الفلسطينيون يتهمون إسرائيل بترحيل العمال عبر قنوات الصرف الصحي

مستوطنون يبصقون على السيارات وجدران البيوت لتخويف السكان بنشر فيروس «كورونا»

رجل أمن فلسطيني يتفقد قنوات المياه التي فتحتها إسرائيل أمس تحت السياج الحدودي قرب قلقيلية (إ.ب.أ)
رجل أمن فلسطيني يتفقد قنوات المياه التي فتحتها إسرائيل أمس تحت السياج الحدودي قرب قلقيلية (إ.ب.أ)
TT

الفلسطينيون يتهمون إسرائيل بترحيل العمال عبر قنوات الصرف الصحي

رجل أمن فلسطيني يتفقد قنوات المياه التي فتحتها إسرائيل أمس تحت السياج الحدودي قرب قلقيلية (إ.ب.أ)
رجل أمن فلسطيني يتفقد قنوات المياه التي فتحتها إسرائيل أمس تحت السياج الحدودي قرب قلقيلية (إ.ب.أ)

اتهمت السلطة الفلسطينية الجيش الإسرائيلي بترحيل مئات العمال الفلسطينيين وإعادتهم إلى الضفة الغربية عبر قنوات تصريف المياه والصرف الصحي والعبارات التي تربط بين إسرائيل والضفة الغربية، من جهة محافظة قلقيلية. وقال محافظ قلقيلية، رافع رواجبة، الذي يعمل باسم الرئيس الفلسطيني، إن «الإجراء الإسرائيلي يسعى لضرب الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ووزارة الصحة (الفلسطينية) لمحاصرة فيروس كورونا، والتخريب عليها. فبدلاً من ترك العمال يعودون إلى الضفة الغربية في المعابر الحدودية الرسمية بين الطرفين، حيث يتم فحص العمال وإخضاعهم للحجر المنزلي لسلامتهم وسلامة عائلاتهم، تحاول إسرائيل الالتفاف على السلطة الفلسطينية وقوانينها وتعريض حياة العمال وعائلاتهم للخطر». وقال رواجبة إن أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية صدوا هذه المحاولة، فانتشروا على مقربة من العبارات من جهة أراضي قلقيلية ومنعوا دخول العمال بهذه الطريقة المهينة والخطرة. ونقلوا العمال إلى الطب الوقائي لفحصهم والتأكد من سلامتهم قبل عودتهم إلى بيوتهم.
من جانبه، سارع الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي لنفي الاتهامات الفلسطينية بقوله إن قواته أقدمت على قص أجزاء من الأسلاك الشائكة قرب قرية حبلة جنوب قلقيلية، «لتسهيل دخول وخروج العمال إلى إسرائيل. لكنها فتحت العبارات والقنوات لأهداف أخرى تتعلق بالاستعداد لمواجهة الفيضانات، جراء عودة الأمطار إلى المنطقة». وقال الناطق إنه «من المتوقع إعادة إغلاق العبارات عندما تتوقف الأمطار عن الهطول».
وكان موضوع تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين قد هيمن على أبحاث اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي عقد في مقرها في جنيف عبر تقنية «الفيديو كونفرنس»، مساء أول من أمس. وقال المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة في جنيف، إبراهيم خريشي، إن انعدام احترام سلطات الاحتلال الإسرائيلي لحياة الفلسطينيين ينعكس في معاملتها للأسرى في سجونها، لا سيّما فيما يتعلّق بالتعامل مع فيروس كورونا المستجد، مؤكداً أن قُدرة النظام الصحي الفلسطيني على مواجهة الزيادة المتوقعة تضعف، طبياً واقتصادياً.
وأضاف: «استمرت الغارات العسكرية على المناطق الفلسطينية، وهجمات المستوطنين على المدنيين الفلسطينيين، ما أدى في العديد من الحالات إلى تقويض جهود مكافحة الفيروس، كما تواجه غزة ظروفاً إنسانية واجتماعية واقتصادية وخيمة بسبب الحصار الإسرائيلي غير القانوني المستمر منذ 13 عاماً، ما يجعل الوضع أكثر صعوبة لاحتواء كورونا». ولفت إلى أنه منذ بداية العام الجاري، دمرت إسرائيل 139 بناية في أنحاء الضفة الغربية، بما في ذلك 38 مبنى للإغاثة الإنسانية من تمويل الجهات المانحة، ومن بين هذه الهياكل كانت هناك مبانٍ للإقامة والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي وعيادة صحية.
ولفت خريشي إلى أن هناك إجراءات أخرى تقوض الجهود الفلسطينية لاحتواء الفيروس، مثل اعتقال 4 فلسطينيين بسبب عملهم بتعقيم مرافق عامة في القدس الشرقية المحتلة، والاستيلاء على معداتهم، وعرقلة جهود المتطوعين الفلسطينيين في الخليل لتعقيم الأحياء وتثقيف السكان المحليين عن الفيروس.
وتحدث خريشي عن اعتداء الاحتلال على الفلسطينيين العاملين في لجان الطوارئ المحلية التي تم إنشاؤها للمساعدة في الكشف عن حالات الإصابة بالفيروس، وأعمال البصق المتعمد والمتكرر من قبل عشرات جنود الاحتلال على سيارات الفلسطينيين وجدران بيوتهم لتخويف السكان بنشر الفيروس بينهم. وأكد ارتفاع مستوى العنف الذي يرتكبه المستوطنون المتطرفون ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم منذ فرض الإغلاق في الضفة الغربية، لافتاً إلى أنهم استغلوا حجز المواطنين الفلسطينيين في منازلهم لتضخيم الهجمات ضدهم وتدمير ونهب الممتلكات.
وقال خريشي: «في الأول من أبريل (نيسان) الجاري، وقف مستوطنون من مستوطنة راموت غير القانونية عند مدخل قرية بيت إكسا، وبصقوا على سيارات فلسطينية تدخل القرية أو تغادرها، في محاولة لنشر الخوف والفيروس»، معتبراً أن هذه الأعمال الوحشية ليست حوادث معزولة، إنما تعكس الإساءات والمضايقات المنتظمة والمستمرة التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي، على المجتمعات الفلسطينية، لإخراجهم من منازلهم وإفساح المجال لضم غير قانوني.
وقال خريشي إن هذه الإجراءات تنتهك بشكل واضح القانون الدولي، خصوصاً أثناء الأزمات الصحية، بما في ذلك المادة 56 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تشترط على دولة الاحتلال أن تضمن استخدام جميع الوسائل الوقائية الضرورية المتاحة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة، وضمان رفاه السكان المحتلين، مشيراً إلى أن المعاملة اللإنسانية المنهجية التي تواجه الفلسطينيين من قبل الاحتلال غير القانوني، حتى في أوقات الوباء العالمي، تتجلى بشكل أكبر في معاملة إسرائيل للعمال الفلسطينيين في الداخل الذين يشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.