العالم بانتظار معلومات عن سلالة «كورونا» الجديدة في الدنمارك

انتقلت من حيوان المنك للبشر ومخاوف من تأثيرها على إنتاج اللقاحات

إعدام الملايين من حيوانات المنك في الدنمارك (غيتي)
إعدام الملايين من حيوانات المنك في الدنمارك (غيتي)
TT

العالم بانتظار معلومات عن سلالة «كورونا» الجديدة في الدنمارك

إعدام الملايين من حيوانات المنك في الدنمارك (غيتي)
إعدام الملايين من حيوانات المنك في الدنمارك (غيتي)

حملت الأيام الماضية أخبارا متفائلة حول البدء بإنتاج لقاح جامعة أكسفورد الخاص بـ(كوفيد - 19) خلال ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ولم يدم التفاؤل طويلا، حيث جاءت الأخبار الواردة من الدنمارك، لتشير إلى ظهور سلالة جديدة من فيروس «كورونا المستجد»، انتقلت للبشر عن طريق حيوان المنك. وقالت التقارير التي تناولت هذا التطور إنه «قد يقوض فاعلية اللقاحات».
وأصيب أكثر من 200 شخص في الدنمارك بفيروس «كورونا» المرتبط بالمنك، غير أن العلماء الدنماركيين يشعرون بالقلق بشكل خاص من سلالة واحدة من الفيروس مرتبطة بالمنك، وجدت في 12 شخصا، وجدوا أنها أقل حساسية للأجسام المضادة الواقية، مما يثير مخاوف بشأن تطوير اللقاحات.
وفي تحرك سريع أقدمت السلطات الدنماركية على إعدام 17 مليونا من حيوان المنك المستزرع في الدنمارك، لغرض الحصول على الفراء، كما تم وضع جزء من البلاد تحت الإغلاق، وهي الخطوة التي أثارت حالة من القلق، بالنظر إلى مستوى الخوف المرتفع الذي سببه وباء (كوفيد - 19)، الذي أودى بحياة أكثر من 1.2 مليون شخص في أقل من عام. وبينما تنظر تقارير إعلامية إلى هذا التطور على أنه «يجعلنا على موعد مع نكسة منتظرة تقوض كل خطط إنتاج اللقاحات»، فإن الباحثين لا يرون أن «الخطر كبير وينتظرون المزيد من الأدلة».
وقال الدكتور أحمد محمود سالمان، مدرس علم المناعة وتطوير اللقاحات بمعهد إدوارد جينر بجامعة أكسفورد، الباحث المشارك في تطوير لقاح جامعة أكسفورد لـ«الشرق الأوسط»، إن «حدوث انتقال للفيروس من حيوان المنك إلى البشر، ليس في ذاته أمرا جديدا وخطيرا، لأن الفيروس جاء في الأساس من حيوان بري، ربما الخفاش، ثم قفز إلى البشر، ربما عن طريق مضيف حيواني غير معروف، مما تسبب في حدوث جائحة، ومن الوارد أن يكون المنك قد التقط الفيروس من أحد العمال المصابين في مزارع المنك، ثم انتقل من المنك إلى البشر، مع بعض التغييرات الجينية». ويستطرد: «السؤال الذي لم تجب عليه التقارير الواردة من الدنمارك هو: هل التغير في الجزء المتعلق ببروتين (سبايك) أم في أجزاء أخرى، حتى نستطيع الحكم على مدى تأثر اللقاحات به».
ويفرق سالمان بين تغيرات يمكن أن تحدث في بروتينات أخرى غير بروتين سبايك، وفي هذه الحالة يمكن أن تتأثر اللقاحات التي تم بناؤها بالاعتماد على اللقاح المضعّف (أو المقتول) أو أن تكون التغيرات في بروتين (سبايك)، وهو البروتين الذي تستهدفه أغلب اللقاحات، ومن بينها لقاح أكسفورد.
ويقول سالمان: «هناك نحو 30 تحورا تم رصدها في هذا البروتين، ولكنها تحورات لم تتضمن قمة هذا البروتين، التي تمسك بالمستقبلات في الخلايا البشرية، وإذا حدث تحور كبير شمل تلك المنطقة من البروتين يكون الفيروس قد أراح واستراح، لأنه حينها سيفقد قدرته على عدوى البشر، ولكن الخطورة أن يحدث تحور بسيط في تلك المنطقة، لا يستطيع معها جهاز المناعة التعرف على الفيروس، وفي نفس الوقت لا يؤثر على قدرة الفيروس في العثور على مستقبلاته بالخلايا البشرية»، مضيفا «حتى الآن نحن لا نعرف هل السلالة الجديدة التي تم الإبلاغ عنها تحمل تغيرات في بروتين (سبايك) أم لا، وهل التغيرات كبيرة أم طفيفة، وما هو الجزء من البروتين الذي شهد تغيرات، إن كان قد حدث أصلا في هذا البروتين، لذلك فإنه من المبكر إعطاء رأي قاطع قبل توفر المزيد من المعلومات».
من جانبه، يرى الدكتور طارق عبد الغني أستاذ الميكروبيولوجي بجامعة الأزهر، أن «وجود السلالة الجديدة في 12 من المرضى يقلل إلى حد كبير من فرص أن يكون التغيير قد حدث في بروتين (سبايك)، ولكنه يتفق مع الرأي السابق في وجود احتمالية لأن يكون هناك تغيير طفيف حدث في منطقة قمة البروتين، لا يستطيع معه جهاز المناعة التعرف على الفيروس، وفي نفس الوقت لا يؤثر على قدرته في العثور على مستقبلاته بالخلايا البشرية». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بحاجة لمعرفة ماهية التغيير الذي حدث، وكان من الأولى أن يتم تقديم المعلومة كاملة، لتجنب حالة الفزع التي يمكن أن تسببها مثل هذه الأخبار».
وعبرت أنجيلا راسموسن، عالمة الفيروسات بجامعة كولومبيا بنيويورك عن نفس المعنى. وقالت في تغريدة عبر حسابها على تويتر: «أتمنى حقا أن يتوقف اتجاه العلم من خلال بيان صحافي». وأضافت «لا يوجد سبب يمنع مشاركة البيانات الجينومية، وهو ما سيسمح للمجتمع العلمي بتقييم هذه الادعاءات».
من جهته، أشار جيمس وود، أستاذ الطب البيطري في جامعة كامبريدج، إلى أن «التأثير الحقيقي للتغيرات في بروتين (سبايك) لم يتم تقييمه بعد من قبل المجتمع العلمي الدولي، وبالتالي فهو غير واضح». وقال في تقرير نشرته وكالة الصحافة الفرنسية أول من أمس: «من السابق لأوانه القول إن التغيير سيؤدي إلى فشل اللقاحات». وكانت منظمة الصحة العالمية قد وصفت التقارير التي تتحدث عن ظهور سلالة جديدة بأنها مثيرة للقلق، ولكنها شددت في الوقت ذاته على أن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم الآثار المترتبة على العلاجات واللقاحات.


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.