الحريري يبدأ مشاوراته اليوم بلقاء رؤساء الحكومات السابقين

قراره النهائي يتوقف على دعم الكتل النيابية للخطة الاقتصادية

الحريري يبدأ مشاوراته اليوم بلقاء رؤساء الحكومات السابقين
TT

الحريري يبدأ مشاوراته اليوم بلقاء رؤساء الحكومات السابقين

الحريري يبدأ مشاوراته اليوم بلقاء رؤساء الحكومات السابقين

قال مصدر قيادي في تيار «المستقبل» إنه من السابق لأوانه التعاطي مع إعلان رئيسه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أنه المرشح الطبيعي لتولي رئاسة الحكومة من خلال تعداد الأصوات التي سينالها في الاستشارات النيابية المُلزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون الخميس المقبل لتسمية الرئيس المكلف، وأكد لـ«الشرق الأوسط» بأن القرار النهائي للحريري في الترشح يتوقف على مدى استعداد الكتل النيابية التي سيتشاور معها قبل بدء الاستشارات لتوفير الضمانات السياسية والاقتصادية التي من دونها لا يمكن التعويل على المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان بوقف الانهيار المالي والاقتصادي وقطع الطريق على تدحرج البلد نحو الزوال.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الحريري سيبدأ مشاوراته في عطلة هذا الأسبوع مع «أهل البيت» حيث سيلتقي اليوم رؤساء الحكومة السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام للتشاور معهم في مرحلة ما بعد ترشحه، مع أنهم فوجئوا بموقفه وهو لم يُعلمهم به عندما التقاهم عشية إطلالته المتلفزة وإن كان تداول معهم في العناوين الرئيسة التي سيركز عليها.
كما أن الحريري الذي بدأ بإعلانه الترشح يسترد ما خسره في شارعه، سيتشاور أيضاً مع نواب كتلة «المستقبل» ليبدأ بعدها المشاورات بدءاً من مطلع الأسبوع مع الكتل النيابية، برغم أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كما تقول أوساطه، بادر إلى الترحيب بقرار زعيم «المستقبل» وإن سجل عليه بعض الملاحظات في استحضاره في مقابلته لـ«لبن العصفور» أو في ربط بدء عملية الترسيم بفرض العقوبات، رغم أنه يؤكد بأن الحريري كان على علم بوجود نية لبدء المفاوضات في يوليو (تموز) الماضي.
ناهيك أن بري لم يكن على علم عندما توجه مع رئيس الجمهورية ميشال عون وحكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلى الكويت لتقديم التعازي بوفاة أميرها الشيخ صُباح الأحمد الجابر الصباح، بأن عون سيدعو للاستشارات النيابية، وأن الأخير أبلغه بدعوته الكتل النيابية لهذا الغرض قبل أن توزع دوائر القصر الجمهوري الجدول المتعلق باستقباله للكتل النيابية.
ويبدو أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط سيتجاوز السجال بينه وبين الحريري وسيبقى داعماً لتسميته في الاستشارات، فيما العلاقة بين الأخير ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى مزيد من التأزم ما لم تؤد المحاولات الجارية بعيداً عن الأضواء إلى تبريد الأجواء بينهما. أما بالنسبة إلى «حزب الله» فإنه يدرس موقفه على خلفية عدم اختلافه مع حليفه بري.
ولفت المصدر القيادي في «المستقبل» إلى أن الضمانات الاقتصادية التي يطالب بها الحريري محصورة في تبني الكتل النيابية للبرنامج الاقتصادي الذي طرحه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحظي بموافقتها في الاجتماع الذي عقده معها في قصر الصنوبر، وقال بأن الضمانات السياسية باتت معروفة وتقوم على تشكيل حكومة مهمة من مستقلين واختصاصيين لمرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر وتتولى تنفيذ البرنامج الإصلاحي - الاقتصادي.
ورأى المصدر نفسه بأن الحريري عاد من عزوفه عن الترشح لرئاسة الحكومة بتقديم نفسه على أنه المرشح الطبيعي، رغبة منه بالإبقاء على بصيص أمل لاقتناص الفرصة لإنقاذ لبنان لأنها الوحيدة والأخيرة، وتتمثل بخريطة الطريق التي طرحها ماكرون، وهذا يتطلب من الجميع مراجعة حساباتهم وصولاً إلى تقديم التسهيلات المطلوبة لإنقاذ لبنان، وقال إن البلد لم يعد يحتمل إغراقه في إدارة الأزمة وتسجيل المواقف لأنه لن يكون هناك خاسر أو رابح إذا انهار البلد، بل إن الخسارة ستلحق بالجميع.
ويأتي ترشح الحريري لرئاسة الحكومة متلازماً مع بدء المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية لترسيم الحدود البرية والبحرية برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية لحل النزاع حول النقاط المختلف عليها وستتمثل واشنطن في الجولة الافتتاحية التي تسبق بدء الاستشارات النيابية بمساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر الذي سيصل بيروت الثلاثاء المقبل للقاء قيادة الجيش وعدد من أركان الدولة تحضيراً لانطلاق الجولة الأولى.
وفي هذا السياق يقول قطب سياسي فضل عدم ذكر اسمه بأن الجميع يرحبون ببدء مفاوضات ترسيم الحدود، وكان يُفترض أن تنطلق قبل 3 سنوات، أما وأنها ستنطلق الأربعاء المقبل فإن لبنان يعلق عليها أهمية كبرى لما سيترتب على إنجاز عملية الترسيم من نتائج من شأنها أن توقف الانهيار الاقتصادي لأنها تتيح للبنان الإفادة من بدء التنقيب عن ثرواته من نفط وغاز في هذه المنطقة، مع أن تكليف واشنطن بالوساطة حصل مجاناً، وكان يُفترض توظيفه للحصول منها على مساعدات مالية واقتصادية. كما أن ترسيم الحدود - بحسب القطب السياسي - يتلازم مع ما يتردد من معلومات بأن واشنطن تنوي تجميد العقوبات التي كانت ستفرضها على شخصيات لبنانية من دون أن تسحبها من التداول، وهذا ما يريح الفريق المتحالف مع «حزب الله» شرط أن يبادر إلى تسديد دُفعة سياسية على الحساب تتعلق بتسهيل ولادة الحكومة الجديدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.