محمود ياسين يغادر «مسرح الحياة» وسط حزن في مصر

رحل عن 79 عاماً بعد مسيرة إبداعية متنوعة

مع نجلاء فتحي
مع نجلاء فتحي
TT

محمود ياسين يغادر «مسرح الحياة» وسط حزن في مصر

مع نجلاء فتحي
مع نجلاء فتحي

سيطرت أجواء الحزن على الوسط الفني المصري، عقب الإعلان عن وفاة الفنان الكبير محمود ياسين صباح أمس، عن عمر ناهز 79 عاماً بعد صراع قاسٍ مع المرض خلال سنواته الأخيرة.
وتألق محمود ياسين، خريج كلية الحقوق، والمحامي السابق، في أنواع وسائل الفن كافة... (المسرح، الإذاعة، السينما، والتلفزيون)، وترك بصمة مميزة في كل منها، بفضل صوته الرخيم الآثر، الذي كان يميزه الجمهور من أول وهلة، لا سيما مع إجادته التحدث باللغة العربية الفصحى والنطق بها بشكل سليم، وبرع في تقديم التراجيديا والكوميديا وأدوار الشر، بالإضافة إلى أدواره الرومانسية المميزة.
ونعى نجوم الفن المصري والعربي ياسين، ووصفوا رحيله بأنه «خسارة كبيرة للفن المصري يصعب تعويضها»، وتحولت حسابات الفنانين على «السوشيال ميديا» إلى منصات للعزاء في النجم الراحل، من بينهم الفنانة نادية الجندي، التي شاركها ياسين في بطولة عدد من أبرز أفلامها، وقالت عبر حسابها على «إنستغرام»، «فقدت مصر والعالم العربي قيمة وقامة كبيرة، وفناناً لا يُعوض ولن يتكرر، فأنجح أفلامي كانت معه، وقدم كل الأدوار والشخصيات ببراعة على الشاشة، وكان نموذجاً للفنان الراقي الخلوق المحترم».
في حين استرجعت الفنانة هالة صدقي ذكرياتها معه في مسلسل «الأفيال» قائلة عبر حسابها على «إنستغرام»، «وأنا طفلة كان حلم حياتي أن أراه على الحقيقة، ولما جاءت الفرصة للتصوير معه في مسلسل (الأفيال) لم أصدق أنني أقف أمام (غول التمثيل)... رحل فتى أحلام جيل كامل من البنات... فقدنا رمزاً فنياً مهماً».
ونعته الدكتورة إيناس عبد الدايم، زيرة الثقافة المصرية، قائلة عبر بيان صحافي، إن «ساحة الإبداع فقدت أحد رموزها ونجماً ذهبياً عبّر بصدق عن قضايا المجتمع في أعماله التي ستبقى علامات بارزة في تاريخ الأداء التمثيلي».
ونشرت الفنانة رانيا محمود ياسين، نجلة الفنان الراحل، صورة لها مع والدها وهي طفلة على حسابها بتطبيق «إنستغرام»، وعلّقت عليها قائلة «أبويا في ذمة الله... وداعاً حبيبي». بدأ محمود فؤاد محمود ياسين، المولود في مدينة بورسعيد عام 1941 مشواره الفني في نهاية ستينات القرن الماضي عبر خشبة المسرح القومي، وقدم أعمالاً مسرحية مميزة، من بينها «ليلى والمجنون»، و«الخديوي»، و«حدث في أكتوبر»، و«عودة الغائب»، و«الزيارة انتهت»، و«بداية ونهاية»، و«البهلوان».

ثم اتجه إلى السينما وقدم أدواراً صغيرة في البداية، حتى جاءته فرصته الكبيرة في فيلم «نحن لا نزرع الشوك» مع الفنانة الراحلة شادية عام 1970، ثم شارك فاتن حمامة في فيلم «الخيط الرفيع»، والذي تعده الدكتورة سامية حبيب، رئيس قسم النقد بأكاديمية الفنون المصرية، بأنه البداية الحقيقية لشهرة وانتشار ياسين الذي أجاد الوقوف أمام نجمات السينما بعد ذلك.
وأثبت ياسين جدارته كممثل موهوب منذ بداية سبعينات القرن الماضي، مستغلاً بذكاء ملامحه المصرية الأصيلة، وقوامه الرشيق، ووسامته مع موهبته التمثيلية المميزة التي أصقلها المسرح في تصدر أفيشات الأفلام لمدة تزيد على 30 سنة، بحسب الدكتورة سامية حبيب، التي تقول لـ«الشرق الأوسط»، «فيلم (الخيط الرفيع) ثبّت أقدام ياسين في عالم السينما المصرية، وجعله مطلوباً للوقوف أمام جميلات السينما المصرية، فقدم (أنف وثلاث عيون) أمام ماجدة الصباحي، و(قاع المدينة) أمام نادية لطفي، ثم شارك نجمات الجيل الثاني في بطولة عدد من الأفلام المميزة على غرار (مولد يا دنيا) أمام المطربة عفاف راضي، و(اذكريني) أمام نجلاء فتحي، و(الباطنية) أمام نادية الجندي، و«الجلسة سرية» أمام يسرا، و«الحرافيش» أمام صفية العمري».
وشهدت حقبتا السبعينات والثمانينات من القرن الماضي توهج الفنان الراحل على شاشة السينما؛ إذ قدم خلالهما عشرات الأفلام الناجحة، وجسد شخصيات مميزة لا تزال أسماؤها محفورة في الأذهان، بداية من سعيد عبد الجواد في «الرجل الذي فقط ظله» عام 1968، وعلي في «شيء من الخوف» 1969، وممدوح في «حكاية من بلدنا» 1969، وحمدي في «نحن لا نزرع الشوك»، 1970، مروراً بعادل في «الخيط الرفيع» 1971، وأحمد في «حكاية بنت اسمها مرمر» 1972، وحسين في «حب وكبرياء»، 1972، والدكتور أحمد في «العاطفة والجسد» 1972، والدكتور هاشم في «أنف وثلاث عيون» 1972، وشوقي في «أغنية على الممر» 1972، وأحمد في «امرأة سيئة السمعة» 1973، والدكتور محمود في «امرأة من القاهرة»، 1973، وسامي في «الحب الذي كان»، وحمدي المحامي في «غابة من السيقان»، وتوفيق في «أين عقلي» 1974، ومصطفى في «العذاب فوق شفاه تبتسم»، ومصطفى حسين في «على من نطلق الرصاص»، وكمال في «شقة في وسط البلد»، وسعيد في «صانع النجوم»، ومحمود بيه في «أفواه وأرانب» عام 1977، وهشام كامل في «ثالثهم الشيطان»، وأحمد في «أسياد وعبيد»، وحسين في «ولا يزال التحقيق مستمراً»، ومحمود حسين في «اذكريني»، وفتحي في «الشريدة»، ومحمود النمرسي، في «الوحش داخل الإنسان»، وعبد الله في «وكالة البلح»، ومحسن في «أسوار المدابغ»، والكابتن برهان في «الطائرة المفقودة»، والدكتور رضوان في «بلاغ ضد امرأة»، وسليمان الناجي في «الحرافيش».
وترى حبيب، أن ياسين كان حلقة وصل مهمة بين فناني جيل الخمسينات والستينات وبين جيل السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وهذه نقطة ميّزت ياسين، وجعلته أحد أهم ملامح وأعمدة السينما المصرية على مدار 3 عقود، مؤكدة أنه أدار مشواره الفني بنجاح وذكاء، عكس فنانين آخرين، فمن الصعب مشاهدة عمل رديء للفنان الراحل، وكانت كل أدواره لائقة عليه، وساعده في ذلك عمره الطويل الذي قارب الثمانين عاماً، الذي ساعده كذلك في مشاركة الأجيال التالية من النجوم، فشارك في «الجزيرة» مع أحمد السقا، و«الوعد» مع آسر ياسين، و«عزبة آدم» مع أحمد عزمي وماجد الكدواني، و«جدو حبيبي» مع بشرى وأحمد فهمي.
شريط السينما والتلفزيون وثّق شريط حياة ياسين الطويل، منذ أن كان شاباً يافعاً، وحتى ظهور علامات تقدم السن عليه، وتقديمه أدوار الأب والجد، وبرع فيها جميعاً، وفق حبيب التي تؤكد، أن «الفنان الراحل من القامات الفنية التي يصعب نسيانها، خصوصاً مع عرض عدد كبير من أفلامه على القنوات الفضائية المصرية والعربية بشكل مستمر».
وقدم ياسين عشرات المسلسلات التلفزيونية، من بينها «الدوامة»، و«غداً تتفتح الزهور»، و«مذكرات زوج»، و«اللقاء الثاني»، و«أخو البنات»، و«اليقين»، و«العصيان»، و«سوق العصر»، و«وعد ومش مكتوب»، و«ضد التيار»، و«رياح الشرق»، و«أبو حنيفة النعمان».
وتزوج محمود ياسين الفنانة الممثلة المصرية شهيرة، وأنجب منها الممثل عمرو محمود ياسين والممثلة رانيا محمود ياسين، زوجة الممثل المصري محمد رياض. وتشيع جنازة الفنان الراحل من مسجد الشرطة اليوم (الخميس) بمدينة الشيخ زايد.
وتؤكد حبيب أن اسم محمود ياسين يستوعب أي لقب فني مثل «فتى الشاشة الأول»، و«المقاتل»؛ نظراً لما قدمه من عشرات الأعمال الفنية المهمة، وإن كان يكفيه اسمه الذي حفره بمجهوده وموهبته، حيث كان يستقبله الجمهور بحفاوة بالغة في كل مناسبة أو مهرجان محلي أو دولي يظهر بها، وكان هذا أفضل تكريم لمسيرته الفنية.


مقالات ذات صلة

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

يوميات الشرق جانب من العرض الخاص للفيلم بالقاهرة (الشركة المنتجة)

فيلم «الحريفة 2» يراهن على نجاح الجزء الأول بشباك التذاكر

احتفل صناع فيلم «الحريفة 2» بالعرض الخاص للفيلم في القاهرة مساء الثلاثاء، قبل أن يغادروا لمشاهدة الفيلم مع الجمهور السعودي في جدة مساء الأربعاء.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق فيصل الأحمري يرى أن التمثيل في السينما أكثر صعوبة من المنصات (الشرق الأوسط)

فيصل الأحمري لـ«الشرق الأوسط»: لا أضع لنفسي قيوداً

أكد الممثل السعودي فيصل الأحمري أنه لا يضع لنفسه قيوداً في الأدوار التي يسعى لتقديمها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق يتيح الفرصة لتبادل الأفكار وإجراء حواراتٍ مُلهمة تتناول حاضر ومستقبل صناعة السينما العربية والأفريقية والآسيوية والعالمية (واس)

«البحر الأحمر السينمائي» يربط 142 عارضاً بصناع الأفلام حول العالم

يربط مهرجان البحر الأحمر 142 عارضاً من 32 دولة هذا العام بصناع الأفلام حول العالم عبر برنامج «سوق البحر الأحمر» مقدماً مجموعة استثنائية من الأنشطة.

لقطة من فيلم «عيد الميلاد» (أ.ب)

فيلم «لاف أكتشلي» من أجواء عيد الميلاد أول عمل لريتشارد كيرتس

بعد عقدين على النجاح العالمي الذي حققه الفيلم الكوميدي الرومانسي «لاف أكتشلي» المتمحور حول عيد الميلاد، يحاول المخرج البريطاني ريتشارد كورتس تكرار هذا الإنجاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

عد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك.

محمد رُضا (نيويورك)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.