون، لجهة أن الجماعة الموالية لطهران ستستمر في اللعب على الوقت والاستثمار في الملفات الإنسانية والاقتصادية، بالتوازي مع استمرارها في «حوثنة» المجتمعات المحلية الخاضعة لها عبر التحكم في كتلة سكانية تقارب 15 مليون نسمة، مع ما يعنيه كل ذلك من استمرارها في حشد المقاتلين وغسل أدمغة الأطفال وتطييف مؤسسات التعليم وتكديس الأموال وتغيير الخريطة الديموغرافية على أساس مذهبي.
- إطالة لأمد الحرب
في هذا السياق، يقول الكاتب والصحافي اليمني وضاح الجليل لـ«الشرق الأوسط» إن مهمة المبعوثين إلى اليمن لا تعدو كونها «إطالة لأمد الحرب». ويضيف: «يبدو أن صفة المبعوث الدولي إلى اليمن أصبحت منصباً دائماً، وليس مؤقتاً ينتهي بانتهاء المهمة وحل الأزمة، فالواضح أن المجتمع الدولي لم يحقق خطوات جادة وحقيقية في حل الأزمة اليمنية وإنهاء الحرب، وأن مبعوثيه لا يحرزون أي تقدم، بل إن مهمتهم تحولت إلى إدارة الأزمة والحرب من ناحية، بعقد مشاورات واتفاقات جانبية لحل إشكاليات بعض نتائج الحرب، أو كأنهم مبعوثون في الشأن الإنساني للتخفيف من معاناة المواطنين بسبب الحرب وتراكماتها، في تجاهل لحقيقة أن الأزمة الإنسانية لا يمكن حلها إلا بإنهاء الحرب وإنهاء أسبابها تماماً».
ورأى أن «وجود مبعوث دولي لحل الأزمة اليمينة بشكلها الحالي هو في الأساس إطالة لأمد الحرب التي شنتها جماعة مذهبية ومناطقية تنتهج الحرب والإرهاب على اليمنيين، وأجبرتهم على مواجهتها، ولا يمكن أن تنتهي برعاية دولية إلا إذا كان لدى المجتمع الدولي موقف حازم وحاسم من ممارساتها ونهجها، وإصرار على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تدين جريمة الانقلاب، وتقر بحق السلطة الشرعية في السيادة على البلاد وأراضيها ومؤسساتها».
ويقلل الجليل من نجاعة الدور الأممي في ملف الأزمة اليمنية، ويقول: «تعيين مبعوثين دوليين يذهبون لعقد حوارات ومشاورات مع هذه الجماعة، ويساوونها بالسلطة الشرعية والمجتمع هو اعتراف ضمني بما حققته هذه الجماعة من مكاسب، ومنحها الحق في ممارستها، وبالتالي شرعنتها بما يخالف القانون الدولي وإرادة المجتمع اليمني والدستور والقانون اليمنيين».
ويلفت إلى أن المبعوثين السابقين «لم يحرزوا أي تقدم في مهمتهم، وكل ما هنالك أنهم منحوا الحوثيين وقتاً وفرصاً للمراوغة وتوسيع نفوذهم، أما الاتفاقات التي حدثت معهم، على قلتها ومحدوديتها، بجهود هؤلاء المبعوثين ورعاية المجتمع الدولي، فلم ينجز منها شيء، ولم يستفد منها سوى الانقلابيين».
- حرث في البحر
ويشبه الباحث الأكاديمي والسياسي اليمني الدكتور فارس البيل الأداء الأممي في الملف اليمني بأنه «حرث في البحر». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ليست المشكلة في تعيين مبعوث أممي جديد، بقدر ما تتعلق بطبيعة مهمة المبعوث وتصوراته، فلدينا مبعوث أممي رابع وأكثر من سبع سنين ولا يمكن القول بأن أحداً منهم قد شكل اختراقاً حقيقياً في الأزمة اليمنية، سوى جهود مضنية لا طائل منها، ووقت ومال كبيرين لم يحققا أي تخفيف ولو شكلي لمعاناة الإنسان اليمني».
ولا يخفي تشاؤمه من أي دور مرتقب للمبعوث الجديد، ويتساءل: «كيف يمكن الاطمئنان أو التفاؤل بدور جديد، والطريقة كلها صارت جزءاً من المشكلة». ويضيف: «لقد استهلكت الأمم المتحدة ومبعوثوها الصراع وحولته إليها، ودارت فيه ودار فيها، بل تحولت الأمم المتحدة إلى ثقالة للصراع فلا هي التي أنجزت حلولاً ولا هي التي غيرت من عجزها».
وفي معرض توصيفه لجوهر المشكلة اليمنية، يقول البيل إن «المسألة برمتها أسهل من كل هذا التعقيد، فهي تتلخص في طرف معادٍ للسلام، معرقل لكل الجهود، ورافض لكل الحلول، وهو ميليشيا الحوثي التي تقول للجميع بوضوح إن السلام يميتها ويقضي على وجودها، لذلك فلن تذهب إليه لأنها في مهمة عسكرية تتبع مشروع إيران الاستراتيجي، وليس من أجندات هذا المشروع التوقف عن إشعال النار أو الانخراط في أي حالة سلام».
ودعا البيل الأمم المتحدة وكل الأطراف الوسيطة إلى «إيجاد حل لهذه المعضلة وتشكيل تصور كامل عنها، ينبثق منه خطة فاعلة لجر ميليشيا الحوثي للسلام وإقناعها به، وفك ارتباطها مع إيران». ومن دون ذلك، يعتقد أن «كل الحلول والجهود والمبادرات ستكون كالحرث في البحر ولن يشاهد اليمنيون السلام قريباً أو ترفع عنهم المعاناة، بل ستهلكهم وسيدفع المجتمع الدولي حينها ثمناً لكل هذا الخذلان والتساهل والرؤية القاصرة».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.