كرة القدم من دون جمهور لا تعني شيئاً... والمستوى والحماس انخفضا

عشاق اللعبة يعانون فراغاً هائلاً بعد 10 أشهر من إغلاق الملاعب

الهياكل الكرتونية حلت مكان الجماهير في محاولة زائفه لتشجيع اللاعبين
الهياكل الكرتونية حلت مكان الجماهير في محاولة زائفه لتشجيع اللاعبين
TT

كرة القدم من دون جمهور لا تعني شيئاً... والمستوى والحماس انخفضا

الهياكل الكرتونية حلت مكان الجماهير في محاولة زائفه لتشجيع اللاعبين
الهياكل الكرتونية حلت مكان الجماهير في محاولة زائفه لتشجيع اللاعبين

لا يمكن وصف كرة القدم من دون جمهور في الوقت الحالي سوى بأنها «لا شيء». وأعتقد أن هذا التصور موجود لدينا جميعاً الآن، بدرجة أكبر أو أقل، ولا يختلف الأمر في وسائل الإعلام، ويمكن القول بكل بساطة، إن كرة القدم من دون جمهور لا تعني شيئاً، بل إنها عبارة عن مهزلة كبرى.
وعلى الرغم من أن اللاعبين والعاملين في مجال كرة القدم ما زالوا يبذلون الجهد نفسه، فإن الشيء الواضح للجميع هو أن مستوى كرة القدم نفسها قد انخفض كثيراً، وأصبح غير منتظم بشكل متزايد. والأهم من ذلك كله، أن كرة القدم ما زالت تُلعب، ولا تزال الكاميرات تنقل المباريات، وما زلنا نحن الإعلاميين نتحدث عن ما يجري في تلك المباريات. لكن الحقيقة هي أن كرة القدم من دون جماهير أصبحت أكثر برودة وغرابة، وأقل جاذبية وأقل إنصافاً، وبمعظم المقاييس أقل جودة.
لكن السؤال الذي لم تتم الإجابة عنه بعد، في رأيي، هو: ما الذي يحدث للجماهير من دون كرة القدم؟... وماذا يعني أن تكون مشجعاً لكرة القدم هذه الأيام؟ منذ وقت ليس ببعيد، كان من السهل للغاية الإجابة عن هذا السؤال، حيث كان يمكن للمشجع أن يذهب إلى الملعب ويشاهد المباراة ويذهب إلى المقهى. وإذا كان المشجع يريد حقاً الاستمتاع بالقاعدة الجماهيرية العريضة لناديه، فكان بإمكانه شراء تذكرة موسمية لحضور المباريات أو السفر لمسافات طويلة لمتابعة ناديه المفضل وهو يلعب خارج ملعبه.
لكن تفشي فيروس كورونا قضى على كل ذلك، فلم نعد قادرين على سماع الجماهير وهي تغني أثناء سفرها في القطارات، أو وهي تغني في الشوارع والمقاهي، أو وهي تشدو في الشوارع، بل على العكس أصبحنا نرى كل شخص يقف بمفرده في زاوية بعيدة. لكن ليست الطقوس وحدها هي التي اختفت بسبب غياب الجماهير عن الملاعب، لكن طبيعة المشجعين نفسها تغيرت: الرحلات الطويلة المشتركة بالسيارات، والحافلات التي تنطلق في الثامنة صباحاً، والحانات والمطاعم. وحتى العادة البسيطة المتمثلة في الذهاب إلى منزل أحد الأصدقاء لمشاهدة المباراة معه لم تعد موجودة، أو قلّت إلى حد كبير. لقد انتقلت متابعة مباريات كرة القدم بالكامل إلى عالم الإنترنت، وبالتالي تغيرت طرق وديناميكيات التشجيع وفقاً لذلك.
وفي الظروف الطبيعية، كان المشجع العادي يشتري تذكرة لحضور المباراة وكان يحتفظ بالعديد من الذكريات عما حدث خلال هذا اللقاء أو ذاك، لكن عالم الإنترنت يعمل وفق أنظمة وقيم مختلفة تماماً، وتسيطر عليه مشاعر التبجح والتفاخر والتباهي بالآراء، وفتن الصراعات. والأهم من ذلك، أنه لا يهتم إلى حد كبير بالجغرافيا أو التاريخ. وأصبح الجميع متساوياً، فالمشجع المخضرم الذي كان يشتري التذاكر الموسمية لمدة 45 عاماً أصبح مثل المراهق القادم من أميركا أو الهند الذي قد لا يكون قادراً على معرفة اسم أي لاعب من لاعبي ناديه قبل عام 2004، لكنه في المقابل لديه معرفة كبيرة بعالم الإنترنت وقادر على التعبير عن غضبه بشكل صاخب!
قد لا يكون هذا بالأمر السيئ إلى حد ما. فهل الرجل الذي يظل مستيقظاً في إندونيسيا حتى الساعة الخامسة صباحاً لمشاهدة مباريات آرسنال على شاشة هاتفه الصغير يقل عن أحد سكان إيسلينغتون الذي يتجول إلى ملعب الإمارات من منزله الذي تبلغ قيمته مليوني جنيه إسترليني؟ ربما لا، بالطبع. لكن النسيج الغني لعشاق كرة القدم كان دائماً مستمداً من تعدد المنافذ: المادية والافتراضية، والملعب، والرسائل، والجمهور الذي لا يتوقف عن الغناء. لكن الآن، فإن الفراغ هو الذي يسيطر على كل شيء!
لكن كيف ينعكس ذلك الأمر على أرض الواقع؟ للإجابة عن هذا السؤال يتعين علينا أن نشير إلى الخلاف الشديد على شبكة الإنترنت بين مشجعي إيفرتون وليفربول حول إصابة مدافع الريدز، فيرجيل فان دايك بعد التدخل القوي عليه من حارس إيفرتون جوردان بيكفورد.
وخلال الأسبوع الماضي، أشارت تقارير إلى أن بيكفورد استأجر حراساً شخصيين لحمايته هو وعائلته بعد تلقيه تهديدات متعددة بالقتل عبر الإنترنت بسبب تدخله العنيف على المدافع الهولندي. ربما كان كل هذا متوقعاً على أي حال، لكن سرعة وضراوة التصعيد بدت وكأنها نتاج كل هذا الإحباط المكبوت – تدخل عنيف، وإصابة لاعب، وصعوبة في الدفاع عن اللقب – وتوجيه كل هذا الإحباط والكبت إلى منفذ واحد فقط، حيث تكون آلاف العيون مثبتة على آلاف الشاشات، وكلها تزداد غضباً.
إلى أين يقودنا كل هذا؟ بالتأكيد، لا أحد يعرف. ودائماً ما تبدو ثقافة المشجعين بالخارج مهددة بشكل متزايد: في الوقت الحالي، تتمثل أولوية الأندية في إعادة جماهيرها، وليس جماهير المنافسين، في ظل وجود كل العقبات الأمنية واللوجيستية الحالية. وفي غضون ذلك، بدأت الأندية الكبرى بالفعل في إعادة تنظيم قاعدتها الجماهيرية، ليس على أساس الجغرافيا، ولكن على أساس قدرتها على دفع الأموال.
وتعتبر مناورة «الدفع مقابل المشاهدة» في الدوري الإنجليزي الممتاز بمثابة اختبار حاسم للنموذج التجاري الأساسي لهذه الأندية: فكرة أنه بغض النظر عن أي شيء، سيحاول المشجعون المتعصبون دائماً مشاهدة كل المباريات.
وقد كان هناك بعض المشاهد الحماسية خلال الأسابيع الأخيرة، لعل أبرزها جهود جمع التبرعات عبر الإنترنت من قبل المشجعين الذين رفضوا العرض الجشع للدوري الإنجليزي الممتاز وتبرعوا بمبلغ 14.95 جنيه إسترليني لبنوك الطعام المحلية.
ويجب أن نشير أيضاً إلى أن حملة الوجبات المدرسية المجانية، التي يقودها نجم مانشستر يونايتد ماركوس راشفورد، تدين بالكثير من زخمها الكبير إلى حقيقة أننا كنا جميعاً عالقين في المنزل وناشطين للغاية على مواقع التواصل الاجتماعي.


مقالات ذات صلة

«الدوري الإيطالي»: روما يحسم الديربي… ويعود إلى سكة الانتصارات

رياضة عالمية هذا الفوز الثاني لروما في مبارياته الثلاث الاخيرة (إ.ب.أ)

«الدوري الإيطالي»: روما يحسم الديربي… ويعود إلى سكة الانتصارات

عاد روما إلى سكة الانتصارات بحسمه دربي العاصمة أمام جاره لاتسيو 2-0 الأحد في المرحلة التاسعة عشرة من بطولة إيطاليا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية ليفاندوفسكي نجم برشلونة (اب)

نجوم يطاردون الأرقام القياسية في 2025

يتطلع نجوم الساحرة المستديرة لمطاردة مزيد من الأرقام القياسية خلال عام 2025، وفي مسيرتهم الحافلة بالإنجازات، أملاً في تعزيز وجودهم بوصفهم أبرز أساطير كرة القدم

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة عربية الهلال السوداني إلى ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا (نادي الهلال)

«أبطال أفريقيا»: الهلال السوداني إلى ربع النهائي

بلغ الهلال السوداني دور الثمانية من بطولة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم، وذلك عقب تعادله مع ضيفه مولودية الجزائر 1/1.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
رياضة عالمية روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (د.ب.أ)

أموريم: أنا مستاء!

أبدى روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد سعادته بالقوة التي أظهرها فريقه خلال تعادله المثير 2-2 مع ليفربول متصدر الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عربية نهضة بركان المغربي أول المتأهلين لربع نهائي الكونفدرالية الأفريقية (نادي نهضة بركان)

«الكونفدرالية الأفريقية»: نهضة بركان أول المتأهلين لربع النهائي

حجز فريق نهضة بركان المغربي بطاقة التأهل الأولى لدور الثمانية في كأس الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم بالفوز على مضيفه ستاد مالي.

«الشرق الأوسط» (باماكو)

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)
TT

مدرب العراق: مباراة السعودية لن تكون سهلة

كاساس (الشرق الأوسط)
كاساس (الشرق الأوسط)

قال الإسباني خيسوس كاساس، مدرب العراق، إنه سيحلل الأخطاء التي أدت لهزيمة فريقه 2 - صفر أمام البحرين، اليوم الأربعاء، ضمن الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية ببطولة كأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) بالكويت، استعداداً لمواجهة السعودية.

وقال كاساس، في المؤتمر الصحافي عقب المباراة: «مباراة السعودية لن تكون سهلة على الإطلاق. سنحاول تحليل أخطائنا وإيجاد أكبر عدد من اللاعبين اللائقين بدنياً للعب المباراة وسنفعل كل ما يجب علينا فعله، لكن بكل حال، لن تكون المباراة سهلة».

وأكد أن مواجهة البحرين «لم تكن سهلة ولا بد أن نهنئ البحرين على الفوز والتأهل».

وأضاف: «ظهر علينا الإرهاق وغياب بعض اللاعبين أثر علينا».

وأكد أنه فضّل اليوم الدفع بلاعبين يتمتعون بالحيوية وليسوا مرهقين نظراً لأنه لاحظ إرهاق بعض عناصر الفريق.

وأضاف أن العراق لم يكتفِ بالتأمين الدفاعي في الشوط الثاني، وإنما كان الأكثر هجوماً، موضحاً: «لكنني بالتأكيد لست سعيداً بالأداء ولا أشعر بالرضا عنه».

وقال كاساس: «هناك شيء إيجابي اليوم وهو وجود عدد من اللاعبين صغار السن وهذا سيساعدهم في المستقبل لأنهم يكتسبون الخبرة من هذه البطولة. البحرين تفوقت علينا في الالتحامات اليوم، وهذا ساعدهم في الفوز لكن لاعبينا الصغار اكتسبوا خبرة وهذا أمر إيجابي».