آثار «كورونا» تظهر في الصرف الصحي قبل رصدها بالطرق التقليدية

الاكتشاف المبكر يساعد في اتخاذ إجراءات لإبطاء انتشار الفيروس

آثار «كورونا» تظهر في الصرف الصحي قبل رصدها بالطرق التقليدية
TT

آثار «كورونا» تظهر في الصرف الصحي قبل رصدها بالطرق التقليدية

آثار «كورونا» تظهر في الصرف الصحي قبل رصدها بالطرق التقليدية

العلاقة بين فيروس «كورونا المستجد» والجهاز الهضمي، ليست جديدة، إذ سبق واكتشف باحثون من جامعة هونغ كونغ الصينية، عدوى نشطة وطويلة الأمد للفيروس في الجهاز الهضمي للأشخاص المتعافين من الفيروس.
وفحص الباحثون خلال هذه الدراسة التي نشرت بالعدد الأخير من دورية «القناة الهضمية» عينات براز لبعض المتعافين، وعثروا بها على الفيروس، رغم أن المسحات الأنفية البلعومية أظهرت نتائج سلبية.
باحثو جامعة ييل الأميركية ذهبوا في دراسة حديثة نشرت بالعدد الأخير من دورية «نيتشر بيوتكنولوجي» يوم 18 سبتمبر (أيلول) الجاري، إلى ما هو أبعد من ذلك، ووثقوا إمكانية تتبع تطور تفشي الفيروس قبل 7 أيام من اكتشافه بالاختبارات المجمعة التقليدية، عن طريق أخذ عينات من محطة معالجة مياه الصرف الصحي في منطقة نيو هافن.
عادة ما يتم تتبع تطور الفيروس في المجتمع عن طريق اختبار حالات الأعراض وتقييم عدد الاختبارات الإيجابية، ومع ذلك، يستغرق ظهور الأعراض لدى شخص مصاب ومعدٍ ما يصل إلى خمسة أيام، لذلك يكون الاكتشاف المبكر للفيروس في المجتمع أمرا حاسما لإبطاء انتشاره. وتكشف الدراسة الجديدة أن الفيروس يظهر في الصرف الصحي قبل أيام من تطور الأعراض.
ومنذ 19 مارس (آذار) الماضي، كان فريق البحث يجمع عينات من محطة معالجة مياه الصرف الصحي التي تخدم نيو هافن، وإيستهافن، وهامدين، وأجزاء من وودبريدج، سي تي، ووجدوا تشابها في منحنى التقدم في العينات مع عدد الحالات المؤكدة التي تم الإبلاغ عنها عن طريق الاختبارات التقليدية، لكن تركيزات الحمض النووي الريبي للفيروس ظهرت في عينات الصرف الصحي مبكرا بنحو أسبوع تقريبا.
يقول جوردان بيكيا من قسم الهندسة الكيميائية والبيئية بكلية الهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة ييل بنيوهافن في تقرير نشره أول من أمس، الموقع الإلكتروني للجامعة، «إذا أخذت منحنى الحمض النووي الريبي الفيروسي في حمأة الصرف الصحي وقمت بمقارنته مع المنحنيات الخاصة بالاختبارات التقليدية، فإن الاتجاهات متشابهة للغاية، لكن الاكتشاف باختبارات حمأة الصرف الصحي يسبق التقليدي بخمسة إلى سبعة أيام، لذلك يمكننا استخدام منحنى الفيروس بحمأة الصرف الصحي كمؤشر رئيسي بشكل كبير على الانتشار المجتمعي».
وغطت نتائج هذه الدراسة فترة 10 أسابيع من 19 مارس إلى 1 يونيو (حزيران)، ومع ذلك، سيستمر الباحثون في أخذ العينات خلال الخريف، لذلك إذا كانت هناك زيادة طفيفة في الحالات، فإنهم يتوقعون أن تظهر عينات مياه الصرف الصحي ذلك، ربما قبل وقت طويل من تشخيص هذه الحالات الجديدة.
ويشير الدكتور سعد عمر، من قسم وبائيات الأمراض الجرثومية بكلية الصحة العامة بجامعة ييل، إلى أن لهذه الطريقة آثاراً مهمة على البلدان منخفضة الدخل التي تعاني من فجوات كبيرة في الاختبار، ويمكن أن تساعد في اتخاذ القرارات بشأن إعادة فتح أجزاء من مدينة أو منطقة معينة، فهي طريقة غير مكلفة وتشبه إلى حد بعيد الطريقة المستخدمة في العديد من البلدان منخفضة الدخل لاختبار شلل الأطفال في المجتمعات، مما يجعل تبني طريقة فريق البحث أمراً سهلاً نسبياً.
وأعرب البنك الدولي عن اهتمامه بتجربة هذه الطريقة في عدد قليل من المدن قريباً جداً في جنوب آسيا لمعرفة مدى نجاحها في الوصول إلى عدد أكبر من السكان. ويقول عمر: «بمجرد نجاح التجربة، يمكن أن تصبح خياراً سياسياً للعديد من الأماكن الأخرى».
وتعاون فريق جامعة ييل في هذه الدراسة مع محطة التجارب الزراعية في ولاية كونيتيكت، حيث كانت مسؤولية الدكتور دوج براكني العالم بالمحطة، هي تحليل عينات الحمأة لاكتشاف وتحديد الحمض النووي الريبي الفيروسي لـ«كورونا».
ويثني عمر على هذا التعاون قائلا إنه «التقاء مثالي للمهارات التكميلية والخبرة لتحقيق عمل يمكن أن تكون له آثار كبيرة جداً».
ويشيد الدكتور خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط المصرية، بنتائج الدراسة، والتي قد تساعد في التقليل من خطورة «الموزعين الصامتين» للفيروس، الذين لم تظهر عليهم الأعراض بعد.
يقول شحاتة لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن أن تكشف نتائج تحليل عينات الفيروس لمنطقة ما عن انتشاره في المجتمع، رغم أن عدم تطوير سكان هذه المنطقة لأي أعراض».


مقالات ذات صلة

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.