الحوثيون ينفقون مبالغ ضخمة لتحشيد أتباعهم في المناسبات الدينية

عناصر حوثية في تجمع مسلح بصنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثية في تجمع مسلح بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون ينفقون مبالغ ضخمة لتحشيد أتباعهم في المناسبات الدينية

عناصر حوثية في تجمع مسلح بصنعاء (إ.ب.أ)
عناصر حوثية في تجمع مسلح بصنعاء (إ.ب.أ)

استثمرت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران مناسبة يوم «عاشوراء» التي تصادف العاشر من شهر محرم كل عام هجري لتكريس أحقية زعيمها عبد الملك الحوثي وأسرته في حكم اليمن، ولتحشيد مزيد من المجندين خلال الفعاليات التي أقامتها في أكثر من محافظة يمنية، وفق ما أفادت به مصادر يمنية محلية لـ«الشرق الأوسط».
وقالت المصادر إن الجماعة وجهت قبل نحو 10 أيام من حلول المناسبة خطباء المساجد الموالين لها في صنعاء ومدن يمنية أخرى، لدعوة جموع المصلين للحضور والمشاركة في إحياء مهرجانات الجماعة والتأكيد من على المنابر على أحقية العائلة الحوثية في حكم اليمن، والزعم أن ذلك يعد أساساً دينياً يحرم معارضته أو التشكيك فيه.
وشكلت الميليشيات الحوثية - بحسب المصادر - المئات من اللجان الميدانية على مستوى العاصمة صنعاء والمحافظات والمديريات والقرى الواقعة تحت سيطرتها بهدف التعبئة والتحشيد والترويج لقتلى الجماعة ولزعيمها من خلال تعليق الصور والشعارات في الشوارع والمباني الحكومية.
وفي الوقت الذي يعيش فيه سكان صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للانقلاب ظروفاً مأساوية نتيجة اتساع رقعة الفقر وتوقف الرواتب وتدهور الخدمات والأوضاع الإنسانية، قدرت مصادر مطلعة في صنعاء تخصيص الجماعة أكثر من مليار ريال يمني (الدولار نحو 600 ريال) لإنفاقها على الفعاليات والتحشيد.
وقالت المصادر إن الميليشيات عممت قبل أيام على مشرفيها ومحافظي المحافظات ومديري المديريات الخاضعة لسيطرتها لتنظيم الفعاليات وفتح منازلهم ومجالس المقيل لإقامة الاحتفالات وتسخيرها لحشد مزيد من المجندين.
وأكد شهود عيان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مشرفي الجماعة وعقال الأحياء الموالين لها، كثفوا على مدى العشرة الأيام الماضية من النزول الميداني لأحياء السبعين وباب اليمن وشميلة وحزيز وقاع القيضي والتحرير ومذبح والسنينة وشملان والحصبة ودارس وغيرها لإجبار السكان على تقديم الدعم المادي والعيني لإقامة الاحتفالات.
وذكرت المصادر أن الحاكم الفعلي لمدينة صنعاء خالد المداني المقرب من زعيم الجماعة الحوثية والمعين شكلياً وكيلاً لأمانة العاصمة وعضواً في مجلس الشورى غير الشرعي، «عقد اجتماعاً بمشرفي مديريات العاصمة ومسؤولي الأحياء، وأمرهم بأن يكثفوا الجهود في مناسبة عاشوراء لتحريض الناس على القتال وإقناعهم بأن الحوثي يستمد شرعيته استناداً على (حق إلهي)» وفق مزاعمه.
ونسبت المصادر للمداني قوله مخاطباً الحاضرين: «لن نقبل من أحد أبداً أن يشكك في ولاية عبد الملك الحوثي على اليمن، ومن يفعل ذلك سيكون مصيره مؤلماً، لأن التشكيك في ذلك هو عصيان لأوامر الله»، بحسب زعمه.
وجاء التوظيف الحوثي لـ«يوم عاشوراء» بعد أقل من شهر من احتفالات الجماعة الواسعة، بما يعرف بـ«يوم الغدير» أو «الولاية» التي أنفقت الميليشيات عليها ميزانية ضخمة للدعاية ونشر صور زعيمها والشعارات الداعية إلى تقديس السلالة الحوثية.
وعلى صلة بالموضوع ذاته، تحدثت مصادر خاصة بصنعاء عن تنفيذ لجان حوثية خلال الأيام القليلة الماضية زيارات ميدانية جابت عدداً من الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية في صنعاء بهدف لقاء الموظفين والعاملين فيها وإجبارهم على الحضور والمشاركة في فعاليات الجماعة.
وطبقاً للمصادر، فقد حذرت اللجان الحوثية كل المتقاعسين عن الحضور، وتوعدتهم بعقوبات ستتخذ حيال كل من يخالف التوجيهات والأوامر.
في غضون ذلك، كشفت مصادر تربوية بصنعاء عن استدعاء الميليشيات، الثلاثاء الماضي، أكثر من 200 شخص من منتسبي القطاع التربوي من معلمين ومديري مدارس ووكلاء وإداريين لحضور لقاء موسع هدفه التنسيق لحشد أكبر عدد ممكن من الطلبة والتربويين للمشاركة باحتفالات الجماعة.
وفي الوقت الذي هددت فيه الميليشيات، بحسب المصادر، المعلمين المتقاعسين عن التعبئية لاحتفالياتها، بالتعسف والفصل من وظائفهم، ومن ثم إخضاعهم للمساءلة والمعاقبة، عبّر تربويون في صنعاء عن غضبهم الشديد جراء تصرفات الجماعة واستغلالها لظروفهم ومعاناتهم وإخضاعهم بالقوة للعمل معها في التحشيد لفعالياتها.
وبينما انتقد المعلمون الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عبث الجماعة بموارد البلاد وإنفاقها على الاحتفالات وطباعة الصور والشعارات، قالوا «إن تلك المبالغ تذهب هدراً في وقت يواجه فيه ملايين اليمنيين خطر الجوع والمجاعة وتفشي الأوبئة القاتلة، وحرمانهم من رواتبهم وأبسط مقومات الحياة المعيشية».
وعلى الرغم من التحشيد الحوثي المتواصل لفعاليات الجماعة واحتفالاتها على مدار العام في مناطق سيطرتها، عادة ما تواجه برفض واستياء شعبي ومجتمعي واسع كونها تكرس أفكاراً دخيلة على اليمنيين.
وكانت الحكومة اليمنية دعت في وقت سابق اليمنيين الشرفاء المخلصين الصادقين مع وطنهم، إلى أن يهبوا لنجدة بلدهم وحاضرهم ومستقبلهم، وحمايته من الميليشيات الحوثية.
وقال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني: «إن الجماعة تعمل (...) على غسل عقول أبنائنا وبناتنا، وتدمير النسيج الاجتماعي، وضرب السلم الأهلي، وهويتهم العربية الأصيلة، وتحويل اليمن إلى مقاطعة إيرانية».
وأضاف الإرياني، في سلسلة تغريدات سابقة له، أن إحياء الميليشيات ذكرى «عاشوراء» في العاصمة المختطفة صنعاء، وباقي مناطق سيطرتها، على الطريقة الإيرانية، وإرغام المواطنين على أداء شعائرها المستوردة من طهران، يؤكد تبعيتها المطلقة لنظام الملالي، ومضيها في محاولة مسخ هوية اليمنيين، وفرض معتقداتها الدخيلة على المجتمع.
واعتبر أن «تلك المظاهر الطائفية المستوردة لا تمثل عامة اليمنيين، وتؤكد أن خطر الميليشيا الحوثية يزداد يوماً بعد يوم، من خلال قيامها بغسل عقول الأطفال والشباب».


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الالتزام بحماية المدنيين وصون المركز القانوني للدولة ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن ويقوّض فرص السلام.

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه، حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

توضيح الموقف

أوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا، «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، وُصفت بأنها تمرد على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأشار رئيس «مجلس القيادة» إلى أن «الدولة حققت خلال السنوات الأخيرة، وبدعم من الأشقاء والأصدقاء، إنجازات ملموسة في مكافحة الإرهاب، شملت تفكيك خلايا إرهابية وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية، إلى جانب نجاحات متقدمة في مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات». وأكد أن مكافحة الإرهاب قرار سيادي تمارسه مؤسسات الدولة المختصة، وأنه لا يجوز استخدامه ذريعة لتبرير التصعيد أو فرض وقائع خارج إطار الشرعية.

معدات وآليات عسكرية في ميناء المكلا قدمتها الإمارات لـ«الانتقالي» دون إذن «التحالف» والشرعية (أ.ف.ب)

وبشأن حضرموت، أكد العليمي أن إجراءات إعادة التموضع في وادي حضرموت كانت في مراحلها الأخيرة ضمن خطة انتشار لقوات «درع الوطن»، أُقرت من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وصدّق عليها شخصياً، وبما يحقق الأمن والاستقرار دون الحاجة إلى أي تصعيد عسكري. وأضاف أن رئاسة الدولة، «حرصاً منها على تغليب الحلول السياسية، وجّهت بتشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى من قيادة الدولة والمكونات السياسية لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، غير أن هذه الجهود قوبلت بالتعطيل والإصرار على المضي في مسار التصعيد».

تحكيم العقل

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني دعوته قيادة «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى تحكيم العقل وإعلاء المصلحة العليا للشعب اليمني، وإلى تسريع انسحاب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة دون قيد أو شرط، محذراً بأن استمرار التصعيد أفضى إلى إهدار مكاسب سياسية واقتصادية وتنموية، وفاقم من معاناة المواطنين.

وأكد العليمي أن الدولة ستواجه أي تمرد على مؤسساتها بحزم، وفقاً للدستور والقانون وقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك رفع أي غطاء سياسي عن مرتكبي الانتهاكات، مشدداً على أن دماء اليمنيين «خط أحمر» لا تهاون فيه.

مسلح من أنصار «المجلس الانتقالي الجنوبي» (أ.ف.ب)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بـ«الدور الأخوي الذي تضطلع به السعودية في دعم اليمن وشرعيته الدستورية وقيادة جهود خفض التصعيد، انطلاقاً من المصالح والتحديات المشتركة»، مؤكداً أن هذا الدعم سيظل محل وفاء وتقدير في الذاكرة الوطنية. وفي المقابل، أعرب عن «أسف بالغ للدور الإماراتي المتزايد في دعم تمرد المجلس الانتقالي»، مستشهداً ببيان «قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية» بشأن شحنات سلاح وعتاد عسكري وصلت إلى ميناء المكلا دون تصريح، وما تضمنه من دلائل على تقويض سلطة الدولة وتهديد وحدة الجمهورية وسلامة أراضيها.

وشدد العليمي على أن اليمن لا يحتمل فتح جبهات استنزاف جديدة، وأن طريق الخلاص تكمن في دولة المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، والشراكة في السلطة والثروة، والسلام، واحترام مبادئ حسن الجوار.


المؤسسات اليمنية تصطف مع العليمي لمواجهة تمرد «الانتقالي»

العليمي يرأس اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي يرأس اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

المؤسسات اليمنية تصطف مع العليمي لمواجهة تمرد «الانتقالي»

العليمي يرأس اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني (سبأ)
العليمي يرأس اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني (سبأ)

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد، في ظل تصعيد عسكري غير مسبوق تشهده المحافظات الشرقية.

وجاء هذا الاصطفاف عقب اجتماع موسع لمجلس الدفاع الوطني، ترأسه الرئيس العليمي بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

وكرَّس الاجتماع، وفق بيان رسمي، لاستعراض تقارير ميدانية شاملة حول التحركات العسكرية التي نفَّذتها قوات تابعة للمجلس الانتقالي، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، شملت الاعتداء على مواقع للقوات المسلحة، والممتلكات العامة والخاصة، وصولاً إلى إغلاق مطار سيئون، في خطوة عدّها المجلس مخالفة صريحة لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وعلى رأسها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، فضلاً عن تقويض جهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية.

مؤسسات الدولة اليمنية أيَّدت قرارات العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

رفض فرض الأمر الواقع

حسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ودعا مجلس الدفاع الوطني دولة الإمارات إلى الالتزام الكامل بنص وروح قرارات القيادة اليمنية، واحترام سيادة البلاد، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ووقف أي دعم عسكري أو لوجستي لتشكيلات خارج إطار الدولة. وشدَّد على أن ما ورد في بيان قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية بشأن شحنات سلاح وصلت إلى ميناء المكلا دون تصريح رسمي يمثل تصعيداً خطيراً وانتهاكاً واضحاً لقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.

عناصر من القوات الانفصالية الجنوبية المدعومة من الإمارات يقفون بجوار مركبة عسكرية في عدن (أرشيفية - رويترز)

وفي الوقت نفسه، جدَّد المجلس التأكيد على أن القضية الجنوبية تظل قضية وطنية عادلة، ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، وستبقى في صميم أي تسوية سياسية شاملة، وفق مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة حقيقية ومعالجة منصفة للمظالم، وتحقيق تطلعات أبناء المحافظات الجنوبية كافة دون احتكار أو إقصاء.

دعم جهود السعودية

أكد مجلس الدفاع الوطني اليمني دعمه الكامل لجهود الوساطة التي تقودها السعودية لخفض التصعيد، وحماية المدنيين، وإعادة الأوضاع في حضرموت والمهرة إلى ما كانت عليه، مثمّناً الدور السعودي في دعم اليمن وشرعيته الدستورية، والدفاع عن أمنه واستقراره، انطلاقاً من الترابط الوثيق بين أمن البلدين والتحديات المشتركة التي تهدّد أمن المنطقة.

وفي سياق متصل، أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات الرئيس العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى إلى إخضاع حضرموت والمهرة بالقوة والانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

وحذَّرت الحكومة من أن التحركات العسكرية الأحادية للمجلس الانتقالي، وإدخال قوات وأسلحة خارج الأطر الرسمية، تمثل خرقاً أمنياً خطيراً يهدّد وحدة الدولة، ويعطل الإصلاحات الاقتصادية، ويقوّض جهود تحسين الخدمات وتخفيف المعاناة المعيشية عن المواطنين، مؤكدة أن وحدة الصف الوطني باتت اليوم ضرورة عسكرية وسياسية لا تحتمل التأجيل.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.

تأييد الجيش

في امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

عناصر من مسلحي المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (رويترز)

وأشارت القيادة العسكرية إلى أن القوات المسلحة ستظل على عهدها في حماية المكتسبات والثوابت الوطنية، والدفاع عن أمن اليمن ووحدته وسيادته، والتصدي للمؤامرات والمشاريع التخريبية كافة التي تستهدف استقرار البلاد والسلم الاجتماعي، مؤكدة أن المؤسسة العسكرية تمثل «القلعة الصلبة» في مواجهة محاولات تقويض الدولة أو فرض وقائع خارج إطارها القانوني.

وجدَّدت وزارة الدفاع وهيئة الأركان دعوتهما لليمنيين بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم إلى مساندة القيادة الشرعية، والوقوف صفاً واحداً إلى جانب مؤسسات الدولة والقوات المسلحة، وتعزيز التلاحم الوطني بما يحقق المصلحة العليا للبلاد في هذه المرحلة الحساسة.

كما أكدت القوات المسلحة التزامها الثابت باستكمال معركة استعادة الدولة، وتحرير الأراضي اليمنية من ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، إلى جانب التصدي للجماعات الإرهابية والمخططات التخريبية التي تهدّد أمن الوطن واستقراره.

وثمَّنت القيادة العسكرية عالياً جهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، ودوره في مساندة القوات المسلحة وتطوير قدراتها القتالية، مؤكدة استمرار التنسيق العملياتي بما يخدم المصالح المشتركة، ويدعم مسار استعادة الدولة، وإحلال الأمن والاستقرار في اليمن.


الحكومة اليمنية تؤيد قرارات «الرئاسي» وتثمِّن المواقف التاريخية للسعودية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي
TT

الحكومة اليمنية تؤيد قرارات «الرئاسي» وتثمِّن المواقف التاريخية للسعودية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي

أعربت الحكومة اليمنية عن ترحيبها الكامل وتأييدها المطلق لقرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، رشاد العليمي، وفي مقدمتها إعلان حالة الطوارئ في عموم الأراضي اليمنية، واتخاذ الإجراءات السيادية اللازمة لحماية أمن المواطنين، وصون وحدة وسيادة الدولة، والحفاظ على مركزها القانوني، في ظل التطورات الخطيرة التي تشهدها المحافظات الشرقية.

وأكدت الحكومة في بيان صادر عنها، اليوم (الثلاثاء)، أن إعلان حالة الطوارئ جاء استناداً إلى الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وبناءً على توصيات مجلس الدفاع الوطني، كإجراء دستوري مشروع تفرضه الضرورة الوطنية، لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

ورحبت الحكومة، بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة، استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا، في إطار حماية المدنيين، ومنع عسكرة المواني والسواحل، والتصدي لمحاولات فرض وقائع بالقوة تهدد أمن حضرموت والمهرة، وأمن الملاحة الإقليمية والدولية.

وشددت الحكومة على أن التحركات العسكرية الأحادية التي أقدم عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، وإدخال أسلحة وقوات خارج الأطر الرسمية، تمثل خرقاً أمنياً خطيراً، وانتهاكاً صارخاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية وجهود التهدئة، وتهديداً مباشراً لأمن المواطنين ووحدة الدولة، كما تعطل بصورة جسيمة عجلة الإصلاحات الاقتصادية، وتقوض جهود الحكومة الرامية إلى تحسين الخدمات، وتخفيف المعاناة المعيشية عن المواطنين.

وأكدت الحكومة أن تفجير الجبهة الداخلية وتشتيت الجهد الوطني في هذه المرحلة الحساسة يخدم بشكل مباشر ميليشيا الحوثي الإرهابية، ويمنحها فرصة لإطالة أمد الانقلاب، الأمر الذي يجعل وحدة الصف الوطني اليوم ضرورة عسكرية وسياسية لا تحتمل التأجيل.

وثمَّنت الحكومة عالياً المواقف التاريخية والثابتة للمملكة العربية السعودية، ودورها المحوري في دعم أمن اليمن واستقراره، وقيادتها المسؤولة لتحالف دعم الشرعية، وحرصها الدائم على حماية المدنيين، وخفض التصعيد، ومنع انزلاق المحافظات الشرقية إلى صراعات تخدم أجندات معادية.

وجددت الحكومة دعوتها للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى الانسحاب الفوري وغير المشروط من محافظتي حضرموت والمهرة، وتسليم المواقع والمعسكرات إلى قوات «درع الوطن» والسلطات المحلية في المحافظات، والالتزام بمرجعيات المرحلة الانتقالية، والكف عن أي أعمال عسكرية أو تصعيدية تهدد أمن المواطنين وتقوض جهود التهدئة.