«كورونا» يعيد التوازن المناخي للأرض... لكن لفترة وجيزة!

انخفاض الانبعاثات الغازية نتيجة لتوقف حركة المصانع وتراجع استهلاك الطاقة المرتبطة بالفحم

«كورونا» يعيد التوازن المناخي للأرض... لكن لفترة وجيزة!
TT

«كورونا» يعيد التوازن المناخي للأرض... لكن لفترة وجيزة!

«كورونا» يعيد التوازن المناخي للأرض... لكن لفترة وجيزة!

بعد أسابيع من انتشار فيروس «كوفيد – 19» في الصين، نشرت وكالات الأنباء صوراً مأخوذة من الأقمار الصناعية، تصور تناقص التلوث في سماء البلاد بشكل ملحوظ، وكان ذلك بمثابة إشارة إلى أن أزمة المناخ وجدت حلاً مؤقتاً، وإن كان مصحوباً بوباء منتشر؛ لكن هذا النبأ البيئي السار قد لا يعمر طويلاً.
وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فقد شهدت الصين (أكبر مصدر لانبعاثات الغازات المسببة للاحترار المناخي) انخفاضاً في هذه الانبعاثات بما لا يقل عن الربع، بين 3 فبراير (شباط) والأول من مارس (آذار)، بالمقارنة مع عام 2019، وفقاً لتقديرات منظمة «سنتر أوف ريسرتش أون إنرجي أند كلير إير».
عادة، تشهد عطلات رأس السنة القمرية في الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) من كل عام في الصين، انخفاضاً في انبعاثات الكربون، قبل أن تعاود الانتعاش سريعاً؛ لكن هذا العام يختلف الأمر كثيراً في بلد واقع تحت الحجر ومنقطع عن العالم، بعد توقف المصانع أو إغلاقها، وتراجع استهلاك الطاقة المنتجة في معامل الفحم.
وينسحب هذا الوضع على مناطق أخرى في العالم، إذ يسجل انخفاض ملحوظ في حركة الطيران التي تساهم بنسبة 2 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.
ويشير المسؤولون في هذا القطاع إلى وضع «لم يسبق له مثيل» منذ الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 و2009.
قد يكون ذلك خبراً ساراً لكوكب الأرض، الذي يكافح كثير من بلدانه للتصدي للتغيرات المناخية، وتقليص انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون؛ إلا أن حالة الطوارئ المناخية تتطلب انخفاضاً كبيراً، بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030، بالمقارنة مع عام 2010 وفقاً لخبراء الأمم المتحدة، وذلك للحد من الآثار المدمرة التي تهدد حياة الملايين من البشر والأنظمة البيئية.
بالنسبة إلى الباحث يويري رويلي، المشارك في أعمال الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، لا يجوز إعلان النصر سريعاً. ويقول إن «انخفاض الانبعاثات ربطاً بانتشار فيروس (كورونا) ليس بنيوياً، وبالتالي سيختفي مع عودة حركة نقل البضائع والأشخاص بعد التخلص من الوباء».
وغرد غلين بيترز عالم المناخ من مركز «سيسيرو» للأبحاث قائلاً إن الأزمة المالية في عامي 2008 و2009 أُعقِبت بـ«انتعاش قوي في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بسبب الإجراءات التحفيزية التي اتبعتها الحكومات».
إلى ذلك، ينتقد لي شو، المتحدث باسم منظمة «غرينبيس» في الصين هذه الإجراءات، في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، مشيراً إلى «عدم وجود مكان في عام 2020 لتدابير تعود إلى التسعينات».
ويشير مايكل أوبنهايمر من جامعة «برينستون» إلى أن «الخطر يتمثل في تحويل الأزمة الصحية الانتباه عن التغير المناخي، وغيرها من المشكلات الطويلة المدى»، في حين أن حالة الطوارئ المناخية «تتطلب اهتماماً يمتد لعقود».
ويعتقد أوبنهايمر أن «الحل الوحيد هو الحصول على التزام صارم بالعمل» من الدول الرئيسية.
في الواقع، لم تسِر الأمور في هذا الاتجاه خلال مؤتمر المناخ الأخير الذي نظمته الأمم المتحدة، في مدريد، في ديسمبر (كانون الأول).
وتتوجه الأنظار حالياً إلى قمة المناخ التالية التي ستعقد في غلاسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لرؤية كيف سيعيق الوباء الجديد الاستعدادات لها؛ خصوصاً بعدما أثر بالفعل على مؤتمر الأمم المتحدة حول التنوع البيولوجي المزمع عقده في أكتوبر (تشرين الأول) في الصين.
وقال سيباستيان تراير، المدير العام لمعهد «التنمية المستدامة والعلاقات الدولية»، إنه كان يفترض نقل المفاوضات التحضيرية إلى روما في فبراير، وإن «الأزمة منعت الصين من لعب دور رئيسي نشط».
إلى ذلك، تعتقد آمي مايرز جافي، من مجموعة «كاونسل أون فورين ريلايشنز» الأميركية، أنه يمكن استخلاص دروس إيجابية من هذه الأزمة على المدى الطويل، ولا سيما فيما يتعلق بـ«تغيير العادات» وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتشير إلى أن «80 في المائة من السلع والبضائع تنقل عبر البواخر في العالم (...) وفي حال تم تقليص سلاسل الإنتاج بعد أزمة (كورونا)، يمكن المحافظة على بعض مزايا خفض الانبعاثات الحاصلة».
عملياً، تعد هذه الأزمة فرصة للشركات لزيادة الاستعانة بخدمات العمل والمؤتمرات عن بعد، وهو ما قد يساعد ربما «على كسر الأقفال الثقافية» التي تمنع كثيراً من الموظفين من استخدام هذه التقنيات وفقاً لجافي.
إلى ذلك، يضيف لي شو أن «وباء (كورونا) يعود بجزء منه إلى اختلال التوازن الصحي بين البشر والطبيعة، وبالتالي لا ينبغي تفويت هذه الفرصة لإعادة هذا التوازن». ويقول المتحدث باسم «غرينبيس»: «إننا في النهاية في وسط حالة الطوارئ المناخية».


مقالات ذات صلة

رئيس وزراء منغوليا من الرياض: مشاريع سعودية تستهدف الانتقال للطاقة النظيفة

الاقتصاد رئيس وزراء منغوليا يتحدث إلى الحضور خلال «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس وزراء منغوليا من الرياض: مشاريع سعودية تستهدف الانتقال للطاقة النظيفة

أوضح رئيس وزراء منغوليا أويون إردين لوفسانامسراي أن مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» المنعقد حالياً في الرياض يتمحور حول مستقبل الأرض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى المناطق الخضراء في السعودية (الشرق الأوسط)

العبد القادر لـ«الشرق الأوسط»: «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات تكافح التصحر

أكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر السعودي، الدكتور خالد العبد القادر، أن مؤتمر «كوب 16» سيدعو إلى تبني استراتيجيات للتصحر.

آيات نور (الرياض)
يوميات الشرق الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)

«اشترِ الآن!»... وثائقي «نتفليكس» الجديد يكشف دهاليز مؤامرة التسوق

تُغري عبارة «اشترِ الآن» ملايين المستهلكين من حول العالم، لتبضع الكثير من السلع الاستهلاكية التي غالباً لا يحتاجون إليها، خصوصاً في فترة نهاية العام.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.