«جرعة أمل»... أطباء وممرضون أميركيون يصفون تجربة لقاح «كورونا»

ممرضة تعطي إحدى العاملات في القطاع الطبي لقاح فايزر-بيونتك في ولاية فلوريدا (أ.ف.ب)
ممرضة تعطي إحدى العاملات في القطاع الطبي لقاح فايزر-بيونتك في ولاية فلوريدا (أ.ف.ب)
TT

«جرعة أمل»... أطباء وممرضون أميركيون يصفون تجربة لقاح «كورونا»

ممرضة تعطي إحدى العاملات في القطاع الطبي لقاح فايزر-بيونتك في ولاية فلوريدا (أ.ف.ب)
ممرضة تعطي إحدى العاملات في القطاع الطبي لقاح فايزر-بيونتك في ولاية فلوريدا (أ.ف.ب)

بينما يستعد الدكتور ريشي سيث لتلقي أول جرعة من لقاح كورونا في الولايات المتحدة، كان يفكر في مرضاه المتواجدين في الرعاية المركزة، فهناك سائق خرج من المستشفى بعد أن كان على جهاز التنفس الصناعي والأب الذي يحتضر وقد ودع ابنتيه في سكن الجامعة من خلال فيديو.
كان سيث يتولى رعاية أربعة مصابين بكوفيد - 19 صباح أمس (الاثنين) ويتفحص مستويات الأكسجين لديهم ومراجعة خطط علاجهم، قبل أن يخلع بذلته الواقية وينضم لأول مجموعة من العاملين في مجال الرعاية الصحية في البلاد لتلقي لقاح «كورونا».
يقول الدكتور سيث، وهو طبيب باطني في إحدى مستشفيات ولاية نورث داكوتا عن أول أيام تلقي اللقاح في ولاية ضربها فيروس كوفيد - 19 لصحيفة «نيويورك تايمز»: «اليوم عاطفي للغاية. ما زلنا نخوض معركة، لكن شيئا يلوح في الأفق».
وبدأت الولايات المتحدة في إعطاء جرعات من اللقاح أمس (الاثنين)، وهي الأولى في حملة وطنية على مستوى البلاد، ووصفت الصحيفة الأمر بأنه «لحظات مليئة بالأمل والألم لمئات من العاملين في مجال الرعاية الصحية في أميركا. فعندما اصطف الأطباء والممرضات لتلقي جرعات اللقاح تبادلوا المزاح كونهم سيشعرون بوخزات الإبر، بعد أشهر من المعاناة ومواجهة كابوس الوباء في البلاد الأكثر تضررا من كوفيد - 19».

ووصفت الصحيفة أفراد القطاع الطبي الأميركي خلال تفشي الوباء: «لقد صبروا حتى الحصول على معدات واقية وجربوا عدة علاجات. لقد نسقوا المكالمات الهاتفية الأخيرة في حياة المرضى وأمسكوا بأيديهم عندما لم تتمكن العائلات من الزيارة، لقد ركضوا عندما حذرت أجهزة الإنذار من أن أحد المرضى على وشك الموت».
وتقول منى مغاري، وهي صيدلانية تبلغ من العمر 30 عامًا في ولاية نيو أورلينز، صباح أمس (الاثنين) أثناء قيامها بإعطاء أول جرعة من اللقاح في ظل تواجد عدد من الصحافيين وقادة الدولة: «هذا من أجل كل هؤلاء المرضى الذين ما زالوا يأتون من الأبواب».
وفي جميع أنحاء البلاد، أصبحت قاعات المستشفيات وقاعات المؤتمرات مواقع لتلقي جرعات اللقاح، وهي المرحلة الأولى للنجاة من الفيروس الذي أودى الآن بحياة أكثر من 300 ألف شخص في الولايات المتحدة. كما تم تلقيح عاملين صحيين آخرين في ولايات أوهايو وبنسلفانيا وأيوا في وقت مبكر من صباح أمس (الاثنين).
وفي ولاية نيوجيرسي، استعد 155 طبيبا وممرضا من المعرضين بشكل كبير لمخاطر الفيروس لتلقي جرعات اللقاح من لقاح فايزر - بيونتيك الذي حصل على موافقة من قبل هيئة الغذاء والدواء الأميركية. ووصفت الممرضة كنزي فرانكل والتي تطوعت منذ تسعة أشهر للعمل في وحدة فيروس كورونا بمستشفى «سانفورد هيلث» بأن تلقي جرعة اللقاح «أعطاها الأمل».
ووصفت الدكتورة ماغي هاغان، وهي تعمل في مستشفى في كانساس وتستقبل ما يقارب من 50 مريضا بكورونا يوميا، تلقي جرعات اللقاح: «كدت أبكي وأنا أتحدث إليكم. لقدا حصلت على أمل. وكأنني لم أحصل على لقاح من قبل»، وتابعت الطبيبة «نأمل أن تكون هذه هي بداية النهاية هذا الوباء الرهيب الذي عانينا منه جميعًا. نحن خط المواجهة رأينا بالفعل المعاناة والمأساة المرتبطة به».

ويواجه الأطباء في البلاد ساعات عمل طويلة بوردية قد تصل إلى 12 ساعة، وعاشوا قلق التعامل مع الأهل والأصدقاء خوفا من إصابتهم بالفيروس، وعاني عدد من الأطباء والممرضين من اضطرابات ما بعد التعرض للضغط. وتقول ماغي هانسن، رئيسة الممرضات في جنوب فلوريدا أنه الفيروس «فرض ضريبة باهظة على القطاع الطبي، تخيل أن تبذل كل ما في وسعك ولا تنجح في إنقاذ عدد من المرضى من الموت... لقد أرهقوا جسديا وعقليا بسبب الوباء».
ويذكر الدكتور مارك كونروي، 41 عامًا، وهو طبيب طوارئ والمدير الطبي لقسم الطوارئ بمستشفى جامعة ولاية أوهايو، عقب تلقيه أول جرعة من اللقاح: «لقد مرت عشرة أشهر طويلة من العمل على حماية أنفسنا وحماية مرضانا، والحصول على اللقاح فرصة لنكون أكثر أمانا قليلا للمضي قدما»، وتابع كونروي الذي فقد أصدقاء جراء الفيروس أنه كان يشعر بالقلق إزاء مخاوف إصابة عائلته بالعدوى، لكن اللقاح قلل من بعض مخاوفه، وأكد أنه سيستمر في ارتداء القناع الواقي والالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي.

كما تلقت الممرضة المتخصصة في العناية المركزة ساندرا ليندسي اللقاح أمام الكاميرات في «لونغ آيلند جيويش ميديكل سنتر»، المستشفى الكبير في منطقة كوينز. وبدت ليندسي مبتسمة وقالت بعد تلقيها الحقنة في ذراعها «أنا بخير تماما. لم أشعر بأي فرق عن اللقاحات الأخرى».
وشاهد حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو تلقيحها عبر تقنية الفيديو وسارع إلى تهنئتها قائلا «آمل أن يمنحك هذا الأمر (ويمنح) الممرضين الذين يعملون هنا كل يوم، إحساسا بالأمان ومزيدا من الكفاءة» في العمل.
وقالت المرأة السوداء إن وصول اللقاح «يعني الأمل والعلاج وعودة الصحة العامة» مضيفة أنها «فخورة بتعزيز الثقة في لقاح» قال 39 في المائة من الأميركيين إنهم لا يرغبون في الحصول عليه في أوائل ديسمبر (كانون الأول).
وتستهدف حملة التلقيح الأميركية، وهي الأكبر في تاريخ البلاد، في المقام الأول مقدمي الرعاية ودور العجزة، وهم الأكثر عرضة.
وتشمل مرحلة التلقيح الأولى نحو ثلاثة ملايين شخص، فيما الهدف هو تلقيح 20 مليون شخص بالمجمل في ديسمبر (كانون الأول) ونحو مائة مليون قبل نهاية مارس (آذار).


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».