الأسواق المالية تتنفس قليلاً وسط اقتصاد عالمي مختنق

الأمل موجود رغم التخوف من نتائج كارثية للشركات

كان الأسبوع الماضي في البورصات العالمية الأفضل من حيث نسبة الصعود في أيام قليلة منذ عام 2011 (رويترز)
كان الأسبوع الماضي في البورصات العالمية الأفضل من حيث نسبة الصعود في أيام قليلة منذ عام 2011 (رويترز)
TT

الأسواق المالية تتنفس قليلاً وسط اقتصاد عالمي مختنق

كان الأسبوع الماضي في البورصات العالمية الأفضل من حيث نسبة الصعود في أيام قليلة منذ عام 2011 (رويترز)
كان الأسبوع الماضي في البورصات العالمية الأفضل من حيث نسبة الصعود في أيام قليلة منذ عام 2011 (رويترز)

أقفلت البورصات العالمية، لا سيما الأوروبية والأميركية، الأسبوع الماضي على ارتفاع، وكان ذلك الأسبوع الأفضل من حيث نسبة الصعود في أيام قليلة منذ عام 2011. ويسأل المحللون عما إذا بدأت تلك البورصات رؤية بصيص النور في نهاية نفق الهبوط الحاد الذي منيت به هذه السنة بفعل تداعيات أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19).
وفي المعطيات، ارتفع على سبيل المثال مؤشر «داو جونز» الأميركي 11 في المائة، و«ستوكس 600» الأوروبي نحو 7 في المائة، و«كاك 40» الفرنسي 8 في المائة و«داكس» الألماني 11 في المائة، كما صعد مؤشر «فايننشيال تايمز 100» البريطاني بقوة أيضاً، لكن المستثمرين يخشون من إعلانات أرباح الشركات للربع الأول، والتي يرجح أن تأتي بتراجعات شبه أكيدة، وبالتالي سيؤثر ذلك في أداء الأسهم لتعود البورصات إلى الهبوط من جديد. فالوباء لم ينحسر بعد، والاقتصاد العالمي يختنق ويغرق في الانكماش، ومؤشرات البطالة تصعد كل يوم أكثر... ومع ذلك يبدو أن البورصات تتنفس قليلاً وتضع نفسها في مرحلة ما بعد الأزمة وتتفاءل! لكن محللين ماليين يحذرون من خيبات أمل قادمة مذكرين بعاصفة الهبوط الذريع خلال الشهرين الماضيين. إذ رغم صعود الأسبوع الماضي تبقى المؤشرات أدنى بنسبة 25 في المائة، مقارنة بالمستويات التي بدأت بها عام 2020.
ويقول محلل استراتيجيات الاستثمار في شركة «كارمينياك» (ليزيكو الفرنسية) إن الأسواق «تماسكت قليلاً بعد موجة الهلع الهائلة التي سادت بين 18 فبراير (شباط) و19 مارس (آذار) الماضيين. وكان لا بد من التقاط الأنفاس عند قاع معين تزامن مع بدء رؤية منحنى ضحايا كورونا في أخذ شكل مسطح أو هابط قليلاً؛ بعدما كان صاعداً بقوة خلال شهر كامل»، وأضاف: «كان لا بد لبعض المستثمرين العودة إلى بناء مراكز على أسهم تهاوت أسعارها إلى قاعات غير قابلة للتصديق، أي مغرية للشراء بالنظر إلى رخصها التاريخي. ورافق ذلك انحسار مؤشرات التقلب التي تعبر عن تراجع الهلع الأقصى إلى مستويات أدنى. ففي الولايات المتحدة الأميركية تراجع مؤشر التقلب (في آي إكس) من 83 نقطة في ذروة الهلع الجامح إلى 42 حالياً، علماً بأن المقبول نسبياً هو 30 نقطة».
إلى ذلك يضيف المحللون أسباباً أخرى دفعت إلى بعض التفاؤل الحذر، مثل الاتفاق التاريخي الذي قادته السعودية لخفض إنتاج النفط بالتعاون مع «أوبك» وروسيا والولايات المتحدة ومنتجين آخرين. وهناك أيضاً الحزم التحفيزية الهائلة التي أقرتها البنوك المركزية حول العالم، والحزم التي أقرتها وزارات المالية أيضاً. فالاحتياطي الفيدرالي الأميركي يعلن أسبوعياً ما يدل على ضخامة ما يقوم به، إذ قال الخميس الماضي إن دوره يتجاوز ضخ السيولة وضبط منحنيات العوائد في الأسواق المالية إلى منح البلاد أدوات اقتصادية ومالية تواجه بها الأزمة الصحية الطارئة، علماً بأن برنامج الدعم الحكومي الأميركي المعلن تبلغ قيمته 2.3 تريليون دولار، مع إعطاء أولوية للبلديات والشركات الصغيرة والمتوسطة.
في الجانب الأوروبي، يواصل البنك المركزي حملته الإعلامية ببيانات وتصريحات متواصلة تشير إلى أن البنك لن يدخر جهداً إلا وسيبذله، وهو قادر على تطوير أدوات تدخل جديدة. وقالت رئيسة البنك كريستين لاغارد: «ليس هناك أي حدود لالتزامنا بخدمة الاقتصاد الأوروبي. فالبنك المركزي يعرف كيف يطور أدوات عمله لاستخدامها بالشكل الأمثل لتأدية مهمته». وجاء ذلك في وقت أعلن فيه وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي اتفاقاً على حزمة إجراءات مالية بقيمة 540 مليار يورو لمواجهة تداعيات وباء كورونا.
محللون ماليون آخرون يحذرون من التعويل كثيراً على تفاؤل البورصات برؤية بصيص أمل في آخر النفق لأن الواقع الآن محبط، وسيظهر ذلك تباعاً مع إعلان نتائج الشركات للفصل الأول. وعندئذ سيعلم المستثمرون علم اليقين مدى الدمار الاقتصادي الذي خلفه فيروس كورونا. وتلك الإعلانات ستترافق مع توقعات الشركات للمرحلة المقبلة والتي يرجح ألا تكون وردية. ويضيف المحللون المتشائمون: «فعلى عكس التباطؤ الكلاسيكي في نهاية كل دور اقتصادية، فإن الأزمة الحالية غير معهودة». وللمثال، فإن قطاع الخدمات الذي يشكل 70 إلى 80 في المائة من الاقتصاد العالمي، والأكبر على الإطلاق في توظيف اليد العاملة، هو الآن شبه مشلول، ومن غير المعروف متى تعود عجلته إلى الدوران. لذا على الأسواق المالية إلا تستعجل بالتفاؤل، وستبقى البورصات حالياً قيد التنازع بين أمل الخروج من الأزمة مستقبلاً، وحدة قساوة الوضع الحاضر.



الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)
ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)
TT

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)
ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمس (الثلاثاء)، ميزانية عام 2025 بإيرادات متوقعة عند 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجز بـ101 مليار ريال (26.9 مليار دولار).

وتظهر أرقام الميزانية المحافظة على الاستدامة المالية والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات لتعزيز قوة الاقتصاد.

وقال ولي العهد في كلمة عقب إقرار الميزانية، إن المملكة ستواصل العمل على تنويع وتوسيع القاعدة الاقتصادية وتعزيز متانة مركزها المالي. وأضاف أن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجِد فرصاً غير مسبوقة.

وأكد الأمير محمد بن سلمان استمرار مساهمة الإنفاق الحكومي في تنويع الاقتصاد من خلال التركيز على تمكين القطاعات الواعدة، وتعزيز جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، ورفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات غير النفطية. كما شدد على الاستمرار في تحقيق كامل برامج «رؤية 2030» والاستراتيجيات الوطنية، وتعزيز دور القطاع الخاص لزيادة مساهمته في المشاريع الاستثمارية، ما يمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام. وشدد على أن «المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل رؤية المملكة 2030»، معتبراً أن الإصلاحات التي قامت بها المملكة «انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية، نتيجةً لتبني الحكومة سياسات مالية تساهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي».