مجموعات الفن المشفر الأفريقية تبعث التفاؤل في أوساط المستثمرين

عمل للمصور والسينمائي الكيني ريتش اليلل يمثل  أحد الأعمال في أول مجموعة للفن الأفريقي المشفر (ريتش اليلل)
عمل للمصور والسينمائي الكيني ريتش اليلل يمثل أحد الأعمال في أول مجموعة للفن الأفريقي المشفر (ريتش اليلل)
TT

مجموعات الفن المشفر الأفريقية تبعث التفاؤل في أوساط المستثمرين

عمل للمصور والسينمائي الكيني ريتش اليلل يمثل  أحد الأعمال في أول مجموعة للفن الأفريقي المشفر (ريتش اليلل)
عمل للمصور والسينمائي الكيني ريتش اليلل يمثل أحد الأعمال في أول مجموعة للفن الأفريقي المشفر (ريتش اليلل)

رغم أنها في تزايد، تشكّل مبيعات الأعمال الفنية الأفريقية في الوقت الراهن أقل عن 1% من مجمل السوق الفنية العالمية البالغ قيمتها 50 مليار دولار. والآن، ماذا لو أن هناك سبيلاً أمام الفنانين الأفارقة للتربح من أعمالهم إلى الأبد مع العمل في الوقت ذاته على زيادة نصيبهم من السوق العالمية للفن؟
كان هذا أحد الدوافع الرئيسية وراء إقدام المصور والمخرج الكيني الحائز على جوائز، ريتش أليلا، لتنظيم مزاد لأول مجموعة من الأعمال الفنية المشفرة على مستوى أفريقيا بالاعتماد على ما تُعرف بـ«الرموز غير المثلية»، (إن إف تي). وحرصت شركة «بيشا» للإعلام الرقمي على تيسير جهوده في هذا الاتجاه، خصوصاً أنها أطلقت بعض أوّل «الرموز غير المثلية» المستخدمة في مجال الفن الشفري على مستوى القارة. ويجري المزاد خلال الفترة من 26 أبريل (نيسان) حتى منتصف مايو (أيار)، وتستضيفه «أوبن سي»، واحدة من كبرى الأسواق الرقمية لـ«الرموز غير المثلية».
من جانبه، تركز أعمال أليلا، التي تتضمن الصور الواردة في هذه المجموعة، على الثقافة والتراث في أفريقيا، خصوصاً توثيق الثقافات التي تواجه خطر التلاشي والاختفاء تحت وطأة موجات التحديث. ويعمد أليلا إلى إعادة كتابة السرد الأفريقي على نحو لا يخلو من إبداع وابتكار، ونجح في دمج آليات الواقع المعزز في واحد من معارضه أقامه في نيروبي عام 2019.
جدير بالذكر هنا أن «الرموز غير المثلية» تمنح الأصول معرّفاً رقمياً فريداً يتيح تتبع الملكية وعمليات النقل على «بلوكتشين». وحتى إذا كان من السهل نسخ الصورة الرقمية المتصلة بـ«الرموز غير المثلية» نفسها، فلا يمكن تكرار «الرموز غير المثلية» أو تبادلها مع صورة أخرى. وعليه، فإن هذه الجوانب تجعلها فريدة ويمكن تتبعها، ما يؤدي إلى خلق الندرة اللازمة لجعلها جذابة لهواة جمع الأعمال الفنية.
فيما يتعلق بالفنانين، يتمثل عامل الجذب الرئيسي في استخدام تقنية «بلوكتشين» التي تمكّن شبكة من أجهزة الكومبيوتر من تسجيل المعاملات على نحو مستقل وموثوق به ويتيح التحقق منها. ويعني هذا أنه بمقدور الفنانين الحصول على مقابل مادي في كل مرة يجري فيها استغلال أعمالهم الفنية أو إعادة بيعها.
وشهد هذا القطاع الناشئ نجاحات مبهرة. على سبيل المثال، في فبراير (شباط) هذا العام، باعت «الرموز غير المثلية»، «ميم» لشخصية «نيان كات» بأكثر عن 600 ألف دولار. وخلال الشهر ذاته، جرى ربط «رموز غير مثلية» بأول تغريدة كتبها الرئيس التنفيذي لشركة «تويتر» جاك دورسي، والتي بيعت بمبلغ مذهل بلغ 2.7 مليون دولار.
علاوة على ذلك، تحاول دور مزادات الأعمال الفنية التقليدية استكشاف هذه السوق، ونظمت بالفعل في بعض الحالات مزادات لأعمال فنية شفرية، وقَبِلت في أحيان أخرى عملات مشفرة في دفع مقابل أعمال فنية فعلية.
في مارس (آذار)، جرى بيع «رموز غير مثلية» خاصة بصورة بتقنية «جيه بي إي جي» لفنان مقيم في ساوث كارولاينا يُعرف باسم بيبل من جانب دار مزاد «كريستي» مقابل مبلغ هائل بلغ 69.3 مليون دولار.
من ناحية أخرى، غامرت حفنة قليلة من الأفراد داخل أفريقيا بدخول هذه السوق. من بين هؤلاء إليود كيبشوجي، العدّاء الكيني الذي حقق رقماً عالمياً جديداً في سباق الماراثون، ببيع «رموز غير مثلية» لأبرز مقاطع الفيديو في مسيرته المهنية مقابل 50 ألف دولار. وفي مارس من العام الماضي، باع الفنان النيجيري جاكون أوسيناتشي أعمالاً فنية مشفرة بقيمة إجمالية بلغت 75 ألف دولار في غضون عشرة أيام.
المؤكد أن الفنانين الأفارقة سيكسبون كثيراً إذا ما تمكنوا من تسخير إمكانات مثل هذه المنصات. إلى جانب ذلك، سيحصل الفنانون على شفافية كاملة بما فيها هوية المشترين الثانويين، بالإضافة إلى القدرة على تنظيم رسوم بحيث يتمكنون من الاستفادة من أعمالهم الفنية إلى الأبد. في هذا الصدد، قال أليلا: «تعد الرموز غير المثلية من الميادين القليلة التي تنطلق فيها أفريقيا كقارة إلى داخل ساحة متكافئة مع الغرب. هنا، تبدو الفرص مفتوحة أمام أي شخص يملك وصلة إنترنت جيدة ورغبة في التعلم».
وعلاوة على الفوائد المالية المحتملة، يأمل البعض أن يمنح الفن المشفر الفنانين مزيداً من الحرية الإبداعية والاستقلالية في عملهم. وعن ذلك، قالت إن كالوفو، الخبيرة بمجال «بلوكتشين» والمحاضرة في جامعة «جومو كينياتا للزراعة والتكنولوجيا»: «منذ فترة طويلة، حرص الفنانون الأفارقة على صنع ما يعتقدون أن العميل يتوقعه من الفن الأفريقي. إنهم يعرفون جيداً ما الذي يحقق مبيعات جيدة ويركزون عليه، الأمر الذي يقيد حريتهم الإبداعية». وأضافت كالوفو التي تولت كذلك إنشاء مؤسسة «نساء في بلوكتشين من أجل الاندماج»، أنه يبدو من الصعب التنبؤ بنجاح الأعمال الفنية المشفرة وتحديد أي الأعمال سيباع مقابل عشرات الدولارات مقابل الأعمال التي ستباع بعشرات الآلاف، ومع هذا يمكن لهذه السوق معاونة الفنانين على بناء أسواقهم الخاصة.
من جانبه، سلّط بيتانغ نديمو، مسؤول سابق رفيع المستوى في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في كينيا، الضوء خلال مقال نشره في «بيزنس ديلي»، الضوء على إمكانات «الرموز غير المثلية» في فتح فرص أمام المواد التاريخية المؤرشفة التي ربما طواها النسيان بسبب إبقائها لفترات طويلة داخل المتاحف ودور المحفوظات. وكتب أنه «في كينيا، على سبيل المثال، لا تزال هناك الآلاف من الصور والأفلام والقصص التي لا تقدّر بثمن لأساطير الرياضة الذين كتبوا تاريخ كينيا الرياضي، حبيسة داخل مؤسسات إعلامية، بل تعفّن بعضها، وذلك رغم أنها يمكن أن تجلب ثروة للبلاد إذا ما جرت رقمنتها».
ومع ذلك، من الضروري التعامل مع سوق «الرموز غير المثلية» بحذر، ذلك أنه يتعين على الفنانين تثقيف أنفسهم بخصوص تقنية «بلوكتشين» وإتقانها. كما يتعين عليهم تجنب المزالق الكبرى، بمن في ذلك المحتالون. كما أن النجاح بين عشية وضحاها أمر غير مضمون، خصوصاً أن «الرموز غير المثلية» تشكِّل 1% فقط من سوق الفن العالمي.
إلى جانب ذلك، فإنه إذا كانت هناك أي دروس يمكن تعلمها من تجربة أفريقيا مع العملات المشفرة، التي يمكن عدّها شقيقة الأعمال المشفرة، فهي أن جهود تنظيم القطاع ربما تكون بطيئة، لكن من المحتمل أن تفرض قيوداً شديدة للغاية على حركة السوق. أما الثروة، فستميل لصالح من يبادرون لاقتحام السوق.
وفي الوقت الذي ربما تشكل الأعمال الفنية المشفرة أحدث جوانب تقنية «بلوكتشين» وأكثر إثارة، تعتقد كالوفو أن الإمكانات الحقيقية لهذه التكنولوجيا تتجاوز العديد من المشكلات التي تعانيها القارة. وأضافت: «نحن كقارة بدأنا بالكاد نخدش السطح في خضمّ جهود استكشافنا لما يمكن أن تحققه تقنية (بلوكتشين) لنا. ولك أن تتخيل لو أن الحكومات تمكنت من تسخير فوائد التتبع التي توفرها التكنولوجيا، الأمر الذي سيعزز المحاسبة والمساءلة في جميع القطاعات».
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.