تراجع أميركي عن تصنيف الحوثيين... ومصير غامض حول زعيمهم

تحرّك متناسق بين البيت الأبيض والمشرّعين في تكثيف العمل الدبلوماسي باليمن

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تراجع أميركي عن تصنيف الحوثيين... ومصير غامض حول زعيمهم

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

منذ اليوم الأول للرئيس جو بايدن في البيت الأبيض، بدا أنه يسعى جاهداً لإلغاء الإرث السياسي والقرارات التنفيذية التي اتخذها سلفه الرئيس السابق دونالد ترمب، وفي أحدث خطوة لتحقيق هذه الرغبة، سوف يتم إلغاء الإشعار الذي تقدمت به الإدارة السابقة للكونغرس بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية أميركية موثوقة، بأن الإدارة الأميركية الجديدة تمضي في إلغاء مشروع قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية، الذي رفعت به إدارة الرئيس ترمب في آخر أيامها للكونغرس، كما أن هذه الخطوة التي ستتخذها إدارة بايدن متناسقة مع رغبة شريحة كبيرة من المشرّعين في الكونغرس.
وبينما يبقى مصير زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي و7 قيادات حوثية أخرى غير واضح، إذ لم تتحدث المصادر ووسائل الأنباء عن تراجع حول القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب بضمهم إلى قوائم العقوبات، لكن الإدارة الحالية أعلنت أنها تُجري مراجعة شاملة لقرارات الإدارة السابقة كافة.
أما تحركات الإدارة الحالية في تنفيذ قرار التراجع فهي مدعومة من الكونغرس، بعدما جرى عدد من اللقاءات بين الطرفين خلال الأيام الماضية، إذ قوبلت التصنيفات الإرهابية للحوثيين بقلق مشرعين من الحزبين في «الكابيتول»، بشأن توقيتها وفاعليتها والأضرار التي قد تلحق بأي عملية سلام وتأثيرها الإنساني المحتمل.
«يرغب بعض الأعضاء في رؤية الولايات المتحدة تواصل حملتها للضغط الأقصى على إيران، بينما دعا أعضاء آخرون إدارة بايدن إلى التراجع عن تعيين الحوثيين جماعة إرهابية» والحديث للمصادر ذاتها التي عدّت سماح إدارة بايدن مؤقتاً بتنفيذ «المعاملات المالية» مع الحوثيين (بما في ذلك الواردات التجارية)، وعلّلت الهدف منه «بطمأنة تلك الجهات بأن عملياتهم قد تستمر... إذا تقدمت مفاوضات السلام».
القانون الأميركي يخوّل وزير الخارجية بإلغاء تعيين المنظمات الإرهابية الأجنبية، وذلك عند الانتهاء من المراجعة الإدارية، وتعدّد المصادر تلك الأسباب بأنها: أولاً إذا تغيرت الظروف الكامنة وراء التعيين، أو ثانياً لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ويجادل الكثير من المشرعين والأوساط السياسية في البلاد بأن إلغاء التعيين لم تذكر أسباب الأمن القومي حتى الآن تبرر خطواتها القادمة.
كانت وكالة «أسوشييتد برس» أول من نشر تسريبات رسمية عن سحب إدارة بايدن تصنيف الحوثيين، في خطوة تعدها مصادر دبلوماسية تحدّثت للوكالة، أنها تستند إلى تخفيف واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وأوضح مسؤول في وزارة الخارجية أن الخطوة جاءت بعد إخطار أعضاء الكونغرس بخطط الإدارة، مستدركاً بأن الإزالة لم تغيّر شيئاً من آراء إدارة بايدن بشأن الحوثيين، الذين استهدفوا المدنيين واختطفوا أميركيين.
وقال المسؤول: «إن عملنا يرجع بالكامل إلى العواقب الإنسانية لهذا التصنيف في اللحظة الأخيرة من الإدارة السابقة، والذي أوضحت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية منذ ذلك الحين أنه سيزيد من الأزمة الإنسانية التي تعد الأسوأ في العالم».
وفي مؤتمر صحافي أول من أمس، قال نيد برايس المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن إدارة الرئيس بايدن تتحرك بسرعة خلال المراجعة بالنظر إلى الآثار الإنسانية في تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، في الوقت الذي تعتقد واشنطن أن نحو 80% من السكان المدنيين في اليمن يعيشون تحت سيطرة الحوثيين.
ورأى برايس أنه لهذا السبب وفي المقام الأول، ترغب إدارة بايدن التأكد من أنها لا تفعل أي شيء لجعل حياة هؤلاء الـ80% أسوأ أو حتى أكثر بؤساً لشعب اليمن الذي طالت معاناته، «والذي يعد وفقاً لمعظم الروايات، موطناً لأسوأ كارثة إنسانية في العالم». يشار إلى أن مسؤولين يمنيين لا يتفقون مع النسبة التي استعرضتها الخارجية الأميركية.
وأضاف المتحدث: «سنحتاج إلى إخطار الكونغرس كخطوة أولى، لأننا نعتزم العودة إلى النظام العادي في هذا الصدد، وعندما يتعلق الأمر باليمن وما سمعته من الرئيس بايدن، فمن الصحيح أننا نعمل على تكثيف دبلوماسيتنا لإنهاء الحرب في اليمن، واستعادة محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة، والعمل عن كثب مع مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث».
وأكد أن أميركا تدرك أنه لا يوجد حل عسكري للحرب في اليمن، وهذا لا ينطبق على العمليات الهجومية ضد «داعش» أو «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، مضيفاً: «ونحن ندرك أن السعودية تواجه تهديدات أمنية حقيقية من اليمن ومن الآخرين في المنطقة، وكجزء من تلك العملية المشتركة بين الوكالات، سنبحث عن طرق لتحسين الدعم لاستقرار المملكة العربية السعودية للدفاع عن أراضيها ضد التهديدات».
ولطالما سعت إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية منذ الأيام الأولى لها في السلطة، لكن تم تأجيلها بسبب مخاوف من المنظمات الإنسانية، التي ادّعت أن مثل هذا التغيير في السياسة سيعقّد جهودهم لتقديم المساعدات في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في شمال اليمن.
وعلى الرغم من أن تصنيف الجماعة الحوثية كان ولا يزال موضع جدل كبير في واشنطن، فإن الجميع يتفق على عدم رفع الأشخاص المدرجة أسماؤهم في قائمة العقوبات المفروضة من الولايات المتحدة المصنفين على أنهم إرهابيون.
في مايو (أيار) 2012، عندما سعت الولايات المتحدة إلى دعم الجهود الدولية لثني الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، عن عرقلة الحكومة الوليدة في ذلك الوقت بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، أصدر الرئيس أوباما الأمر التنفيذي رقم «13611» إذ مكّنه من معاقبة الأفراد الذين يهددون «سلام اليمن أو أمنه أو استقراره».
وبعد عامين ونصف في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014 عندما شكّل الرئيس علي صالح وحلفاؤه الحوثيون الجدد تهديداً لحكومة هادي، عاقبت وزارة الخزانة بموجب الأمر التنفيذي رقم «13611» كلاً من علي صالح واثنين من القادة العسكريين الحوثيين، هم عبد الله يحيى الحكيم، وعبد الخالق الحوثي، وبالتالي تجميد أصولهم الموجودة في الولايات المتحدة أو الخاضعة لسيطرة أشخاص أميركيين، ومنع الأشخاص الأميركيين من الانخراط في معاملات معهم.
ووفقاً لوزارة الخزانة، فإن «هؤلاء الأفراد الثلاثة باستخدامهم العنف والوسائل الأخرى، فإنهم قوّضوا العملية السياسية في اليمن».
وفي الوقت نفسه، فرضت الأمم المتحدة عقوبات على هؤلاء الأفراد الثلاثة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2140 بتجميد الأصول وحظر السفر.
وفي أبريل (نيسان) 2015، عاقبت وزارة الخزانة زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، ونجل علي صالح، أحمد، بموجب الأمر التنفيذي رقم «13611».
وفي العاشر من ديسمبر (كانون الأول) عام 2020، فرضت وزارة الخزانة الأميركية بموجب قانون «ماغنتسكي» عقوبات على خمسة أفراد لهم صلة بوكالات أمن ومخابرات يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، واتهمتهم بارتكاب «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان».
ولفتت الخزانة إلى أن الأشخاص الذين تم ضمهم في العقوبات هم سلطان زبن، وعبد الحكيم الخيواني، وعبد الله رحاب جرفان، ومطلق عامر المراني، وقادر الشامي.
وسلّط التقرير الأخير لوزارة الخارجية الأميركية لعام 2019 الضوء على العلاقة بين «الحرس الثوري» الإيراني والحوثيين، بما في ذلك توفير المساعدات القاتلة التي يستخدمها الحوثيون لاستهداف المواقع المدنية في المملكة العربية السعودية، كما تشير التقارير الإعلامية إلى أن المنظمات الإرهابية الأجنبية الأخرى، مثل «حزب الله» تدعم أيضاً مقاتلي الحوثيين.
ولطالما انتقدت الولايات المتحدة والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، انتهاكات الحوثيين للمعايير الدولية، مثل منع وصول المساعدات الإنسانية، واحتجاز الرهائن، واضطهاد الأقليات الدينية، وانتهاكات حقوق الإنسان.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.