شركات أزياء عالمية تتبنى «إعادة التدوير» لإنتاج ملابس أكثر استدامة

تتعاون شركات الأزياء مع شركات التكنولوجيا في إنتاج أقمشة من مواد جديدة مستدامة وإعادة التدوير (نيويورك تايمز)
تتعاون شركات الأزياء مع شركات التكنولوجيا في إنتاج أقمشة من مواد جديدة مستدامة وإعادة التدوير (نيويورك تايمز)
TT

شركات أزياء عالمية تتبنى «إعادة التدوير» لإنتاج ملابس أكثر استدامة

تتعاون شركات الأزياء مع شركات التكنولوجيا في إنتاج أقمشة من مواد جديدة مستدامة وإعادة التدوير (نيويورك تايمز)
تتعاون شركات الأزياء مع شركات التكنولوجيا في إنتاج أقمشة من مواد جديدة مستدامة وإعادة التدوير (نيويورك تايمز)

لطالما كانت أمور، مثل الاستدامة في صناعة الأزياء، محط اهتمام حفنة صغيرة فقط من مصممي الأزياء العالميين، أمثال ستيلا مكارتني، والشركات المصنعة للمعدات المستخدمة في الهواء الطلق مثل «باتاغونيا»، لكن العلامات التجارية التقليدية والجديدة قد باتت تحاول تحسين سلاسل التوريد التي تتعرض لانتقادات متزايدة، بسبب مشاركتها الكبيرة في مدافن النفايات، والتسبب في أشكال أخرى من التلوث خلال عملية التصنيع.
ومن التعاون في تصنيع الألياف الحيوية إلى تصنيع بطاقات اسم الماركات الصديقة للبيئة، بات البعض في قطاع تصنيع الملابس يعمل مع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا لتنظيف خزانات الملابس.
وتكمن المشكلة الأكبر في حجم الملابس غير المرغوب فيها التي ينتهي بها المطاف في مكبات النفايات، ووفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة «إيلين ماكارثر»، التي تعمل على تعزيز الاستدامة، فإن إنتاج الملابس قد تضاعف عالمياً تقريباً بين عامي 2000 و2015. كما أنه خلال الفترة ذاتها، انخفض عدد مرات ارتداء الملابس بنسبة 36 في المائة؜، وخلص تقرير المؤسسة إلى أن «ما يعادل شاحنة قمامة واحدة مليئة بالملابس يتم حرقها أو إلقاؤها في مكب نفايات كل ثانية».
كما أنه وفقاً لـ«المنتدى الاقتصادي العالمي»، فإنه خلال الفترة ذاتها تقريباً قد تم شراء 60 في المائة من الملابس، لكن المستهلكين قد احتفظوا بها لنصف المدة فقط.
لكن بعض الشركات، مثل «إتش أند إم»، قد باتت تحاول زيادة استدامة منتجاتها من خلال تشجيع المستهلكين أيضاً على إبقاء الملابس بعيداً عن سلة المهملات، ففي المتجر الرئيسي لشركة «إتش أند إم»، في استوكهولم، على سبيل المثال، فإنه يمكن للعملاء دفع مبلغ رمزي نظير تحويل ملابسهم غير المرغوب فيها إلى ملابس جديدة من خلال عملية تفكيك الألياف القديمة وتجميعها لتصبح ملابس جديدة.
وقد تم تصميم هذه العملية، المكونة من 8 خطوات، لإثبات وجهة نظر معينة وليس من أجل تحقيق الربح، وكما تقول باسكال برون، رئيسة قسم الاستدامة في «إتش أند إم»: «نريد إشراك عملائنا معنا وجعلهم يفهمون أن ملابسهم ذات قيمة».
ولكن عملية إعادة التدوير الميكانيكية التقليدية المستخدمة على نطاق واسع لها حدود أيضاً، حيث تقول ستايسي فلين، مؤسسة شركة «إيفرنو»، وهي شركة ناشئة مقرها في سياتل، إنه «رغم أن صناعة الأزياء تبدو براقة من الخارج، فإن سلاسل التوريد غالباً ما تعتمد على المعدات التي كان يتم استخدامها في القرن التاسع عشر»، وتسعى شركات مثل شركة فلين إلى إعادة الألياف إلى مكوناتها الكيميائية الأساسية واستخدامها من جديد بجهد أقل.
وأول منتج لشركة «إيفرنو»، الذي قالت فلين إنها تأمل أن يصبح متاحاً في الأسواق هذا العام، يستطيع تحويل القطن الموجود في الملابس إلى اللايوسيل، وهو مكون من ألياف السليلوز التي تُصنع الآن من الخشب فقط.
وستعمل هذه العملية، المسماة بـNuCycl، على تحديث خطوة إعادة التدوير الأولية لفرز وتصنيف وتمزيق النسيج عن طريق إضافة كاميرا يمكنها تحديد تركيبة القماش بدقة أكبر، ويمكنها أن تقلل من محتوى القطن الموجود في الملصق الموجود على الملابس أو حتى الخيط المستخدم فيه بنسبة تصل إلى 20 في المائة.
وتقول فلين: «إن الأمر يشبه الفرق بين الطهي والخبز، حيث يمكنك أن تكون أكثر مرونة في استخدام المقادير عند الطهي، ولكن مع الخبز فإنه يجب أن تكون دقيقاً، وهو نفس الشيء بالنسبة لإعادة التدوير الكيميائي، فإذا كنت تعرف المكونات الموجودة لديك، فإنه يمكنك تحسين العملية».
ويكمن جوهر هذه التقنية في الخطوة التالية: مطحنة اللُّب، حيث يتم إذابة النسيج الممزق وتحويله إلى لُب، ويصبح هذا اللب على هيئة أوراق سميكة، ليتم شحنه إلى الجزء التالي من سلسلة توريد المنسوجات، لمنتجي الألياف، وهناك يتم إعادة استخدامه لصنع اللايوسيل.
وقد دخلت شركة «إيفرنو» في شراكة مع العديد من العلامات التجارية، بما في ذلك شركات «أديداس» و«ماكارتني» لاستخدام الألياف المعاد تدويرها في تصنيع الأقمشة، وتقول فلين: «عندما ينتهي المستهلك من استخدام ملابسه أو إذا قام الكلب الخاص بك بتمزيق بعض ملابسك، فإنه يمكن أن تعود جميع هذه الملابس إلى نظامنا الجديد، ويمكن إعادة تدويرها وتحويلها إلى شيء جديد».
وهناك مجال آخر من مجالات الاهتمام يتضمن الألياف والمواد الجديدة التي تعتمد على المنتجات الموجودة في الطبيعة، والتي ليست مشتقة من الحيوانات، حيث تقوم العديد من الشركات، على سبيل المثال، بتطوير بدائل للجلود، وذلك نظراً لأن الجلود تعد مشكلة بشكل خاص، وذلك بدءاً من جلود الأبقار التي غالباً ما تتضمن دباغتها مواد كيميائية سامة مثل الكروم، وتقول ثيان شيروس، الأستاذة المساعدة في معهد الموضة للتكنولوجيا في نيويورك، إن الجلود النباتية، رغم اسمها الصديق للبيئة، فإنها ليست أفضل من ذلك، لأنها تستخدم البلاستيك في تصنيعها.
وأحد البدائل المتاحة الآن هو الجلد المصنوع من الفطر، الذي يعتمد على جذور الفطر، لإنتاج بديل خالٍ من المنتجات الحيوانية للجلود، وتقول شيروس إن الفطر يُستخدم منذ آلاف السنين بطرق متنوعة، وحتى لتضميد الجروح، لكن رواد الأعمال والمصممين قد قرروا استخدامه في أشياء أكبر بكثير.
وبالإضافة إلى شركة «بولد ثريد»، وهي شركة منتجة للألياف، لفتت الانتباه في الخريف الماضي عندما أعلنت عن إنتاجها للجلود الخالية من المنتجات الحيوانية وعن تعاونها مع العديد من المصممين، فإن هناك شركات أخرى، مثل «مايكووركس» تقوم أيضاً بتطوير الجلود من الفطر. ويقول الرئيس التنفيذي لشركة «مايكوووركس»، ماثيو سكولين، إنه بينما كانت الشركة تستكشف الاستخدامات في تنجيد السيارات، فإنه قد بات التركيز الحالي على استخدام هذه الجلود في تصنيع الملابس والأحذية.
وتعد شيروس أحد أعضاء فريق في جامعة كولومبيا يعمل على إنتاج بديل للجلد الحيوي، وتقول إن أحدث نموذج أولي توصلوا إيه هو «إنتاج حذاء رياضي مصبوغ بشكل طبيعي وهو جزء من مبادرة One x One الخاصة بمنظمة سلو فاكتوري»، وهي منظمة غير ربحية تعمل على قضايا الاستدامة والمناخ.
وشيروس أيضاً مؤسس مشارك ورئيس قسم العلوم في «ويريوول» التي تعمل على تطوير بديل لألياف الصوف، حيث بدأت الشركة من قبل 3 من طلابها السابقين، وتسعى إلى تصنيع ألياف قابلة للتحلل استناداً إلى الحمض النووي للبروتينات الموجودة بالفعل في الطبيعة.
وقد بدأت شيروس أيضاً في العمل على تصنيع خيوط من الطحالب، في جامعة ولاية نيويورك، حيث يتم إجراء بحث بالتعاون مع جامعة كولومبيا، والتي تم تعيينها فيها كعالمة أبحاث.
وتأمل الشركات في تقديم حلول «من المهد إلى المهد»، وهو المصطلح المستخدم للعمليات التي تهدف إلى إبقاء المواد داخل عملية اقتصاد دائري، مع مراعاة الحالة النهائية لهذه المواد في بداية عملية التصميم، وهذه هي الفكرة وراء تأسيس شركة «ثاوزاند فيل» المصنعة للأحذية، التي تستخدم المواد المُعاد تدويرها بشكل أساسي، كما قال الشريك المؤسس للشركة كلوي سونغر.
وتريد «ثاوزاند فيل» أيضاً أن تسهل على المستهلكين إعادة تدوير أحذيتهم، ويقول الشريك المؤسس للشركة، ستيوارت أهلوم، إنه «يمكنك القيام ببعض التفكير التصميمي الرائع والإنتاج الرائع، ولكن إذا لم تكن مستعداً لتجميع المنتج بشكل جيد، فهذا يعد عبثاً بعض الشيء، وتحقيقاً لهذه الغاية، فقد تعاونت الشركة، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع بعض الشركات لتزويد المستهلكين بطريقة أسهل لإعادة تدوير أحذيتهم البالية».
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.