أكاديمي إسباني يقتفي أثر العائلات الأندلسية في مصر

كاستيللو يستعين بخرائط وكتب تاريخية أثناء جولاته بالدلتا والصعيد

أكاديمي إسباني يقتفي أثر العائلات الأندلسية في مصر
TT

أكاديمي إسباني يقتفي أثر العائلات الأندلسية في مصر

أكاديمي إسباني يقتفي أثر العائلات الأندلسية في مصر

دهْشة المصور الفوتوغرافي المصري طارق الصغير، كانت أكبر كثيراً من صديقه الأكاديمي الإسباني، الدكتور بيدرو ديل كاستيللو، أستاذ علم النفس المتقاعد بجامعة برشلونة، عندما اكتشف أن «المرسي أبو العباس» صاحب الضريح الشهير بمدينة الإسكندرية (شمال مصر)، الذي يتمتع بمكانة مميزة لدى المصريين، ولد وعاش في الأندلس عندما كانت عاصمة للخلافة الإسلامية، لكنه هاجر إلى مصر واستقر فيها مثل كثير من الأندلسيين من أصول عربية.
وخلال السنوات الماضية، يحاول الأكاديمي الإسباني كاستيللو، تقفي أثر العائلات العربية الأندلسية، إذ يمتلك قائمة تضم أسماء عشرات العائلات الأندلسية من أصول عربية، استدل عليها من كتب التاريخ والتراث العربي والمصري وكتابات المستشرقين، وما زال يضيف أسماءً جديدة إلى قائمته عبر البحث في المكتبات المصرية، فيما يتجول في مدن ومحافظات مصر باحثاً في الآثار والمقابر عن العائلات التي وثق أصلها الأندلسي مستعيناً بنسخ عن خرائط مصرية وغربية تاريخية، من بينها خرائط الحملة الفرنسية على مصر، وبعض الكتب المصرية القديمة التي توثق تاريخ الجبانات «المقابر» الشهيرة.
«على الرغم من أن معظم الإسبان لا يعرفون شيئاً عن فترة الحكم العربي عندما كانت الأندلس عاصمة للخلافة الإسلامية، فإنني أدرك أن هذه الفترة حققت نهضة كبيرة في كافة المجالات، وهو ما دفعني في البداية إلى طرح أسئلة لم يكن لدي لها إجابات بشأن العرب الأندلسيين الذين غادروا البلاد إلى دول عربية عديدة، وقادتني رحلة البحث إلى مصر»، هكذا وصف الدكتور بيدرو ديل كاستيللو أستاذ علم النفس المتقاعد بجامعة برشلونة، أسباب رحلته إلى مصر، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «رحلة البحث بدأت من المكتبات والكتب التاريخية والتراثية لتتبع نسب الأسماء والعائلات الإسبانية، وأقوم بالتجول في المقابر المصرية بحثاً عن الأسماء التي وثقت أصولها، مستعيناً بخرائط تاريخية لهذه المقابر، من بينها الخريطة التي وضعتها الحملة الفرنسية».
أسفرت الجولات الميدانية عن تحديد أماكن دفن العديد من الشخصيات المعروفة من أصول أندلسية، بينهم علماء دين وفلاسفة وقضاة، ويتمتع بعضهم بمكانة دينية مميزة لدى المصريين الذين يطلقون عليهم «أولياء الله الصالحين» وما زالت أضرحتهم مقصداً للزوار، ومنهم المرسي أبو العباس، صاحب الضريح الشهير الذي ما زال قائماً بمدينة الإسكندرية، وهو الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عمر بن علي الخزرجي الأنصاري المرسي البلنسي، يتصل نسبه بالصحابي، سعد بن عبادة الأنصاري، ولد أبو العباس المرسي عام 616 هجرية 1219 ميلادية بمدينة مرسيه، ونشأ بها، وهي إحدى مدن الأندلس، لذلك عرف باسم «المرسي» نسبة إلى مدينته، والقاضي المعروف الإمام الشاطبي، أحد أشهر علماء الفقه والحديث، وهو أبو محمد القاسم بن فِيرُه بن أحمد الشاطبي الرُعَيْنِيُ. وُلِد عام 538هـجرية في مدينة شاطبة بالأندلس، واستقر في مصر خلال عودته من رحلة الحج، ودفن في مقابر منطقة الإمام الشافعي (جنوب القاهرة).
كما تمكن الأكاديمي الإسباني، الذي يعتزم إصدار نتائج بحثه في كتاب بالوثائق، من تحديد مكان دفن الإمام القرطبي بمحافظة المنيا بصعيد مصر، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فَرْح الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي، ولد في قرطبة أوائل القرن السابع الهجري، ثم انتقل إلى مصر، حيث استقر بمدينة بني خصيب في شمال مدينة أسيوط، التي تتبع محافظة المنيا في الوقت الراهن، والفقيه الإمام الطرطوشي المدفون بمدينة الإسكندرية، الذي ولد في مدينة طرطوشة الأندلسية عام 451 ميلادية، واسمه أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف المعروف بأبي بكر الطرطوشي.
كان وقع المفاجأة على المصور الفوتوغرافي المصري طارق الصغير، الذي يتولى توثيق رحلة البحث بين المقابر والأضرحة كبيراً، عندما عرف أن كل هؤلاء المشاهير الذين يتمتعون بمكانة كبيرة لدى المصريين هم من أصول أندلسية، ويقول الصغير لـ«الشرق الأوسط»، إن «المفاجأة كانت كبيرة في البداية، فقد نشأت على حب معظم هذه الشخصيات، لكني أيقنت أنها طبيعتنا كمصريين، فنحن نقدر ونحتفي بالعلماء في أي مجال بغض النظر عن جنسياتهم، وكلما تجولنا أكثر بين المقابر والأضرحة يزداد استمتاعي ودهشتي».
وتمكن ديل كاستيللو من توثيق وتتبع أماكن دفن العديد من العرب الأندلسيين، بعضها عائلات غير معروفة، وما زال يمتلك قائمة طويلة بأسماء بعض هذه العائلات التي يطلق عليها «قائمة المجهولين»، ويقول «تتبع العائلات غير المعروفة أصعب كثيراً من الشخصيات الشهيرة التي يمكنني أن أجد معلومات عنها في كتب التاريخ والتراث، ولدي في قائمتي الموثقة أسماء جاءت إلى مصر في العصر الحديث، حيث وثقت نحو 25 شخصاً دفنوا بمدينة ملوي في محافظة المنيا في القرن الثامن عشر الميلادي، إذ كانوا يعملون في مصنع سكر يمتلكه إسبان نحو عام 1850 ميلادية، وقد بدأت التواصل مع إدارات الجبانات (المقابر) في كل محافظة مصرية لتحديد أماكن دفن الأشخاص الذين أبحث عنهم من خلال شهادات الوفاة».


مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
يوميات الشرق علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء. وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل. وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.