سلالات «كورونا» الجديدة جائحة عالمية مستجدة

العلماء رصدوا تحورات سريعة الانتشار

سلالات «كورونا» الجديدة جائحة عالمية مستجدة
TT

سلالات «كورونا» الجديدة جائحة عالمية مستجدة

سلالات «كورونا» الجديدة جائحة عالمية مستجدة

لم ينحسر الرعب بعد من نفوس البشر من انتشار جائحة «كورونا» وعواقبها. والغريب أن الإصابة تحبذ فصيلة دم دون غيرها نظراً لبعض من التشابه في بروتينات شوكاتها مع بروتينات؛ مثلاً فصيلة دم «إيه» (A) بعينها، وأفرعها مثلاً «إيه بي» (AB)، بل وتغمرها بالإصابات الصعبة.

- تحور الفيروس
لقد تعلمنا منذ البداية أن هذا الفيروس يتحور وله وجوه إكلينيكية عدة للتأثيرات: على الرؤية، المعوية، العصبية. والعديد من الدول تتكلم عن سلالات بسبب تحوراته التي تعد بالألوف. ولكن المفاجأة الأخيرة هي أن يحدث تحور على مركب في هذا الفيروس بالجينات الخاصة بشوكته، وخرج التحور تحت اسم: السلالة B.1.1.7 من SARS-CoV-2. وتم الكشف عن ثلاثة وعشرين تحوراً؛ ثمانية منها في الجين المسؤول عن شوكة الفيروس المتخصص في الالتحام مع خلايا الجسم.
وقد رصدت هذه السلالة في مقاطعة كنت البريطانية قرب لندن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بناء على معلومات منظمة الصحة العالمية. وانتشرت بشكل واسع هناك بنسبة 50 في المائة من الحالات.
وحول المصادفة والقصة في هذا التحور تقول مجلة «ساينس» (science) إن هذا التحور حدث في مريض مضروب المناعة! لذلك يتوجب حذر الأشخاص ذوي المناعة المنقوصة بسبب خضوعهم لعلاج كيميائي أو غيره، من أن يكون لديهم فيروس في فترة حضانة.
الفيروس ذو السلالة الجديدة استطاع أن يقنن أخطاءه أثناء انقسامه وتكاثره لكي يتزن جينومه، وهذا ما يعطي الفيروس الفرصة ليتحور دون عقبات لعدم وجود ممانعة أمامه.

- ثلاثة تحورات
الغريب أن لفيروس كورونا ثلاثة تحورات أقلقت الخبراء؛ أحدها هو التحور 69-70-DEL في جين الفيروس في نوعين من الأحماض الأمينية في تركيبة شوكة الفيروس. وبالمناسبة حدث هذا في مريض بمناعة منقوصة أصيب بكورونا، وعولج بدواء «ريمديسيفير» وبروتينات مناعية وتوفي في وقت لاحق.
ثم وقع تحور آخر تحت عنوان N501y، وحيث نتج عن هذا التحور استبدال حمض الاسباراجين بحمض التايروزين. وهذا الجزيء بالذات مهم جداً، ويسهل على الفيروس الالتحام بقوة بمستقبلات الخلية من النوع ACE2. وهذا ما وجد في السلالة التي انتشرت في جنوب أفريقيا وأستراليا.
ثم جاء التحور الثالث تحت اسم P681H، وهذا دائماً يحدث في المستقبِل القريب من البروتين «فيورين» (Furin) الفيروسي الذي يسمح للفيروس في آخر مشواره بالدخول والاندماج مع الخلية البشرية.
وكل هذه العوامل تعمل كالمجداف لتحريك الفيروس للداخل الخليوي.
السؤال المهم الآن: هل تختلف سرعة انتشار هذه السلالة الجديدة مقارنة بالسلالة المتقادمة؟ وكما تقول التقارير العلمية، فإن سرعتها تزيد بنسبة 50-74 في المائة على السابقة، وأنها مسؤولة عن الإصابات الجديدة في بريطانيا بنسبة 90 في المائة.
والسؤال الذي أشغل بال الجميع؛ هل هذه السلالة قاتلة كسابقتها؟ لا نعرف بعد، ولكن الخبراء يتنبأون بأنها ليست كذلك، ولكن إذا حسبناها كالتالي: إذا كانت تنتشر بسرعة فإن عدداً أكبر من الناس المصابين سينامون في المستشفيات وتصبح هذه مزدحمة ومرهقة في الخدمات لا طاقة لها، والعناية النوعية قد تصبح ضعيفة، وهذا ما يؤدي إلى عدد متزايد من الوفيات.
وماذا عن انتقال الفيروس إلى الولايات المتحدة الأميركية المتأزمة صحياً؟ تؤكد الأخبار هذا الحدث، ولكن الأمر المبهم وبسبب الوقت المتأزم هنا أن الجهات الصحية لم تواكب السباق في تصنيف الحالات بفك الشفرات الجينية للفيروس، كما الحال في بريطانيا. ونأخذ على سبيل المثال أن أميركا حللت 51 ألف جين، بينما حللت بريطانيا 17 مليون عينة لجينات هذا الفيروس. وهذه المعلومات مبنية على تأكيد مركز مكافحة الأمراض CDC الأميركي. والمقابل شفرت بريطانيا حالات جينياً (Sequencing) ضعف ما شفرته أميركا.

- صعوبات الرصد
وتجابه عمليات الكشف عن السلالات الجديدة مشكلات كبرى، إذ يكون العديد من تحاليل البلمرة PCR سلبية لجينة الشوكة الفيروسية S-gene، ما استدعى شركة هيليكس إلى تشفير مليونين من الجينات، ووجدت أن 0.5 في المائة من الجينات فقدت الإيجابية في الجين الشوكي S-gene في 14 ولاية أميركية، وهذا ما يثبت وجود التحور الذي تعرفنا علية لاحقاً: 69-70 Del، ولكنهم لم يكملوا الأمر في الكشف عن بقية التحورات لنصل إلى السلالة B.1.1.7 (P681H, N501Y).
والسؤال الأهم: هل غير الفيروس تصرفه بالنسبة لإصابة الأطفال؟ وبالفعل فإن الفيروس قد فتح شهيته عليهم وبسرعة، وأصبح هذا ثابتاً لدى الخبراء الإنجليز. وأصبح الأمر واضحاً: إنهم سينقلون الفيروس إلى الآخرين، صغاراً وكباراً، بطريقة أسرع رغم أن الخبراء لم يجزموا على اعتماده.
وماذا بعد؟ السؤال: ماذا عن اللقاحات المتداولة؟ هل ستعمل ضد السلالة الجديدة؟ أغلب الخبراء يعتقدون ذلك.
التطعيمة ستعمل حسب تأكيد شركات تصنيع اللقاحات فايزر - بيونتك وموديرنا، بأن فاعلية التطعيم تصل إلى 99 في المائة ضد السلالة الجديدة. ولكن من يدري أي سلالة ستأتي بعد وتكون عنيدة على اللقاحات كما رأينا في لقاحات الإنفلونزا؟
ويقول الخبراء إنه سيسهل التحكم بتطوير مرسال اللقاح في وقت قصير (خلال ستة أسابيع). وهذا ما يقوله الباحث أوغور شاهين المطور للقاح فايزر - بيونتيك.
- أستاذ في علم الفيروسات


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن
تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن
TT

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن
تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

نصح أستاذ أمراض القلب بجامعة ليدز البريطانية، بيتر سووبودا، بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة، لها تأثيرات قوية على الصحة.

وأضاف سووبودا، في مقال نشرته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أن كثيراً من الأشخاص يكافحون للقيام بالقدر الموصَى به من التمارين الرياضية كل أسبوع، وبلا شك أن التمارين الرياضية مفيدة للقلب، حيث تعمل التمارين المنتظمة على خفض ضغط الدم والكولسترول، وتقلل فرص الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية، لكن في بعض الأحيان قد يكون من الصعب إيجاد الوقت والدافع لممارسة الرياضة.

وطرح سؤالاً عن أقل قدر من التمارين الرياضية، التي يمكن القيام بها، مع الاستمرار في رؤية هذه الفوائد، وردَّ بقوله: «تعتمد الإجابة على مدى لياقتك البدنية».

التمارين الرياضية مفيدة للصحة (رويترز)

وذكر أنه كلما كانت نقطة البداية الخاصة بك منخفضة من حيث اللياقة البدنية، كان عليك القيام بأشياء أقل لرؤية الفائدة، لذلك إذا كنت شخصاً خاملاً تماماً، فلن تحتاج إلا إلى قدر ضئيل من التمارين الرياضية، لرؤية انخفاض في خطر الإصابة بأمراض القلب.

ومن نقطة بداية لا تمارس فيها أي تمارين رياضية تقريباً، قد تكون ساعة أو ساعتان أسبوعياً من ركوب الدراجات أو المشي السريع هو كل ما تحتاج إليه لتقليل خطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة تصل إلى 20 في المائة.

لكن مع زيادة لياقتك وزيادة مقدار التمارين التي تمارسها، تتضاءل مكاسب صحة القلب والأوعية الدموية وتستقر في النهاية.

وذكر أن الشخص الخامل، الذي ينتقل من عدم القيام بأي شيء إلى ممارسة الرياضة لبضع ساعات في الأسبوع، سوف يرى أكبر انخفاض في مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، خلال هذه الفترة.

وإذا زاد من مقدار التمارين التي يمارسها إلى أربع ساعات في الأسبوع، فسيكون هناك انخفاض إضافي - وإن كان أصغر - في المخاطر بنحو 10 في المائة. لكن يبدو أن الفوائد على صحة القلب والأوعية الدموية تصل إلى أقصى حد لها بعد أربع إلى ست ساعات في الأسبوع، دون مكاسب إضافية بعد هذه النقطة للجميع.

ومع ذلك وجدت إحدى الدراسات، التي جرى فيها تدريب الأشخاص الخاملين على إكمال ماراثون مثلاً، أنه بمجرد وصول المشاركين إلى سبع إلى تسع ساعات في الأسبوع من التدريب، لاحظوا تغييرات ملحوظة في بِنية قلبهم.

وقال إن التدريب على هذا المستوى يعطي التخفيضات نفسها في مخاطر القلب والأوعية الدموية مثل التدريب من أربع إلى ست ساعات في الأسبوع، لكن المشاركين شهدوا زيادة في كمية عضلات القلب، وكذلك تمدد حجراته.

وذكر أن القلب مثل أي عضلة أخرى؛ إذا جرى تدريبه بشكل كافٍ، فإنه سوف يكبر.

التمارين المنزلية منخفضة التكلفة لأنها لا تستوجب دفع اشتراك شهري أو شراء مُعدات باهظة الثمن (أرشيفية)

ولفت إلى أن هذه التغييرات حدثت في وقت مبكر يصل إلى ثلاثة أشهر بعد البدء، لذا في حين أن الساعات الإضافية من التمارين لا توفر مزيداً من الفوائد؛ من حيث الحد من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، فإن هذه التغييرات في بنية القلب تعني تحسناً في اللياقة البدنية.

وقال إنه كان يُعتقد سابقاً أن مثل هذه التغييرات ممكنة فقط للنخبة من الرياضيين، لكن هذه الدراسة دليل على أنه إذا كنا على استعداد للالتزام، فيمكننا ليس فحسب الحصول على فوائد للقلب، ولكن أيضاً تطوير قلب الرياضي.

وذكر أنه بعد أن تبدأ ممارسة ساعة أو ساعتين من التمارين في الأسبوع لتحسين صحة قلبك، فقد يحدث شيء لا يصدَّق وغير متوقع، فقد تستمتع بها بالفعل.

وقال إن أربع ساعات في الأسبوع هي النقطة المثالية التي تمنحك أكبر قدر من التخفيض في مخاطر القلب والأوعية الدموية، ولكن إذا كنت تستمتع بالتدريب أو وجدت رياضة تحبها، فينبغي ألا تَدَع هذا يمنعك من القيام بالمزيد.

زيادة كثافة التمارين

قد تبدو فكرة الانتقال من عدم ممارسة التمارين الرياضية مطلقاً إلى ممارسة التمارين الرياضية لمدة أربع ساعات أسبوعياً، أمراً شاقاً، خاصة إذا لم يكن لديك كثير من وقت الفراغ، وهنا تكمن أهمية كثافة التمارين الرياضية.

إذا كنت تريد الحصول على أكبر قدر من الفائدة من حيث تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، فأنت بحاجة إلى بذل كثير من الجهد.

التمارين الرياضية يمكن أن تقلل خطر الوفاة المرتفع المرتبط بالجلوس لفترات طويلة (جامعة جنوب كاليفورنيا)

وإذا كان إيجاد الوقت لممارسة الرياضة في الأسبوع يشكل تحدياً ولا يمكنك ممارسة الرياضة إلا في عطلات نهاية الأسبوع، فتأكد من أن هذا لا يزال مفيداً.

فعلى الرغم من قِصر هذه التمارين، فإن كثافتها تعني أنه بعد عدة أسابيع من التدريب المتقطع عالي الكثافة، من المحتمل أن ترى عدداً من الفوائد؛ بما في ذلك انخفاض ضغط الدم والكولسترول.

ومع ذلك، كانت معظم دراسات التدريب المتقطع عالي الكثافة صغيرة جداً لقياس ما إذا كان هناك تأثير على مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل عام.

وهناك حاجة للتحذير من ذلك إذا كنت تعاني أمراض القلب والأوعية الدموية، حيث يُنصح بعدم ممارسة التمارين الشاقة، ويجب على الأشخاص الذين يعانون هذه الحالات الصحية الالتزام بالتمارين منخفضة أو متوسطة الشدة.

وسيظل هذا مفيداً لقلبك، في حين لا يعرِّضك لخطر الأذى.

وقال إنه بالنسبة لشخص كسول يريد تحسين صحته القلبية والأوعية الدموية، فإن الرسالة بسيطة: حتى الوقت الصغير الذي تقضيه في ممارسة أي نوع من التمارين الرياضية يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً.