لا يفهم الإيجابية إلا من مرت عليه ظروف صعبة جداً واستطاع تخطيها بالتحلي بالإيجابية والصبر والعقلانية. واليوم يمر العالم كله بامتحان صعب، والظروف الصعبة تخيم فوق رؤوس الجميع من دون استثناء، وبالتالي الإيجابية ضرورية، وقد تكون سهلة المنال بالنسبة إلى البعض، لأنها جزء من الشخصية المتفائلة، وقد تكون أصعب من حيث التطبيق بالنسبة إلى الأشخاص الذين يرون القسم الفارغ من الكوب.
إذن، ما الإيجابية؟ وكيف يمكن التحلي بها؟ وإذا كنتم إيجابيين، كيف يمكنكم المحافظة على الشعور الجيد من دون العيش في وهم السعادة غير الحقيقية؟
منذ أن أحكم فيروس «كورونا» قبضته على المجتمعات، لا نسمع أبداً بكلمة إيجابية، ربما لأن البعض يرى أنه من غير المنطقي التحلي بالإيجابية في وقت يعيش فيه العالم في زنزانات منفردة. ولكن وحسب الإخصائيين النفسيين، هذه هي الفترة الواقعية لكي نكون إيجابيين للتماشي مع التغيرات التي طرأت على حياتنا.
تبين في بحث سيكولوجي نُشر على موقع حكومي في بريطانيا، أن الشعور الإيجابي يتغلب على ضرر التوتر والعصبية وتبعاتها.
في كل أزمة هناك مستفيد وخاسر، وهذا الأمر متعارف عليه، ونفس الشيء ينطبق على الناس، هناك من يرى الأشياء الجيدة في قلب الأزمات على عكس الذين يعانون من مشكلات نفسية إضافية.
أول سؤال يجب طرحه على نفسك هو: إذا اكتأبت من الوضع، هل سيكون هذا هو الحل؟ وثانياً: إذا أبديت انزعاجك من الحاصل، هل ستنتهي الأزمة؟ الجواب طبعاً «لا»، ولهذا السبب ينصح الإخصائيون النفسيون بخلق اللحظات البسيطة التي تجعلهم يشعرون بالامتنان.
فمن الناحية الطبية، تبين أيضاً أن الناس الذي يتمكنون من التأقلم في أي ظرف لا يصابون بأمراض ما بعد الأزمات، وقد تكون مشكلات في القلب وغيرها.
وبما أن العزل هو صفة «كورونا»، فهذه فرصة حقيقية لاختيار الاتصال بالأشخاص الذين يُشعروننا بلحظات الفرح، لا تستقبلوا اتصالات أصحاب النظرة السوداوية (بـ«كورونا» أو من دونها)، فكِّروا بالأشياء الجيدة التي خلقها الفيروس، مثل الوقت الذي وهبه لنا لنقضيه في بيوتنا مع أحبابنا، تقوية مناعتنا البدنية من خلال الاهتمام أكثر بما نأكله ونتناوله من فيتامينات، تنشق هواء أنظف، سماع صوت العصافير الذي كان يحجبها ضجيج الطائرات في الجو.
وبما أننا نتكلم عن الإيجابية في قالب طبي، فإن أصحاب النظرة السوداوية يتعرضون لمشكلات في الجهاز التنفسي بنسبة تزيد على 2.9% عن الأشخاص الإيجابيين.
ويقولون بأن كل غيمة سوداء مبطنة بالأمل، وهذا يفسر الإيجابية التي نتكلم عنها.
هناك شعرة رفيعة ما بين الشعور الإيجابي أو الانغماس في عالم مظلم وكئيب، وهذا قرار شخصي، لا يساعدك عليه إلا نفسك.
فإذا كنت من الذين تؤثر عليه النشرات الإخبارية السلبية، فخفّف منها، وهذه هي فرصتك الآن، لأن القرار في التحكم بعدد الساعات التي تستخدم فيها هاتفك الجوال، في يدك.
من أفضل ما يمكن أن تعده إيجابياً في هذه الفترة، هي القدرة على الاختيار والتحكم بحياتنا أكثر، وعدم هدر طاقاتنا على أشياء وأشخاص غير أهل ذلك.
الإيجابية في حدودها الطبيعية مطلوبة وأساسية في وقتنا هذا، الأزمة لن تبقى على هذا الحال إلى الأبد، سيعود العالم إلى حاله ما قبل «كورونا» ولكن الأمر المأساوي قد يكون فعلاً إذا عاد الناس إلى عاداتهم القديمة دون الاتعاظ من الدرس وأخذه كعبرة تساعدهم على تخطي أي أزمة أخرى تواجههم في المستقبل.
كيف تحافظ على إيجابيتك في زمن «كورونا»؟
الإفراط فيها سيئ ولكن التحلي بها أفضل
كيف تحافظ على إيجابيتك في زمن «كورونا»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة