تحذير من {آثار عميقة وطويلة الأمد} للجائحة على الصحة العقلية

العاملون في المهن الطبية أكثر المتضررين

ملصق في برلين للتوعية بمخاطر «كوفيد - 19» (إ.ب.أ)
ملصق في برلين للتوعية بمخاطر «كوفيد - 19» (إ.ب.أ)
TT

تحذير من {آثار عميقة وطويلة الأمد} للجائحة على الصحة العقلية

ملصق في برلين للتوعية بمخاطر «كوفيد - 19» (إ.ب.أ)
ملصق في برلين للتوعية بمخاطر «كوفيد - 19» (إ.ب.أ)

حذرت دراسة علمية، هي الأوسع حتى الآن في مجالها، من خطورة «الآثار العميقة والطويلة الأمد» التي تتركها جائحة «كوفيد- 19» على الصحة العقلية لكثيرين، بسبب تدابير العزل والتباعد الاجتماعي، والخوف من الإصابة بالفيروس، والقلق على الأهل والأصدقاء، وعلى الوضع المالي وآفاق المستقبل.
وفي حديث هاتفي مع «الشرق الأوسط» قال جود ماري سينا، أستاذ علم النفس السريري في جامعة «أوتاوا» الكندية، ورئيس فريق الخبراء الذي أشرف على هذه الدراسة التي تنشرها مجلة «Psychiatry Research» في عددها الأخير: «انطلقنا في بحوثنا من الدراسات التي سبق وأجريناها حول تداعيات فيروس (إيبولا) على الصحة العقلية لبعض المجموعات السكانية في البلدان الأفريقية التي ضربها الوباء منذ خمسة أعوام».
وتقوم هذه الدراسة على تحليلات معمقة أجراها فريق الاختصاصيين والخبراء في الصحة العقلية على 55 دراسة دولية، شملت 190 ألف متطوع، أجريت منذ مطلع هذا العام حتى يونيو (حزيران) في الصين وإيطاليا والولايات المتحدة وبيرو وإسبانيا وإيران وعدد من البلدان الأخرى. ويقول رئيس فريق الباحثين الكنديين: «رغم أن الدراسات الصينية كانت الأوسع من حيث عدد المشاركين، فإن استنتاجاتها لم تتضمن تبايناً يذكر بالمقارنة مع الدراسات الأخرى». ويستفاد من النتائج أن 24 في المائة من الأشخاص كانوا يعانون من الأرق، و22 في المائة من الاضطرابات النفسية اللاحقة للصدمة، وفي المائة من الاكتئاب، و15 في المائة من القلق المفرط، وهي أرقام تضاعف عدة مرات تلك التي تنشرها عادة منظمة الصحة العالمية.
ولا يستدل من نتائج الدراسة عن وجود فوارق بين الذكور والإناث أو بين المناطق الجغرافية، ولا حتى بين أفراد الطواقم الصحية وبقية السكان، سوى في حالة الأرق؛ إذ تبين أنه يصيب العاملين في القطاع الصحي بنسبةٍ أضعاف الآخرين، وهم أكثر المتضررين. وقال سينا: «تجدر الإشارة إلى نتائج دراسة سبق أن أجريناها حول الصحة العقلية بعد الزلزال الذي ضرب هاييتي؛ حيث تبين أن مستويات الاكتئاب والقلق عند الذين خرجوا من البلاد بسرعة كانت أعلى، بالمقارنة مع أولئك الذين لم يغادروا، وكانت مستويات الأرق عندهم تضاعف خمس مرات تلك التي تنشرها عادة منظمة الصحة العالمية».
وكانت منظمة الصحة العالمية قد نشرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تقريراً يفيد بأن جائحة «كوفيد- 19» قد أضعفت أو شلت الخدمات الحرجة للصحة العقلية في 93 في المائة من بلدان العالم، في الوقت الذي ازدادت الحاجة لمثل هذه الخدمات بسبب الجائحة. وكان المدير العام للمنظمة تيدروس أدحانوم غيبريسوس قد صرح عند تقديم التقرير قائلاً: «على قادة العالم التحرك بسرعة وحزم، لدعم خدمات الصحة العقلية التي تنقذ الأرواح خلال الجائحة وبعدها». وكانت المنظمة قد نبهت إلى أن هذه الخدمات قد تراجعت أو توقفت خلال هذه المرحلة التي لها تداعيات كبيرة على الصحة العقلية، إن بالنسبة لمن كانوا يعانون من مشكلات أو أولئك الذين ظهرت عندهم المشكلات بفعل الجائحة. وكان خبراء منظمة الصحة قد أوصوا بأن تأخذ الدراسات حول تداعيات الجائحة على الصحة العقلية بالبيانات الاجتماعية والديمغرافية، وغيرها من العوامل التي تساعد على وضع خطط استجابة فعالة خلال هذه الجائحة، واستعداداً للمستقبل.
وبينما حذرت منظمة الصحة العالمية من تداعيات الجائحة على الصحة العقلية والنفسية للأطفال والشباب، بسبب إغلاق المدارس وتغيير النمط التعليمي، ذكرت أيضاً أن الاضطرابات العقلية تشكل 16 في المائة من الأمراض التي يعاني منها الذين تتراوح أعمارهم بين العاشرة والتاسعة عشرة، ويشكلون 17 في المائة من سكان العالم. وأشارت في بيان إلى أن نصف الاضطرابات العقلية تبدأ في سن الرابعة عشرة أو قبلها، وأن 90 في المائة من هذه الحالات لا تُكشف أو لا تعالَج، وأن الاكتئاب هو السبب الأول في هذه الاضطرابات، مذكرة بأن الانتحار هو المسبب الثالث للوفيات عند الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً.
ويذكر أن دراسة أجرتها جامعة «بنسلفانيا» الأميركية نُشرت مطلع الشهر الماضي، بينت أن 18 في المائة من سكان الولايات المتحدة الذين أصيبوا بـ«كوفيد- 19» وتعافوا منه، كانوا يعانون من مشكلات في الصحة العقلية بعد فترة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أشهر من إصابتهم بالوباء. وكانت تلك الدراسة قد شملت أكثر من 62 ألف مريض تعافوا من الفيروس، بينهم 63 في المائة من الشباب دون التاسعة عشرة من العمر.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.