الفن التشكيلي وتحرير المرأة... مسيرة من النضال بالألوان

فنانات عربيات عززن طموح النساء بأعمال مميزة

الفن التشكيلي وتحرير المرأة... مسيرة من النضال بالألوان
TT

الفن التشكيلي وتحرير المرأة... مسيرة من النضال بالألوان

الفن التشكيلي وتحرير المرأة... مسيرة من النضال بالألوان

مسيرة طويلة من النضال خاضها الفن التشكيلي العربي تعزيزاً لجهود المرأة نحو التحرر ونيل حقوقها وتكريس مكانتها في سجلات تاريخه وواقعه تماهياً مع خطوات تغيير البنى الفكرية في المجتمعات العربية، ولعبت الفنانات دوراً بارزاً خلال هذه المسيرة في خروج التشكيل من سياقات التمركز حول جماليات العالم النسوي بأطره التقليدية وطابعه التزييني إلى جوهر قضايا المجتمع.
الدكتور أحمد حسن، أستاذ الغرافيك في كلية الفنون الجميلة بالأقصر، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «المرأة في الفن التشكيلي العربي تختزل مسيرة كفاح طويل خاضتها من أجل حريتها وحقوقها، بل شاركت في تأسيس الحركة الفنية نفسها، إذ كان لها حضور مبكر ساهم في تحويل الفن من تجسيد (الحريم) إلى الرمز والهوية والحرية والندية والمساواة».
وبدأ الحضور البارز للسيدات الفنانات في التشكيل المصري والعربي قبل منتصف القرن العشرين، حين قدمن صياغات فنية متعددة لقضايا مختلفة، ساندها في تحقيق ذلك تنامي الحركة النسائية، وكان من أبرز سمات عطاء الرائدات، حسب الفنان القدير د. مصطفي الرزاز، تجسيد تفاصيل واقعهن. يقول الرزاز لـ«الشرق الأوسط»: «عبرت الفنانات عن المجتمع بأساليب ومدارس فنية مختلفة، لكنها تشابهت في عدم التفاتها إلى فكرة (الفن النسوي)، فقد مضت في طريقها ترصد وتحلل وتنقل ما يدور في محيطها».
ورغم حضور الفنانات في القرن العشرين، فإن بعض رواد التشكيل من الرجال ساهموا في قضية تحرر المرأة، أبرزهم «محمود مختار ومحمود سعيد وصبري راغب وحامد ندا وعبد الهادي الجزار».
وحسب الرزاز، فإن «المتلقي استطاع الغوص في البيئة العربية عبر أعمال بعض الفنانات البارزات، على غرار لوحات الرائدة عفت ناجي التي استطاعت بعمق رؤيتها أن تضع للأجيال أسساً علمية جديدة للاستلهام من الفن الشعبي، وكانت أول مصرية يقتني متحف الفن الحديث بالقاهرة عملاً لها عام 1928. كما لعبت الفنانة تحية حليم، صاحبة لقب (أم كلثوم الرسم)، دوراً في تحويل الجماليات المصرية إلى معادل للكبرياء الوطني، فيما كانت جاذبية سري سفيرة للمرأة العربية في الخارج، فقد جاء اسمها مسجلاً بموسوعتي (روبير للفن) و(لاروس للتصوير) بباريس في السبعينيات، إضافة إلى موسوعة متحف (المتروبوليتان) بنيويورك، في حين عبرت إنجي أفلاطون، ابنة العائلة الأرستقراطية، عن الإنسان الكادح، وطالبت بالحقوق السياسية للمرأة، بينما لم تقدم زينب السجيني سوى المرأة في لوحاتها».
وكانت مفاجأة مهرجان بيروت للفوتوغرافيا عام 2019 إبراز أعمال الفلسطينية كريمة عبود التي وثقت للحياة اليومية في حيفا والقدس وبيت لحم، وافتتحت عام 1913 استوديو خاصاً بها. وقد وصفها الفنان عبد الرحيم عرجان بأنها أول امرأة فلسطينية وعربية تخوض هذا الغمار بكل احترافية، في مهنة كانت حكراً على الرجال. هذا بالإضافة إلى الفلسطينية منى حاطوم صاحبة الفكر والتقنيات شديدة الجرأة منذ الثمانينيات.
وفي السياق، فإن الحركة السورية ثرية بتجاربها ودلالاتها وألوانها للرائدات أمثال إقبال ناجي وخالصة هلال. وفي الخليج تبرز تجارب فنية عميقة التأثير، منها الدور الرائد للتشكيليات السعوديات، وفي مقدمتهن صفية بن زقر ومنيرة موصلي وشريفة السديري. تقول الفنانة السعودية علا حجازي لـ«الشرق الوسط: «يجني الفن التشكيلي في المملكة الآن ثمار التوجهات البصيرة للقيادة السعودية، إلى جانب التاريخ الفني الحافل في المملكة، خصوصاً فيما يتصل بالفن الإسلامي، ما يؤكد تقدير المملكة ودعمها للفن، وانعكاسه على عطاء الفنانة السعودية التي تسعى إلى الوصول إلى المحافل الدولية».
وأمام التحديات والصراعات العميقة التي تواجه بعض دول المنطقة، تناضل التشكيلية العربية بالريشة واللون كل ما يتمخض من آلام وأوجاع. يقول النحات العراقي علي نوري: «تستكمل العراقيات المسيرة في مظاهرات فنية تبرز دورهن المعاصر، إلى جانب الدور الطليعي للرائدات اللاتي شاركن في المعارض الأولى بوطنهن في بدايات القرن العشرين، كما ساهمن في تأسيس جمعية التشكيليين العراقيين».


مقالات ذات صلة

المشرق العربي مصرف سوريا المركزي (متداولة)

سوريا: تكليف امرأة بمنصب حاكم المصرف المركزي لأول مرة

أكدت مصادر سورية، اليوم الاثنين، تكليف ميساء صابرين لتكون أول امرأة بمنصب حاكم مصرف سوريا المركزي، في خطوة تُعد سابقة بتاريخ المصرف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي امرأة شابة تلتقط صورة بعلم «الثورة» السورية في دمشق (أ.ب)

تصريحات مسؤولة في الإدارة السورية الجديدة حول المرأة تثير جدلاً

أثارت تصريحات أدلت بها مديرة مكتب شؤون المرأة في الإدارة السورية الجديدة حول النساء جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقادات من المجتمع المدني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا منظر للنوافذ في المباني السكنية بالعاصمة الأفغانية كابل (إ.ب.أ)

«طالبان» تمنع النوافذ المطلة على أماكن تجلس فيها النساء

أمر المرشد الأعلى لـ«طالبان» بإغلاق النوافذ التي تطل على أماكن تجلس فيها النساء الأفغانيات وبالتوقف عن إنشائها في المباني الجديدة.

«الشرق الأوسط» (كابل)
صحتك سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (تكساس)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.