إقبال فاتر على الانتخابات الإيرانية وسط توقعات بسيطرة المحافظين

{كورونا} تلغي بصمة الناخبين... وتباين حول نسبة المشاركة

TT

إقبال فاتر على الانتخابات الإيرانية وسط توقعات بسيطرة المحافظين

أدلى الناخبون الإيرانيون بأصواتهم الجمعة أمس في انتخابات تشريعية يتوقّع أن تعزز مقاعد الأغلبية المحافظة في البرلمان الحالي، وسط قلة الحماسة بسبب الركود الاقتصادي والأزمات العديدة ورفض مجلس صيانة الدستور مئات المرشحين المؤيدين للرئيس حسن روحاني.
وتأتي الانتخابات التشريعية، وهي الحادية عشرة في البلاد منذ إعلان ولاية الفقيه في عام 1979، في أعقاب توتر شديد بين إيران والولايات المتحدة وإسقاط طائرة مدنية أوكرانية، بصاروخ دفاعات «الحرس الثوري» أثار احتجاجات واسعة شهدتها طهران ضد الحكومة.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن المرشد الإيراني علي خامنئي دعا لدى الإدلاء بصوته الإيرانيين إلى المشاركة في التصويت، قائلا إن ذلك «سيضمن مصلحة البلاد الوطنية».
وكان خامنئي منذ مقتل القيادي في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، بضربة أميركية في العراق، قد كرر الدعوة عدة مرات، «حتى إن كانوا من غير الراغبين به شخصيا» للمشاركة في الانتخابات، وربط بين الانتخابات واستراتيجية الضغط الأقصى التي تمارسها الولايات المتحدة وتعتبرها المؤسسة الحاكمة في إيران، محاولة لإسقاط النظام. ومع تزايد التكهنات حول المقاطعة اتخذ خامنئي خطوة أكبر من الدعوات الأسبوع الماضي، واعتبر المشاركة في الانتخابات «واجبا دينيا».
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية تشكلت طوابير أمام مكاتب الاقتراع جنوب طهران حيث للمحافظين قاعدة انتخابية متينة وكان أعداد الناخبين أقل في شمال العاصمة.
وأثناء الإدلاء بصوته قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: «نحن في غاية السعادة لإضافة يوم عظيم جديد لتاريخ بلادنا وثورتنا».

- تضارب الاحصائيات
وبعد خمس ساعات على عملية الاقتراع، بلغت المشاركة في عموم إيران نحو 7.7 مليون بحسب وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي. وبعد أقل من أربع ساعات على إعلان فضلي، قال رئيس لجنة الانتخابات إن المشاركة وصلت إلى نحو 11 مليونا، ما يعادل 19 في المائة من مجموع الناخبين البالغ عددهم 58 مليونا، وسيتنافس في الاقتراع 7148 مرشحاً على 290 مقعداً في البرلمان، علما بأن مجلس صيانة الدستور رفض 7296 طلب ترشّح، غالبية مقدميها من المعتدلين والإصلاحيين.
وأعلن وزير الداخلية لاحقا أنه أمر بتمديد فترة الانتخابات ساعتين إضافيتين في دوائر العاصمة طهران، قبيل انتهاء الساعات العشر على عملية التصويت. ونقلت وكالة «فارس» عن فضلي قوله: «سنعلن نسبة المشاركة السبت». وقال رئيس الشرطة الإيرانية، الجنرال حسين اشتري إنه لم تسجل أي تهديدات أمنية.
وأفادت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» نقلا عن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، عباس كدخدايي، بأن «نسبة المشاركة لم تختلف عن الانتخابات البرلمانية السابقة»، وقال إنها «زادت في بعض المحافظات».
وقالت الوكالة إن المشاهدات الميدانية لمراسليها تظهر إقبالا يتراوح بين 60 إلى 70 في المائة من نسبة المصوتين في طهران، اختارت قائمة «إيران الشامخة» المحافظة التي يترأسها عمدة طهران السابق والقيادي في «الحرس الثوري»، محمد باقر قاليباف.
وقالت الوكالة إن «بعض المعطيات تشير إلى مشاركة بين 39 إلى 40 في المائة (23 إلى 24 مليونا)»، مشددا على أن النسبة «تفوق 30 في المائة» في طهران.
ولا يتوقّع أن يتم إعلان النتائج النهائية في العاصمة طهران قبل يوم الأحد.

- كورونا في الانتخابات
اتهم مسؤول أعداء إيران بتضخيم تفشي فيروس كورونا المستجد الذي أدى إلى وفاة أربعة أشخاص في البلاد هذا الأسبوع لضرب مصداقية الانتخابات. وقال رئيس لجنة الانتخابات في طهران شكرالله حسن بيكي قوله «آخر محاولة لتقويض الاقتراع كانت تضخيم أنباء تفشي فيروس كورونا المستجد بالقول إن حبر الانتخابات ملوث»، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
لكن وكالة «إرنا» الرسمية نقلت عن رئيس لجنة الانتخابات جمال عارف أن البصمة «أمر اختياري» في عملية التصويت بعدد من المحافظات خشية تفشي فايروس كورونا. وأشار إلى موافقة وزارة الصحة ومجلس صيانة الدستور.
وقبل يومين على فتح أبواب الاقتراع أعلنت السلطات عن حالتي وفاة بفيروس كورونا، توقّع محلّلون إقبالا ضعيفا على الاقتراع مع ميل متزايد لمقاطعة الاستحقاق، مما سيصب في مصلحة المحافظين على حساب روحاني الذي فاز في عام 2017 بولاية رئاسية ثانية على خلفية وعود بتعزيز الحريات وحصد ثمار التقارب مع الغرب.
تشهد إيران أزمة ركود اقتصادي وارتفاعا للتضخّم جراء العقوبات الأميركية القاسية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع الدول الكبرى في عام 2018، بهدف تعديل سلوكها الإقليمي واحتواء برنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية.
ومنذ أول ساعات الصباح تناقلت وكالات إيرانية صورا من وصول المسؤولين الإيرانيين. وركزت التغطية الإعلامية على دوائر مقربة من مناطق استقرار الوزارات وإقامة المسؤولين مثل حسينية إرشاد وحسينية جماران معقل المرشد الإيراني الأول (الخميني).
ونقلت وكالة «تسنيم» صورا لقائد «فيلق القدس» إسماعيل قاآني وقالت إنه أدلى بصوته في دائرة انتخابية في العاصمة طهران دون أن تحدد الموقع. كما نشرت الوكالة صورة الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي أثناء وجوده في حسينية جماران معقل حلقة المرشد الأول (الخميني).
وهذه المرة الأولى التي تنشر فيها وكالة لـ«الحرس الثوري» صورة واسم خاتمي بعدما شملته القيود التي فرضت قبل أكثر من تسع سنوات على زعيمي التيار الإصلاحي ميرحسين موسوي ومهدي كروبي. وفرضت السلطات قيودا على وسائل الإعلام في ذكر اسم خاتمي.

- نواب ينتقدون اقصاءهم
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن النائب علي مطهري قوله: «لو كانت هناك إمكانية لمشاركة الوجوه البارزة لكانت المشاركة أوسع من هذا». وقال: «البرلمان الحادي عشر لا يمكن أن يكون أحادي الصوت لكن من دون شك رفض أهلية المرشحين ترك أثره على دخول شخصيات بعض التيارات السياسية».
وكان مطهري المحافظ المعتدل نائبا لرئيس البرلمان لثلاث سنوات وخسر في العام الحالي مقعده لنائب محافظ قبل أن يرفض مجلس صيانة الدستور طلبه للترشح.
وقال النائب السابق إلياس حضرتي إنه قام بالتصويت رغم استبعاده. وأضاف: «قال مجلس صيانة الدستور إني لا أقبل الإسلام».
وقال المتحدث باسم مجلس صیانة الدستور «تحقق الاحتفال الوطني، اليوم الشعب الإيراني الفخور يتوجه لصناديق الاقتراع لتقرير مصيره وبناء إيران». وأضاف: «التقارير تشير إلى مشاركة واسعة...».
والخميس أضافت واشنطن إلى قائمة العقوبات أسماء خمسة مسؤولين إيرانيين مكلّفين فحص طلبات الترشّح بينهم أمين مجلس صيانة الدستور أحمد جنّتي.
وقلل جنتي (92 عاما) من أهمية العقوبات قائلا: «أتساءل ماذا سنفعل بكل الأموال التي نملكها في حسابات مصرفية أميركية؟». وتابع: «لم يعد في إمكاننا الذهاب إلى هناك حتى في عيد الميلاد!».
وقال المتحدث باسم المجلس عباس كدخدائي، أحد المسؤولين الخمسة المشمولين بالعقوبات، إنّ «النظام الأميركي أظهر بفرضه عقوبات غير مشروعة... على أعضاء في مجلس صيانة الدستور أنّه لا يمتّ إلى الديمقراطية بصلة وأنّه يفضّل الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة».
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن التدابير العقابية الأميركية الجديدة لا تثبت «سوى يأس» واشنطن و«فشل» حملتها في «ممارسة أقصى الضغوط» على إيران.
وقبل الاقتراع أقصى مجلس صيانة الدستور آلاف المرشحين الداعمين للرئيس حسن روحاني ينتمي معظمهم إلى الائتلاف الحكومي بين المعتدلين والإصلاحيين.
وأضاف: «أصبحنا اليوم أكثر تصميما على حماية تصويت الشعب».
وتوقّع مجلس صيانة الدستور أن تبلغ نسبة المشاركة في الانتخابات الجمعة 50 في المائة على الأقل. إلا أن عددا كبيرا من الناخبين أبدوا لامبالاة بالاستحقاق.
وشهدت إيران في نوفمبر (تشرين الثاني) مظاهرات احتجاجا على رفع أسعار المحروقات تحوّلت إلى احتجاجات تطالب بإسقاط نظام ولاية الفقيه وواجهتها السلطات بحملة قمع أوقعت 1500 قتيلا، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» عن ثلاثة مسؤولين بوزارة الداخلية الإيرانية وذلك بأوامر من خامنئي.

- احتجاجات ومقتل سليماني
وكانت الاحتجاجات هي ثاني أكبر احتجاجات بعد فوز روحاني بولاية رئاسية ثانية بانتخابات مايو (أيار) 2017 عندما تغلب على المرشحين المحافظين. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017، شهدت إيران زلالا كبيرا بخروج احتجاجات ضد تدهور المعيشي وكان قوامها أبناء الطبقة المتوسطة والفقيرة، وهو ما أثار تساؤلات حول انهيار القاعدة الشعبية للنظام.
وفي الأشهر السبعة الأخيرة أوشكت طهران وواشنطن مرّتين على الدخول في حرب، لا سيّما بعد استهداف الولايات المتحدة قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني الفريق قاسم سليماني في 3 يناير (كانون الثاني).
وردد المحتجون على مدى العامين الماضيين شعارات تندد بإنفاق إيران على الأجندة الخارجية التي يتولي «الحرس الثوري» مسؤولية تنفيذها.
وجاء مقتل سليماني بعد شهور من حملة دعائية أطلقتها السلطات بمناسبة عشرين عاما على توليه مسؤولية الذراع الخارجية لـ«الحرس» الإيراني. وبعد مقتله، حشدت قوات «الحرس» أنصار النظام في جنازة سعت وراء إظهار الدعم الداخلي لـ«الحرس»، لكنها سرعان ما تعرّضت لنكسة بعدما اعترف «الحرس الثوري» تحت ضغوط دولية وشعبية، بمسؤوليته عن إسقاط طائرة مدنية أوكرانية في 8 يناير ما أدى إلى مقتل 176 شخصا.
وأججت الحكومة الغضب الشعبي بنفيها لأيام مسؤولية إيران عن الكارثة، لكنها امتنعت عن التجاوب مع طلبات التحقيق الدولية.
ووقعت الكارثة وسط استنفار للدفاعات الإيرانية تحسبا لرد أميركي على إطلاق قوات «الحرس» قبل ساعات صواريخ على قواعد عسكرية في العراق تستخدمها القوات الأميركية، انتقاما لسليماني.
وقال محرر شؤون السياسة الداخلية الإيرانية بموقع «روز أونلاين» سابقا، بهروز صمد بيغي عبر «تويتر»: «لا أتذكر أن معدل المشاركة تم تأجيله لغداة الانتخابات، قد يعني ذلك أنهم ينتظرون المشاورات وأوامر من الأعلى لصناعة أرقام».
وقال الصحافي محمد مساعد الذي أطلق سراحه قبل شهور، إن مرشح قسم كبير من الإصلاحيين في مدينة رشت هو الطبيب الذي أجرى لي فحصا طبيا ليلة استجوابي لدى جهاز استخبارات «الحرس الثوري». وأضاف: «وفي الواقع، الآن مرشح المحافظين هو جنرال في الحرس الثوري، ومرشح الإصلاحيين طبيب استخبارات الحرس الثوري. المضحك أن المجموعة الثانية تقول: صوتوا لنا لكيلا يسقط البرلمان في قبضة الحرس».



أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
TT

أميركا تطلب من تركيا الضغط على «حماس» للقبول بوقف النار في غزة

فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)
فيدان وبلينكن في تصريحات للصحافيين عقب انتهاء مباحثاتهما في أنقرة (الخارجية التركية)

طالبت الولايات المتحدة تركيا باستخدام نفوذها لجعل حركة «حماس» الفلسطينية تقبل مقترحاً لوقف إطلاق النار في غزة. وأكد البلدان اتفاقهما بشأن ضرورة العمل على تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحافي مشترك قصير مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، عقب ختام مباحثاتهما في أنقرة (الجمعة): «اتفقنا على تحقيق وقف إطلاق النار بغزة في أسرع وقت ممكن»، لافتاً إلى الجهود التي تبذلها تركيا والولايات المتحدة والشركاء الآخرون في المنطقة من أجل وقف إطلاق النار.

وأضاف فيدان أن «إسرائيل تواصل قتل المدنيين في غزة، وتعمل على استمرار دوامة العنف في المنطقة، وقد اتفقنا على أن تعمل تركيا وأميركا جنباً إلى جنب مع الشركاء الآخرين للحد من العنف».

وتابع أن العنف المستمر في غزة، أسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. وأعربت كل من تركيا وأميركا عن قلقهما إزاء الوضع.

جانب من مباحثات فيدان وبلينكن في أنقرة الجمعة (الخارجية التركية)

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنه رأى خلال الفترة الأخيرة «مؤشرات مشجّعة» على التقدّم نحو وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.

وأضاف: «ناقشنا الوضع في غزة، والفرصة التي أراها للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار. وما رأيناه خلال الأسبوعين الماضيين هو مزيد من المؤشرات المشجّعة».

وطالب بلينكن تركيا باستخدام نفوذها كي ترد حركة «حماس» بالإيجاب على مقترح لوقف إطلاق النار، مضيفاً: «تحدثنا عن ضرورة أن ترد (حماس) بالإيجاب على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار؛ للمساهمة في إنهاء هذا الوضع، ونُقدِّر جداً الدور الذي تستطيع تركيا أن تلعبه من خلال استخدام صوتها لدى (حماس) في محاولة لإنجاز ذلك».

وكان بلينكن وصل إلى أنقرة، مساء الخميس، والتقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في مطار إسنبوغا بالعاصمة التركية، قبل أن يجري مباحثات مع نظيره هاكان فيدان استغرقت أكثر من ساعة بمقر وزارة الخارجية التركية، حيث ركّزت مباحثاته بشكل أساسي على الوضع في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، والوضع في المنطقة وبشكل خاص التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.

جانب من لقاء إردوغان وبلينكن بمطار إسنبوغا في أنقرة مساء الخميس (الرئاسة التركية)

وجاءت زيارة بلينكن لتركيا بعدما زار الأردن، الخميس، لإجراء مباحثات تتعلق بسوريا والوضع في غزة أيضاً.

وتبدي أميركا قلقاً من أن تؤدي التطورات الجديدة إلى مخاطر على أمن إسرائيل، وأن تجد جماعات إرهابية فرصة في التغيير الحادث بسوريا من أجل تهديد إسرائيل، التي سارعت إلى التوغل في الأراضي السورية (في الجولان المحتل) في انتهاك لاتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974، وهو ما أدانته تركيا، في الوقت الذي عدّت فيه أميركا أن من حق إسرائيل اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين نفسها ضد التهديدات المحتملة من سوريا.