«كوفيد ـ 19» يعرّي العجز الغذائي والصحي في سوريا

«الإدارة الذاتية» شمال شرقي البلاد تتهم دمشق بعدم التعاون خلال الجائحة

مسن سوري يقرأ تعليمات السلامة من منشور عن الفيروس المستجد في شمال سوريا (أ.ب)
مسن سوري يقرأ تعليمات السلامة من منشور عن الفيروس المستجد في شمال سوريا (أ.ب)
TT

«كوفيد ـ 19» يعرّي العجز الغذائي والصحي في سوريا

مسن سوري يقرأ تعليمات السلامة من منشور عن الفيروس المستجد في شمال سوريا (أ.ب)
مسن سوري يقرأ تعليمات السلامة من منشور عن الفيروس المستجد في شمال سوريا (أ.ب)

بعد فشل تطبيق قرار منع التجمعات أمام الأفران في سوريا، وتكليف معتمدين لتوزيعه في الأحياء، تتجه دمشق إلى توزيع الخبز عبر البطاقة الذكية في محافظتي دمشق وريف دمشق لتخفيف التجمعات اليومية أمام الأفران وسيارات المعتمدين للحصول على الخبز.
وتعتبر مشكلة تأمين الخبز بالسعر المدعوم (خمسين ليرة للكيلو الواحد = ثمانية أرغفة) أبرز وأخطر المشكلات التي تواجه دمشق، حيث ساهمت الإجراءات الاحترازية لاحتواء تفشي وباء كورونا، منذ منتصف شهر مارس (آذار) الماضي، في تفاقم أزمة الخبز، وصلت لحد العراك بالأيدي على أبواب الأفران كما حصل في بلدة صحنايا بريف دمشق قبل يومين لدى خلاف بين رجل وامرأة على الدور، كما عم الازدحام والفوضى حول أحد موزعي الخبز المعتمدين في حي الزاهرة الذي كان يوزع الخبز رميا من فوق الرؤوس.
تفيد التصريحات الرسمية بأن محافظتي دمشق وريفها تعكفان على تهيئة طريقة توزيع الخبز على البطاقة الذكية، وقد تم الانتهاء من إعداد القوائم اللازمة للمعتمدين في الوحدات الإدارية عند المخابز الحكومية، فيما تتولى وزارة التجارة الداخلية والتموين ترتيب طريقة التوزيع عند المخابز الخاصة. ليبدأ تطبيق هذا القرار خلال أيام في محافظتي دمشق وريفها معا. على أن تحدد مخصصات كل أسرة وفقا لعدد أفرادها بمعدل ثمانية أرغفة (ربطة) لكل أربعة أشخاص، وسيتم البدء من المناطق الأكثر كثافة سكانية.
وتعرضت وزارة التموين لانتقادات واسعة بعد الإعلان عن إقرار توزيع الخبز بالبطاقة الذكية؛ إذ تم تحديد الحصص اليومية للعائلات من الخبز الحكومي؛ فالأسرة التي عدد أفرادها حتى 3 أشخاص تحصل على ربطة خبز واحدة يومياً، وبين 4 - 7 أفراد تحصل على ربطتين والتي تتجاوز 7 على 3 ربطات، دون أن تكشف الوزارة عن عدد أجهزة تعريف البطاقة الذكية التي ستوزع على المعتمدين والتي تشير المعلومات إلى أن عددها في العاصمة دمشق لا يتجاوز المائة جهاز. مع الإشارة إلى أن مشكلة قلة عدد أجهزة قراءة البطاقة التي تعد سببا في الازدحام على المؤسسات الاستهلاكية لم تحل بعد.
ومع بدء الحكومة تطبيق حظر التجول سارع الناس إلى تخزين كميات من الخبز خشية الجوع في حال طال أمد الحظر، كما تراجعت جودة الخبز لا سيما في محافظتي دمشق وريفها، ليزداد الإقبال على خبز الأفران الخاصة والخبز السياحي، والذي بدوره شهد ارتفاعا بأسعاره لتبلغ ربطة الخبز السياحي (مدعم بالحليب والسكر) 700 ليرة بزيادة 150 خلال عشرين يوما. (الدولار الأميركي الواحد يعادل 1200 ليرة).
وكشفت مصادر تجارية غربية عن أن المؤسسة العامة لتجارة وتخزين وتصنيع الحبوب في سوريا طرحت مناقصة جديدة لشراء 200 ألف طن من قمح اللين لتصنيع الخبز للتوريد من روسيا وحدها. ويشار إلى أن فقد أمنها الغذائي الذي كان مستقرا لسنوات طويلة مع تراجع إنتاجها من القمح تراجع من نحو 4 ملايين طن قبل عام 2011 إلى نحو 1.5 مليون طن تتسلم منه دمشق نحو 500 ألف طن فقط. وبالإضافة لشراء القمح طرحت الحكومة السورية مناقصة دولية لشراء واستيراد 25 ألف طن من السكر الخام. والموعد النهائي لتقديم العروض في المناقصة 27 أبريل (نيسان) الحالي.
الجائحة العالمية لفيروس كورونا المستجد جاءت لتكشف مدى العجز الذي تعانيه دمشق في تأمين أبسط المستلزمات المعيشية للسوريين، على صعيدي الغذاء والصحة، حيث صرح وزير الصحة نزار يازجي في مؤتمر صحافي عقده مؤخرا بوجود «صعوبات كبيرة في تأمين المنافس نتيجة الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سوريا منذ تسع سنوات»، وقال إنه «يتم العمل على تخطيها بشكل سريع وتباعاً من خلال التواصل مع الجانب الصيني لتأمين كل الاحتياجات». مؤكدا أنه «لا يمكن إعطاء تطمينات لمجرد أن عدد الإصابات المسجلة حتى اليوم قليل» الذي بلغ حسب وزارة الصحة 19 حالة، توفي منها شخصان وشفي ثلاثة منهم آخرون.
في حين تفيد مصادر أهلية متقاطعة في دمشق وريفها بظهور عشرات الإصابات، وذكر موقع (صوت العاصمة) المعارض أن هناك ثلاث إصابات جديدة ظهرت في بلدة حمورية بريف دمشق. كما قالت مصادر محلية في بلدة جرمانا جنوب دمشق إن صاحب سوبر ماركت في أحد الأحياء ظهرت عليه أعراض الإصابة وتم نقله إلى المشفى؛ ما أثار الذعر بين سكان الحي وزبائن محله، وقام سكان المنازل القريبة بعزل ذاتي منزلي، كما قامت السلطات في دمشق بعزل بناءين في حي المالكي الراقي بدمشق بعد ظهور أعراض الوباء على سيدة تسكن في أحد البناءين، وشوهدت فرق المحافظة والصحة وهي تقوم بتعقيم الحي والسيارات في الشوارع المحيطة وتطلب من السكان الالتزام بالعزل المنزلي.
وفي السياق ذاته، أفادت مصادر طبية غير رسمية بوجود نحو 30 إصابة مؤكدة، في مركز الحجر الصحي في الزبداني جرى عزلهم تماما. بالإضافة إلى معلومات كانت تواردت خلال الأسبوع الماضي عن ظهور إصابات في ريف دمشق، في بلدات منين ودوما وحرستا ووادي بردى وجديدة عرطوز والسيدة زينب، وإصابة عدد من العسكريين يخضعون للعزل في مشفى القطيفة بالقلمون الشرقي.
على صعيد آخر، اتهمت الإدارة الذاتية في شمال شرقي البلاد أمس حكومة دمشق بعدم التعاون معها من أجل منع انتشار الفيروس.
وقالت الإدارة، في بيان: «نعمل ضمن الإمكانيات المتوفرة، باستنفار مؤسسات الإدارة للوقاية لضمان عدم دخول الفيروس إلى منطقتنا». ولفتت إلى أن «السلطات السورية لا ترغب في التعاون، وتتسبب بقراراتها الخاطئة في تعريض حياة أبناء شعبنا في مناطق شمال وشرق سوريا للخطر من خلال إدخال المدنيين إلى مناطقنا دون علم الإدارة الذاتية ودون إجراء الفحوص الضرورية للتأكد من سلامتهم»، حسب نص البيان الذي نقلته وكالة الأنباء الألمانية، أمس.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.