هدوء على جبهات عين عيسى بعد اشتباكات متقطعة

TT

هدوء على جبهات عين عيسى بعد اشتباكات متقطعة

خيم هدوء حذر على جبهات عين عيسى الشرقية والشمالية الشرقية، بعد اشتباكات عنيفة استمرت منذ منتصف الليلة قبل الماضية وحتى قبل ظهر أمس (السبت)، بين فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) دون تغيير في خريطة السيطرة، إذ لا تزال قرية مشيرفة خالية من الطرفين، بينما توجد الفصائل في جهبل غرب وتوجد «قسد» في جهبل شرق.
وتجددت المعارك بوتيرة عنيفة على جبهات عين عيسى بريف الرقة الشمالي، بين قوات «قسد» من جانب والفصائل الموالية لتركيا من جانب آخر؛ حيث بدأت الاشتباكات بعد منتصف ليل الجمعة – السبت وتواصلت أمس تزامناً مع قصف واستهدافات متبادلة، وسط قصف صاروخي مكثف تنفذه القوات التركية.
وتتركز الاشتباكات على جبهتي جهبل ومشيرفة ومحيط عين عيسى في شمال الرقة، وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الجبهتين تشهدان عمليات كر وفر، ومعلومات مؤكدة عن مزيد من الخسائر البشرية بين الطرفين.
وكان المرصد السوري قد وثق أمس مقتل عنصرين من «قوات سوريا الديمقراطية»، إثر القصف والاشتباكات في قرية جهبل بريف عين عيسى شمالي الرقة، وكانت مصادر «المرصد» قد أفادت بأن أهالي قرية جهبل بريف عين عيسى، أصبحوا محاصرين في القرية بعد انسحاب «قسد» منها قبل ساعات؛ حيث بقي الأهالي داخل القرية محاصرين بين الفصائل و«قسد».
وكان هجوم عنيف شنته الفصائل بإسناد مدفعي مكثف من جانب القوات التركية، على القريتين، أول من أمس، أدى إلى 10 قتلى في صفوف الفصائل، جراء انفجار لغم في مجموعة منهم، بالإضافة للاشتباكات مع «قسد» في المنطقة، بينما قتل اثنين من عناصر «قسد».
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، مقتل 5 من عناصر «قسد» أثناء محاولتهم تنفيذ هجوم في منطقة عملية «نبع السلام» شمال شرقي سوريا. وقالت إن القوات التركية ستستمر في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان الأمن والسلام في المنطقة.
من ناحية أخرى، أفاد «المرصد» بوقوع 6 قتلى جراء الانفجارات العنيفة التي ضربت مقراً لفصيل «أحرار الشام» الموالي لتركيا، في قرية جولقان في عفرين بالقرب من ناحية جنديرس، كما أصيب آخرون بعضهم في حالة خطيرة. وتخضع عفرين لسيطرة تركيا والفصائل الموالية لها، فيما تعرف بمنطقة «غصن الزيتون» في حلب.
في الوقت نفسه، هاجم مسلحون مجهولون حاجزاً للشرطة الموالية لتركيا عند الجهة الغربية لمنطقة صوران في أعزاز بريف حلب الشمالي، دون معلومات عن خسائر بشرية.
إلى ذلك، واصلت قوات النظام أمس القصف الصاروخي على ريفي إدلب وحماة؛ حيث استهدفت بالقذائف الصاروخية والمدفعية مناطق في الفطيرة وكنصفرة وفليفل وبينين بريف إدلب الجنوبي، والعنكاوي بسهل الغاب شمال غربي حماة.
وأفاد «المرصد»، بمقتل عنصر من قوات النظام على محور معرة موخص بريف إدلب الجنوبي، خلال الاشتباكات والاستهدافات المتبادلة مع الفصائل أول من أمس. ونفذت الفصائل قصفاً مدفعياً على مواقع وتجمعات قوات النظام في جبل الزاوية بريف إدلب، بينما قصفت قوات النظام بلدة كنصفرة ومواقع أخرى في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.