جوائز «غولدن غلوبز»... نجاح متوقع وانتقادات حادّة

‫بين السطور وخلف الكواليس

TT

جوائز «غولدن غلوبز»... نجاح متوقع وانتقادات حادّة

التوقيت كان مدمّراً. قبل أسبوع من إقامة حفل توزيع جوائز «غولدن غلوبز» لهذا العام، قامت صحيفة «ذا لوس أنجليس تايمز» بنشر تحقيق موسّع حملت فيه على «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» وفنّدت فيه اتهامات متعددة تطال الأسس التي قامت عليها الجمعية وعملت بمقتضاها طوال سبعة عقود.
من بين الاتهامات قيام إدارتها بتوزيع حصص مالية على بعض الأعضاء، وذلك في خروج عن قانون الضرائب. فالجمعية بما أنها خاصّة وغير ربحية، لا يحق لها، كأي جمعية أخرى في مثل وضعها، التحوّل إلى معين مالي لأحد يتجاوز الرئاسة وأعضاء مجلس إدارتها. لكن الجمعية في الأعوام الخمسة الماضية توسّعت في إنشاء لجان متفرّعة ودفعت لرئيس كل لجنة وأعضائه لقاء عملهم. التقدير الأولى بأن نحو 2 مليون و200 ألف دولار هي حصيلة الاستفادات المادية التي تمّت بمقتضى هذا التوجه. هذا بصرف النظر عن أن الجمعية ذاتها وزّعت هبات تقدّر بأكثر من 40 مليون دولار استفادت منها جمعيات ومؤسسات خيرية وسينمائية عديدة خلال السنوات القريبة الماضية.
ضربة أخرى مباشرة على الوجه كانت في تبنّي الصحيفة قضية مراسلة أميركية من النرويج حاولت مراراً وتكراراً دخول عرين الجمعية وقدّمت كل أوراقها الداعمة لكنها صُدّت في كل مرّة، وذلك بسبب ما كانت ستسببه من منافسة بين أعضاء يعملون لصالح الصحافة النرويجية والإسكندنافية. الصحافية توجهّت إلى المحكمة ورفعت قضية والجمعية شعرت بأنها حققت انتصاراً كبيراً عليها عندما رفضت المحكمة دعواها بعدما كشف الدفاع (عن الجمعية) بأن الصحافية تعمل بشكل منتظم وناجح من دون أن تكون عضواً في الجمعية وعليه فإن المسألة بأسرها مسألة داخلية تتبع شروط الجمعية وليس القضايا القانونية.
لكن «ذا لوس أنجليس تايمز» عادت وفتحت هذه القضية مجدداً ثم تحدّثت عن حقيقة أنه لا يوجد صحافي أفرو - أميركي أو أفريقي واحد في الجمعية.
للإيضاح، ومن عضو انتمى إليها من عام 1999. سعت الجمعية في الماضي غير البعيد لإيجاد صحافي أسود يكتب لصحف خارج الولايات المتحدة ولم تجد. وأكثر من ذلك، تضم الجمعية صحافيين ونقاد من أكثر من 30 دولة من القارات الخمس بينهم المسلم والمسيحي واليهودي ونسبة كبيرة (نحو 27 في المائة) من النساء لكنها لم تنجح (وربما لم تسع على نحو حثيث) للبحث عن مراسل من جذور أفريقية.
لجانب ما سبق، حوى التحقيق على ما سبق لتحقيقات أخرى اتهمت نقاد وصحافيي الجمعية بأنهم مرتزقة يصوّتون لقاء خدمات شركات الإنتاج.
- ‫مساحة منفردة‬
هزّ التحقيق وما تبنّاه من تقارير مختلفة الجمعية على نحو لم تتوقعه ولم ترغب فيه، خصوصاً في الفترة التي تسبق مباشرة إطلاق حفلتها الجديدة لتوزيع جوائز «غولدن غلوبز». وقبل يومين أصدرت بياناً تذكر فيه بأنها أوصت بعمل سريع لإضافة أعضاء من ذوي البشرة السوداء. لم يأت البيان على باقي الاتهامات لكن الاجتماع بحث في كل ما ورد ذلك التحقيق والكلمة الثابتة أنها أوصت بالحذر الشديد حيال خرق قانوني قد يعود عليها بالضرر إذا ما قامت السلطات الأميركية بفتح تحقيقها حول مسألة المكافآت الكبيرة التي يحصل عليها البعض.
كيف، إذن، يتراءى كل ذلك على مشهد الحفل الكبير الذي سيُقام مساء هذا اليوم (الأحد) افتراضياً وهل سينجح التحقيق الصحافي الذي نشرته «ذا لوس أنجليس تايمز» (وأعيد نشر مقتطفات منه حول العالم) في ردم النجاح الإعلامي والفني الكبيرين الذي حققتهما الجمعية في السنوات العشرين الأخيرة على الأقل؟
‫أول ما هو مُنتظر خروج رئيس الجمعية علي سار (تركي الأصل خلف الإيطالي لورنزو سيرا بعدما توفي هذا في منتصف العام الماضي) بخطاب موجز سيأتي فيه على ذكر الوضع المُثار بأقل عدد ممكن من الكلمات. سيقول شيئاً مثل أن النقد الموجه لم يكن صحيحاً في كل ما ذهب إليه لكن الأشهر المقبلة، ستحمل تغييرات أساسية ضمن الدور الكبير الذي لعبته الجمعية طوال سبعة عقود ماضية.‬
تبعاً، ستختلف الدورة 78 من جوائز «غولدن غلوبز» عن الدورات العديدة السابقة في أنها تُقام وسط، ورغم، العاصفة. هذا بالإضافة إلى حقيقة أنها ستُقام كذلك في زمن حوّل كل حفل إلى متابعة تلفزيونية فارضاً تغيير نظم ونسف حفلات وتأسيس تقاليد جديدة شملت كل حفل سينمائي وفني في الولايات المتحدة وخارجها.
لا يتوقع أحد هنا، في هوليوود، أن يترك التحقيق الصحافي ذلك الأثر السلبي الكبير الذي توخّاه، خصوصاً أن صحفاً عديدة قبل التحقيق وبعده تقف إلى جانب الجمعية وتدفع باتجاه تحييد الحفل عن تلك القضايا المُثارة. والمرجح نجاح الحفل، ولو إلى حد معيّن، وذلك تبعاً للظروف جميعاً، وخروجه من تحت العاصفة سليماً ولو إلى حين.
الذي سيلعب دوراً حاسماً في هذا الاتجاه حقيقة أن المناسبة المُقامة هذا العام ليست فقط أولى المناسبات السينمائية السنوية الكبيرة، بل هي أيضاً المناسبة التي لن تليها سريعاً أي مناسبة أخرى. ذلك لأن كل المناسبات الكبيرة الأخرى (بافتا، جوائز جمعيات الممثلين والمصوّرين والكتّاب والمنتجين) تأجلت إلى وقت لاحق هو أقرب لموعد إقامة حفل توزيع جوائز الأوسكار - ستقام الدورة 93 في الخامس والعشرين من أبريل (نيسان) - منه إلى موعد توزيع جوائز «غولدن غلوبز».
هذا يعني أن «غولدن غلوبز» سيستفيد من هذه المساحة المنفردة أكثر من المعتاد. هذا إلى جانب أن تأجيل الأوسكار إلى ذلك التاريخ سيعني العودة إلى أيام ما كانت جوائز «غولدن غلوبز» تعمل كمؤشر لجوائز الأوسكار. فحتى سنوات قليلة ماضية كان التصويت على جوائز الأوسكار يتم بعد صدور نتائج جمعية المراسلين الأجانب، مما يترك بصمته على اختيار أعضاء الأكاديمية من الأفلام والسينمائيين المرشّحين والفائزين. ما عمدت إليه الأكاديمية منذ نحو خمس سنوات تقديم الترشيحات إلى ما قبل إعلان جوائز «غولدن غلوبز»، بحيث يحد ذلك من السير على الخطى ذاتها.
هذا العام وبسبب «كورونا» والارتباك الذي حصل في عمليات الإنتاج المختلفة قررت الأكاديمية نقل حفلتها إلى ذلك الموعد المتأخر.
- الترجيحات
- أفضل فيلم ـ دراما
تشترك الأفلام الخمسة المرشّحة، وهي «الأب» (بريطانيا)، مانك (من إنتاج نتفليكس)، «نومادلاند»، «امرأة شابّة واعدة» و«محاكمة شيكاغو 7» بأنها لا تلتقي على خط واحد يجمع فعلياً بينها. هي مثل تلك الاجتماعات التي تنتهي بالقول «اتفقنا على أن لا نتفق».
«الأب» لفلوريان زَلر هو فيلم عن مأساة فردية لا علاقة لها بما يدور حولنا من مسائل وقضايا ملحّة. حتى المرض الذي يعاني منه بطل الفيلم (أنطوني هوبكنز)، وهو مرض الخرف لا علاقة له بالوباء الذي يحصد حياة البشر حالياً. هذا بالطبع تبعاً لكون الفيلم مأخوذاً عن مسرحية تم تقديمها قبل سنوات من انتشار الوباء. وهو يدور في معظمه في رحى المكان الداخلي، وفي هذا فقط يلتقي بفيلم آرون سوركِن «محاكمة شيكاغو 7».
في المقابل المضاد تماماً، «نومانلاند» للأميركية كلوي زاو من حيث إنه فيلم مصوّر، في نحو 80 في المائة من مشاهده خارجياً. هذا بالطبع لتبيان بعض الفوارق الفعلية بين هذه الأفلام لأنه حين التصويت لا ينظر أحد إلى ما إذا كان التصوير داخلياً أو خارجياً.
«مانك» فيلم آخر منفرد: مخرجه ديفيد فينشر هو الوحيد المخضرم بين كل مخرجي الأفلام الخمسة المشتركين. أكثر من ذلك، الفيلم هو الوحيد القائم على سيرة حياة بينما يدخل الخيال في ساحات رحبة في كل الأفلام الأخرى.
«الأب» و«مانك» و«نومادلاند» هي الأفضل في القائمة والاحتمال الأكثر توقعاً هو خروج «نومادلاند» بجائزة أفضل فيلم درامي. إذا ما فعل ذلك فسيكون أول فيلم من إخراج امرأة ينجز هذه المهمّة في إطار هذه المسابقة.
‫- أفضل فيلم ـ كوميدي أو موسيقي
تضم هذه المسابقة «فيلم بورات اللاحق» لجاسون ويلينر، «هاملتون» لتوماس كايل، و«بالم سبرينغز» لماكس بارباكوف و«حفل التخرج» (The Prom) لرايان مورفي و«ميوزيك» لمخرجة تكتفي باسم Sia.
سبق وذكر هذا الناقد، أول ما خرجت الترشيحات في مطلع هذا الشهر، أن هذه الأفلام جميعاً أما وسطية القيمة فنياً أو رديئاً. ما يمكن إضافته هنا حقيقة أن التوجه العام للمصوّتين في «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» موزع، بالتساوي تقريباً، بين «هاملتون» (المأخوذ عن مسرحية مصوّرة بالاسم ذاته) و«فيلم بورات اللاحق» (المستوحى من فيلم «بورات» الذي أُنتج سنة 2006). «حفل التخرّج» أفضل الثلاثة الباقية ويعزز ضعفه النسبي حقيقة أن الفيلم الذي سيفوز سيكون نتيجة منافسة بين الكوميديا الهازلة المتمثّلة بـ«فيلم بورات اللاحق» (Borat Subsequent Moviefilm) وبين الميوزيكال المتمثّل بفيلم «هاملتون» الذي هو أفضل الأفلام المرشّحة هنا ويستحق الفوز. في كل الحالات فإن المنافسة الأشد هي بين هذين الفيلمين وكذلك ترجيح الفوز.
‫- أفضل فيلم أجنبي
بين الفيلم الدنماركي «دورة أخرى» لتوماس فنتربيرغ، والفيلم الغواتيمالي «لا لورونا» ليايرو بوستامنتي والفيلم الإيطالي «الحياة المقبلة» لإدواردو بونتي ثم الدراما الفرنسية «كلانا» لفيليبو مينيغتي و«ميناري»، وهو فيلم أميركي الإنتاج كوري اللغة والممثلين للي تشانغ. يبدو «دورة أخرى» طافياً فوق صفحة الفوز. لكن إذا ما كان هناك إدراك للجهد المبذول فنياً ودرامياً في فيلم «لا لورونا» لا ندفع هذا الفيلم الغواتيمالي إلى القمة من دون منازع.
لكن كلاهما يواجهان «ميناري» البسيط في تكوينه والفاعل في تأثيره الدرامي. هذا الفيلم كان من جملة مآخذ منتقدي اختيارات الجمعية على أساس أنه كان يستحق أن يكون ضمن الأفلام الرئيسية في قسم الدراما. لكن هذا الناقد لا يرى ذلك كونه فيلماً ناطقاً بالكورية رغم أنه إنتاج أميركي.
- ‫أفضل إخراج
تقودنا المسابقتان السابقتان إلى قراءة احتمالات ما ستنتهي عليه مسابقة أفضل مخرج.
المتنافسون هم: ديفيد فينشر عن «مانك» ورجينا كينغ عن «ليلة واحدة في ميامي» وكلوي زاو عن «نومادلاند». الآخران هما إيمرالد فَنل عن «امرأة شابة واعدة» وآرون سوركِن عن «محاكمة شيكاغو 7».
ثلاثة من المخرجين المرشّحين هنا هم نساء (رجينا كينغ وإميرالد فَنل وكلوي زاو) وإذا فازت إحداهن فستكون المرّة الثانية التي تفوز بها مخرجة أنثى بهذه الجائزة بعد فضيحة فوز باربرا سترايسند عن فيلمها «ينتل» (عجز عن الوصول إلى ترشيحات الأوسكار في مسابقتي أفضل فيلم وأفضل مخرج واكتفى بفوز واحد هو أوسكار أفضل تأليف موسيقي).
وواحدة من هؤلاء المخرجات ستفوز على نحو شبه مؤكد. كلوي زاو هي الأكثر تقدّماً بين الجميع تلحق بها رجينا كينغ على مسافة بعيدة نوعاً. ثم باقي المرشحين والمرشّحات على مسافة أبعد.
- ‫أفضل ممثل - دراما
المرشّحون هنا هم ريز أحمد عن «صوت المعدن» وشادويك بوزمان عن «مؤخرة ما رايني السوداء» وأنطوني هوبكنز عن «الأب» ثم غاري أولدمن عن «مانك» وطاهر رحيمي عن «الموريتاني». كل واحد من هؤلاء يستحق جائزة بمفرده.
واحدة من المنافسات الصعبة هنا لكن العديد من الترجيحات التي نُشرت مؤخراً في المواقع المتخصصة تتنبأ بفوز شادويك بوزمان عن «مؤخرة ما رايني السوداء». بوزمان يستحق هذه الجائزة وسواها وقد يفوز بها فعلاً، لكن السؤال هو كم من الأصوات التي ستحدد ذلك متأثرة بحقيقة أن الممثل الشاب رحل مؤخراً بعد سلسلة من الأدوار الرائعة التي أداها؟
إذا ما كانت النسبة العاطفية مرتفعة فإن بوزمان هو الفائز، أما إذا كان التقدير فني صرف فإن أنطوني هوبكنز هو الوميض الأقوى في هذا المجال واحتمالات فوزه مرتفعة.
هناك مرشّحان مسلمان في هذه المسابقة (ريز أحمد والفرنسي طاهر رحيمي) لكنه من المستبعد فوزهما، كذلك مستبعد فوز غاري أولدمَن (والأرجح هو خروج فيلم «مانك» الذي قام ببطولته خالي الوفاض من كل الجوائز). هذا يؤكد التنافس بين هوبكنز وشادويك مع العلم بأن فوز شادويك (الأكثر احتمالاً) سيكون المرّة الثانية في تاريخ هذه الجائزة التي يفوز بها ممثل راحل (بعد فوز بيتر فينش عن دوره في «نتوورك» وكان توفي، سنة 1977. قبل نحو أسبوعين من حفلة غولدن غلوبز في تلك السنة).
- ‫أفضل ممثلة - دراما
المنافسة هنا صعبة. تقودها‫ فيولا ديفيز عن دورها في «مؤخرة ما رايني السوداء» (Ma Rainey’s Black Bottom) وفرنسيس مأكدورمند عن «نومادلاند». ساندرا داي عن «الولايات المتحدة ضد بيلي هوليداي» و«فنيسيا كيربي عن «أجزاء امرأة» ثم كاري مولغن عن «امرأة شابة واعدة». ‬
لكن ديفيز ليست الوحيدة في مقدّمة هذا السباق بل تشاركها الريادة الممثلة البريطانية المولد كاري موليغن التي يُرجح فوزها اليوم. إذا ما حصل هذا ستكون المرّة الثانية في تاريخ الجائزة التي تنال فيها ممثلة مولودة في بريطانيا بهذه الجائزة بعد كيت ونسلت سنة 2009 عن «طريق الثورة».
- ‫أفضل ممثل - كوميديا أو ميوزيكال
هم ساشا بارون كوهن عن «فيلم بورات اللاحق» وجيمس كوردن عن «حفل التخرج» ولين - مانويل ميراندا عن «هاملتون» ودف باتل عن «التاريخ الشخصي لديفيد كوبرفيلد» ثم إندي سامبورغ عن «بالم سبرينغز».
معظم المتابعين والنقاد يتنبأون بفوز ساشا بارون كوهن عن «فيلم بورات اللاحق». لن أختلف هنا عن هذا التوقع، لكن لا بد من القول إن من لن يفز (لين - مانويل ميراندا عن «هاملتون») هو الممثل الوحيد بين المجموعة الذي يستحق الجائزة وأن التصويت لسواه (خصوصاً لساشا بارون كوهن) هو لزوم البهرجة أكثر من أي شيء آخر.
- ‫أفضل ممثلة - كوميديا أو ميوزيكال
المرشّحات في نطاق أفضل تمثيل نسائي في فيلم كوميدي أو موسيقي هن ماريا باكالوفا عن «فيلم بورات اللاحق» وكيت هدسون عن «ميوزيك» وميشيل فايفر عن «مخرج فرنسي” (French Exit) وروزمند بايك عن «أهتم كثيراً» (I Care a Lot) وأنيا تايلور - جوي عن «إيما».
ما نرجحه هنا هو فوز ميشيل فايفر. أداؤها هنا جيّد بلا مبالغة، لكن ما سيرجح فوزها هو أنه من النوع الذي تستجيب له عضوات الجمعية أكثر من سواه. هناك النوستاليجا بماضٍ مشع لهذه الممثلة وهناك الحالة الدرامية التي تؤدي من خلالها دورها في هذه الكوميديا كونها المرأة التي صرفت مالها على المظاهر ثم لجأت لباريس للعيش في شقة مجانية لجانب عنصر الإجادة ذاك.
<‬ أفضل ممثلة في دور مساند
المرشّحات هنا هن غلن كلور القائمة عن «مرثاة متخلفة» (Hillbilly Elegy) وأوليفيا كولمن عن «الأب» كما جودي فوستر عن «الموريتاني» وأماندا سايفراد عن «مانك» وهيلينا زنغل عن «أخبار العالم».
هناك من يتوقع فوز الممثلة الألمانية هيلينا زنغل ويؤيده وذلك عن دورها في «أخبار العالم» لجانب توم هانكس الذي خرج من حفل الترشيحات بلا ذكر. لكن هذا سيكون نقطة انحدار كبيرة كون الفتاة (أجادت أم لم تجدّ) لم تمثل شخصية تتطور أمام العين بل حالة تبقى على حالها.
الباقيات كلهن أجدر خصوصاً غلن كلوز وجودي فوستر. على أن الفائزة ستكون أوليفيا كولمن عن دورها في «الأب».
- ‫أفضل ممثل في دور مساند
هنا يتبارى ساشا بارون كوهن ثانية إنما عن دوره في «محاكمة شيكاغو 7» ودانيال لكالويا عن «جوداس والمسيح الأسود» ثم يارد ليتو عن «الأشياء الصغيرة» وبل موراي عن «أون ذ روكس» ثم لسلي أودوم عن «ليلة في ميامي».
المرجح أكثر من سواه هو دانيال لكالويا عن دوره في «يهوذا والمسيح الأسود» لأنه بالنظر إلى أداء يارد ليتو (الجيد) فإن دوره أصغر من أن يحمل ثقل الجائزة. بل موراي عادي في «أون ذا روكس» وساشا بارون كوهن سيفوز في سباق آخر. المنافس الفعلي لكالويا هو لسلي أودوم جونيور عن «ليلة واحدة في ميامي» لكن كالويا الأقرب إلى الفوز منه.
- الترجيحات والمسابقات الأخرى
<‬ «غولدن غلوب» أفضل رسوم: Soul من المرجح له الفوز بجائزتي بافتا والأوسكار في هذا المجال أيضاً.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل سيناريو: «محاكمة شيكاغو 7».
<‬ «غولدن غلوب» أفضل تأليف موسيقي خاص: «مانك» (ترنت رزنور وأتيكوس روس اللذان سبقا لهما الفوز عن «ذا سوشال نتوورك» سنة 2010).
< «غولدن غلوب» أفضل مسلسل تلفزيوني - دراما: «التاج» و«أوزارك»: كلاهما من إنتاج نتفليكس لكن أولهما ما زال يشق طريقه بنجاح جيد من عام 2017.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل مسلسل تلفزيوني - كوميدي: مسلسلان متنافسان هنا أكثر من سواهما: «تد لاسو» (على قناة آبل تي ڤي) و«شيتس كريك» وما يرجح الثاني ليس جودته، بل براعته في إثارة الهزل وحقيقة أنه نال أربع جوائز إيمي التلفزيونية قبل أشهر قليلة.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل فيلم تلفزيوني أو مسلسل محدود الحلقات: «مناورة الملكة»: تقود آنا تايلور - جوي بطولته كبطلة شطرنج التي تواجه احتمال الخسارة بسبب إدمانها الكحول.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في دراما تلفزيونية: أوليفيا كولمن هي الاحتمال الأكثر توقعاً عن دورها في «التاج» لجانب لورا ليني عن دورها في «أوزارك».
<‬ «غولدن غلوب» أفضل ممثل في دراما تلفزيونية: يغلب الاعتقاد هنا أن جاسون بايتمن هو من سيفوز بها عن «أوزارك» (مسلسل تشويقي داكن النبرة). لا أستبعد جوش أو كونور عن «التاج» وأستبعد كثيراً آل باتشينو عن «صيادون» ليس لنواحٍ فنية بل لأخرى إعلامية.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل ممثلة في كوميديا تلفزيونية: كاثرين أوهارا هي أفضل المرشّحات فعلياً (الباقيات إيلي فانينغ وكايلي كيوكو وليلي كولينز وجين ليفي). في «شيتس كريك» تبرهن على ذلك بجدارة.
<‬ «غولدن غلوب» أفضل ممثل في كوميديا تلفزيونية: قد تذهب إلى غير المعروف جاسون سوديكيس عن «تد لاسو» متجاوزة رامي يوسف (عن «رامي») ودون شيدل («بلاك مونداي») ونيكولاس هولت («العظيم») ويوجين ليفي («شيتس كريك»).


مقالات ذات صلة

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

يوميات الشرق منى زكي جسَّدت دور أم كلثوم (الشركة المنتجة)

«الست»... جدل «سوشيالي» وإشادات نقدية بعد عرضه بمصر

يكشف فيلم «الست» صورة واقعية لأم كلثوم بما لها وما عليها، مقدّماً سيرة فنية وإنسانية حظيت بإشادات واسعة بعد عرضها.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة من فيلم «فلسطين 36» (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

«اللي باقي منك» و«فلسطين 36»... ذاكرة بصرية لـ«وعد بلفور» و«النكبة»

يُشدِّد فيلما «اللي باقي منك» و«فلسطين 36» على أهمية استعادة الذاكرة الفلسطينية وتوثيق تاريخها في مواجهة محاولات التزييف.

انتصار دردير (جدة)
سينما اللاعب المعتزل سعيد العويران في مشهد من الفيلم برفقة محمد الدوخي (نتفليكس)

الفيلم السعودي «رهين»... كوميديا البطل المأزوم

امتلأت القاعة الرئيسية في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» قبل بدء عرض الفيلم السعودي «رهين» بنحو نصف ساعة.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما صورة من الفيلم لمنصور رشيد الكيخيا إلى جانب الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي

«بابا والقذافي»… رحلة بحث عائلية تحول الصمت إلى جائزة دولية

تنطلق جيهان الكيخيا في فيلمها من سؤال طفولي ظلّ يلاحقها منذ السادسة من عمرها: «أين ذهب أبي؟»، والدها هو منصور رشيد الكيخيا، وزير خارجية ليبيا الأسبق.

كوثر وكيل (لندن)
يوميات الشرق ساعة يد من مجموعة مقتنيات كوبولا (الموقع الرسمي لدار مزادات فيليبس)

بيع ساعة يد للمخرج فرانسيس كوبولا بـ10.8مليون دولار في مزاد

بيعت ساعة يد من مجموعة مقتنيات المخرج السينمائي الأميركي فرانسيس فورد كوبولا بسعر قياسي في مزاد أُقيم في نيويورك، حسبما قالت دار مزادات «فيليبس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».