دعم أميركي بمليار دولار لتمويل مشروعات اقتصادية سودانية

وزيرة المالية السودانية ورئيسة مجلس إدارة بنك التصدير الأميركي بعد توقيع مذكرة التفاهم أمس (سونا)
وزيرة المالية السودانية ورئيسة مجلس إدارة بنك التصدير الأميركي بعد توقيع مذكرة التفاهم أمس (سونا)
TT

دعم أميركي بمليار دولار لتمويل مشروعات اقتصادية سودانية

وزيرة المالية السودانية ورئيسة مجلس إدارة بنك التصدير الأميركي بعد توقيع مذكرة التفاهم أمس (سونا)
وزيرة المالية السودانية ورئيسة مجلس إدارة بنك التصدير الأميركي بعد توقيع مذكرة التفاهم أمس (سونا)

واصل السودان جني مكاسب شطبه من القائمة الأميركية، للدول الراعية للإرهاب، وفي غضون يومين متتاليين حصل على ملياري دولار من أميركا، لمساعدة الحكومة الانتقالية في السودان لسداد متأخراتها على البنك الدولي، إلى جانب دعم الصادرات والاستثمارات الأميركية بالسودان. ويُتوقع أن يسهم الدعم الأميركي في تجاوز الأزمة الاقتصادية التي تُحكم خناقها على البلاد.
ووصلت إلى الخرطوم، أمس، رئيسة مجلس إدارة بنك التصدير والاستيراد الأميركي (أكسيم)، كيمبرلي ريد، بعد ساعات من مغادرة وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، البلاد، الذي وقّع مع المسؤولين السودانيين على «اتفاقيات أبراهام» المتعلقة بتطبيع العلاقات من إسرائيل، واتفاقية القرض الجسري بمليار دولار، لتصفيه متأخرات مديونياته للبنك الدولي، وبموجبها يتلقى السودان مليار دولار سنوياً من المؤسسة الدولية.
ووقّعت وزيرة المالية السودانية المكلفة، هبة أحمد علي، ورئيسة إدارة البنك الأميركي، كيمبرلي ريد، على مذكرة التفاهم، لدعم تمويل الصادرات والاستثمارات الأميركية بالسودان بقيمة مليار دولار.
وقالت هبة في مؤتمر صحافي مشترك، إن التعاون الاقتصادي بين السودان وأميركا، يمهّد لدخول شركات أميركية كبرى في القطاعات الاقتصادية كافة، ويشجع على جذب الاستثمارات الأميركية المتوقعة خلال الفترة المقبلة، ويوفر الكثير من فرص تشغيل الشباب السوداني.
وأضافت أن الاتفاقية خطوة جديدة لتدعيم العلاقات والشراكات (السودانية – الأميركية)، ويمنح البنك ضمانات للمستثمرين الأميركيين للاستثمار في السودان في القطاعات المهمة.
وأشارت إلى أن مبلغ المليار دولار يعد الأكبر الذي يمنحه البنك لدولة في المحيط الأفريقي والعربي، مؤكدة أن الوزارة ستعمل على توظيفه في دعم قطاعات الطاقة والكهرباء والزراعة البنى التحتية، والطيران والموانئ.
من جانبها قالت رئيسة مجلس إدارة بنك التصدير والاستيراد الأميركي: «نتطلع لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين». وأضافت: «ننتظر اليوم الذي نرى فيه صادراتنا تصل إلى السودان، للمساعدة في خطط ومشاريع الحكومة الانتقالية، خصوصاً فيما يتعلق بتوفير وظائف للسودانيين».
وقالت كيمبرلي: «الفترة الماضية شهد السودان زيارات لمسؤولين لشركات أميركية كبيرة، مثل وفد شركة (جنرال إلكتريك) والشركة الأميركية لصناعة الطائرات (بوينغ)، وهذا الاتفاق يمهد لدخول الشركات الكبيرة والصغيرة للاستثمار في السودان». ونصَّت مذكرة التفاهم على توافق الجانبين على تحديد المشاريع التي ستموَّل عبر البنك، في مجالات البنى التحتية والزراعة والطاقة والتعدين والاتصالات والرعاية الطبية.
من جهة أخرى، ذكر بيان صادر عن السفارة الأميركية بالخرطوم، أن مذكرة التفاهم تسمح للحكومة المدنية في السودان بالحصول على تمويل من البنك الأميركي، يتضمن القروض والضمانات والتأمين، وذلك لتمويل صادرات أميركية للسودان تصل قيمتها إلى مبلغ إجمالي بقيمة مليار دولار أميركي.
وتفتح الاتفاقيات الموقَّعة بين السودان وأميركا الباب واسعاً أمام الحكومة الانتقالية للحصول على تمويل مالي من المؤسسات المالية الدولية، والمزيد من القروض والمنح، لإكمال الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي بدأتها.
وبحثت لقاءات المسؤولين الأميركيين في السودان على مدى اليومين الماضيين، العلاقات الثنائية وتطوير التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار، الذي عدّته الخرطوم مؤشراً قوياً على دخول العلاقات بين البلدين عهداً جديداً من التعاون والتنسيق المشترك.
كان الكونغرس الأميركي قد صادق على مشروع قانون دعم الانتقال الديمقراطي في السودان، الذي يشكّل دعماً كبيراً للحكومة المدنية، برئاسة عبد الله حمدوك، لمعالجة الاختلالات الاقتصادية، وإدخال البلاد ضمن مبادرة الدول الفقيرة لإعفاء الديون الخارجية.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.