وفاة شقيق البشير في السجن بعد صراع مع المرض

ألقي القبض عليه بتهم فساد غداة سقوط حكم شقيقه

عبد الله البشير (من مواقع التواصل)
عبد الله البشير (من مواقع التواصل)
TT

وفاة شقيق البشير في السجن بعد صراع مع المرض

عبد الله البشير (من مواقع التواصل)
عبد الله البشير (من مواقع التواصل)

توفي عبد الله البشير، شقيق الرئيس المعزول عمر البشير، بعد صراع طويل مع المرض، ونتيجة لإصابته بـ«كورونا»، ومعاناته من مضاعفات مرض السرطان، وذلك بعد أسابيع على رفض المحكمة التي يحاكم لديها باتهامات فساد، طلب أسرته السماح له بالسفر إلى خارج البلاد لتلقي العلاج، لتتم مواراته الثرى بحضور عدد من معارفه وأفراد أسرته.
وألقي القبض على عبد الله البشير في أبريل (نيسان) 2019، بعد نجاح الثورة الشعبية في إسقاط حكم شقيقه الرئيس المعزول عمر البشير، ووجهت له تهم فساد وخيانة الأمانة، ظل يخضع للمحاكمة تحت إحداها إلى لحظة وفاته. ورغم عدم صدور أحكام بحق عبد الله، يتداول السودانيون ومواقع التواصل الاجتماعي، قصص فساد كبيرة، واستغلال لنفوذ شقيقه الرئيس المعزول في تكوين «إمبراطورية» مالية.
وخضع الراحل للمحاكمة أمام إحدى المحاكم بتهم تتعلق بالفساد المالي، منها بيع مصنع «حديد شوامخ» التابع للقوات المسلحة، دون أن تكون له صلاحيات لذلك.
وواجه الراحل بلاغات إلى نيابة الفساد، ولا تزال النيابة العامة تجري عدداً من التحقيقات بشأن عدد من قضايا الفساد ضد الرجل، لم تصل المحاكم بعد.
ويقول معارضو رأس النظام المعزول، إن البشير وأسرته كوَّنوا إمبراطورية مالية داخل البلاد وخارجها، تسيطر على الاستثمارات الأكثر حيوية وربحية في السودان، بما في ذلك قطاعات الاتصالات، والتمويل المصرفي، والتعاقدات الحكومية، واستقبال المستثمرين، واستخراج مستحقات المقاولين لدى الحكومة، وخدمات البترول، وغيرها، وقف على رأسها أشقاء البشير ومقربون منه، أبرزهم عبد الله.
ويتداول بشكل كثيف أسماء عديد من الشركات والاستثمارات، بزعم أنها تعود إلى أسرة البشير كلياً أو جزئياً أو بالشراكة مع مقربين، وعلى رأسها «مجموعة زوايا» و«الشركة السودانية للاتصالات»، وفندق «السلام روتانا»، و«عفراء مول»، وكثير غيرها.
وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أدانت محكمة خاصة الرئيس المعزول عمر البشير، بالفساد المالي والثراء الحرام، والاتجار في العملات الأجنبية، وقضت بسجنه في مؤسسة إصلاحية لعامين، بينما يخضع هو ومدبرو «انقلاب الإنقاذ» للمحاكمة، تحت تهم تقويض النظام الدستوري، والانقلاب على الحكومة المنتخبة، وهي تهم عقوبتها الإعدام.
وصادرت لجنة مختصة باجتثاث وتصفية نظام البشير، عشرات قطع الأراضي السكنية من عبد الله البشير، قالت إنه حصل عليها عن طريق استغلال النفوذ، وأوضحت أنه استغل نفوذه وقربه من شقيقه الرئيس المعزول وحصل على تلك الأراضي، وقام بتسجيلها بأسماء أبنائه وزوجته وشقيقه.
وتوفي عبد الله البشير في أحد مستشفيات الخرطوم التي كان يتلقى العلاج فيها، بعد تدهور حالته الصحية في سجن كوبر؛ حيث يحتجز منذ سقوط حكم شقيقه الرئيس المعزول عمر البشير. وفي مايو (أيار) الماضي، نقلت الصحافة المحلية أخباراً عن تدهور صحته ونقله من السجن إلى المستشفى، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري رفضت المحكمة طلب الدفاع عن الرجل بالسماح له بالعلاج خارج السودان.
ونقلت «باج نيوز» على الإنترنت عن حزب «المؤتمر الوطني» المحلول (الحزب الحاكم إبان عهد البشير وبرئاسته) تحميله النائب العام السوداني المسؤولية عن وفاة عبد الله البشير، والمسؤولية عن قياداته المعتقلين كافة. وقال الحزب المحلول في بيان عن رئيسه المكلف (لم يذكر اسمه)، إن «المرحوم مكث أكثر من عامين في السجن ظلماً وجوراً دون أن توجه له أي تهم، وهو يكابد المرض»، وإن حالته الصحية تدهورت بسبب رفض النائب العام الموافقة على علاجه خارج البلاد.
ويعد عبد الله البشير هو الرجل الثاني من قادة نظام الإسلاميين المقبوض عليهم بعد سقوط البشير الذي يتوفى أثناء سجنه، بعد القيادي الإسلامي الشريف أحمد بدر عمر، الذي لقي حتفه جراء إصابته بـ«كورونا» داخل السجن، في مايو الماضي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.