لبنان: «القوات» يسحب الغطاء عن تأجيل الاستشارات

رفضه «نصيحة» باسيل ينهي ذريعة «الميثاقية» ويضغط على عون

لبنانيون يحيون الذكرى الأولى للانتفاضة الشعبية في بيروت (إ.ب.أ)
لبنانيون يحيون الذكرى الأولى للانتفاضة الشعبية في بيروت (إ.ب.أ)
TT

لبنان: «القوات» يسحب الغطاء عن تأجيل الاستشارات

لبنانيون يحيون الذكرى الأولى للانتفاضة الشعبية في بيروت (إ.ب.أ)
لبنانيون يحيون الذكرى الأولى للانتفاضة الشعبية في بيروت (إ.ب.أ)

لم يتمكن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يخوض آخر معاركه لقطع الطريق على عودة رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة، من جر حزب «القوات اللبنانية» للتموضع تحت خيمته، على خلفية أن رفض الحزب تسمية الحريري في الاستشارات النيابية سيفقدها الميثاقية، ما يدفع برئيس الجمهورية ميشال عون إلى التذرع بذلك لتبرير احتمال تأجيله للاستشارات للمرة الثانية خلال أسبوع.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية بارزة أن حزب «القوات» لم يتردد في اتخاذ قراره بعدم التجاوب مع رغبة باسيل الذي أعلمه بها بالمراسلة لغياب التواصل بينهما منذ فترة طويلة. وكشفت المصادر أن قيادة «القوات» قررت «أن تدير ظهرها للنصيحة التي أسداها باسيل، إنما بلسان الرئيس عون الذي عزا التأجيل الأول للاستشارات إلى أن تكتلات نيابية اتصلت به وتمنت عليه تأجيلها لبروز صعوبات تستدعي منه التدخل لإيجاد الحلول لها».
وأشارت المصادر إلى أن قيادة «القوات» اعتبرت أنه لا صلة للاستشارات النيابية بالميثاقية، ورأت أنها ليست مادة للتداول فيها لأنها خارج البحث طالما أنها محصورة بتسمية الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة الجديدة، مؤكدة أن الهدف منها تعداد الأصوات في نهاية الاستشارات للإعلان عن اسم المرشح الذي نال تأييد غالبية النواب.
ولفتت إلى أن هذا الموقف «أسهم في إسقاط الذرائع التي استند إليها عون لتبرير تأجيل الاستشارات والتي ستكون حاضرة بامتياز في الاستشارات التي ستجرى الخميس المقبل، ما يفقده التذرع بها لأن التيار الوطني الحر سيجد نفسه وحيداً ولن يتمكن من جر الآخرين إلى ملعبه لاستخدامهم في تعطيل اللعبة البرلمانية وصولاً إلى ابتزاز الحريري والتهويل عليه». وأضافت أن «باسيل لا يعير أي اهتمام للاصطفاف السياسي الذي خلط أوراق إلغاء خطوط التماس السياسية بين قوى 8 آذار وبين ما تبقى من قوى 14 آذار، بعد أن تفرق العشاق ولم يعد ممكناً إعادة الروح إليها».
ورأت أن رئيس «القوات» سمير جعجع، وإن كان على خلاف مع الحريري، فإنه في المقابل «أبقى على كوة يمكن التأسيس عليها لعلها تفتح الباب لمعاودة التواصل بينهما». وقالت إن «حزب القوات في اجتماع نواب تكتل الجمهورية القوية انتهى إلى تجديد موقفه بعدم تسمية الحريري لتولي رئاسة الحكومة انسجاماً مع قناعته بتشكيل حكومة من رئيسها إلى وزرائها من مستقلين واختصاصيين من دون أن يسمي المرشح البديل في مواجهة الحريري خلافاً لتسميته في المرات السابقة السفير نواف سلام للرئاسة الثالثة». وأكدت أن «مشاركة نواب القوات في الاستشارات من دون تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة يفقد عون ومن خلاله باسيل عدة الشغل لتبرير تأجيله الثاني للاستشارات، وهذا ما يتيح له الإبقاء على خط الرجعة لمعاودة التواصل مع تيار الحريري».
واعتبرت أن الاستشارات ستجرى في موعدها «لأن التذرع بفقدانها الميثاقية ليس في محله ولم يسبق أن استخدمت مثل هذه الذريعة لتعطيلها»، وقالت إن «باسيل يخوض معركته وحيداً، وهو الآن يتموضع تحت عباءة رئيس الجمهورية».
وسألت المصادر: «أين يقف حزب الله من إصرار حليفه باسيل على جر الأمور إلى حافة الهاوية؟ وهل يلاقيه في منتصف الطريق حرصاً منه على استرضاء رئيس الجمهورية الذي لا يزال وتياره يؤمنان له الغطاء السياسي، مع أن أوساطاً مقربة من الثنائي الشيعي تؤكد أن الحزب فوجئ بدعوة عون للاستشارات وبتأجيلها لاحقاً؟».
لكنها استطردت أن «حزب الله لا يركض وراء البحث عن مشكلة مع عون وباسيل، ويفضل عدم إقحام نفسه في لعبة تعطيل الاستشارات حرصاً منه على تحالفه مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يرفض تأجيلها، وسيكون له الرد المناسب في حال تقرر ترحيلها لأن البلد لا يحتمل التأجيل وبات في حاجة إلى تشكيل حكومة بعيداً عن الابتزاز والتهويل».
وحذرت من أن تأجيل الاستشارات «ستترتب عليه تداعيات سياسية سلبية تتجاوز الداخل إلى الخارج لأن باريس لن تقف مكتوفة اليدين حيال من يسعى إلى تعطيل مبادرتها»، مشددة على ضرورة «عدم أخذ البلد رهينة وجره إلى حافة الهاوية لأن الظروف تبدلت ولن يكون في مقدور عون تكرار تعطيل الانتخابات الرئاسية لأكثر من عامين ونصف ولم يفرج عنها إلا بعد انتخابه رئيساً للجمهورية».
وسألت المصادر: «هل يتحمل عون الدخول في مواجهة محلية وداخلية على خلفية ترحيله للاستشارات؟ وماذا سيقول للمجتمع الدولي الذي يبدي استعداده لمساعدة لبنان بشروط الالتزام بالمبادرة الفرنسية فعلاً لا قولاً؟». وأضافت أن «باسيل لن يتمكن من تأجيلها بعد أن فقد القدرة على تطييف عملية التكليف، إضافة لافتقاده الشريك المسيحي».
ونبهت إلى أن «تأجيل الاستشارات سيرفع منسوب الاحتقان في الشارع السني، فيما المطلوب استيعابه لئلا يدخل لبنان في أزمة حكم، وبالتالي فإن الجميع في مأزق أمام المجتمع الدولي في حال تقرر تعطيلها وهذا ما يدفع عون إلى مراجعة حساباته وصولاً إلى سحب التأجيل من التداول لتسهيل عملية التكليف ومن ثم التأليف الذي سيتوقف على رد فعل عون وتياره السياسي في حال أن رياح تشكيل الحكومة تسير بما لا تشتهيه سفنهما».
وقالت مصادر سياسية إنه «لم يعد أمام الرئيس عون من خيار سوى الالتزام بموعد الاستشارات النيابية الملزمة الخميس المقبل، وإلا ستذهب البلاد نحو أزمة حكم تتلازم هذه المرة مع تجديد الحصار المحلي والدولي على العهد القوي».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.