أفغان يفرون من مناطق إيرانية لينشروا «الوباء» في بلادهم

رجال شرطة باكستانيون يراقبون عبور أفغان نقطة شامان الحدودية أمس (إ.ب.أ)
رجال شرطة باكستانيون يراقبون عبور أفغان نقطة شامان الحدودية أمس (إ.ب.أ)
TT

أفغان يفرون من مناطق إيرانية لينشروا «الوباء» في بلادهم

رجال شرطة باكستانيون يراقبون عبور أفغان نقطة شامان الحدودية أمس (إ.ب.أ)
رجال شرطة باكستانيون يراقبون عبور أفغان نقطة شامان الحدودية أمس (إ.ب.أ)

بات اللاجئ الأفغاني الشاب مهدي نوري عاطلاً عن العمل في إيران بعدما أُغلق مصنع تقطيع الأحجار الذي كان يعمل فيه بسبب تفشي فيروس «كورونا». لم يكن لديه مال، وكان يخشى الإصابة بالفيروس، ولم تكن لديه خيارات سوى العودة إلى بلاده، بحسب ما أوردت وكالة «أسوشيتد برس» في تحقيق أمس.
انضمّ مهدي إلى حشود من المهاجرين فاقت 200 ألف أفغاني غادروا إلى بلادهم عبر الحدود، طيلة الأسابيع الماضية، من بلد يعد من أكبر بؤر الوباء في العالم، إلى وطن فقير غير مستعد للتعامل مع الفيروس القاتل.
اصطفّ مهدي في طابور طويل على الحدود انتظاراً للعبور وسط آلاف اللاجئين الذين سعوا إلى العودة لوطنهم في وقت سابق من الشهر الحالي. وفي تصريح لوكالة «أسوشيتد برس»، قال الشاب، الذي لم يبلغ بعد العشرين من عمره: «رأيت النساء والأطفال على الحدود، وكنت أفكر؛ ماذا لو أصيبوا الآن هنا؟».
ويهدد التدفق الهائل للعائدين الذين يعودون دون اختبار طبي ودون مراقبة إلى المدن والبلدات والقرى في جميع أنحاء البلاد، بتفشي أكبر للوباء في أفغانستان، بعد أن دمرت عقود من الحرب بنيتها التحتية الصحية، بحسب ما جاء في تقرير الوكالة. وأكدت السلطات الأفغانية حتى الآن رصد 273 حالة إصابة بفيروس «كورونا» المستجد، 210 منها لأشخاص عادوا من إيران، وتم تسجيل 4 وفيات.
وأكد وزير الصحة الأفغاني، فيروزودين فيروز، أن الفيروس انتشر بالفعل بسبب العائدين، مضيفاً: «إذا زادت الحالات، فسيصبح الأمر خارج نطاق السيطرة، وسنحتاج إلى المساعدة».
وأعرب فيروز الدين، ومسؤولون أفغان آخرون، عن قلقهم من أن تقوم إيران بترحيل أكثر من مليون أفغاني يعملون بشكل غير قانوني في البلاد. وقد منعت إيران بالفعل الدخول من أفغانستان، ومنعت أي شخص غادر من العودة.
وسجلت «منظمة الهجرة الدولية» حتى الآن أكثر من 198 ألف أفغاني عادوا من إيران العام الحالي، أكثر من 145 ألفاً منهم في مارس (آذار) فقط، مع تسارع تفشي الوباء في إيران. وفي ذروة التدفق، كان هناك 15000 شخص يعبرون الحدود يومياً، وفقاً لوزير شؤون العائدين الأفغاني حسين عليمي بلخي، وإن تراجعت الأعداد قليلاً منذ ذلك الحين.
وتقوم «منظمة الهجرة الدولية» بتوزيع الخيام والبطانيات على الحدود للعائدين الذين باتوا بلا مأوى، وتعطي المال لآخرين لمساعدتهم على استخدام وسائل المواصلات داخل أفغانستان. لكن الحكومة الأفغانية والوكالات المستقلة لا تملك القدرة على اختبار أو قياس درجات الحرارة أو عزل العائدين، ولذلك يعود جميعهم تقريباً إلى ولاياتهم الأم باستخدام وسائل النقل العام، ويتوجه الربع تقريباً إلى ولاية هرات المتاخمة للحدود مع إيران.
تجربة نوري تعكس تجربة كثير من العائدين الآخرين، بحسب تقرير «أسوشيتد برس». فقد ترك نوري المدرسة ليرحل إلى إيران للعمل في سن الخامسة عشرة، وتنقل بين كثير من الأعمال، كان آخرها قطع الأحجار في مصنع لمواد البناء في مدينة أصفهان بوسط إيران. كان الفتى الصغير يحصل على ما يكفي لإرسال 180 دولاراً شهرياً إلى عائلته الفقيرة المكونة من 8 أفراد. لكنه فقد دخله عندما أغلق المصنع. كان يخشى ألا يجد الرعاية الصحية إن أصيب أو مرض، لأن الأفغان في إيران ينظر لهم باعتبارهم أقل أهمية بكثير من الإيرانيين. وقال إنه حاول إجراء اختبار في إيران، لكن طلبه قوبل بالرفض.
سافر مع عمال آخرين دون أن يعرف ما إذا كان أي منهم مصاباً. وبمجرد وصوله إلى أفغانستان، استقل حافلات قطعت تقريباً مساحة البلاد بالكامل للوصول إلى العاصمة كابل. وفي الحافلات، قوبل بعداء من أفغان آخرين قالوا له إن «الخوف من فيروس كورونا أعادك إلى المنزل لتقتل الآخرين معك»، على حد قوله.
وصل إلى منزله في كابل في 17 مارس، وعزل نفسه طيلة أسبوعين عن عائلته خوفاً من إصابتهم بالعدوى. وقال في حديث عبر الهاتف من منزله: «لقد عشت أسوأ لحظات حياتي؛ حيث التقيت بوالدي وإخوتي من مسافة بعيدة بعد هذه الفترة الطويلة».
وأمرت الحكومة يوم 28 مارس بإغلاق العاصمة كابل وولاية هيرات، وأغلقت الشركات والمطاعم وقاعات الزفاف مع بداية موسم الربيع التقليدي لحفلات الزفاف.
ولم تكن هناك استجابة شعبية لقرار الإغلاق، بسبب أزمة حكومية، حيث تصارع مرشحان حكوميان، زعم كل منهما فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ما أدى إلى استمرار العنف.
وقالت باكستان المجاورة، يوم الاثنين، إنها ستعيد فتح حدودها لمدة 4 أيام حتى يتمكن الأفغان من العودة إلى ديارهم حال رغبوا في ذلك. وعلى الجانب الآخر من الحدود التي أغلقت قبل نحو شهر، أقامت الحكومة الأفغانية معسكراً صحياً للعائدين. كما سيجري السماح للمواطنين الباكستانيين الذين تقطعت بهم السبل في أفغانستان بالعودة. وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فقد عاد 1827 لاجئاً أفغانياً لا يحملون وثائق من باكستان بين الأول من يناير (كانون الثاني) ومنتصف مارس.
وقد عاد حبيب الله ظفري، الذي كان يدرس في إيران، إلى كابل قبل 4 أسابيع. وفي اليوم التالي، ذهب إلى مركز الفحص الطبي في العاصمة، لكنهم لم يقوموا بفحصه، واكتفوا بقياس درجة حرارته والتحقق من الأعراض، وأعلنوا أنه سلبي. ومع ذلك، قام ظفري بوضع نفسه في الحجر الصحي حتى أيام قليلة ماضية. وعندما التقى أخيراً بالأصدقاء والعائلة، استمر يرتدي قناعاً وقفازات، وبقي في المنزل معظم الوقت. وقال: «هذا الفيروس مثل الريح. فأنت لا تعرف من أين يأتي، وكيف تصاب».


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قد يعلن استقالته هذا الأسبوع

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قد يعلن استقالته هذا الأسبوع

رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو متحدثا أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني 16 ديسمبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

أفادت صحيفة «غلوب آند ميل» الأحد أنه من المرجح أن يعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو استقالته هذا الأسبوع، في ظل معارضة متزايدة له داخل حزبه الليبرالي.

ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مصادر لم تسمها لكنها وصفتها بأنها مطلعة على شؤون الحزب الداخلية، أن إعلان ترودو قد يأتي في وقت مبكر الاثنين. كما رجحت الصحيفة وفقا لمصادرها أن يكون الإعلان أمام مؤتمر للحزب الليبرالي الوطني الأربعاء. وذكرت الصحيفة أنه في حال حدثت الاستقالة، لم يتضح ما إذا كان ترودو سيستمر في منصبه بشكل مؤقت ريثما يتمكن الحزب الليبرالي من اختيار قيادة جديدة.

ووصل ترودو إلى السلطة عام 2015 قبل ان يقود الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

لكنه الآن يتخلف عن منافسه الرئيسي، المحافظ بيار بواليافر، بفارق 20 نقطة في استطلاعات الرأي.