المصافحة تعود بعد 16 شهراً من التباعد في ظل «كورونا»

المصحح: محمدعبدالله
المصحح: محمدعبدالله
TT

المصافحة تعود بعد 16 شهراً من التباعد في ظل «كورونا»

المصحح: محمدعبدالله
المصحح: محمدعبدالله

غابت المصافحة بين الناس في ظل تفشي وباء «كوفيد - 19» لكنها عادت مؤخراً إلى الظهور في ظل حملة التلقيح المكثفة والرفع التدريجي للقيود، حتى لو أن هذا التقليد قد يكون في انحسار، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ومن الصور اللافتة للقمة بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، أول من أمس (الأربعاء)، في جنيف المصافحة بينهما، لبُعدها الدبلوماسي بالتأكيد، إنما كذلك لمغزاها الصحي.
وقبل بضعة أيام، اكتفى قادة مجموعة السبع وبينهم بايدن، خلال قمتهم في كورنوال في المملكة المتحدة بتبادل السلام بملامسة المرفق بالمرفق.
لكن مع رفع القيود في معظم أنحاء الولايات المتحدة وتليين التوصيات الصحية، لم يعد هناك تعليمات محددة في الشركات، وبات كل شخص يتخذ قراراته الخاصة على صعيد الاحتكاك الجسدي بين الناس.
وفي هذا السياق، يرفض التقني المتخصص في الهواتف جيسي غرين في نيويورك مصافحة الزبائن الذين يتعامل معهم، ويخص بهذا السلام الأشخاص الذين يعرفهم جيداً وهو واثق من أنهم تلقوا اللقاح، وأوضح: «مع الوباء، بات الناس أكثر وعياً لما يفعلونه بأيديهم».
وبات عدد متزايد من الشركات والإدارات الأميركية يستخدم الأساور الملونة للسماح للموظفين والزبائن والزوار بتحديد مدى تقبلهم للاحتكاك الجسدي، من الأحمر للأكثر حذراً إلى الأخضر للأكثر ارتياحاً للاحتكاك، مروراً بالأصفر لما بينهما.
وبات ويليام مارتن، المحامي الستّيني، يرفض مصافحة أيٍّ كان، بمعزل عمّا إذا كان ملقّحاً أم لا، وهو يؤكد أنه سيستمر على هذا النحو «إلى أن يصبح الوضع آمناً»، ملمّحاً إلى أن الأمر قد يستمر سنوات.
ومن العادات الرائجة لإلقاء التحية التي تراجعت أيضاً المعانقة التي باتت نادرة بين الأميركيين، أما تبادل القبلات فلم يكن رائجاً بالأساس في الولايات المتحدة.
لكنّ أستاذ الصحة العامة في جامعة نيويورك، جاك كارافانوي، رأى أن «العودة إلى العادات القديمة لن يغيّر معدل الإصابات»، مذكّراً بأن الأبحاث أظهرت أن الفيروس «قلّما ينتقل عبر الاحتكاك» الجسدي.
وتابع: «من جهة أخرى، نعرف أن الزكام والإنفلونزا والكثير من الأمراض المعدية الأخرى تنتقل عبر الملامسة. وبالتالي، فإن إلغاء المصافحة سيكون له رغم كل شيء تأثير إيجابي على صعيد الصحة العامة».
وبات كثيرون يرون في المصافحة مخاطر صحية. وقال مستشار البيت الأبيض خبير الأمراض المُعدية، أنتوني فاوتشي: «بصراحة، أعتقد أنه لم يعد يجدر بنا أن يصافح بعضنا بعضاً أبداً بعد الآن».
وأوضح أستاذ علم الاجتماع في جامعة أوبورن، آلان فور: «لطالما كان هناك أشخاص مصابون برهاب الجراثيم يرفضون ملامسة الناس لأنهم يرون العدوى في كل مكان»، مضيفاً: «قد نرى المزيد منهم» بعد الوباء.
وقد تنتشر الريبة بين الشبان أيضاً، وقال الممرض أندي ماكوركل، البالغ 33 عاماً: «إنها سنوات تتشكل فيها شخصية الأطفال، يتهيّأ لي أنها سترسخ نفسياً الحاجة إلى الإبقاء على مسافة تباعد».
وأوضح آلان فور أن المصافحة «تقليد يعلّمه البالغون للأطفال»، مشيرا إلى أن الأشهر الـ16 التي عاشها العالم على وقع تفشي فيروس «كورونا» قد تعطل انتقال هذا التقليد.
ولفت عالم الاجتماع إلى أن الوباء جاء يعزز منحى كان قائماً بالأساس نحو قدر أقل من الشكليات في العلاقات، ما كان يحد أصلاً من المصافحات.
ومع انتشار السلام بملامسة المرافق أو القبضات أو السلام على الطريقة الهندية بضم اليدين أمام الصدر أو مجرد التحية برفع اليد، هل تتوارى تدريجيا المصافحة؟
تؤكد مؤسِّسة معهد الأصول واللياقات في نيويورك، باتريسيا نابيير فيتزباتريك، أن العالم «سيخسر الكثير» بالتخلي عن المصافحة، مؤكدة أنه بمصافحة شخص «تثبتون أنكم تثقون به».
كما أشارت إلى أنه «يمكن معرفة الكثير عن الشخص من طريقة مصافحته»، معتبرة أن هذه الحركة تسمح بـ«فكّ رموز لغة الآخر الجسدية».
ويعاود البعض المصافحة بشكل تدريجي، ومنهم ريتشارد فون الموظف العامل في البناء في نيويورك، وهو يعاني من رهاب الجراثيم إلا أنه يطمئن لاستخدام المحلول المطهّر، وكذلك بعض زملاء الطبيب دومينغو إينوا في حي برونكس.
كما أن المصافحة اتخذت في الولايات المتحدة بُعداً «سياسياً» في ظل الاستقطاب الشديد القائم في البلد، وهي تشير إلى الريبة حيال القيود الصحية المفروضة، حسبما لفت أندي ماكوركل.
وختم آلان فور: «أعتقد أننا سنواصل المصافحة، فهي عادة بالغة الأهمية في ثقافتنا»، لكنه رأى أنه «سيكون هناك مزيد من التفهّم للذين لا يرتاحون لها».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.