أميركا تسجّل إصابات قياسية... وفاوتشي يدعو إلى «تغيير المسار»

احتدام الخلاف حول الكمامات وارتفاع الوفيات يضغط على مشارح ولايتي تكساس وأريزونا

حفل تخرج جامعي يراعي قواعد التباعد الاجتماعي في جاكسونفيل (أ.ب)
حفل تخرج جامعي يراعي قواعد التباعد الاجتماعي في جاكسونفيل (أ.ب)
TT

أميركا تسجّل إصابات قياسية... وفاوتشي يدعو إلى «تغيير المسار»

حفل تخرج جامعي يراعي قواعد التباعد الاجتماعي في جاكسونفيل (أ.ب)
حفل تخرج جامعي يراعي قواعد التباعد الاجتماعي في جاكسونفيل (أ.ب)

تزامن تجاوز الإصابات بفيروس كورونا في الولايات المتحدة 70 ألفا لليوم الثاني على التوالي، مع احتدام الخلافات بين الأميركيين بشأن استخدام الكمامات وإعادة فتح المدارس خلال أسابيع. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه لن يفكر في إصدار أمر عام يلزم الناس بوضع كمامات لمكافحة انتشار عدوى «كوفيد - 19». ورد ترمب خلال مقابلة في محطة «فوكس نيوز» يتم بثها اليوم الأحد، عما إذا كان سيفكر في إصدار أمر بشأن ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، بالقول: «لا، أريد أن يكون للناس قدر من الحرية، ولا أومن بذلك». وسجّلت السلطات الصحية أكثر من 77600 إصابة جديدة الجمعة، بحسب جامعة جونز هوبكنز. وبحسب «مشروع تتبع كوفيد» الذي يديره متطوعون، بلغ عدد المرضى الذين تم نقلهم إلى المستشفيات جرّاء إصابتهم بالفيروس أعلى مستوياته منذ 23 أبريل (نيسان). وارتفع معدل الوفيات، الذي شهد انخفاضا في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، منذ الأسبوع الماضي. وسجّلت فلوريدا، البؤرة الجديدة للوباء، أكثر من 11 ألف إصابة جديدة و128 وفاة الجمعة. وارتفع عدد حالات الوفاة في الولايات المتحدة بواقع 912 حالة على الأقل الجمعة، في رابع يوم على التوالي يرتفع فيها عدد حالات الوفاة عن 900 حالة يوميا. ويظهر تحليل «رويترز» أن عدد حالات الإصابة ارتفع في 41 ولاية من أصل 50 ولاية خلال الأسبوعين الماضيين. كما ارتفع عدد الوفيات في 19 ولاية.
وسجلت تكساس، الجمعة، زيادة يومية قياسية في عدد الوفيات لليوم الثالث على التوالي بعد تسجيل 174 حالة وفاة ليصل الإجمالي هناك إلى 3735 وفاة. وعلاوة على ارتفاع عدد الوفيات والحالات، سجلت ست ولايات رقما قياسيا لعدد مرضى كوفيد - 19 في المستشفيات.
- شاحنات تبريد
قامت السلطات المحلية في ولايتي تكساس وأريزونا اللتين تشهدان زيادة في حصيلة الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد، بطلب شراء شاحنات مبردة لدعم الطاقة الاستيعابية للمشارح. وسجّلت ولاية أريزونا الأميركية، المجاورة لكاليفورنيا، 2583 وفاة مرتبطة بوباء كوفيد - 19 منذ بداية الوباء. وأعلنت السلطات في فينيكس، أكبر مدينة في ولاية أريزونا، الخميس أنها طلبت شراء 14 قاطرة مبردة إضافية يمكنها استيعاب نحو 294 جثة، تحسباً لزيادة عدد الوفيات بسبب المرض، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
من جهتها، تسجل ولاية تكساس، إحدى بؤر وباء كوفيد - 19، أرقام وفيات قياسية منذ أيام، وقد تجاوز إجمالي وفيات «كورونا» في الولاية 3561 حالة. وتتهيأ السلطات في بعض مدن تكساس، مثل سان أنطونيو (وسط) وكوربوس كريستي الواقعة على خليج المكسيك، لتواصل ارتفاع الحصيلة عبر طلب شاحنات ومقطورات مبردة. وأوضح الطبيب كين ديفيد: «في المستشفى، هناك أماكن قليلة لحفظ الجثث (...)، إننا نفتقد الأماكن. ومكتب دفن الموتى لدينا لم يعد لديه مكان»، وذلك في مؤتمر صحافي نظمته الاثنين مدينة سان أنطونيو، التي يعاني نظام مستشفياتها من «الضغط»، بحسب رئيس البلدية رون نيرنبرغ.
وقال رئيس البلدية «لدينا شاحنات مبردة جاهزة في المنطقة، في حال احتجنا إليها».
وفي شهر أبريل، لجأت مدينة نيويورك، التي كانت آنذاك بؤرة فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة، إلى استخدام هذه الشاحنات التي تسمح بحفظ الجثث التي كانت تتراكم بسرعة كبيرة لدرجة أن مسؤولي مكاتب دفن الموتى لم يتمكنوا من القدوم وأخذها مباشرة من المستشفى.
وسجلت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 138 ألف حالة وفاة مرتبطة بهذا الوباء، بحسب إحصاء أجرته جامعة جونز هوبكنز.
- مواجهات قانونية وسياسية
احتدم الجدل بين الأميركيين حول إعادة فرض قيود على الحركة وفرض ارتداء الكمامات وإعادة فتح المدارس، مع تباين الاستراتيجيات التي اختارتها الولايات في مواجهة الزيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا. وقال كبير خبراء الأمراض المُعدية في الإدارة الأميركية، أنتوني فاوتشي، للرئيس التنفيذي لفيسبوك مارك زاكربرغ في محادثة عبر الفيديو الخميس: «علينا حقا إعادة تشكيل صفوفنا وتغيير مسارنا». وأضاف أن ذلك «لا يعني بالضرورة فرض إغلاق آخر، لكن ينبغي القول إن علينا القيام بذلك بطريقة محسوبة أكثر». وفرضت الولايات تدابير إغلاق بطريقة غير منسقة، وتجاهلت العديد منها مراحل مهمة في تطور الوباء قبل أن تخفف تدابير العزل، وفق فاوتشي.
وبالتالي، اضطرت العديد من الولايات إلى معاودة إغلاق الحانات بعد فترة قصيرة من فتحها، كما أجبر بعضها على إغلاق الصالات الرياضية وصالات السينما وأماكن العبادة والمتاجر. وفرض بعض رؤساء البلديات وضع الكمامات. لكن حاكم جورجيا الجمهوري برايان كيمب رفع دعوى قضائية ضد رئيسة بلدية أتلانتا، بعدما أصدرت الأخيرة أمرا بتغطية الوجه في الأماكن العامة. وقال كيمب: «بينما نتفق جميعا على أن وضع الكمامة فعّال، أنا واثق بأن سكان جورجيا ليسوا بحاجة إلى أمر رسمي للقيام بما هو صحيح». ولا تسعى الدعوى القضائية التي تقدّم بها لإلغاء أمر وضع الكمامات فحسب، بل تستهدف كذلك تحرّك رئيسة البلدية كيشا لانس بوتومز لفرض تدابير إغلاق أكثر صرامة. وتعتقد الديمقراطية بوتومز، التي أصيبت بفيروس كورونا، بأن قرار كيمب مجرّد خطوة انتقامية بدافع سياسي. وصرّحت لشبكة «سي إن إن» بأنها جاءت بعد يوم على زيارة قام بها ترمب إلى أتلانتا حيث أشارت إلى أنه خرق القواعد من خلال امتناعه عن وضع كمامة في المطار. وبرزت سجالات مماثلة في مناطق أخرى. ففي تكساس، أصدر الحاكم غريغ أبوت أمرا على مستوى الولاية يفرض وضع الكمامات نظرا لارتفاع عدد الإصابات، ليصدر عدد من المسؤولين الجمهوريين المحليين قرارات اعتراض عدة بحقه. وأفادت صحيفة «تكساس تريبيون» بأنهم اتهموه بانتهاك مبادئ الحزب، فيما يتعلّق بفصل السلطات والمشاريع التجارية الحرة والمسؤولية الشخصية.
وبينما يطالب رئيس مجلس بلدية هيوستن، كبرى مدن الولاية، بإعادة فرض تدابير الإغلاق، فإن حاكم الولاية يرفض ذلك.وأكد العديد من كبار مسؤولي الشرطة، وهم عادة مسؤولون منتخبون، في كاليفورنيا وكارولاينا الشمالية وغيرهما، أنهم لن يطبّقوا قواعد فرض الكمامات في مناطقهم. وقال أحدهم في ولاية واشنطن أواخر يونيو: «لا تكونوا كالقطيع». ويذكر أن الوباء بدأ بالانتشار في الولايات المتحدة من ولاية واشنطن (غرب)، حيث عاود عدد الإصابات الارتفاع.
من جهتهم، ناشد خبراء الصحة العامة السياسيين والجمهور تغطية وجوههم للمساعدة في وقف انتشار العدوى، وسط انقسام ثقافي على نطاق أوسع في الولايات المتحدة. ويقاوم ترمب وأنصاره إبداء التأييد بشكل واضح لاستخدام الكمامات، ويدعون إلى عودة النشاط الاقتصادي الطبيعي بعد إجراءات العزل العام بسبب الوباء. وقال فاوتشي الجمعة، إنه «سيحث القادة - القادة السياسيين المحليين في الولايات والمدن والبلدات - على أن يتحلوا بأكبر قدر ممكن من الصرامة في حمل مواطنيهم على استخدام الكمامات».
- انقسام حول المدارس
في هذه الأثناء، لن يعاد فتح معظم المدارس الخاصة والحكومية في كاليفورنيا أمام الطلبة مع بدء العام الدراسي الجديد، وذلك بموجب قواعد على مستوى الولاية أعلنها حاكمها غافين نيوسوم أول من أمس الجمعة.
وسيسمح فقط للمدارس الواقعة في المقاطعات التي شطبت من قائمة الرقابة التي أعدتها الولاية لمدة 14 يوما بإعادة فتح أبوابها. وشملت القائمة حتى الجمعة 32 من مقاطعات الولاية الـ58. وهي مناطق تضم العدد الأكبر من المدارس في الولاية.
وبينما تبحث ولايات الغرب والجنوب سبل احتواء الوباء، تحركت نيويورك، التي كانت البؤرة الأساسية للفيروس في الولايات المتحدة وحيث توفي أكثر من 32 ألف مصاب به، باتّجاه تخفيف مزيد من القيود التي كانت تفرضها بعدما تمكّنت من السيطرة على تفشي الوباء. وأشار رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو، أول من أمس، إلى إمكان إعادة فتح الحدائق لكن بقدرة استيعابية محدودة، واستئناف مباريات البيسبول لكن دون جمهور.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.