اتهامات للحوثيين بإخفاء غاز الطهي في إب وتوسيع السوق السوداء بصنعاء

يمنية تمد يدها لتسلم وجبة غذائية من جمعية خيرية في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنية تمد يدها لتسلم وجبة غذائية من جمعية خيرية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

اتهامات للحوثيين بإخفاء غاز الطهي في إب وتوسيع السوق السوداء بصنعاء

يمنية تمد يدها لتسلم وجبة غذائية من جمعية خيرية في صنعاء (إ.ب.أ)
يمنية تمد يدها لتسلم وجبة غذائية من جمعية خيرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهم يمنيون الحوثيين بتوسيع سوقهم السوداء لبيع الوقود في صنعاء وبقية مناطق سيطرتهم، وبمضاعفة معاناة السكان في محافظة إب (170 كلم جنوب العاصمة) بإخفاء غاز الطهي منذ أسبوع، بحسب ما أفادت به لـ«الشرق الأوسط» مصادر محلية في المحافظة.
ورجحت المصادر أن قادة الجماعة الحوثية في محافظة إب يقفون وراء افتعال أزمة غاز جديدة، في مسعى جديد للتكسب من وراء رفع سعرها وبيعها في السوق السوداء.
يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار الانعدام شبه الكلي للمشتقات النفطية في العاصمة وتضاعف معاناة السكان وتوقف الكثير من المنشآت والخدمات الحيوية، بما في ذلك آبار مياه الشرب.
وذكرت المصادر في محافظة إب أن قادة الجماعة المسؤولين عن توزيع أسطوانات الغاز المنزلي حرصوا منذ أكثر من أسبوع على افتعال الأزمة وعدم توزيع الأسطوانات على المديريات والأحياء، الأمر الذي دفع الكثير من العائلات إلى اللجوء للسوق السوداء للحصول على مبتغاهم وبأسعار مضاعفة.
ومع بروز أزمة انعدام غاز الطهي في إب بشكل مفاجئ، ما يوحي بأنها مفتعلة من قبل الجماعة، شكا مواطنون وسكان محليون في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» من استمرار انعدام مادة الغاز المنزلي في مناطقهم.
وأكد السكان لـ«الشرق الأوسط» أن تلاعب الميليشيات وإخفاءها المتعمد لمادة الغاز أشغل أزمة جديدة في المحافظة وأوصل سعر الأسطوانة الواحدة إلى أكثر من 10 آلاف ريال (الدولار حوالي 600 ر‏يال).
إلى ذلك كشف عاملون بفرع الشركة اليمنية للغاز في إب عن قيام قادة الجماعة بإخفاء نحو 13 صهريجا كانت قد وصلت الأيام الماضية تباعا إلى إب وخصصت للمحافظة ومديرياتها وأريافها، ما تسبب في وقوع أزمة حادة.
وطبقا لمعلومات رسمية، تصل إلى إب يومياً 7 قاطرات من مادة الغاز المنزلي، منها 3 قاطرات حصة المحافظة المعتمدة من شركة صافر، وتقدم للوكيل بسعر 1700 ريال، ليقوم بتقديمها للمواطنين بسعر 2000 ريال، و4 قاطرات غاز تجارية تخصصها الشركة بالتوافق مع التجار للمناطق الريفية، لتباع تحت إشراف الشركة بسعر 2830 ريالاً للأسطوانة.
وتفيد المعلومات بأن فرع الشركة اليمنية للغاز يزود مدينة إب (مركز المحافظة) يومياً بكمية تتراوح بين 8 - 10 آلاف أسطوانة، بسعر 1700 ريال عبر الوكلاء، ليقوموا بالتوزيع وفق قاعدة بيانات معتمدة من المحافظة والمديريات، بقيمة 2000 ريال للمواطنين، لكن الجماعة وأتباعها عادوا من جديد لإضافة رسوم ومسميات متعددة إلى سعر المادة ليصل سعرها في الأخير إلى المستهلك بـ4500 ريال في الأيام العادية.
وعلى صلة بوقوف الانقلابيين الحوثيين وراء افتعال الأزمات المتعددة، وفيما يتعلق بأزمة المشتقات النفطية في صنعاء العاصمة وبقية مناطق سيطرة الميليشيات والتي تخطت أكثر من شهر، كشف عاملون في شركة النفط بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة التي تدير الشركة منعت أول من أمس ملاك أربع محطات بصنعاء من التزود بالوقود نتيجة رفضهم قبول مقطورات كانت صرفتها لهم قبل يومين وينقصها الكثير من مادة البنزين.
وأكد ملاك محطات بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن شركة النفط الخاضعة للحوثيين بالعاصمة زودت محطاتهم اليومين الماضيين بكميات منقوصة من البنزين، مشيرين إلى قيام قادة الجماعة بسرقة بقية الكميات.
وتحدث مالك محطة بصنعاء تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن «ألاعيب وممارسات الميليشيات الحوثية وتعمد سوء إدارتها وتوزيعها للمشتقات النفطية». وقال «إن ميليشيا النفط بصنعاء لا تزال تضيق الخناق على ملاك المحطات من خلال شروط وقيود تعجيزية تطالبهم بتنفيذها عقب تزويدهم كل مرة بالمشتقات، والتي تلحق الضرر بهم من جهة وبالمستهلك الذي ينتظر أياما طويلة لتزويد سيارته بالوقود من جهة ثانية».
ومن بين تلك القيود التطفيشية، وفقا لمالك المحطة، إلزام الجماعة لملاك المحطات بتشغيل كل محطة لـ«مضخة بنزين» واحدة لتزويد العشرات إن لم تكن المئات من السيارات والمركبات المنتظرة منذ أيام للحصول على المشتقات، مع العلم أن أصغر محطة تحوي من 3 - 6 مضخات على الأقل، بالإضافة إلى تحويل الجماعة أوقات بيع المحطات للمحروقات إلى ما يشبه بنصف الدوام الرسمي، حيث تتوزع عملية البيع يوميا، وفق شروط الميليشيات، إلى 4 ساعات كفترة صباحية ومثلها للفترة المسائية.
وأكد مالك المحطة، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الهدف الرئيسي من شروط الجماعة وتوجهاتها استمرار تضييق الخناق على المواطن وإجباره على مغادرة الطوابير أمام المحطات واللجوء إلى السوق السوداء لشراء حاجته من المشتقات حتى ولو بأسعار مرتفعة لتجني عبرها الجماعة مليارات الريالات.
ونتيجة استمرار أزمة الوقود في مدن تقع تحت سيطرة الجماعة، تحولت معظم شوارع العاصمة صنعاء إلى أسواق سوداء كبيرة لبيع المشتقات النفطية، وشهدت عبرها غالبية تلك المناطق بشكل علني أغرب سوق سوداء لتجارة وبيع هذه المادة، في الوقت الذي تتزاحم مئات السيارات في صفوف طويلة عند محطات الوقود الفارغة.
وتصطف قرب محطات الوقود الرسمية المغلقة ناقلات وشاحنات نفط كبيرة وسيارات مكشوفة محملة ببراميل مليئة بالبنزين والديزل تبيع أمام الملأ بأسعار خيالية، دون حسيب أو رقيب.
ويتهم مراقبون محليون الانقلابيين المدعومين إيرانيا بالوقوف وراء انعاش السوق السوداء لمشتقات الوقود. ويعتبرون أن الجماعة هي المسؤولة الوحيدة عن بروز تلك الأزمة الخانقة.
ويشير المراقبون إلى ازدهار السوق السوداء لتجارة المشتقات على يد الانقلابيين وفي زمن حكمهم وسيطرتهم كونهم من نهبوا وما زالوا مخزونات النفط الاستراتيجية وغيرها من شركة النفط في صنعاء ومدن أخرى وتسخير كميات كبيرة منها لصالحها بغية التكسب من جهة واستمرار حروبها العبثية ضد اليمنيين من جهة ثانية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.