رسامو «الغرافيتي» يشنون حرباً ضد «كورونا» على جدران الخرطوم

نظموا حملة فنية لتشجيع البقاء في المنازل

فنانو «غرافيتي» يرسمون لوحة إرشادية في أحد شوارع الخرطوم  -  جدارية لشخص بالملابس التقليدية مرتدياً الكمامة ضمن جهود فناني «الغرافيتي» لرفع الوعي بأهمية الوقاية
فنانو «غرافيتي» يرسمون لوحة إرشادية في أحد شوارع الخرطوم - جدارية لشخص بالملابس التقليدية مرتدياً الكمامة ضمن جهود فناني «الغرافيتي» لرفع الوعي بأهمية الوقاية
TT

رسامو «الغرافيتي» يشنون حرباً ضد «كورونا» على جدران الخرطوم

فنانو «غرافيتي» يرسمون لوحة إرشادية في أحد شوارع الخرطوم  -  جدارية لشخص بالملابس التقليدية مرتدياً الكمامة ضمن جهود فناني «الغرافيتي» لرفع الوعي بأهمية الوقاية
فنانو «غرافيتي» يرسمون لوحة إرشادية في أحد شوارع الخرطوم - جدارية لشخص بالملابس التقليدية مرتدياً الكمامة ضمن جهود فناني «الغرافيتي» لرفع الوعي بأهمية الوقاية

زيَّن رسامو «غرافيتي» سودانيون جدران وشوارع المدن بلوحات تعبيرية للتشجيع على الوقاية من فيروس «كورونا»، وتوصل رسائل تحذر من مخاطر انتشار الوباء في البلاد، وهي تعاني وضعاً اقتصادياً منهاراً، وبنية صحية متداعية.
وتعتمد الجداريات الشكل الكومبيوتري التخيلي للفيروس، وبجانبه التعليمات الصحية الصادرة عن الوزارة المختصة. يقول التشكيلي عمر حسن، أحد الفنانين الذين توجهوا لرسم الجداريات، إنهم لاحظوا عدم التزام السودانيين بارتداء الكمامات واتباع الإرشادات الطبية بجدية، فاستعانوا بالرسم على جدران المدن، لنشر الوعي وتشجيع الناس على الالتزام بالإرشادات الصحية.
ويقول: «(الغرافيتي) يستقطب جمهوراً لا يستهان به، لذا كان من الطبيعي أن يكون لرسامي هذا الفن دور في مكافحة الوباء العالمي»، وتابع: «كبار التشكيليين نشروا في صفحاتهم على مواقع التواصل عديداً من الرسومات المصحوبة بالعبارات الإرشادية».
ويحاول التشكيلي سيف رحمة، عضو مجموعة «ميلاد» الفنية، وعدد من رفاقه المولعين بحب الألوان والريشة، الاجتماع يومياً لإنتاج أفكار لرسومات تحمل رسائل قصيرة وقريبة من حس الجمهور، لتساعد في الحملة التي أطلقتها وزارة الصحة السودانية للحد من انتشار الوباء. وبحسب التشكيلي رامي زروق، تواصلت حملة مجموعة «ميلاد» التي تستخدم الفن في مواجهة الجائحة مع عدد من الجهات، بما في ذلك لجان الأحياء، لإيصال الرسالة للمجتمع.
وأضاف زروق: «رسمنا حتى الآن 22 جدارية. راعينا في الرسم الثقافة الشعبية، واستخدمنا تعابير شعبية، تحث على البقاء في المنزل»، ويتابع: «الواقع يستدعي اصطفاف شرائح المجتمع كافة، من أطباء ومهندسين وفنانين، لنشر الوعي بالتدابير التي تحول دون انتشار الوباء».
ويرى زروق أن «كورونا» وانتشاره في العالم، أسهم في إعادة كثير من النشطاء الشباب لساحات العمل الطوعي. ويتابع: «لهذا فلا بد للفنانين ورسامي (الغرافيتي) من أن يواكبوا هذا النشاط، مثلما واكبوا النشاط الشعبي إبان ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019، بالرسم والكلمات والعبارات الثورية».
ويعتقد زروق أن إطلاق رسامي «الغرافيتي» العنان لمخيلتهم الفنية للمشاركة في أي نشاط مجتمعي، يؤكد أن فن الجداريات قد استعاد دوره، بعد أن كان يمارس في الخفاء طيلة حكم النظام المعزول، ويضيف: «تغيرت الأوضاع، وأصبحت شوارع الخرطوم وجدرانها، بما في ذلك تلك القريبة من القيادة العامة للجيش، معرضاً مفتوحاً لرسامي (الغرافيتي) المحترفين والهواة»، وتابع: «هذا دور الفنون، فهي دائماً مرآة تعكس ما يدور في المجتمع».


مقالات ذات صلة

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ (رويترز)

زوكربيرغ: البيت الأبيض ضغط على «فيسبوك» لفرض رقابة على محتوى «كورونا»

أقر الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» مارك زوكربيرغ بقيام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على موقع «فيسبوك» لفرض رقابة على المحتوى المتعلق بجائحة كورونا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا هانس كلوغه (أرشيفية - رويترز)

«الصحة العالمية»: جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد»

قال المدير الإقليمي لـ«منظمة الصحة العالمية» في أوروبا، هانس كلوغه، اليوم (الثلاثاء)، إن جدري القردة ليس وباء جديداً مثل «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم ممرضة تحضر جرعات من لقاح «كورونا» في دار للمسنين بإسبانيا (إ.ب.أ)

بريطانيا: الآلاف يطالبون بتعويضات بعد إصابتهم بمشكلات خطيرة بسبب لقاحات «كورونا»

تقدم ما يقرب من 14 ألف شخص في بريطانيا بطلبات للحصول على تعويضات من الحكومة عن الأضرار المزعومة الناجمة عن تلقيهم لقاحات «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب اعتباراً من ديسمبر بعد فرض ضوابط صارمة منذ عام 2020 بسبب جائحة «كورونا» (أ.ف.ب)

كوريا الشمالية تستأنف استقبال الزوار الأجانب في ديسمبر

قالت شركات سياحة، اليوم (الأربعاء)، إن كوريا الشمالية ستستأنف استقبال الزوار الأجانب في مدينة سامجيون بشمال شرقي البلاد في ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (سول)

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
TT

معرض فوتوغرافي يستعيد «الخضرة والوجه الحسن» في مصر 

حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)
حديقة الحيوان في الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

تستعيد صور فوتوغرافية فكرة النزهة العائلية «المُفتَقَدة» في الحدائق العامة، التي طالما كانت متنفساً لأغلب الأسر المصرية، وهي ما تبدو أنها صارت بعيدة المنال مع تعرُض عديد من الحدائق العامة للإهمال، أو إخضاعها لخطط التطوير، أو تقلص مساحاتها مع ابتلاع الأرصفة لها، وهي نقاط ترددت أصداؤها ونقاشاتها في أروقة فعالية «أغسطس الأخضر» التي اختتم بها القائمون على «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة شهر أغسطس (آب)، مع الدعوة لاستحضار ذكريات الحدائق وهوامشها الاجتماعية.

وبعد دعوة أطلقها «مركز بساط الثقافي» بالقاهرة، عبر مواقع التواصل، لاستقبال صور من الأرشيف العائلي الشخصي في الحدائق، فوجئت مديرة المركز، دعاء الشريف، بتدفق المشارَكات من الصور التي شاركها الجمهور مع القائمين عليه، في احتفاءٍ بذاكرة الحدائق والمتنزهات.

لقطة من حديقة الأزهر وسط القاهرة (مركز بساط الثقافي)

«كان الغرض من المعرض الفوتوغرافي بشكل رئيسي ملاحظة تغيّر ممارساتنا الاجتماعية في الحدائق، والمساحات التي تقلّصت. لاحظنا كثيراً من الأشجار التي اختفت، والحدائق التي لم نعد نعرف أسماءها، وذلك من خلال صور عادية شاركت معنا حكايات أصحابها الشخصية مع الحدائق، بعضهم دوّن اسم الحديقة مع تاريخ تصوير الصور، وآخرون لم يجدوا حدائق فقاموا بمشاركة صورهم داخل مساحات خضراء ضيقة أو حتى اكتفوا بتصوير ورود عبروا بجوارها، وهي توثق فترة تمتد من الخمسينات حتى هذا العام، بكثير من المشاعر التي افتقدها الناس بتقلص اللون الأخضر» وفق ما قالته دعاء لـ«الشرق الأوسط».

أطفال جيل الثمانينات (مركز بساط الثقافي)

ويمكن من خلال التجوّل بين الصور المعروضة، التقاط ملامح من حدائق الخمسينات، حيث الألفة تطغى على كادرات حديقة «الأندلس» العريقة، و«حديقة الحيوان» بالجيزة، التي ظهرت في أكثر من لقطة، ما بين لقطات لها في الخمسينات وأخرى في فترة الثمانينات، في استعادة لواحدة من أشهر حدائق مصر التي تم إغلاق أبوابها أمام الجمهور منذ عامين بعد إدراجها للتطوير، ويعود تأسيسها إلى عام 1891 وتعدّ أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.

لقطة عائلية في حديقة الحيوان (مركز بساط الثقافي)

وهناك صور خلت من العنصر البشري، اعتمد أصحابها على توثيق زياراتهم لها؛ مثل حديقة «قصر عابدين» الأثري، وصور مُلتقطة من داخل حديقة «الأورمان» بأشجارها وزهورها النادرة، علاوة على تكوينات أظهرت كثيراً من ملامح البهجة في حديقة «الأزهر» ما بين صور لأمهات يلتقطن أنفاسهن وسط اللون الأخضر، وصور بالأبيض والأسود لحديقة النباتات بأسوان (جنوب مصر)، وأطفال يطلقون العنان للعب.

وفي تعميق للارتباط المتجذر بين اللون الأخضر وذاكرة المدينة، دارت محاضرة «المياه والخضرة والوجه الحسن» ضمن فعاليات المعرض، التي تحدثت فيها المهندسة علياء نصار، مؤسسة «مدرسة خزانة للتراث»، التي تعدّ أن «إحياء ذاكرة الأماكن والتراث يبقيها حيّة حتى لو نالها التغيير، فليست فقط الحدائق التي يتم تقليصها لأغراض التطوير، ولكن حتى الشجر يُقطع من مكانه، وصار يختفي تدريجياً من الشوارع»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

حديقة الأندلس الشهيرة (مركز بساط الثقافي)

وتضيف أن «مسألة الاهتمام بالحدائق والمساحات الخضراء طالما ارتبطت تاريخياً بالاهتمام بالتخطيط البيئي للمدن، حيث كان هناك قديماً اتجاه حدائق بينية بين العمارات بمساحات مختلفة، فكانت تمثل متنزهات صغيرة للأهالي مثلما كان في شوارع شبرا، مروراً بالاهتمام بتخصيص كيانات للاهتمام بالزراعة والبستنة مثل (المعرض الزراعي الصناعي) الذي تأسس عام 1897، وكان حدثاً يفتتحه الملك، ثم صار يفتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقد ظهر في فيلم (حب حتى العبادة) وهو من بطولة صلاح ذو الفقار وتحية كاريوكا».

اللون الأخضر يتسع للجميع (مركز بساط الثقافي)

وتعدّ المهندسة علياء نصار أن «ذاكرة السينما مصدر مهم لتتبع تاريخ الحدائق في مصر» على حد تعبيرها، وتقول: «السينما أرّخت لعديد من الحدائق التي لم نعد نعلم أسماء كثير منها، كما أنها احتفظت بذاكرة حدائق ارتبطت بقصص حب شهيرة في الخمسينات والستينات، وأشهرها حديقة الأسماك، وحديقة الحيوان، وحديقة الأندلس».