أفلام العالم تستعد لغزو الدورة المقبلة من «كان»

بينها نسبة عربية كبيرة

بل موراي في «المرسال الفرنسي»
بل موراي في «المرسال الفرنسي»
TT

أفلام العالم تستعد لغزو الدورة المقبلة من «كان»

بل موراي في «المرسال الفرنسي»
بل موراي في «المرسال الفرنسي»

لا أحد يعلم بالتأكيد إذا ما كانت الدورة الرابعة والسبعين من مهرجان «كان» ستعقد في موعدها المعلن قبل أسابيع في السادس من يوليو (تموز) وحتى السابع عشر منه أو لا. المدير التنفيذي للمهرجان تييري فريمو ومن حوله يأملون ذلك. لقد خسروا دورة العام الماضي بسبب «كورونا»، وأجّلوا دورة هذا العام من شهر مايو (أيار) إلى شهر يوليو تحسّباً.
يأملون بذلك وضع مسافة زمنية كافية بين وضع الوباء الحالي وبين التاريخ الجديد. لكن لا أحد يستطيع أن يؤكد، بفم ملآن، أن الوباء الذي يبدو أنه انحسر في أوروبا والولايات المتحدة لن يعاود الصعود من جديد.
على هذا الأمل وحده، انطلق العمل الدؤوب كما لو أن لا شيء سيلغي الدورة هذا العام. الأفلام بدأت تنهال على إدارة المهرجان واللجان تعمل كل يوم والترتيبات الإدارية والاتصالات تعمل على مدار الساعة.
لكن المسألة بالطبع ليست بالتمنيات ولا حتى بالجهود المبذولة. فرنسا بالكاد خرجت مما يُسمّى بـ«الموجة الثالثة» للوباء، لكن لا شيء يؤكد (أو ينفي) احتمال عودة الانتشار وعودة إغلاق المقاهي والمطاعم و... صالات السينما. هذه الأخيرة ما زالت مغلقة حتى السابع عشر من هذا الشهر (كما صرّحت وزيرة الثقافة روزلين باشيلو) وهذا وحده فأل حسن يعتبره فريمو ضرورة للمضي قُدُماً في مشروع الدورة الجديدة: «لا صالات... لا مهرجان»، يقول.

شون بن
حالياً تتجمع في الأفق مجموعة من الأفلام التي تنوي خوض التجربة والعودة إلى المهرجان الكبير. علماً بأن تسعة أيام فقط تفصلنا عن قيام فريمو بإعلان عناوين الأفلام التي سيستقر الاختيار الرسمي عليها. المعلومات الواردة تُشير إلى أن كمّاً كبيراً من الأفلام يحشد لهذه المناسبة من أركان العالم كافّة.
فيلم وس أندرسون الجديد «المرسال الفرنسي» (The French Dispatch) يقود طريق العودة، وهو بالتأكيد سيستقبل وسيعرض في الدورة المقبلة إذا سار كل شيء على خير ما يرام.
أهميته متعددة: الفن الذي يحمله المخرج في أسلوبه البصري وطريقة معالجته لأفكار دوماً جديدة من ناحية توازيها حقيقة أنه يستعين دوماً بصف عريض من الممثلين والممثلات المشهورين الذين يصاحبون أفلامه إلى المهرجانات. بل موراي في الفيلم، كذلك أووَن ولسون وتيلدا سوينتون وأدريان برودي (وهم عادة في كل أفلامه) لجانب رابحة الأوسكار قبل أيام فرنسيس مكدورماند.
مخرج فني آخر محبّذ في «كان» (والمهرجانات كافة) هو تود هاينز الذي انتهى من تصوير فيلم تسجيلي عنوانه «ذا فلفت أندرغراوند» عن تلك الفرقة الموسيقية الأميركية بالاسم ذاته.
هذا لا يمنع استقبال فيلم تسجيلي آخر عن فرقة موسيقية أكثر شهرة هي البيتلز. مخرج سلسلتي «ذا هوبيت» و«ذا لورد أوف ذا رينغ»، بيتر جاكسون أنجز فيلمه غير الروائي الثاني تباعاً بعد «سوف لن يكبرون» (They Shall Not Grow Old) تحت عنوان «ذا بيتلز: غت باك».
والطبول تقرع بانتظار عرض فيلم شون بن الجديد «يوم العلم» (Flag Day) إذا ما انتهى من العمل عليه في الوقت المناسب. دراما تشويقية حول رجل يمارس تزوير العملة وسرقة المصارف وفي البال تأمين حياة رغيدة لابنته. شون بن وراء الكاميرا وأمامها في هذا الفيلم وفي البطولة أيضاً ابنته ديلان بن لجانب جوش برولِن وكاثرين وينيك والبريطاني إدي مارسن.

زحام أوروبي
أوروبا مقبلة بكثافة بأفلام إيطالية وروسية وإسبانية وبريطانية وإيطالية وبالطبع فرنسية
على سبيل الذكر فقط، تأمل السينما الفرنسية أن تتوهج بفيلم ليو كاراكس «أنيت» والمخرج الهولندي بول فرهوفن أنجز جديده «بنديتا». وإذا ما انتهى الفرنسي جاك أوديار من مرحلة ما بعد التصوير فإن وجوده شبه مؤكد في دراما تدور حول «كورونا» عنوانها «باريس، المقاطعة 13» اختار المخرج تصويرها بالأبيض والأسود. ومن فنلندا احتمالان أحدهما «هاتشينغ» لهانا برغولم و«الأعمى الذي لم يرغب مشاهدة تايتانيك» لتيمو نيكي.
والدنمارك، الجارة القريبة من فنلندا، قد توفر فيلم بل أوغست الجديد «الميثاق»: دراما عن علاقة الروائي والشاعر الدنماركي ثوركيلد يورنفيغ مع مؤلفة «خارج أفريقيا» كارن بليكسن. إذا تم ذلك فستكون المرة الأولى التي يطأ فيها بل أوغست أرض المهرجان الفرنسي منذ سنة 1992 عندما قدم فيلمه الذي فاز بالسعفة يومها وهو «أفضل النيات».
«الميثاق» ليس الوحيد المأخوذ عن عمل لروائي وشاعر غربي. المخرجة المجرية إلديكو إنييدي، التي كانت ربحت دب برلين الذهب عن فيلمها «عن الجسد والروح» سنة 2017 قد تلجأ إلى المهرجان الفرنسي بفيلمها الجديد «حكاية زوجتي» عن كتاب مواطنها مارتن فست.
زبون «كان» الدائم ناني موريتي انتهى من تحقيق فيلم جديد عنوانه «ثلاثة طوابق عليا». موريتي يكاد يكون المخرج الإيطالي الوحيد الذي لا جدال في وجوده في «كان» بين أترابه.

هجمة عربية
وإذا ما صدقت الأنباء التي تسنى لنا جمعها والتوقعات التي تصاحبها فإن المخرج المصري محمد دياب عائد إلى «كان» بفيلمه الجديد «أميرة». دياب هو المخرج الذي استرعى الانتباه سنة 2016 بفيلمه «اشتباك».
منتج فيلم «أميرة» (الذي يقود بطولته كل من علي سليمان وقيس ناشف وصالح بكري) هو المخرج الفلسطيني هاني أبو السعد («الجنّة الآن»، «عمر») الذي انتهى بدوره من تحقيق فيلم جديد بعنوان «صالون هدى». وُصف الفيلم بأنه تشويقي وتقود بطولته ميساء عبد الهادي.
لبنان قد يكون على موعد مع «كان» عبر فيلم إيلي داغر «موجة 98» كذلك عبر فيلم لمنية عقل بعنوان «كوستا برافا ليبانون» وصف بأنه كوميدي. اللافت أن بطولته من نصيب الممثلين الفلسطيني صالح بكري واللبنانية نادين لبكي.
السورية ديانا الجارودي قد تحظى بعرض في قسم «نظرة ما» بفيلمها التسجيلي «جمهورية الصمت». ما هو معروف عن هذا الفيلم هو أنه مزيج من ذكريات المخرجة الخاصة ورؤاها السياسية حول الوضع السوري. قد يعتبر البعض الفيلم سورياً لكنه في الواقع إنتاج ألماني التمويل.
المخرج المهاجر هاينر سليم (كردي عراقي قدّم سابقاً أعمالاً جيدة عدّة) لديه فيلم بات جاهزاً حول العلاقة الصعبة بين زوجين بعدما أصيب الزوج بطلق ناري في خصيتيه. الفيلم بعنوان «تصبح على خير أيها الجندي».
‫من الأردن قد نجد أنفسنا أمام دراما اجتماعية بعنوان «الأزقة» لباسل غندور. وفي حين لا معلومات عن أفلام جزائرية جديدة إلا أن الجزائر موجودة في صميم الفيلم التونسي «قصة حب ورغبة» لليلى بوزيد. كذلك هناك ترجيح لفيلم تونسي آخر هو «غموض» لمخرجة أنثى أيضاً هي ندى حفيظة.
من المغرب فيلم جديد لنبيل عيوش بعنوان «إيقاعات كازابلانكا». فيه يعود عيوش إلى حكايات الدار البيضاء وأزقتها وعصاباتها الصغيرة. كان المهرجان الفرنسي استقبل لعيوش سنة 2012 «جياد الله» ثم عرضت له مظاهرة «نصف شهر المخرجين» «حب كثير» سنة 2015.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.