لم تخف المدونة المصرية نهى سراج الدين تأثرها واستلهامها فيما تكتبه من طهاة التلفزيون، والكتب والمجلات المعنية بالطبخ والوصفات، بجانب ما تتحصل عليه من التنزه والتسوق وما يتم طرحه على «إنستغرام»، لكن رغم انتقالها للإقامة في سيدني بأستراليا مع زوجها قبل سبع سنوات، لا تزال تؤكد شغفها بالغذاء المرتبط بـ«لمة العائلة» والعادات والتقاليد الأصيلة والحنين إلى الماضي.
اختارت نهى عنواناً جاذباً لمدونتها هو»Matters of the Belly food «أو «مسائل تخص طعام البطن»، لكن الأمر لا يقتصر على العنوان فقط، فقد أصبحت نهى واحدة من أكثر مدوني الأغذية إثارة للاهتمام لأسباب أخرى من بينها احتفاؤها غير التقليدي بخلق أجواء خاصة في تقديم وصفات الطعام، والتي نجحت عبرها أن تجعل متابعيها كما لو أنهم ينتمون إلى أسرة واحدة بفضل كتاباتها التي تجمع بين الوصفات والقصص الإنسانية والتصوير.
الأجواء الدافئة التي عاشتها نهى في وطنها مصر مع عائلتها قبل رحيلها إلى سيدني لعبت دوراً كبيراً بلا شك في خصوصية منشوراتها على المدونة، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنا شغوفة بالغذاء المرتبط بالعائلة والعادات والتقاليد الأصيلة والحنين إلى الماضي، وأستطيع القول إني أستلهم وأتأثر بكل ما يدور حولي، خاصة القراءة، فضلاً عن ذلك أشعر بأني محظوظة للغاية؛ لأن زوجي يدعمني كما أنه يحب تجربة الطعام الجديد». ومع إطلالة على مدونة «Matters of the Belly food «ستجد أن صاحبتها تهوى أسلوب القص بمشاعر تعكس قدراً من السلام الداخلي وحب الطعام معاً، وبين هذا وذاك تلتقي بحكاياتها عن زيارتها الأخيرة لمصر والمطاعم والمقاهي التي ترددت عليها، وأنواع الطعام الذي تناولتها، أو قد تشاركها تسوقها في سيدني سيراً على الأقدام، أو لحظات إعداد الطعام لطفلها أو فرحتها بميلاد طفلها الجديد، حتى تبدو المدونة كما لو كانت تحاكي الواقع بإضافات غذائية، أو «وصفات طعام بمذاق الذكريات» لكنك، في النهاية ستلتقي على مدونتها بتوثيق شيق لتجاربها أو مغامراتها لطهي اللحم المشوي أو العدس أو البرغر أو البيتزا أو فطائر الأناناس وحلوى رمضان.
تقول نهى: «لدي دوماً قصة أرويها حول الطعام الذي أصنعه، وأحاول أن أضع ملامح من نفسي ومن شخصيتي في كل منشور، لكن يكون ذلك بحساب أو (بمقادير) سليمة ومتوازنة بحيث لا تطغى ذاتيتي وذكرياتي على ما أقدمه من مادة ونصائح ووصفات غذائية مفيدة للمتابعين».
وتنوه بأنه «لا يجب أن يقتصر ما يجده المتابعون في مدونة الطعام على وصفة للطعام فذلك قد يجده أيضاً في كتاب أو مجلة أو على المواقع الإلكترونية بسهولة، إنما من الرائع أن يشعر بشخصية وتواصل المدون معه؛ ليصبح هناك تفاعلاً وحديثاً متبادلاً، ومن هنا أكتب قصصي وذكرياتي ولحظات من تجربتي أثناء طهي الطعام الذي أقدمه، إلى جانب مشاركتهم صوري وصور أسرتي»، وتتابع: «ومثلما أشعر بسعاة بالغة حين تنال وصفاتي إعجاب الجمهور فإنني أشعر بالفرحة أيضاً حين يخبرونني بأن كتاباتي وصوري أدخلت على قلوبهم الإحساس بالبهجة والدفء الأسري وذكريات العائلة».
ولا يقتصر الانبهار بمدونة نهى على شخصيتها ووصفاتها الشهية للطعام وصورها الخاصة لكن الأمر يمتد إلى الإعجاب الشديد برؤيتها للطعام فهي دوماً تنصح بعدم الخضوع لقوالب ثابتة في الأنظمة الغذائية أو في اختيار أنواع الطعام، وتقول: «كيف يمكن أن يكون هناك نظام واحد أو قواعد صارمة تسري على الناس كلها، إن لكل شخصاً ما يناسبه ويتوافق معه، نصيحتي هي أن تستمع إلى جسدك وفي الوقت نفسه تحرص على تناول طعام صحي».
كما تنصح بأنه «من المهم الاعتدال بتناول وجبات غذائية متنوعة مثل الخضراوات والفواكه والحبوب والبقوليات والبروتينات، تستطيع أن تحقق ذلك بطهي أطباق شهية وبطرق مبتكرة تستمتع بها، ومن الضروري تجنب الكثير من الأطعمة المصنعة، لضررها على الصحة».
وتعرب نهى عن انزعاجها من المصطلحات والاتجاهات الحديثة التي يطلقها بعض صناع الطعام والتي يقع الكثير من الناس كضحايا لها مثل «مراقبون للوزن» «الغذاء الخالي من الدسم أو السكر» أو «قليل الكربوهيدرات» أو «خالي من الغلوتين» إذ إنها تراها على حد تعبيرها: «مجرد خطط تسويقية لامعة»، وتضيف: «فلا شيء يمكن أن يصلح جسد الإنسان سوى الطعام الصحي المتوازن والمتضمن مختلف العناصر الغذائية».
ومن المكونات والعناصر التي لا يمكن الطهي من دونها بالنسبة لنهى هي «المكسرات والخضراوات والفواكه والتوابل وزيت الزيتون والبيض والعسل»، وبعد النجاح الكبير الذي حققته نهى عبر مدونتها تقول لجمهورها: «لا تخف من التجربة، هناك متعة هائلة في صنع الأشياء من نقطة الصفر والتجربة هي الطريقة الوحيدة التي ستتعلم عن طريقها».
لكن تخشى سراج الدين ألا تستطيع الاستمرار في إضفاء هذه اللمسات الإبداعية التي اشتهرت بها مدونتها خلال الفترة المقبلة، وأن تكتفي بتقديم الوصفات، بسبب طفلها الجديد الذي شاركت جمهورها صورة مؤخراً، إلى جانب زيادة الأعباء الأسرية، إلاّ أنه من المؤكد أن متابعيها يتمنون ألاّ تقدم على ذلك، «وأن تستمر في رواية قصص وحكايات شيقة عن الطعام».
نهى سراج الدين... مدونة مصرية «تُغلف» طعامها بذكريات زمان
شغفها التقاليد و«لمة العيلة»
نهى سراج الدين... مدونة مصرية «تُغلف» طعامها بذكريات زمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة