يمنيون: اتفاق الرياض أقرب طريق لإنهاء «حرب الإنهاك» في أبين

صراعات «الشرعية» و»الانتقالي» الميدانية تدخل شهرها الثاني

آلية عسكرية تابعة لقوات المجلس الانتقالي في أبين (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تابعة لقوات المجلس الانتقالي في أبين (أ.ف.ب)
TT

يمنيون: اتفاق الرياض أقرب طريق لإنهاء «حرب الإنهاك» في أبين

آلية عسكرية تابعة لقوات المجلس الانتقالي في أبين (أ.ف.ب)
آلية عسكرية تابعة لقوات المجلس الانتقالي في أبين (أ.ف.ب)

دخلت الحرب بين قوات الحكومة اليمنية وقوات المجلس الانتقالي في محافظة أبين شرق عدن شهرها الثاني دون تقدم فعلي لأي طرف، لكنها استنزفت من الطرفين أفرادا وآليات وأموالا يعد اليمنيون في أمسّ الحاجة لتوظيفها في تحسين الخدمات عوضا عن الاقتتال، وتبين المعطيات وفق سكان ومصادر وباحثين يمنيين صعوبة الحسم العسكري وأن العودة لتنفيذ اتفاق الرياض هي أقرب طريقة لتحقيق النصر الحقيقي لكلا الطرفين.
المواجهات التي تتجدد وتتوقف لأسباب غير واضحة في المنطقة الفاصلة بين ميناء شقرة الخاضع لسيطرة القوات الحكومية ومدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين الخاضعة لسيطرة قوات المجلس الانتقالي، ورغم دخولها الشهر الثاني فإن الادعاءات التي يسوقها المؤيدون عن تقدم طرف على الآخر، تتلاشى مع الحقائق على الواقع. حيث تراوح المعارك مكانها منذ انطلاقها الشهر الماضي وفق تأكيدات سكان ومصادر محلية في المحافظة تحدثت معهم «الشرق الأوسط».
تشير المصادر إلى أن الذهاب نحو القوة سيؤدي إلى استنزاف الطرفين في صراع مسلح لا يخدم سوى ميليشيا الحوثي الخصم الأساسي لكل اليمنيين وهو ما يؤكد عليه الباحث السياسي والكاتب محمد عبد الرحمن الذي يقول: «موازين القوى العسكرية على الأرض قد لا تسمح لأي طرف بتحقيق انتصار حاسم. أو كبير وذي أهمية سياسية كبيرة»، ويضيف «أعتقد أن الطرفين كلاهما يسعى لتحقيق انتصار على الأرض من خلاله يحقق مكاسب وطموحات سياسية. فالانتقالي من مصلحته التمدد إلى شبوة وحضرموت وكل الجغرافيا والديموغرافيا في الجنوب. لفرض إدارته الذاتية، وتحسين موقعه في أية مفاوضات قادمة، وذلك كهدف أعلى، أو حماية ما هو تحت سيطرته ووجوده وإثبات أنه قوة يصعب شطبها، وتحسين موقعه التفاوضي تجاه تنفيذ اتفاق الرياض كهدف أدنى».
ووفقا لما يراه عبد الرحمن فإن الحكومة من جهتها تريد التمدد ودخول عدن، لهزيمة الانتقالي والانتقام مما تعرض له في أغسطس (آب) العام الماضي. كهدف وطموح أعلى، أو تحقيق ضربة لقوات الانتقالي والسيطرة على كامل مساحة محافظة أبين، وإضعاف موقفه في مفاوضات تنفيذ اتفاق الرياض.
الشارع اليمني وطيف واسع من نخبه السياسية يراهن على التحالف الداعم للشرعية بقيادة السعودية باعتباره الضامن لاحتواء المواجهات وإعادة الطرفين إلى طريق اتفاق الرياض باعتباره المخرج الآمن والذي يضمن تحقيق تطلعات كل الأطراف من حيث الشراكة الوطنية في إدارة الشأن العام وتوحيد صف القوى المناهضة للمشروع الانقلابي.
يقول خالد عبد الله وهو صاحب دكان لبيع المواد الغذائية في عدن إن «وجود قوات التحالف هو الذي يطمئن الناس على أن المواجهات لن تتسع ولن تطول وأن الشرعية والانتقالي سيعودان في الأخير لتنفيذ اتفاق الرياض لأنه لا يوجد بديل لذلك إلا استمرار الصراع وتدهور الأوضاع زيادة عما هي عليه الآن، حيث يعاني السكان من تدني الخدمات بشكل عام وبالذات في قطاع الكهرباء والصحة والمياه».
وبالمثل يؤكد مسؤول يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن الجهود التي تقودها السعودية لإعادة الطرفين إلى تنفيذ اتفاق الرياض تحظى بتأييد كبير على المستوى الدولي وأيضا على المستوى الداخلي في اليمن، مشيرا إلى أن طبيعة المواجهات مع الميليشيات المدعومة من إيران وجائحة «كورونا» إلى جانب قطاع الخدمات تفرضان إنهاء المواجهات وتوحيد الصفوف والعودة لتنفيذ اتفاق الرياض بشكل كامل، محذرا من أن بقاء الوضع على ما هو عليه سيكون له نتائج كارثية.
ومع استمرار الجهود التي تقودها السعودية مسنودة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لإعادة الطرفين لتنفيذ اتفاق الرياض اتخذ المجلس الانتقالي أمس خطوة قد تصعد من حدة الخلاف إذ أصدر قرارا بتعيين مدير لمديرية ردفان بمحافظة لحج بدلا من المدير المعين من المحافظ ووزارة الإدارة المحلية.
ميدانيا استمرت المواجهات بين الطرفين يوم الخميس، في المواقع ذاتها. ونفت القوات الحكومية تحقيق قوات المجلس الانتقالي أي تقدم باتجاه وادي سلى، وقالت إنها تصدت لمحاولة التقدم التي نفذتها تلك القوات على مواقعها ودمرت واستولت على عدد من الآليات.
هذه التطورات رافقها مقتل محمد سلام الصبيحي وهو قائد في كتيبة الدروع التابعة لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي خلال المواجهات، أعقب ذلك اغتيال مسلحين مجهولين قائد الحزام الأمني في مديرية مودية نصر الصالحي، حيث أطلق رجلان يستقلان دراجة نارية النار على الصالحي بينما كان في طريقه إلى المدينة قادماً من الجهة الشرقية. واتهم قياديون في المجلس الانتقالي «عناصر إخوانية» بتنفيذ عملية الاغتيال.
من جهته قال محمد النقيب المتحدث باسم قوات المجلس الانتقالي في أبين إن القوات نفذت عملية عسكرية وصفها بـ«النوعية» من محاور عدة أحرزت خلالها تقدما ميدانيا، إذ سيطرت على مساحة واسعة أبرزها جبل سيود كما دمرت العديد من الآليات للقوات الحكومية منها دبابتان وعربات مصفحة.
تأثير هذه المواجهات امتد إلى مديرية جردان بمحافظة شبوة، حيث قتل مسلح وأصيب آخر وأحد أفراد الأمن، خلال اشتباكات بين قوة أمنية ومسلحين موالين للانتقالي الجنوبي في المديرية.
السلطات في محافظة شبوة ذكرت أن مسلحين من عناصر المجلس الانتقالي في المديرية اعترضوا طريق حملة لقوات الأمن في مديرية جردان، ما أدى لاندلاع اشتباكات بين الطرفين، قتل خلالها أحد مؤيدي المجلس الانتقالي وأصيب آخر، كما أصيب أحد أفراد قوات الأمن. ولم يصدر تعليق فوري من جانب المجلس الانتقالي على الحادثة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.