الطحين والخميرة ينفدان من الأسواق

الخبز المنزلي ظاهرة جديدة لها أسبابها

الطحين والخميرة ينفدان من الأسواق
TT

الطحين والخميرة ينفدان من الأسواق

الطحين والخميرة ينفدان من الأسواق

اعترفت مصانع الخميرة في الولايات المتحدة بأنها لا تكاد تلاحق الطلب على منتجاتها بسبب التوجه إلى تحضير الخبز في المنازل. وتخطت معدلات الطلب على الخميرة طاقة الإنتاج في كثير من المناطق. ويبدو أن صناعة الخبز المنزلي تنتشر بمعدلات غير مسبوقة في أميركا وأوروبا إلى درجة أن مكونات الخبز من طحين وخميرة نفدت من الأسواق وتختفي فور وصول شحنات جديدة منها.
وبسبب انتشار الوباء وتزامن الحجر المنزلي مع شهر رمضان المبارك والاحتفال بالعيد في أيام الحجر أيضاً، توجه الناس إلى خبز الحلويات في المنزل أيضاً مما تسبب في نفاد الخميرة والدقيق في بعض الأسواق العربية أيضاً.
وأعلنت شركة صناعة الخميرة «رد ستار» الأميركية أنها تنتج الخميرة بأقصى طاقة إنتاج متاحة ولكنها لا تكاد تغطي الطلب. وأضافت أنه لم يتوقع أحد أن يزيد الطلب على الخميرة بهذه الدرجة. ويتكرر المشهد أيضاً بين موردي مكونات الخبز في أوروبا وكندا.
هذا التحول ليس غريباً في عصر «كورونا»، مع زيادة مخاوف نفاد الخبز من الأسواق. وينظر المستهلك الغربي إلى الموقف من زاوية أن بعض الحكومات لجأت بالفعل إلى الحد من صادرات القمح والطحين في ظل التراجع الاقتصادي العالمي. كما أن أسواق التعامل المؤجل في السلع تشهد ارتفاعاً غير عادي في أسعار تسليم شحنات القمح في المستقبل. وتعرف الحكومات أن نقص الخبز تاريخياً كان وراء الثورات وحالات الفوضى الاجتماعية.
ولكن خبراء نفسيين لهم تفسير آخر للظاهرة، خصوصاً أن الأسواق لا تعاني من أي نقص في الخبز بمختلف أنواعه. وهم لا يرون السبب في شراء مكونات الخبز توقع نقصه في السوق أو استعداداً للأوقات الصعبة، وإنما السبب الحقيقي هو الملل من أسلوب الحياة الحالي في عصر «كورونا» والعزل في المنازل بلا قدرة على تغيير الوضع بالمرة. والتوجه إلى صناعة الخبز المنزلي هو نوع من تشتيت الانتباه عن الإحصاءات المؤلمة التي تبث يومياً عن عدد حالات الإصابة الجديدة بفيروس «كورونا» وأرقام الوفيات الفاجعة.
الخبز المنزلي يعيد بعض السيطرة على الأمور ويضمن بعض الأمان في وجود الحد الأدنى من الطعام الذي يقي من الجوع، وفي نظافة الخبز وتناوله طازجاً. وترى جامعات بريطانية أن التحول إلى صناعة الخبز المنزلي حدث فجأة رغم أن التيار السائد قبل ذلك كان اختيار نظم غذائية تستغني عن القمح والغلوتين في الوجبات.
وفي دول مثل فرنسا وإيطاليا التي تنتشر فيهما المخابز الصغيرة على نواصي الشوارع، يبدو تصنيع الخبز في المنازل أكثر غرابة. وتعتقد الباحثة مادلينا باراسو، في جامعة تورينو الإيطالية، أن صناعة الخبز منزلياً نوع من المشاركة الوجدانية مع آخرين بإعلان ذلك على منصات التواصل الاجتماعي وجمع العائلات حول مشروع منزلي يشارك فيه ويتناوله الجميع.
ويعزز ذلك الاعتقاد أن أحد أهم الاهتمامات حالياً على محرك «غوغل» للبحث، هو عن الخبز وطرق صنعه. وبلغ حجم هاشتاغ واحد «صناعة الخبز» (#Breadmaking) نصف مليون مشارك. كما أكدت شركات «سوبرماركت» أن معدل الإقبال على الطحين ولوازم صناعة الخبز ازداد في الأسابيع الماضية بمعدل 7 أضعاف.
من الأسباب الأخرى التي سيقت لتبرير هذا الإقبال غير المسبوق على صناعة الخبز المنزلي أن هذا النشاط يمنح بعض الطمأنينة والسكينة في أوقات الأزمة. وهو توجه معروف تاريخياً. كذلك، فإن هذا النشاط غير مكلف مالياً؛ حيث كل المكونات من طحين وخميرة وملح رخيصة. ويمنح نشاط صناعة الخبز في المنزل بعض السيطرة على مخاطر العدوى في زمن يعاني فيه الناس من الخوف والتوتر.
وهو نوع من العلاج النفسي الذي لا يكتفي فيه صانعو الخبز بتناوله في المنزل، وإنما يشاركون فيه آخرين على مواقع التواصل الاجتماعي؛ سواء في طريقة الصنع أو في تصوير الخبز في صورته النهائية بعد خروجه من الفرن.
وتشمل عملية الخبز انشغال اليدين والجهد البدني الذي يمنح العقل فرصة للاسترخاء ويخفف من المخاوف. وفي بعض الأحيان تثير عملية صناعة الخبز ذكريات طيبة من مرحلة الطفولة التي كان فيها الخبز المنزلي ورائحته من مظاهر الحياة اليومية. ويعالج الخبز المنزلي كثيراً من مظاهر الإحباط السائدة في حقبة «كورونا» التي تبدو مظاهرها في تراجع الدخل والعزلة. ويوفر الخبز المنزلي نتائج مضمونة في وقت لا توجد فيه ضمانات لأي شيء آخر.
وفي بريطانيا، ساهم التسوق العشوائي في بداية أزمة «كورونا» في نفاد أسواق السوبرماركت من بعض السلع الضرورية التي كان من بينها الخبز. ورغم أن النقص تم تعويضه في خلال أيام، فإن الأرفف الخالية من الخبز تركت انطباعاً عميقاً لدى المستهلك بانعدام الثقة في وجود الخبز حينما يحتاج إليه. وساهم من ذك انعدام القدرة على التحكم في الموقف. وكان الحل هو التحول إلى تصنيع الخبز منزلياً في تحرك مشروع للدفاع عن البقاء.
ويمتد هذا النشاط أيضاً إلى المجتمعات العربية التي تنتشر بينها الآن تعليقات على مواقع التواصل عن كيفية صناعة الخبز المحلي أحياناً بلا حاجة إلى فرن. ويجد المغتربون في صناعة الخبز المحلي رابطة قوية بالوطن الأم وتجربة تعيد إليهم ذكريات الماضي. كما أن تناول الخبز المحلي يتفوق في طعمه في معظم الأحوال على الخبز المتاح في محلات السوبرماركت.

- كيفية صنع الخبز المنزلي بطريقة جيمي أوليفر
تنتشر آلاف الوصفات لصناعة الخبز بأنواعه المختلفة، ربما كانت أغربها صناعة الخبز المصري البلدي على موقد وفوق مصفاة معدنية ومن دون الحاجة إلى الفرن. ولكن أبسط وسائل صناعة الخبز يقدمها الشيف الشهير جيمي أوليفر.
مكونات طريقة أوليفر: تتكون من كيلو من الطحين (الدقيق)، وعبوة من 7 غرامات من الخميرة تخلط مع 650 غراماً من الماء الدافئ، وتترك لمدة 5 دقائق مع إضافة ملعقة من السكر. وبعد ظهور الفقاعات في الخميرة بعد نحو 15 دقيقة تتم إضافتها إلى الطحين، ويتم عجن الخليط جيداً لمدة 10 دقائق وترك العجين في صحن مناسب بعد إضافة الزيت للقاع لمنع التصاق العجين بالصحن.
يترك العجين لمدة ساعتين مع تغطيته حتى يتضاعف في الحجم، ويمكن وضعه في البراد لفترة أطول للوصول إلى النتيجة نفسها لاكتساب طعم أفضل. ثم يتم تقسيم العجين إلى جزأين ويوضع في أواني الفرن ويغطى بمنشفة مبللة لمدة ساعة حتى يتضاعف مرة أخرى في الحجم، قبل إدخاله إلى الفرن.
ويتم إنضاج الخبز في الفرن لمدة 35 دقيقة في درجة حرارة 400 مئوية. وتطبق هذه الطريقة على الخبز التوست، ولكنها تصلح لمعظم أنواع الخبز الأخرى أيضاً.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.