تركيا لتمديد مهام قواتها في سوريا

TT

تركيا لتمديد مهام قواتها في سوريا

طلبت الرئاسة التركية تمديد مهام قواتها العاملة في سوريا والعراق ولبنان ومالي وأفريقيا الوسطى، في وقت واصل فيه الجيش التركي تعزيز قواته ونقاط مراقبته العسكرية المنتشرة في شمال غربي سوريا.
وفي مذكرة خاصة بتمديد عمل القوات التركية في سوريا، لفتت الرئاسة التركية إلى أن «التهديدات التي تطال الأمن القومي التركي في المناطق القريبة من الحدود مع سوريا ما زالت مستمرة». وقالت، في المذكرة المقدمة للبرلمان في مستهل بداية أعمال دورته الجديدة الخميس، إن أنقرة «تحترم وحدة الأراضي السورية، وإن وجود تنظيمات إرهابية مثل (داعش) و (وحدات حماية الشعب) الكردية، وهي أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي تعدها تركيا ذراعاً لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة إرهابية، في شمال سوريا، ما زال يهدد أمن تركيا وسلامة حدودها». ودفع الجيش التركي بمزيد من التعزيزات إلى نقاط المراقبة المنتشرة في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا في ساعة مبكرة من صباح أمس (الجمعة)، حيث دخل رتل جديد مؤلف من 15 آلية عبر معبر كفرلوسين الحدودي مع ولاية هطاي جنوب تركيا، واتجه نحو المواقع التركية.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد الشاحنات التركية التي حملت تعزيزات لنقاط المراقبة منذ بداية شهر فبراير (شباط) الماضي وحتى الآن بأكثر من 10105 شاحنات وآليات عسكرية دخلت الأراضي السورية، تحمل دبابات وناقلات جند ومدرعات وكبائن حراسة متنقلة مضادة للرصاص ورادارات عسكرية، بالإضافة إلى أكثر من 13 ألف جندي تم حشدهم في المنطقة.
في سياق متصل، كشف أحمد داود أوغلو رئيس الوزراء التركي الأسبق، رئيس حزب «المستقبل» المعارض، أن الانقلاب العسكري الفاشل الذي وقع في تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016 أفشل مساعي بلاده في انتزاع حلب والرقة ودير الزور من قبضة نظام الأسد.
وقال داود أوغلو، في مقابلة تلفزيونية، إنه عرض على إيران خلال رئاسته للحكومة التركية الضغط على الأسد مع بداية الثورة السورية في سبيل منعه من استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين.
وانتقد داود أوغلو تردد بلاده في ذلك الوقت في تقديم الدعم المباشر لمقاتلي الجيش السوري الحر حتى يتمكنوا من إحكام قبضتهم على المناطق التي كانوا يسيطرون عليها. وقال: «لو خاطرنا بالمجازفة قليلاً كما فعلت روسيا لما آل الحال إلى ما هو عليه اليوم في سوريا، ولكان ثقلنا وتأثيرنا في المنطقة أكبر مما هو عليه الآن، خسرنا حلب بسبب علاقتنا مع الروس، ونحن نخسر إدلب أيضاً».
ولفت داود أوغلو إلى اجتماع حكومة بلاده عام 2014 للضغط على هيئة أركان الجيش وتحرير محافظات حلب والرقة ودير الزور من قبضة الأسد، لكن بعض القادة العسكريين عارضوا ذلك بشدة، ليتبين فيما بعد أنهم يعملون لصالح حركة فتح الله غولن، بدليل قيادتهم محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.