الحوثيون يهاجمون المنظمات الدولية ويتهمونها بـ«الفساد» و«الابتزاز»

رداً على تقارير دولية كشفت سرقتهم المساعدات وإعاقة الوصول الإنساني

جانب من المساعدات الإغاثية الأممية في حجة (أ.ب)
جانب من المساعدات الإغاثية الأممية في حجة (أ.ب)
TT

الحوثيون يهاجمون المنظمات الدولية ويتهمونها بـ«الفساد» و«الابتزاز»

جانب من المساعدات الإغاثية الأممية في حجة (أ.ب)
جانب من المساعدات الإغاثية الأممية في حجة (أ.ب)

في مسعى تبريري للقيود التي فرضتها الجماعة الحوثية على المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات، كال تقرير لحكومة الجماعة الانقلابية في صنعاء تهماً بـ«الفساد» و«الابتزاز» لهذه المنظمات، زاعماً أنها تجاوزت المعايير التي فرضتها الجماعة.
وجاء الهجوم الحوثي على المنظمات الإنسانية على خلفية اتهامات أممية، بتقارير دولية، للجماعة بسرقة المساعدات، وعرقلة الوصول الإنساني، وفرض القيود على أداء المنظمات الإغاثية، وتضييق الخناق على موظفيها.
وزعم تقرير الجماعة الانقلابية أن «معظم المنظمات والهيئات الدولية استثمرت الكارثة لصالحها في جني المساعدات والتبرعات المالية بصورة مضاعفة من قبل المانحين، وصرف الفتات منها للأسر المحتاجة والمتضررة».
واتهمت الميليشيات الحوثية المنظمات والهيئات الدولية بـأنها تقوم بتقديم مساعدات منتهية وتالفة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، وبأن دورها بات شبه غائب، رغم تعدد برامجها وأنشطتها.
ولوحت الجماعة الحوثية بأنها ستقوم بمحاسبة المنظمات والهيئات الدولية لجهة أنها «تمادت في استغلال ظروف اليمنيين لتنفيذ برامج وأنشطة وهمية تُنفق عليها ملايين الدولارات، وتناست دورها ومهامها في ممارسة الأعمال والمهمة الإنسانية والإغاثية».
وقالت الجماعة إن الهيئات والمنظمات الدولية تنصلت من الاتفاقات مع الجماعة، في إشارة إلى القيود التي فرضتها الميليشيات على أنشطة وبرامج الوكالات الأممية والمنظمات الإغاثية الدولية.
وفي حين يتولى ما تسميه الجماعة «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي» فرض مزيد من القيود على عمل المنظمات، زعمت أنه يقوم بـ«عملية التنسيق ومتابعة وقياس مدى التزام المنظمات بتنفيذ بنود الاتفاقية».
وطلبت الميليشيات من المنظمات الدولية الالتزام بما وصفته بـ«بالخطط والبرامج والمقترحات التي يعدها المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية، والجهة المستفيدة فيما يتعلق بالاحتياج ومناطق عمل المشروع ومواقع التنفيذ، وعدم تغيير منطقة ونوعية المشروع المتفق عليه» إلا بعد موافقة الجماعة كتابياً على ذلك.
وزعمت الاتهامات الحوثية أن بعض المنظمات «تقدم طلبات تصريح التقييم دون التنسيق المسبق لإشراك المجلس الأعلى في التقييم، كما أنها لا تقدم كامل الوثائق الخاصة بالتقييم ليتم إقرارها من الإدارة المختصة، وهي إدارة المتابعة والتقييم».
وتدعي الجماعة أن بعض المنظمات تعمل على تغيير مقراتها دون التنسيق المسبق، وتتجاهل التعليمات المتعلقة بالضرائب، ولا توافيها بالبيانات والمعلومات الخاصة بأي جهة محلية منفذة للمشاريع التي تمولها المنظمات، إلى جانب أنها تقدم مشاريع غير مكتملة الوثائق، أو غير ملتزمة بالمعايير المتفق عليها.
وشدت الجماعة على أنه «يجب على المنظمات والهيئات الدولية، قبل التوقيع على أي اتفاقية فرعية، عرض المسودة على المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، لدراستها وإبداء الرأي حولها. وبعد الحصول على موافقة المجلس على الاتفاقية، تقوم المنظمة والجهة المستفيدة بتوقيع الاتفاقية الفرعية، وتقديمها للمجلس لاعتمادها».
واشترطت الميليشيات الحوثية إلزام المنظمات الدولية بتحديد أجور ورواتب موظفيها، بما يتناسب مع ميزانية المشاريع، إلى جانب تزويدها بتقارير سنوية عن عملها ومشاريعها في موعد لا يتعدى الأسبوع من فبراير (شباط) من كل عام، وكذا إلزام المنظمات بإعطاء الأولوية لعناصر الجماعة في التوظيف، والحد من الموظفين الأجانب.
ورغم التلويح الدولي بخفض المساعدات الإنسانية، وتقليص برامج الإغاثة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، فإن الجماعة تحرص بإصرار على وضع مزيد من القيود أمام عمل المنظمات الدولية، وفق ما أفادت به «الشرق الأوسط» مصادر مطلعة في صنعاء.
وفي حين أدت العرقلة الحوثية المستمرة لنشاط المنظمات الإنسانية إلى حرمان الملايين من الحصول على المساعدات في موعدها بانتظام في صنعاء وغيرها من المناطق، زعمت المصادر الرسمية للجماعة أن الجماعة اتفقت مع المسؤولين الأمميين على إجراءات تتعلق بتحديد الفترة الزمنية قبل تسليم المشاريع المقترحة إلى قادتها الحوثيين، والفترة الزمنية المحددة لإنجاز الإجراءات المتعلقة بالمشروع.
ورغم إعلان الجماعة قبل أكثر من أسبوعين أن برنامج الغذاء العالمي سيبدأ في صرف المساعدات النقدية في صنعاء، فإن عراقيل أخرى فرضتها الجماعة أدت إلى عرقلة إنجاز المشروع التجريبي.
ونفى برنامج الأغذية في اليمن ما زعمته الجماعة الحوثية عن التوصل إلى اتفاق مع البرنامج لبدء توزيع المساعدات النقدية في صنعاء على المسجلين في قوائم البرنامج، وقال في بيان سابق إنه «لا يمكن إطلاق المرحلة التجريبية إلا بعد حل القضايا العالقة»، كما أوضح أنه «سيبدأ تقديم المساعدات النقدية إلى الأسر المستحقة عند توفر آلية التحقق البيومتري (نظام البصمة) لضمان وصول المساعدات النقدية للأسر المستحقة».
وكانت مصادر في الحكومة الشرعية، وتقارير أممية، قد اتهمت الجماعة بأنها تفرض على وكالات الإغاثة والمنظمات دفع 2 في المائة من قيمة مشاريعها في مناطق سيطرتها، دون أن تلقي بالاً لتبعات ذلك على ملايين السكان الذين يتضورون جوعاً، غير أن الجماعة زعمت أنها تراجعت عن هذا القرار.
وفي أحدث تصريحات رسمية للحكومة اليمنية، اتهم وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة، عبد الرقيب فتح، الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران بنهب ما يقارب 900 قافلة إغاثية كانت في طريقها لإغاثة المواطنين في مناطق مختلفة.
وكان الأسبوعان الأخيران قد شهدا في صنعاء اجتماعات مكثفة بين ممثلي المنظمات الأممية والإنسانية وقيادات الجماعة الحوثية، أملاً في أن تخفف الجماعة من القيود التي فرضتها على أنشطة المنظمات.
واشترطت الجماعة الحوثية على المنظمات الحصول على موافقة مسبقة من قادة الجماعة على المشاريع الإغاثية كافة التي تعتزم تنفيذها في مناطق سيطرة الميليشيات، وتحديد السقف الزمني للتنفيذ، إضافة إلى القبول برقابة الجماعة على تنفيذ المشاريع، وفق ما ذكره لـ«الشرق الأوسط» عاملون في المجال الإنساني.
وأوضحت المصادر أن القيادي في الجماعة، محمد علي الحوثي، قد توعد خلال اجتماع مع الموظفين الأمميين بوقف نشاط المنظمات الإنسانية، بما فيها الوكالات التابعة للأمم المتحدة، إذا لم ترضخ لإملاءات الجماعة، وتحديداً ما تسميه «المجس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي».
وتزعم الجماعة الموالية لإيران أن تأخرها في البت في المشاريع الإغاثية يعود لـ«عدم استيفاء متطلبات تلك المشاريع، وعدم تقديمها عبر المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية».
وأمام استمرار الجماعة في هدر موارد البلاد، وتسخيرها لعناصرها، وسطوها على المساعدات الإنسانية، أكدت الولايات المتحدة الأميركية أخيراً أنها ستوقف المساعدات في مناطق سيطرة الجماعة ابتداء من نهاية مارس (آذار) الحالي.
وجاء القرار الأميركي في كلمة مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي الخميس الماضي في شأن اليمن، التي اتهمت فيها الجماعة الحوثية بعرقلة قوافل المساعدات الإنسانية، فضلاً عن عدم الاستجابة لدحض مخاوف العاملين في توزيع تلك المساعدات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.